مميزة

القائد الخالد حافظ الأسد


الرئيس حافظ الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية، والأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي منذ عام 1971. مناضلٌ صلب، ورجل دولةٍ بارز، وسياسيٌّ محنّك، وعسكريٌّ خبير، واستراتيجيٌّ وتكتيكيٌّ بارع. قاد الحركة التصحيحية في الحزب والدولة ليرسي في تاريخ سورية الحديث دعائم عهد من الاستقرار والنهضة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية بعد أن كانت الفوضى والانقلابات العسكرية تعصف بالبلاد منذ استقلالها في عام 1945م.

هو حافظ بن علي بن سليمان بن أحمد بن إبراهيم. كان جدّه الأكبر إبراهيم زعيماً لفخذ من عشيرة الكلبية، وهي من القبائل العربية التي هاجرت قديماً من اليمن إلى بلاد الشام، ثم انتقل بعض أفخاذها إلى جبال اللاذقية المشرفة على الساحل السوري، واستقرّوا في بلدة «القرداحة» حيث ولد حافظ الأسد في السادس من تشرين الأول عام 1930م. ويعود أصل لقب الأسرة «الأسد» إلى جده سليمان الذي عرف بجرأته وقوته البدنية، فأطلق عليه أقرانه لقب «الأسد».
وقد ورث والد الرئيس الأسد، علي سليمان المولود عام 1875م صفات أبيه سليمان في القوة والشجاعة.وكان متعلماً في زمن قلّ فيه من كان يلم بمبادئ القراءة والكتابة.
ووالدة حافظ الأسد هي السيدة «ناعسة بنت عثمان عبّاد» سليلة أسرة ريفية مرموقة اجتماعياً، من قرية «القطلبة» الجبلية، وقد كان لحنانها وقوة شخصيتها أثر كبير في نشأة ابنها حافظ.
في ظل هذا الإطار الأسروي الريفي ولد حافظ الأسد، وفي القرداحة درس المرحلة الابتدائية، ثم تابع تعليمه الإعدادي والثانوي في اللاذقية (ثانوية جول جمال اليوم) حيث شارك في الحركة الطلابية بنشاط ملحوظ، وفي أول مؤتمر طلابي عقد في اللاذقية بتاريخ 30/3/1950 انتخب حافظ الأسد رئيساً لهذا المؤتمر، واستمر في هذه المهمة حتى نال شهادة الدراسة الثانوية.
وكان حافظ الأسد ينوي دراسة الطب والتخصص فيه بعد حصوله على الثانوية العامة، ولكنه عدل عن ذلك وتطوع منتسباً إلى الكلية العسكرية عام 1952، ثم اختار التخصص في الطيران، فالتحق بعد ثلاثة أشهر بالكلية الجوية في حلب ليكون من دورة الطيارين الأولى التي تخرجت في سورية بعد الاستقلال، وأبدى تفوقاً بارزاً في التدريب، وتخرج طياراً مقاتلاً برتبة ملازم في مطلع عام 1955 وكان الأول في دورته.
في العام 1955 نفسه أوفد الأسد في بعثة عسكرية دراسية إلى مصر للتدريب على الطيران النفاث، ورُفِّغ إلى رتبة ملازم أول طيار في مطلع تموز 1956.
في مطلع عام 1958 أوفد الملازم الأول الطيار حافظ الأسد إلى الاتحاد السوفييتي (سابقاً) لاتباع دورة طيران ليلي، وأنهى هذه الدورة بتقدير «امتياز»، ثم رفع إلى رتبة نقيب طيار في الأول من كانون الثاني عام 1959.
وفي عام 1958 تزوج حافظ الأسد السيدة أنيسة بنت أحمد مخلوف، بنت عمته.
الرئيس حافظ الأسد قائد المسيرة وملهم الأمة
في ظل الوحدة بين سورية ومصر «الجمهورية العربية المتحدة» أوفد حافظ الأسد مرة أخرى إلى مصر في آذار 1959 لاتباع دورة قائد سرب، وفي تشرين الأول من العام نفسه ندب مع سرب للطيران الليلي إلى القاهرة. وبعد واقعة انفصال سورية عن مصر في 28 أيلول 1961 فرضت السلطات المصرية عليه الإقامة الجبرية، ثم زجَّ في سجن «أبي زعبل» هناك.
وبعد عودته إلى سورية أُبعد عن القوات المسلحة بقرار من حكومة الانفصال في 2/12/1961 بسبب مواقفه المناهضة له والمدافعة عن الوحدة، ونقل إلى إحدى الوزارات، لكنه لم يلتحق بالعمل فعلياً.
وكان الأسد، إبّان وجوده في مصر عام 1960، قد شارك في تأسيس «اللجنة العسكرية» المؤلفة من الضباط البعثيين الموجودين هناك رداً على قرار قيادة الحزب حلًَّ نفسه آنذاك، وعمل مع أعضاء اللجنة العسكرية المذكورة على إعادة تنظيم الحزب وإعادة الوحدة.
وفي آذار 1962 شارك في حركة الضباط الأحرار التي انطلقوا بها من مدينة حلب لإنهاء حكم الانفصال، وحين أخفقت هذه الحركة توجه الأسد إلى لبنان حيث ألقي القبض عليه وسُلّم إلى السلطات السورية التي زجت به، مع عدد من رفاقه، في سجن «المزة» بدمشق.
وبعد خروجه من السجن تابع مع رفاقه من الضباط في اللجنة العسكرية الإعداد لثورة الثامن من آذار [ر]، وبنجاحها عاد الأسد إلى القوات المسلحة برتبة رائد جوي. وتقديراً لدوره الكبير في الإعداد للثورة وإنجاحها عُيّن عضواً في المجلس الوطني لقيادة الثورة، كما عُيّن قائداً للواء الجوي السابع، فقائداً لقاعدة عمر صفر الجوية (الضمير).
في عام 1964 حصل على شهادة دورة أركان طيران، وانتخب في مؤتمرات الحزب عضواً في القيادة القطرية ثم عضواً في القيادة القومية للحزب. وفي الثاني من كانون الأول عام 1964 رُفِّع إلى رتبة لواء جوي وعُيّن قائداً للقوى الجوية والدفاع الجوي.
كانت ثورة الثامن من آذار 1963 وقيادتها في حاجة إلى خبرة كافية، وممارسة عملية في قيادة الجماهير والدولة، ولذا فإن هذه التجربة أسفرت في البداية عن بعض الخلافات في وجهات النظر داخل الحزب، واتسعت هذه الخلافات تبعاً للتفاوت العقلي والموضوعي بين الحزبيين الذين كان قسم منهم يمثل القيادة المتطرفة واليسار المتسرع أوالمتحمس.
وكان حافظ الأسد يتابع بوادر تلك الأزمة، ويحاولتجنيب البلاد عواقبها بالاحتكام إلى الحوار الموضوعي في المؤسسة الحزبية، إلى أن حَسَمت حركة 23 شباط 1966 تلك الخلافات فوضعت سورية والحزب على الطريق السليم. وفي هذا التاريخ سمِّي الأسد وزيراً للدفاع، ومن موقعه هذا سعى بكل طاقته إلى تعزيز بناء القدرة العسكرية للقوات المسلحة السورية وتحديثها، والتوجه إلى إعادة الوحدة مع مصر، وترسيخ العلاقات مع الدول العربية الأخرى.
الرئيس حافظ الأسد القائد العسكري الفذ يتفقد الخطوط الأمامية لقواته المسلحة
وفي الخامس من حزيران 1967 شن الإسرائيليون عدوانهم المباغت على سورية ومصر والأردن واحتلوا أراضي من الدول الثلاث، وكان من آثار هذا العدوان اشتداد الخلافات في القيادة الحزبية مما جعل الأسد موزعاً بين حل الخلافات في الحزب، وبين السعي الحثيث لإزالة العدوان وتحرير ما احتل من الأراضي السورية بالأساليب السياسية في إطار المنظمات الدولية ومؤسساتها القانونية، وبحرب الاستنزاف التي استمرت على الجبهة السورية عدة أشهر.
وفي الأول من تموز عام 1968رفَع اللواء الجوي حافظ الأسد إلى رتبة الفريق الجوي، وبدأ مجدداً العمل على إنجاز كل ما كان خطط له كوزير للدفاع. ولم ينجح الحزب في حل الخلافات التي راحت تعصف به مرة أخرى، ولا استطاع المؤتمر القومي العاشر للحزب الذي عقد في دمشق أوائل تشرين الثاني من عام 1970 أن يصل إلى صيغة مقبولة للتفاهم، وأمام هذا الإخفاق في الخروج بالحزب من تلك الأزمة قاد الفريق الجوي حافظ الأسد، عضو القيادتين القطرية والقومية للحزب، في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1970 الحركة التصحيحية [ر] ليضع حداً للخلافات التي وصلت إلى طريق مسدود ووضعت القيادة الحزبية والحزب في مأزق خطير.
وفي الواحد والعشرين من تشرين الثاني عام 1970 تولى حافظ الأسد رئاسة مجلس الوزراء، بعدها انتخب رئيساً للجمهورية العربية السورية في الاستفتاء الشعبي العام الذي جرى في الثاني عشر من آذار 1971، كما انتخب أميناً قطرياً لحزب البعث العربي الاشتراكي في المؤتمر القطري الخامس يوم الرابع عشر من أيار 1971. وفي المؤتمر القومي الحادي عشر المنعقد في الثالث من آب 1971 انتخب أميناً عاماً للحزب، وأعادت المؤتمرات الحزبية، القطرية والقومية بعد ذلك انتخابه لهذين المنصبين، كما أعيد انتخابه رئيساً للجمهورية في الثاني عشر من آذار 1978، وفي الثاني عشر من آذار 1985، ثم في الثاني عشر من آذار 1992، وفي الثاني عشر من آذار 1999.
شخصيته ونهجه السياسي
الرئيس حافظ الأسد شخصية سياسية نشأت في إطار حزب سياسي قومي ذي تنظيم ومبادئ تقوم على أسس من الوحدة العربية، والحرية والاشتراكية. ومن البَدَهي أن يكون الأسد قد تشبع بما اعتنقه من الأفكار والمبادئ، وتسلح بها للعمل السياسي العام.
ولعل أبرز ما يعتمده الرئيس الأسد في نهجه السياسي إيمانه بالتنظيم، والاعتماد على الذات. ومن هنا كان التنظيم الحزبي بقيادته أكثر إحكاماً وتماسكاً في التزام المبادئ والمنطلقات النظرية التي قررتها مؤتمرات الحزب.
وإذا كان نهجه في التنظيم ثمرة ما اكتسبه من تجربة طويلة في المؤسسة الحزبية، وفي المؤسسة العسكرية، فإن إيمانه بفكرة الاعتماد على الذات تأسس عنده على ثقة عميقة بقدرات الأمة العربية وطاقات أبنائها على تحقيق الإنجازات الكبرى في ميادين البناء والتنمية.
ولإنجاح مبدأ الاعتماد على الذات حضّ الرئيس الأسد دائماً على ترسيخ أسس الوعي، وتطوير البحث العلمي، وتحديث المؤسسات وأجهزتها، وتنمية الإحساس بالمسؤولية، وإعداد الطاقات البشرية لاستثمار إمكاناتها. فحشد الطاقات وزجُّها في معركة التنمية من أبرز دعائم النهج السياسي عند الرئيس الأسد، وإيمانه بالإنسان قضية تحتل المنزلة الأولى في نهجه وتفكيره، ومن هنا ركز دائماً على وحدة الجماهير، ووضع في حسبانه وحدة القوى العربية، أو التضامن العربي، أو أي تسمية تحقق قدراً مقبولاً من التماسك العربي بالمنظور الاستراتيجي.
الرئيس حافظ الأسد بطل التحرير يرفع علم البلاد فوق سماء القنيطرة المحررة
والرئيس الأسد قائد استراتيجي تصوراً وتخطيطاً، على الصعيدين القطري والقومي، فهو لم يكن رهين الأزمات الطارئة، أو الضغوط المرحلية، وإنما كان يسمو فوقها أياً كانت خطورتها، وصولاً إلى الرؤية الاستراتيجية الأكثر بعداً، والأبقى تاريخياً. وهذه الرؤية السياسية تنمّ على تمثّل لحركة التاريخ، وتدل على إيمان قوي بأن الحلول الحاسمة بيد الشعوب.
وحافظ الأسد رجل مبدأ، أو رجل الثوابت المبدئية كما عبرت الصحافة العربية في كثير من المناسبات والتحليلات، وقلما يخلو حديث أو خطاب له من الإشارة إلى مبادئه الكبرى، ولاسيما الوحدة العربية.
ولقد نجح النهج السياسي للرئيس الأسد في تأكيد قوة سورية وتقدمها، وفي أن يكون لها وزن راجح في السياسة الدولية، وكان من الطبيعي، مع هذه السياسة والحكمة والمصداقية، أن يغدو الرئيس الأسد شخصية عالمية، وأن يكون موضع اهتمام القادة ورجال الفكر والسياسة والإعلام، وتجلى هذا الاهتمام في سلسلة من الكتب التي تناولت شخصيته وسيرته الذاتية وسياسته بالدراسة والتحليل والتأريخ فبلغت ما يربو على ستين كتابا ًلمؤلفين فرنسيين وإنكليز وبولنديين ويهود وعرب، ناهيك من الشعر والأبحاث والمقابلاتوالتحقيقات التي كان محورها وعنوانها ومحل تقديرها.
أبرز الإنجازات في عهده
كانت سورية قبل ثورة الثامن من آذار وقبل الحركة التصحيحية مسرحاً للحركات السياسية والإنقلابات والاختلاف الحزبي، وأحياناً الاقتتال، وعندما تولى الرئيس الأسد مهام السلطة في البلاد سعى جاهداً إلى تغيير هذه الصورة من الاضطراب والقلق بتعزيز الجبهة الداخلية ومدّ جسور الترابط والتماسك بين الحزب مبادئ وأهدافاً وأساليب عمل، وبين الواقع الاجتماعي، وحركة الحياة بما يرضي تطلعات الجماهير أو يحقق لها قدراً مقبولاً من الوفاق والاستقرار.
ومن ثم دعا إلى المشاركة الشعبية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في إطار من المنظمات والمؤسسات المتنوعة التي ترسخ سلطة الشعب وفق منظومة من العلاقات.
وفي ظل الحركة التصحيحية تمّ تشكيل مجلس الشعب عن طريق الانتخاب المباشر لممثلين عن الحزب والمنظمات الشعبية والمهنية والقوى والعناصر التقدمية وبمشاركة المرأة في الترشيح والعضوية. وبدأ المجلس ممارسة التشريع فأقرّ الدستور الدائم، واستكملت البنى والمؤسسات الدستورية على أساس من التعددية السياسية في صيغة تنتظم القوى الوطنية والتقدمية. وقامت الجبهة الوطنية التقدمية التي تضم ستة أحزاب مع الحزب القائد، حزب البعث العربي الاشتراكي (وقع ممثلو القوى الوطنية التقدمية ميثاق الجبهة في السابع عشر من آذار 1972) فاتسعت بذلك المشاركة الحزبية والجماهيرية في الحكم، وأُشركت «الجبهة الوطنية التقدمية» في اتخاذ القرار وبتّ الشؤون المصيرية في البلد، مثل خوض حرب تشرين عام 1973، ودخول الجيش السوري لبنان لوقف الحرب الأهلية هناك عام 1976، بناء على طلبه، وقرار معارضة الغزو العراقي للكويت عام 1990، وقرار مشاركة سورية في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991.
وتم في ظل قيادة الرئيس الأسد وتنفيذاً لتوجيهاته تحقيق بنية اقتصادية قوية ترتكز على قاعدة متعددة الأنماط الاقتصادية متمثلة بالقطاع العام، والقطاع الخاص، والقطاع المشترك، والقطاع التعاوني من أجل التنمية الاقتصادية بزيادة الإنتاج وتحسينه، وبذا أُفسح في المجال لإسهام الجميع في بناء اقتصاد وطني يعتمد على الذات ويطمح إلى تنمية شاملة. وفي الوقت نفسه يمتّنالوحدة الوطنية ضمن إطار ديمقراطي يشمل جميع فئات الشعب.
ومع تعزيز الجبهة الداخلية بإرساء دعائم الديمقراطية، عمل الأسد جاهداً على إشاعة الأمن واستتبابه وتقوية أسس الاستقرار الداخلي بالتركيز على «بناء الإنسان» في وعيه وإرادته.
وخصص الأسد قسطاً وافراً من وقته وجهده لتطوير بناء القوات المسلحة ورفع قدراتها القتالية، وإعدادها إعداداً عقائدياً لتحمي الشعب وتقوم بواجبها الوطني ورسالتها القومية التاريخية، مثلما فعلت في حرب تشرين المجيدة، وحرب الجولان الاستنزافية سنة 1973.
وبتوجيهات الرئيس الأسد ورعايته تحققت نهضة حضارية شاملة تجلت في حصر الموارد الطبيعية وفي تعدد الصناعات وتطوير الزراعية وتنويعها، والتكامل بين الزراعة والصناعة، وإقامة السدود وشبكات الري وزيادة مساحات الأراضي المزروعة اعتماداً على نتائج الأبحاث العلمية المتنامية.
ويمكن القول في اختصار: إن الرئيس الأسد لم يترك جانباً واحداً من جوانب الحياة العامة إلا أولاه فضل عناية واهتمام بالقدر الذي يتفق وأهميته في تقدم سورية وتطور مجتمعها وضمان حياة مستقرة لمواطنيها.
على الصعيد القومي
أدرك الرئيس الأسد بتجربته الحزبية الطويلة وتحليله السياسي عوامل القوة والضعف في الوطن العربي،وخلص إلى أن «سبيل العرب إلى قوتهم ترتكز على وحدتهم». ومنذ فجر الحركة التصحيحية بدأ الأسد محاولة وضع شعار الوحدة موضع التنفيذ، سواء في تجارب وحدوية، أو في صيغة التضامن العربي التي «تبدأ بإزالة عوامل التوتر والقطيعة، وتنتهي بشكل عال من أشكال التنسيق». وكانت الخطوة الأولى عملياً في ظل قيادته الشروع بإخراج سورية من عزلتها بتوقيع الاتفاقية العسكرية بين سورية ومصر في 26 تشرين الثاني عام 1970، أي بعد أيام قلائل من قيام الحركة التصحيحية، ثم المشاركة في إقامة اتحاد الجمهوريات العربية مع مصر وليبية.
الرئيس حافظ الأسد وإكليل من الزهور فوق ضريح الجندي المجهول تخليداً لذكرى الشهداء الذين رووا الأرض بدمائهم الزكية
وكانت حرب تشرين بقيادته عام 1973 التحقيق العملي لهذا التضامن العربي، ونقطة تحوّل في مسار تاريخ الصراع العربي الصهيوني، والخطوة المهمة في الانتقال بوعي الجماهير العربية في حال الإحباط والتشتت إلى حال التماسك واستعادة الثقة بالذات العربية.
وعلى الصعيد القومي أيضاً كان اهتمام الأسد بلبنان كبيراً، فقد لبّى نداء الشرعية اللبنانية بعد تفاقم الحرب الأهلية التي نشبت هناك عام 1974، إذ بادر في حزيران 1976 إلى إنهاء اقتتال الأخوة في هذا البلد الشقيق من منطلق الحفاظ على وحدته أرضاً وشعباً، وإشاعة الأمن والاستقرار في ربوعه، والمحافظة على انتمائه القومي، وبعد سنوات من الجهد والبذل تم التوصل إلى اتفاق «الطائف» عام 1989، وتوّجت جهود الأسد بالنجاح في إعادة الشرعية إلى لبنان وفي إحلال الأمن، بالتعاون مع السلطات اللبنانية، في معظم أراضيه ما عدا المناطق التي مازالت تحتلها إسرائيل من جنوبه.
وبعد أن سافر السادات إلى القدس جرياً وراء السلم المنفرد في عام 1977 صمد الرئيس الأسد وحده في وجه هذه الردة وسعى إلى بلورة موقف قومي عربي في إطار ما سمي «بجبهة الصمود والتصدي» و«ميثاق العمل القومي»، وعمل على تحقيق التوازن الاستراتيجي بمفهومه الحضاري الشامل، على الصعد السياسية والاقتصادية والعسكرية والعلمية، وما يزال يعمل في هذا السبيل مستمراً وكأنه يؤسس لمشروع حضاري قومي عربي تنجزه الأجيال المقبلة ليكون في مواجهة المشروع الصهيوني.
وتصدى الأسد لجميع المحاولات التي كان من شأنها إضعاف العرب أو النيل من استقلالهم، أو من تضامنهم، واتضح هذا خاصة بعد إبرام اتفاقية «كامب ديفيد»، إذ لم يسمح الرئيس الأسد للموقف العربي أن يوالي التدهور أكثر، بل دعا إلى مواجهة المخططات الأمريكية والصهيونية بكل وسيلة ممكنة، مما ضايق أمريكة فحركت عملاءها المأجورين المتاجرين بالدين تحت اسم «الإخوان المسلمين»، وبهدوء أعصاب واجه الأسد هذه المؤامرات وأوقف سفك دماء الأبرياء بحزم الحريص على الشعب وأمنه واستقراره.
واستنكر الأسد الحرب العراقية الإيرانية وسماها «الحرب المجنونة»، ورأى فيها هدراً لطاقات البلدين واستجراراً للأقطار العربية إلى معركة مع غير العدو. في حين أصدر أوامره إلى القوات المسلحة السورية على الأراضي اللبنانية بمواجهة الغزو الإسرائيلي للبنان في حزيران 1982، ودعم القوات بتشكيلات إضافية دافعت بشرف عن الجنوب وبيروت والبقاع، وتمكنت من إيقاف هذا الغزو بعد أن قدمت تضحيات جسيمة. وقدّم للمقاومة الوطنية هناك جميع أنواع الدعم، وكان بهذا الدّعم يحمي أيضاً القضية الفلسطينية وأداتها الثورية وفصائلها في إحدى جبهاتها الساخنة، كما كان يحول دون التقسيم الطائفي والجغرافي للبنان، ويستنزف طاقات إسرائيل ويضعها أمام مأزق حرج, وتوّج هذا كله بالقضاء على تمرّد العماد «ميشيل عون» (13 تشرين الأول 1990) الذي أراد وضع لبنان تحت سلطته العسكرية بالتعاون مع الإسرائيليين. وبذاآل أمر اتفاق 17 أيار 1983 الذي رعته الولايات المتحدة الأمريكية إلى الإخفاق التام.
وأولى الرئيس الأسد القضية الفلسطينية جل اهتمامه وجهده، وبذل مساعيه المتواصلة من أجل تحقيق الحل العادل والشرعي لهذه القضية، وكان حق الفلسطينيين بوطنهم ودولتهم المستقلة محور نضاله القومي، ولهذا رفض الاتفاقات المنفردة مع إسرائيل وانتقد من أقدم عليها. وأوضح مراراً للعرب وللعالم تصوره للسلام المراد.
وكان الأسد حريصاً على العلاقات العربية وتماسكها، مترفعاً عن الخوض في الصغائر، صافحاً عن الإساءات التي صدرت عن بعض الحكام العرب، معلياً شعار التضامن العربي على ما سواه من الأمور العربية العارضة. وانطلاقاً من هذا الحرص على العلاقات العربية رفض احتلال العراق للكويت في 20 آب 1990، ولذلك أسهمت سورية بقوات مسلحة، مثلما فعلت مصر لمواجهة هذا الغزو وإعادة الأوضاع العربية إلى ما كانت عليه.
وكثيراً ما سعى إلى حل الخلافات العربية ـ العربية بالتوفيق بين وجهات النظر المتباعدة والدعوة إلى تجاوز الفتور في العلاقات، كما فعل حين فاجأ العالم بحضوره إلى عمان للمشاركة في تشييع جنازة الملك حسين بن طلال ملك المملكة الأردنية الهاشمية في مطلع عام 1999م، مع ما كان بين القطرين الشقيقين، سورية والأردن، من فتور عارض في العلاقة. ولعل في زيارة الملك عبد الله بن الحسين لسورية في نيسان 1999 ما يدلل على سلامة هذا التوجه العربي.
على الصعيد الدولي
الرئيس حافظ الأسد يقسم اليمين الدستوري لولاية دستورية خامسة 1999
عمل الرئيس الأسد على بناء علاقات متينة بعدد من الدول الصديقة وفي مقدمتها الاتحاد السوفييتي (سابقاً)،والدول التي استقلت عنه، وكذلك بعدد من دول شرقي أوربة، ودول أخرى في قارات: أوربة وإفريقية وآسيا وأمريكة. واتسع بأفق العلاقات بالدول النامية في القارات الثلاث الأخيرة ولاسيما الدول الداعمة للحق العربي وللأمة العربية في المحافل والمنظمات الدولية والإقليمية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.وأسهم إسهاماً فعالاً في حركة دول عدم الانحياز وتنشيط فاعليتها في العلاقات الدولية. وسعى إلى الإفادة من هذه العلاقات في نصرة القضايا القومية، وفي صدارتها القضية الفلسطينية التي تمثل جوهر الصراع العربي ـ الصهيوني، كما سعى إلى الإسهام في ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام في المجتمع الدولي، وبذل كل جهد ممكن لاحتواء الأزمات والصراعات الإقليمية والدولية، ولدعم حركات التحرر، ومن هنا جاءت مبادرته في اليونان عام 1986 لعقد مؤتمر دولي لوضع تعريف للإرهاب الإجرامي وإرهاب الدول، والتفريق بينه وبين النضال الوطني من أجل التحرر من المعتدي، ودعا إلى الحد من سباق التسلح ونزع أسلحة الدمار الشامل، ولبناء نظام اقتصادي دولي يقوم على المنفعة المشتركة والمصالح المتوازية، وينهي مظاهر الهيمنة على الدول والشعوب، وفي الوقت نفسه بين أن «الوضع الدولي الراهن حالة طارئة في الحياة الدولية يجب ألا تتحول إلى نظام دولي جديد، لأن هذه الحالة تفتقد مقومات النظام الدولي».
أما في إطار العلاقات الثنائية على الصعيد الدولي فقد حقق الأسد مكاسب سياسية ومعنوية رسخت مكانته وسمعته فاستقر في وعي العالم كله أنه رجل دولة له ثقله بين قادة العالم كما دللت اللقاءات والمحادثات والتصريحات التي تناقلتها وكالات الأنباء عند لقائه شخصيات عالمية مرموقة كرؤساء كثير من الدول المهمة.
وحين أطاحت الثورة الإسلامية في إيران حكم الشاه في شباط 1979 أيد الأسد بقوة هذه الثورة وأقام معها علاقات سياسية لأنها نادت، منذ نجاحها، بتحرير بيت المقدس، وبدعم المقاومة الفلسطينية خاصة والقضايا العربية عامة.
ويسعى الأسد إلى تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة على مبدأ الأرض مقابل السلام، وعلى أساس استعادة الحقوق العربية كاملة وفق قرارات الشرعية الدولية، وأخذاً بهذا الموقف شاركت سورية في مؤتمر دولي للسلام عقد في العاصمة الإسبانية مدريد في تشرين الأول عام 1991، وسعت إلى تحقيق وحدة الموقف العربي إزاء عملية السلام للحيلولة دون فرض اتفاقات منفردة في إطار هذه العملية.
وقد أدرك المجتمع الدولي أن الرئيس الأسد حريص على السلام العالمي، راغب في أن يسود المنطقة من غير تفريط بشبر من الأرض، أو بحق من الحقوق العربية العادلة، كما أدرك الجميع أن هذا السلام رهن بموافقة الأسد على كل خطوة لتحقيقه، ومن دون هذه الموافقة يصبح عسيراً أو مستحيلاً.
وبمجيئ حكومة الليكود الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو بدأت عملية السلام عام 1996 تنحرف عن مسارها الذي كان قد رسم لها دولياً، وتتعرض لمخاطر حقيقية بسبب تنصل الإسرائيليين من التزاماتهم التي أقرّت في مؤتمر مدريد. وإزاء ذلك قامت سورية بقيادة الأسد بنشاط سياسي عربي مكثّف أدى إلى مزيد من التضامن العربي كما يستخلص مما جاء في قرارات القمة العربية التي عقدت في حزيران من عام 1996 بالقاهرة. وبمناسبة إعادة انتخابه لفترة رئاسية خامسة دعا الرئيس الأسد في الكلمة التي وجهها إلى مجلس الشعب القادة العرب إلى وقفة تأمل شجاعة ومسؤولة «تضمن الانتقال من هذا الوضع إلى وضع نستطيع من خلاله النهوض جميعاً وتعود الأمة لتكافح من أجل البناء والتقدم»، ولتقف في مواجهة الأخطار التي يتعرض لها العرب والتي تحدق بالمنطقة ومستقبلها.
إن هذه المواقف والإنجازات التي تحققت في عهد الرئيس الأسد، سياسياً واقتصادياً وعلمياً واجتماعياً، على الصعيد القطري، والقومي، والدولي، أعلت من مكانة سورية في المجتمع الدولي، وأثّرت في صوغ القرارات الخاصة بالمنطقة والوطن العربي، وجعلت من الرئيس الأسد فعلاً باني سورية الحديثة، وواحداً من أبرز المنارات المضيئة في تاريخ العرب المعاصر.
توفي، رحمه الله، في دمشق في العاشر من حزيران، وشُيِّع جثمانه في موكب مَهيب احتشد حوله الشعبُ السُّوري، وحضره لفيفٌ غفيرٌ من زعماء العالم، ودُفن في القرداحةمَسْقَطِ رأسه.
هيئة الموسوعة

الموضوعات ذات الصلة

الأسد (باسل) ـ حرب تشرين ـ الحركة التصحيحية ـ ثورة الثامن من آذار.

مراجع للاستزادة

ـ لوسيان بيترلان، حافظ الأسد ـ مسيرة مناضل، ترجمة إلياس بدوي (1987).
ـ عادل حافظ، حافظ الأسد ـ قائد وأمة (القاهرة 1993).
ـ باتريك سيل، الأسد والصراع في الشرق الأوسط (دار الساقي، لندن 1988).
ـ صفوان قدسي، البطل والتاريخ ـ قراءة في فكر حافظ الأسد السياسي (دمشق 1984).
ـ اسكندر لوقا، حافظ الأسد معجم في الفكر السياسي والاجتماعي (دمشق 1995).
ـ إغناتس كراشيتسكي، الرئيس حافظ الأسد قائد وطن وشعب، ترجمة مركز الدراسات العسكرية (دمشق 1995).
ـ عادل رضا، التاريخ لا تحرّكه الصدفة. قراءة في فكر السيد الرئيس حافظ الأسد (مؤسسة أخبار اليوم، القاهرة 1993).
ـ أحمد قرنة، حافظ الأسد صانع الأمة وباني مجد الوطن، موسوعة خاصة (1970-1985).
العنوان – عربي مجرد:
اسد (حافظ)
العنوان انكليزي:
Al-Assad (Hafez-)
العنوان – انكليزي مجرد:
AL-ASSAD (HAFEZ-)
العنوان – فرنسي:
Al-Assad (Hafez-)
العنوان – فرنسي مجرد:

AL-ASSAD (HAFEZ-)

مميزة

فضيحة وايت ووتر


 

تُعرف فضيحة وايت ووتر باسم (سجال وايت ووتر)، و(وايت ووترجيت) أو في الغالب فقط باسم (وايت ووتر)، وهي قضية أثارت سجالًا سياسيًا على الصعيد الداخلي الأمريكي، وبدأت بمشروعات استثمارية في القطاع العقاري قام بها كل من بيل وهيلاري كلينتون وشركاءهما جيم وسوزان ماك دوجال، بإنشائهم شركة تعرف باسم (وايت ووتر للتنيمة) أعلنت إفلاسها عام 1970 و 1980.

 
وقد كان الفضل في الكشف عن هذه الفضيحة لمقال نُشر بجريدة نيويورك تايمز خلال الحملة الإنتخابية الرئاسية عام 1992 ، ذُكر فيه أن بيل كلينتون وزوجته هيلاري قد استثمرا و خسرا أموالًا في مشروع تنمية وايت ووتر.. وكان ديفيد هيل، المصدر الرئيس للادعاءات الجنائية ضد الرئيس بيل في قضية وايت ووتر في نوفمبر 1993، قد أكد أن كلينتون حاكم ولاية أركنساس آنذاك، مارس عليه ضغوط من أجل منح قرض غير قانوني يبلغ قيمته 300,000 دولار إلى سوزان ماكدوجال شريكة كلينتون في شركة وايت ووتر…
واعتبر مؤيدو كلينتون أن ادعاءات ديفيد هيل مثيرة للشكوك، حيث لم يكن هيل قد ذكر اسم كلينتون عندما أشار إلى هذا القرض خلال التحقيق المبدئي الذي أجراه مكتب التحقيقات الفيدرالية حول قضية ماديسون. كما روى هيل قصة إنشاء بعض الشركات الوهمية، التي تم نهب أموالها الفيدرالية، مثل قروض المشروعات الصغيرة، بهدف إفشال هذه الشركات.

 

 

وفي الواقع، لم يبدأ هيل في توجيه الاتهامات ضد الزوجين كلينتون إلا عندما وجهت إليه الاتهامات في هذا الشأن .
وقد أسفر تحقيق أجرته لجنة الأوراق المالية والبورصات التابعة للولايات المتحدة الأمريكية عن إدانة ماك دوجال لدوره في مشروع وايت ووتر. إلا أن الزوجين كلينتون لم يتم ملاحقتهما، بينما أسفرت ثلاثة تحقيقات منفصلة عن وجود أدلة كافية تربط الزوجين كلينتون بآخرين في هذا السلوك الإجرامي المرتبط بالصفقات العقارية. .

 
كما أدين جيم جاي توكر خليفة كلينتون في حكم ولاية أركنساس وحُكم عليه بالسجن لدوره في التزوير في هذه القضية.
و في وقت لاحق، تمت إدانة سوزان ماك دجال وحكم عليها بالسجن ثمانية عشر شهرًا بتهمة إزدراء المحكمة في قضية” سوزان ماك دجال” ضد” جراند جري دو وايت ووتر” وكذلك إزدراء المحكمة المدنية لرفضها الإجابة على الأسئلة المتعلقة ببرنامج وايت ووتر. غير أن بيل كلنتون أصدر، فيما بعد، عفوُا رئاسيًا عنها قبل أن يترك مهام منصبه .
ويتم استخدام مصطلح (وايت ووتر) في بعض الأحيان ليشمل كثير من القضايا الأخرى التي أثارت كثير من الجدل أثناء إدارة كلينتون مثل (الترافل جيت)،و(الفيلاجيت). كما أطلق التعبير نفسه على الظروف التي أحاطت بوفاة فينس موستر والتي كانت موضوعًا لتحقيقات المحامي العام المستقل كينيث ستار.

 
فى يوليو 1992، وبعد ساعات من وفاة فينيس فوستر، قام برنارد ناسبم، مدير مكتب الرئيس فى البيت الأبيض، بانتزاع بعض الوثائق من مكتب فوستر والتي يخص البعض منها شركة وايت ووتر للتنمية وقام بتسليمها لمدير مكتب السيدة الأولى، السيدة مارجاريت ويليامز وفقًا لما ذكرته النيويورك تايمز. ثم قامت السيده ويليامز بوضع الوثائق في خزانة البيت الأبيض لمدة خمسة أيام قبل تسليمها للمحامي الشخصي للزوجين كلينتون.
وعقب ظهور مقالة النيويورك تايمز، فتحت وزارة العدل تحقيقًا فى فشل قضية “وايت ووتر” ، واستمر الضغط الإعلامى في التصاعد. ففي 22 إبريل عام 1992 ، عقدت “هيلارى كلينتون” مؤتمرًا صحفيًا استثنائيًا ، فى قاعة الطعام بالبيت الأبيض، وكانت تتحدث وورائها صورة “ابراهام لينكولن” . كان الهدف من عقد المؤتمر تناول المسائل المتعلقة سواء بقضية “وايت ووتر” أو بقضية العقود الآجلة ، وقد تم بث المؤتمر على الهواء مباشرًة على جميع الشبكات الأساسية مثل (ABC , NBC , CBS ,CNN10). وأكدت “هيلاري كلينتون” ، خلال هذا المؤتمر الصحفي، أنها -هي و”بيل كلينتون” – لم يقترفا أية مخالفات، في شركة وايت ووتر، ولكنها أقرت بعدم اعتراضها على تعيين نائب عام مستقل للتحقيق في هذه القضية، إذا ما كانت التبريرات التي ذكرتها غير كافية أو مبهمة. وعقب هذا الأداء الإعلامي المبهر، أشادت وسائل الإعلام بـ “هيلاري كلينتون” ، وبسلوكها خلال مؤتمرها الأول وبطريقة تعاملها مع القضايا الحرجة. فقد وصفتها مجلة “التايمز ” بأنها «ذات شخصية متفتحة، صريحة، صلبة، ومتوازنة، وبأن هدفها هو توصيل رسالة الحقيقة ، كما أن نبرة صوتها الواثقة، ولغة جسدها التي تتسم بالثبات والاسترخاء قد حازت على الفور بإعجاب جميع الصحف والمجلات. ومنذ ذلك اليوم، بدأ التأثير على موقف الديمقراطيين وبعض الشخصيات السياسية الأخرى من اليساريين ضد التحقيقات الإعلامية المتعلقة بقضية “وايت ووتر” . فقد دخلت، على سبيل المثال، صحيفة ” نيويورك تايمز ” فى حرب ضد مجلة “هاربرز” التي يمتلكها جين ليون”، منتقدة الصحفيين التابعين لهذه المجلة بأنهم يغالون فى وصف اكتشافاتهم وبأنهم يسردون أكاذيب.

 

 

وفي عام 1994، وبناءً على طلب “كلينتون” ، قام “جانت رينو” النائب العام بتعيين “روبرت ب. فيسك” نائبًا مستقلًا للتحقيق في قانونية التحويلات المالية، في قضية “وايت ووتر” . وقد أسفر التحقيق عن نتيجتين :

– 1. أن كلينتون قد مارس ضغوطًا على أحد رجال الأعمال في ولاية “أركانساس” وهو “ديفيد هيل” من أجل منح قرض تستفيد منه “ماديسون جارانتى”.

2. أن أحد البنوك بولاية أركنساس قد أخفت تحويلات مالية تتعلق بحملة كلنتون عندما كان مرشحًا كحاكم للولاية عام 1990. وفى مايو عام 1994، طلب النائب العام المستقل “روبرت ب. فيسك” من الزوجين كلنتون تقديم جميع الوثائق المتعلقة “ماديسون جارانتى” ، لهيئة المحلفين ، وذلك في غضون مهلة لا تزيد عن 30 يومًا. إلا أن “بيل وهيلاري كلينتون” أعلنا أن جميع هذه الوثائق قد فقدت.

وبعد ما يقرب من عامين، وتحديدًا في يناير 1996، وجد محقق خاص الفواتير الخاصة بمكتب المحاماه «روز لوفيرم» حيث كانت تعمل “هيلاري كلينتون”، فى الشقق الخاصة بكلينتون فى البيت الابيض. غير أن الزوجين كلنتون قد أعلنا برائتهما من جميع التهم التي كانت موجهة لهما ، تقريرين أعدهما مكتب “بيلسبري ماديسون وسلترو” القانوني في سان فرانسيسكو بولايةكاليفورنيا، ومكتب “ريزولوشن تراست” القانوني الذي كان يشرف على تصفية “ماديسون جرانتى”. كما صرح “شارلز باترسون” كبير المحامين بمكتب “بيلسبري ماديسون وسلترو” أنه لم يكن «غرضهما هو الغلبة أو العقاب أو التبرئة ».
في 27 يناير عام 1996، اٌجبرت هيلاري كلينتون على المثول للشهادة أمام هيئة المحلفين في القضية المتعلقة بالاستثمارات في مشروع « وايت ووتر». وتلك كانت المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة التي تَمثُل فيها السيدة الأولى للشهادة أمام هيئة المحلفين. وقد شهدت بأنها وزوجها لم يقترضا أية أموال من أي بنك، ونفت وجود طرف ثالث اقترض أموالًا نيابة عنهما. وإبان فترة التحقيق، أدين خمسة عشر شخصًا من أصدقاء كلينتون من بينهم: جيم وسوزان ماكدوجال، ووستر هوبل، مستشار البيت الابيض، وأخيرًا جيم جاي توكر، حاكم ولاية أركنساس الذي أدين في قضية أموال فيدرالية.

وباستثناء جيم ماك دوجال، لم يوافق أي من هؤلاء التعاون مع المحققين في قضية « وايت ووتر». وفضلًا عن ذلك، عفى كلينتون عن أربعة في الساعات الأخيرة من رئاسته.
خلاصة القول، لم يتم لإدانة بيل كلينتون على الإطلاق، ولكن أربعة عشر شخصًا اّخرون، تم إدانتهم لارتكابهم أكثر من أربعين جريمة، من بينهم خليفة بيل كلينتون في حكم ولاية أركنساس الذي أجبر على ترك وظيفته : • جيم جاي توكر: حاكم ولاية أركنساس، وتتسم فترة حكمه بالفساد، وتمت إدانته (بالتزوير، وثلاث قضايا أخرى).

• جون هالي : محامي جيم جاي تاكر (التهرب الضريبي).

• ويليام جي مارك سنيور : شريك تجاري مع جيم جاي توكر ( التحريض على الجريمة).

• ستيفن سميث : الشريك السابق لكلينتون إبان حكمه لولاية أركنساس ( التاّمر لإساءة استخدام الأموال ) وقام بيل كلينتون بالعفو عنه.

• وبستر هابل : المؤيد السياسي لكلينتون، وشريك بمكتب« روز لاو فيرم» للمحاماة (الاختلاس و التزوير).

• جيم ماك دوجال : مصرفي، ومؤيد سياسي لكلينتون (18 جريمة مختلفة).

• سوزان ماك دوجال : مؤيدة سياسية لكلينتون (أعمال تزوير متعددة) و قام بيل كلينتون بالعفو عنها.

• ديفيد هيل : مصرفي، ومؤيد سياسي صريح لكلينتون (التاّمر والتزوير).

• نيل أينلي : رئيس مقاطعة «بيري كاونتي بنك» (تحويل الأموال لحملة كلينتون).

• كريس ويد : سمسار عقارات وايت ووتر (التزوير للحصول على قروض متعددة) قام بيل كلينتون بالعفو عنه.

• لاري كوكا : سمسار بنك ماديسون (التزوير للحصول على قروض متعددة).

• روبرت بلمر:خبير ببنك ماديسون ( التحريض) وقام بيل كلينتون بالعفو عنه.

• جون لاتام : المدير العام لبنك ماديسون (تزوير مصرفي) • يوجين فيتزهج : المدعي عليه في قضية وايت ووتر ( فساد متعدد) • تشارلز ماثيوز: المدعى عليه في قضية وايت ووتر ( فساد).
= الخاتمة=
لم يقم بيل وهيلاري كلينتون بزيارة مقاطعة وايت ووتر على الإطلاق. فى مايو عام 1985، قام جيم ماك دوجال ببيع الحصص المتبقية من شركة « وايت ووتر للتنمية» لكريس ويد سمسار عقارات محلي. وفى عام 1993، كان هناك قليل من المنازل المباعة فى الموقع، ولكن انتشرت ، على وجه الخصوص، لافتات مكتوب عليها “للبيع” ؛ وقد قام فريق من الصحفيين المنتمين لشركة وايت ووتر بجولة في المنطقة، وبعدها علق أحد الملاك لافتة مكتوب عليها “عودوا إلى منازلكم أيها البلهاء”. وفي عام 2007، كان لا يزال هناك 12 منزلًا في الحصة الأخيرة من الأرض، تولى بيعها «كريس ويد»بمبلغ 25000$ وفي فليبنريف  تم استبدال ممتلكات جيم ماك دوجال والقروض المصرفية بمجموعة من الشركات الصغيرة المتنوعة، آخرها كان لمصفف شعر.

وعلى المدى الطويل، أدى ارتفاع إجمالي قيمة المصروفات والنتائج الهامة التي توصلت إليها التحقيقات المتعلقة بقضية وايت ووتر، إلى ثورة المواطنين ضد الآلية التي اتبعها ّالنائب العام المستقل والتي تم إدراجها في قانون عام 1994. وقد وصف الديمقراطيون قضية وايت ووتر بأنها (تصفية حسابات سياسية)، مثلما فعل الجمهوريون في قضية بيع السلاح لإيران « إيران جيت» فى نهاية عام 1980.

وهكذا انتهت صلاحية القانون الخاص بالمدعين المستقلين في عام 1999، حيث وُجهت له الكثير من الانتقادات لارتفاع تكلفته في مقابل نتائجه الضعيفة. وقد أيد كينيث ستار نفسه إلغاء هذا القانون. وفي الواقع، لم يحذ تحقيق وايت ووتر برضاء أحد : حيث رأى الديمقراطيون التحقيق أنه مجرد تصفية حسابات سياسية، كما أصيب الجمهوريون بالإحباط لتخلص بيل كلينتون من جميع التهم الرسمية، أما جميع من لا ينتمي لأي تيار حزبي، فقد رأوا أن التغطية الإعلامية لوقائع وأحداث قضية وايت ووتر والتى استمرت لأربعة عقود، كانت غامضة وصعبة الفهم لدرجة أصابت الجميع بالحيرة.
المركز العربي للدراسات المستقبلية.

مميزة

دستور الجمهورية العربية السورية


 

 

دستور الجمهورية العربية السورية

 

المقدمة

 

تعرضت الحضارة العربية التي تعد جزءاً من التراث الإنساني عبر تاريخها الطويل إلى تحديات جسام استهدفت كسر إرادتها وإخضاعها للهيمنة الاستعمارية، لكنها بقدراتها الذاتية الخلاقة كانت تنهض لممارسة دورها في بناء الحضارة الإنسانية.

 

وتعتز الجمهورية العربية السورية بانتمائها العربي، وبكون شعبها جزءاً لا يتجزأ من الأمة العربية مجسدة هذا الانتماء في مشروعها الوطني والقومي، وفي العمل على دعم التعاون العربي بهدف تعزيز التكامل وتحقيق وحدة الأمة العربية.

 

وتعتبر الجمهورية العربية السورية السلم والأمن الدوليين هدفاً أساسياً وخياراً استراتيجياً تعمل على تحقيقهما في ظل القانون الدولي وقيم الحق والعدالة.

 

لقد تعاظم الدور العربي السوري على الصعيدين الإقليمي والدولي خلال العقود الماضية مما حقق الكثير من التطلعات والمكتسبات الإنسانية والوطنية في المجالات والميادين كافة، وأضحى لسورية موقع سياسي مُهم كونها قلب العروبة النابض وجبهة المواجهة مع العدو الصهيوني والحامل الأساس للمقاومة ضد الهيمنة الاستعمارية على الوطن العربي ومقدراته وثرواته، وقد مهد الكفاح الطويل لشعبنا وتضحياته في سبيل استقلاله ونهضته ووحدته الوطنية الطريق نحو بناء الدولة القوية وتعزيز التلاحم بينه وبين جيشه العربي السوري الضامن الرئيس والحامي لسيادة الوطن وأمنه واستقراره ووحدة أراضيه، مكوناً القاعدة الراسخة لنضال الشعب من أجل تحرير أراضيه المحتلة كافة.

 

واستطاع المجتمع السوري بكل مكوناته وأطيافه وعبر مؤسساته ومنظماته الشعبية والسياسية والأهلية تحقيق إنجازات أثبتت عمق التراكم الحضاري الذي يمثله وصلابة إرادته وقدرته على مواكبة المتغيرات وتهيئة المناخ الملائم للمحافظة على دوره الانساني كقوة تاريخية فاعلة في مسيرة الحضارة الإنسانية.

 

ومنذ مطلع القرن الحادي والعشرين واجهت سورية شعباً ومؤسسات تحدي التطوير والتحديث في ظروف إقليمية ودولية صعبة استهدفت السيادة الوطنية، ما شكل الدافع لإنجاز هذا الدستور كأساس لتعزيز دولة القانون.

 

ويأتي إنجاز هذا الدستور تتويجاً لنضال الشعب على طريق الحرية والديمقراطية وتجسيداً حقيقياً للمكتسبات واستجابة للتحولات والمتغيرات، ودليلاً يُنظم مسيرة الدولة نحو المستقبل، وضابطاً لحركة مؤسساتها ومَصدراً لتشريعاتها، وذلك من خلال منظومة من المبادئ الأساسية تُكرس الاستقلال والسيادة وحكم الشعب القائم على الانتخاب والتعددية السياسية والحزبية وحماية الوحدة الوطنية والتنوع الثقافي والحريات العامة وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص والمواطنة وسيادة القانون، يكون فيها المجتمع والمواطن هدفاً وغاية يُكرَّس من أجلهما كل جهد وطني، ويُعد الحفاظ على كرامتهما مؤشراً لحضارة الوطن وهيبة الدولة.

 

 

 

الباب الأول

 

المبادئ الأساسية

 

<p>الفصل الأول</p><p>المبادئ السياسية</p>

 

المادة الاولى

 

1- الجمهورية العربية السورية دولة ديمقراطية ذات سيادة تامة، غير قابلة للتجزئة، ولا يجوز التنازل عن أي جزء من أراضيها، وهي جزء من الوطن العربي.

 

2- الشعب في سورية جزء من الأمة العربية.

 

المادة الثانية

 

1- نظام الحكم في الدولة نظام جمهوري.

 

2- السيادة للشعب، لا يجوز لفرد أو جماعة ادعاؤها، وتقوم على مبدأ حكم الشعب بالشعب وللشعب.

 

3- يمارس الشعب السيادة ضمن الأشكال والحدود المقررة في الدستور.

 

المادة الثالثة

 

1- دين رئيس الجمهورية الإسلام.

 

2- الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع.

 

3- تحترم الدولة جميع الأديان، وتكفل حرية القيام بجميع شعائرها على أن لا يخل ذلك بالنظام العام.

 

4- الأحوال الشخصية للطوائف الدينية مصونة ومرعية.

 

المادة الرابعة

 

اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة.

 

المادة الخامسة

 

عاصمة الدولة مدينة دمشق.

 

المادة السادسة

 

1- يتألف علم الجمهورية العربية السورية من ثلاثة ألوان: الأحمر والأبيض والأسود، وفيه نجمتان كل منهما ذات خمس شعب لونها أخضر، ويكون العلم مستطيل الشكل، عرضه ثلثا طوله، يتكون من ثلاثة مستطيلات متساوية الأبعاد بطول العلم، أعلاها باللون الأحمر، وأوسطها باللون الأبيض، وأدناها باللون الأسود، وتتوسط النجمتان المستطيل الأبيض.

 

2- يبين القانون شعار الدولة ونشيدها الوطني والأحكام الخاصة بكل منها.

 

المادة السابعة

 

يكون القسم الدستوري على النحو الآتي:

 

(( أقسم بالله العظيم أن أحترم دستور البلاد وقوانينها ونظامها الجمهوري، وأن أرعى مصالح الشعب وحرياته، وأحافظ على سيادة الوطن واستقلاله وحريته والدفاع عن سلامة أرضه، وأن أعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية ووحدة الأمة العربية )).

 

المادة الثامنة

 

1- يقوم النظام السياسي للدولة على مبدأ التعددية السياسية، وتتم ممارسة السلطة ديمقراطياً عبر الاقتراع.

 

2- تسهم الأحزاب السياسية المرخصة والتجمعات الانتخابية في الحياة السياسية الوطنية، وعليها احترام مبادئ السيادة الوطنية والديمقراطية.

 

3- ينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين الأحزاب السياسية.

 

4- لا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب أو تجمعات سياسية على أساس ديني أو طائفي أو قبلي أو مناطقي أو فئوي أو مهني، أو بناءً على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون.

 

5- لا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة سياسية أو حزبية أو انتخابية.

 

المادة التاسعة

 

يكفل الدستور حماية التنوع الثقافي للمجتمع السوري بجميع مكوناته وتعدد روافده، باعتباره تراثاً وطنياً يعزز الوحدة الوطنية في إطار وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية.

 

المادة العاشرة

 

المنظمات الشعبية والنقابات المهنية والجمعيات، هيئات تضم المواطنين من أجل تطوير المجتمع وتحقيق مصالح أعضائها، وتضمن الدولة استقلالها وممارسة رقابتها الشعبية ومشاركتها في مختلف القطاعات والمجالس المحددة في القوانين، وذلك في المجالات التي تحقق أهدافها، ووفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون.

 

المادة الحادية عشرة

 

الجيش والقوات المسلحة مؤسسة وطنية مسؤولة عن الدفاع عن سلامة أرض الوطن وسيادته الإقليمية، وهي في خدمة مصالح الشعب وحماية أهدافه وأمنه الوطني.

 

المادة الثانية عشرة

 

المجالس المنتخبة ديمقراطياً على الصعيد الوطني أو المحلي مؤسسات يمارس المواطنون عبرها دورهم في السيادة وبناء الدولة وقيادة المجتمع.

 

الفصل الثاني

 

المبادئ الإقتصادية

 

 

المادة الثالثة عشرة

 

1- يقوم الاقتصاد الوطني على أساس تنمية النشاط الإقتصادي العام والخاص من خلال الخطط الإقتصادية والإجتماعية الهادفة إلى زيادة الدخل الوطني وتطوير الإنتاج ورفع مستوى معيشـة الفرد وتوفير فرص العمل.

 

2- تهدف السياسة الإقتصادية للدولة إلى تلبية الحاجات الأساسية للمجتمع والأفراد عبر تحقيق النمو الإقتصادي والعدالة الإجتماعية للوصول إلى التنمية الشاملة والمتوازنة والمستدامة.

 

3- تكفل الدولة حماية المنتجين والمستهلكين وترعى التجارة والإستثمار وتمنـع الإحتكار فـي مختلف المجـالات الإقتصادية وتعمل على تطوير الطاقات البشرية وتحمي قوة العمل، بما يخدم الإقتصاد الوطني.

 

المادة الرابعة عشرة

 

الثروات الطبيعية والمنشآت والمؤسسات والمرافق العامة هي ملكية عامة، تتولى الدولة استثمارها والإشراف على إدارتها لصالح مجموع الشعب، وواجب المواطنين حمايتها.

 

المادة الخامسة عشرة

 

1 – الملكية الخاصة من جماعية وفردية، مصانة وفق الأسس الآتية:

 

‌أ- المصادرة العامة في الأموال ممنوعة.

 

‌ب- لا تنزع الملكية الخاصة إلا للمنفعة العامة بمرسوم ومقابل تعويض عادل وفقاً للقانون.

 

‌ج- لا تفرض المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي مبرم.

 

‌د- تجوز المصادرة الخاصة لضرورات الحرب والكوارث العامة بقانون لقاء تعويض عادل.

 

2 – يجب أن يكون التعويض معادلاً للقيمة الحقيقية للملكية.

 

المادة السادسة عشرة

 

يعين القانون الحد الأقصى للملكية الزراعية والإستثمار الزراعي بما يضمن حماية الفلاح والعامل الزراعي من الإستغلال ويضمن زيادة الإنتاج.

 

المادة السابعة عشرة

 

حق الإرث مصون وفقاً للقانون.

 

المادة الثامنة عشرة

 

1- لا تفرض الضرائب والرسوم والتكاليف العامة إلا بقانون.

 

2- يقوم النظام الضريبي على أسس عادلة، وتكون الضرائب تصاعدية بما يحقق مبادئ المساواة والعدالة الإجتماعية.

 

الفصل الثالث

 

المبادئ الإجتماعية

 

 

المادة التاسعة عشرة

 

يقوم المجتمع في الجمهورية العربية السورية على أساس التضامن والتكافل واحترام مبادئ العدالة الإجتماعية والحرية والمساواة وصيانة الكرامة الإنسانية لكل فرد.

 

المادة العشرون

 

1- الأسرة هي نواة المجتمع ويحافظ القانون على كيانها ويقوي أواصرها.

 

2- تحمي الدولة الزواج وتشجع عليه، وتعمل على إزالة العقبات المادية والإجتماعية التي تعوقه، وتحمي الأمومة والطفولة، وترعى النشء والشباب، وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم.

 

المادة الحادية والعشرون

 

الشهادة في سبيل الوطن قيمة عليا، وتكفل الدولة ذوي الشهداء وفقاً للقانون.

 

المادة الثانية والعشرون

 

1- تكفل الدولة كل مواطن وأسرته في حالات الطوارئ والمرض والعجز واليُتم والشيخوخة.

 

2- تحمي الدولة صحة المواطنين وتوفر لهم وسائل الوقاية والمعالجة والتداوي.

 

المادة الثالثة والعشرون

 

توفر الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع.

 

المادة الرابعة والعشرون

 

تكفل الدولة بالتضامن مع المجتمع الأعباء الناجمة عن الكوارث الطبيعية.

 

المادة الخامسة والعشرون

 

التعليم والصحة والخدمات الإجتماعية أركان أساسية لبناء المجتمع، وتعمل الدولة على تحقيق التنمية المتوازنة بين جميع مناطق الجمهورية العربية السورية.

 

المادة السادسة والعشرون

 

1- الخدمة العامة تكليف وشرف، غايتها تحقيق المصلحة العامة وخدمة الشعب.

 

2- المواطنون متساوون في تولي وظائف الخدمة العامة، ويحدد القانون شروط توليها وحقوق وواجبات المكلفين بها.

 

المادة السابعة والعشرون

 

حماية البيئة مسؤولية الدولة والمجتمع وهي واجب على كل مواطن.

 

الفصل الرابع

 

المبادئ التعليمية والثقافية:

المادة الثامنة والعشرون

 

يقوم نظام التربية والتعليم على إنشاء جيل متمسك بهويته وتراثه وانتمائه ووحدته الوطنية.

 

المادة التاسعة والعشرون

 

1- التعليم حق تكفله الدولة، وهو مجاني في جميع مراحله، وينظم القانون الحالات التي يكون فيها التعليم مأجوراً في الجامعات والمعاهد الحكومية.

 

2- يكون التعليم إلزامياً حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي، وتعمل الدولة على مد الإلزام إلى مراحل أخرى.

 

3- تشرف الدولة على التعليم وتوجهه بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع ومتطلبات التنمية.

 

4- ينظم القانون إشراف الدولة على مؤسسات التعليم الخاص.

 

المادة الثلاثون

 

التربية الرياضية دعامة أساسية في بناء المجتمع وتشجعها الدولة لإعداد جيل قوي بدنياً وأخلاقياً وفكرياً.

 

المادة الحادية والثلاثون

 

تدعم الدولة البحث العلمي بكل متطلباته، وتكفل حرية الإبداع العلمي والأدبي والفني والثقافي، وتوفر الوسائل المحققة لذلك، وتقدم الدولة كل مساعدة لتقدم العلوم والفنون، وتشجع الإختراعات العلمية والفنية والكفاءات والمواهب المبدعة وتحمي نتائجها.

 

المادة الثانية والثلاثون

 

تحمي الدولة الآثار والأماكن الأثرية والتراثية والأشياء ذات القيمة الفنية والتاريخية والثقافية.

 

الباب الثاني

 

الحقوق والحريات وسيادة القانون

 

<p>الفصل الأول</p><p>الحقوق والحريات</p>

 

المادة الثالثة والثلاثون

 

1- الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم.

 

2- المواطنة مبدأ أساسي ينطوي على حقوق وواجبات يتمتع بها كل مواطن ويمارسها وفق القانون.

 

3- المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة .

 

4- تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين.

 

المادة الرابعة والثلاثون

 

لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية وينظم القانون ذلك.

 

المادة الخامسة والثلاثون

 

على كل مواطن واجب احترام الدستور والقوانين.

 

المادة السادسة والثلاثون

 

1- للحياة الخاصة حرمة يحميها القانون.

 

2- المساكن مصونة لا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر من الجهة القضائية المختصة وفي الأحوال المبينة في القانون.

 

المادة السابعة والثلاثون

 

سرية المراسلات البريدية والاتصالات السلكية و اللاسلكية وغيرها مكفولة وفق القانون.

 

المادة الثامنة والثلاثون

 

1- لا يجوز إبعاد المواطن عن الوطن، أو منعه من العودة إليه.

 

2- لا يجوز تسليم المواطن الى أي جهة أجنبية.

 

3- لكل مواطن الحق بالتنقل في أراضي الدولة أو مغادرتها إلا إذا منع من ذلك بقرار من القضاء المختص أو من النيابة العامة أو تنفيذاً لقوانين الصحة والسلامة العامة.

 

المادة التاسعة والثلاثون

 

لا يسلم اللاجئون السياسيون بسبب مبادئهم السياسية أو دفاعهم عن الحرية.

 

المادة الأربعون

 

1- العمل حق لكل مواطن وواجب عليه، وتعمل الدولة على توفيره لجميع المواطنين، ويتولى القانون تنظيم العمل وشروطه وحقوق العمال.

 

2- لكل عامل أجر عادل حسب نوعية العمل ومردوده، على أن لا يقل عن الحد الأدنى للأجور الذي يضمن متطلبات الحياة المعيشية وتغيُرها.

 

3- تكفل الدولة الضمان الإجتماعي والصحي للعمال.

 

المادة الحادية والأربعون

 

أداء الضرائب والرسوم والتكاليف العامة واجب وفقاً للقانون.

 

المادة الثانية والأربعون

 

1- حرية الاعتقاد مصونة وفقاً للقانون.

 

2- لكل مواطن الحق في أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول أوالكتابة أو بوسائل التعبير كافة.

 

المادة الثالثة والأربعون

 

تكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام واستقلاليتها وفقاً للقانون.

 

المادة الرابعة والأربعون

 

للمواطنين حق الاجتماع والتظاهر سلمياً والإضراب عن العمل في إطار مبادئ الدستور وينظم القانون ممارسة هذه الحقوق.

 

المادة الخامسة والأربعون

 

حرية تكوين الجمعيات والنقابات، على أسس وطنية ولأهداف مشروعة وبوسائل سلمية، مكفولة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون.

 

المادة السادسة والأربعون

 

1- الخدمة العسكرية الإلزامية واجب مقدس وتنظم بقانون.

 

2- الدفاع عن سلامة الوطن وصيانة أسرار الدولة واجب على كل مواطن.

 

المادة السابعة والأربعون

 

تكفل الدولة حماية الوحدة الوطنية وعلى المواطنين واجب المحافظة عليها.

ي الحياة السياسية الوطنية، وعليها احترام مبادئ السيادة الوطنية والديمقراطية.

 

3- ينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين الأحزاب السياسية.

 

4- لا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب أو تجمعات سياسية على أساس ديني أو طائفي أو قبلي أو مناطقي أو فئوي أو مهني، أو بناءً على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون.

 

5- لا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة سياسية أو حزبية أو انتخابية.

 

المادة التاسعة

 

يكفل الدستور حماية التنوع الثقافي للمجتمع السوري بجميع مكوناته وتعدد روافده، باعتباره تراثاً وطنياً يعزز الوحدة الوطنية في إطار وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية.

 

المادة العاشرة

 

المنظمات الشعبية والنقابات المهنية والجمعيات، هيئات تضم المواطنين من أجل تطوير المجتمع وتحقيق مصالح أعضائها، وتضمن الدولة استقلالها وممارسة رقابتها الشعبية ومشاركتها في مختلف القطاعات والمجالس المحددة في القوانين، وذلك في المجالات التي تحقق أهدافها، ووفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون.

 

المادة الحادية عشرة

 

الجيش والقوات المسلحة مؤسسة وطنية مسؤولة عن الدفاع عن سلامة أرض الوطن وسيادته الإقليمية، وهي في خدمة مصالح الشعب وحماية أهدافه وأمنه الوطني.

 

المادة الثانية عشرة

 

المجالس المنتخبة ديمقراطياً على الصعيد الوطني أو المحلي مؤسسات يمارس المواطنون عبرها دورهم في السيادة وبناء الدولة وقيادة المجتمع.

 

الفصل الثاني

 

المبادئ الإقتصادية

 

 

المادة الثالثة عشرة

 

1- يقوم الاقتصاد الوطني على أساس تنمية النشاط الإقتصادي العام والخاص من خلال الخطط الإقتصادية والإجتماعية الهادفة إلى زيادة الدخل الوطني وتطوير الإنتاج ورفع مستوى معيشـة الفرد وتوفير فرص العمل.

 

2- تهدف السياسة الإقتصادية للدولة إلى تلبية الحاجات الأساسية للمجتمع والأفراد عبر تحقيق النمو الإقتصادي والعدالة الإجتماعية للوصول إلى التنمية الشاملة والمتوازنة والمستدامة.

 

3- تكفل الدولة حماية المنتجين والمستهلكين وترعى التجارة والإستثمار وتمنـع الإحتكار فـي مختلف المجـالات الإقتصادية وتعمل على تطوير الطاقات البشرية وتحمي قوة العمل، بما يخدم الإقتصاد الوطني.

 

المادة الرابعة عشرة

 

الثروات الطبيعية والمنشآت والمؤسسات والمرافق العامة هي ملكية عامة، تتولى الدولة استثمارها والإشراف على إدارتها لصالح مجموع الشعب، وواجب المواطنين حمايتها.

 

المادة الخامسة عشرة

 

1 – الملكية الخاصة من جماعية وفردية، مصانة وفق الأسس الآتية:

 

‌أ- المصادرة العامة في الأموال ممنوعة.

 

‌ب- لا تنزع الملكية الخاصة إلا للمنفعة العامة بمرسوم ومقابل تعويض عادل وفقاً للقانون.

 

‌ج- لا تفرض المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي مبرم.

 

‌د- تجوز المصادرة الخاصة لضرورات الحرب والكوارث العامة بقانون لقاء تعويض عادل.

 

2 – يجب أن يكون التعويض معادلاً للقيمة الحقيقية للملكية.

 

المادة السادسة عشرة

 

يعين القانون الحد الأقصى للملكية الزراعية والإستثمار الزراعي بما يضمن حماية الفلاح والعامل الزراعي من الإستغلال ويضمن زيادة الإنتاج.

 

المادة السابعة عشرة

 

حق الإرث مصون وفقاً للقانون.

 

المادة الثامنة عشرة

 

1- لا تفرض الضرائب والرسوم والتكاليف العامة إلا بقانون.

 

2- يقوم النظام الضريبي على أسس عادلة، وتكون الضرائب تصاعدية بما يحقق مبادئ المساواة والعدالة الإجتماعية.

 

الفصل الثالث

 

المبادئ الإجتماعية

 

 

المادة التاسعة عشرة

 

يقوم المجتمع في الجمهورية العربية السورية على أساس التضامن والتكافل واحترام مبادئ العدالة الإجتماعية والحرية والمساواة وصيانة الكرامة الإنسانية لكل فرد.

 

المادة العشرون

 

1- الأسرة هي نواة المجتمع ويحافظ القانون على كيانها ويقوي أواصرها.

 

2- تحمي الدولة الزواج وتشجع عليه، وتعمل على إزالة العقبات المادية والإجتماعية التي تعوقه، وتحمي الأمومة والطفولة، وترعى النشء والشباب، وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم.

 

المادة الحادية والعشرون

 

الشهادة في سبيل الوطن قيمة عليا، وتكفل الدولة ذوي الشهداء وفقاً للقانون.

 

المادة الثانية والعشرون

 

1- تكفل الدولة كل مواطن وأسرته في حالات الطوارئ والمرض والعجز واليُتم والشيخوخة.

 

2- تحمي الدولة صحة المواطنين وتوفر لهم وسائل الوقاية والمعالجة والتداوي.

 

المادة الثالثة والعشرون

 

توفر الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع.

 

المادة الرابعة والعشرون

 

تكفل الدولة بالتضامن مع المجتمع الأعباء الناجمة عن الكوارث الطبيعية.

 

المادة الخامسة والعشرون

 

التعليم والصحة والخدمات الإجتماعية أركان أساسية لبناء المجتمع، وتعمل الدولة على تحقيق التنمية المتوازنة بين جميع مناطق الجمهورية العربية السورية.

 

المادة السادسة والعشرون

 

1- الخدمة العامة تكليف وشرف، غايتها تحقيق المصلحة العامة وخدمة الشعب.

 

2- المواطنون متساوون في تولي وظائف الخدمة العامة، ويحدد القانون شروط توليها وحقوق وواجبات المكلفين بها.

 

المادة السابعة والعشرون

 

حماية البيئة مسؤولية الدولة والمجتمع وهي واجب على كل مواطن.

 

الفصل الرابع

 

المبادئ التعليمية والثقافية:

المادة الثامنة والعشرون

 

يقوم نظام التربية والتعليم على إنشاء جيل متمسك بهويته وتراثه وانتمائه ووحدته الوطنية.

 

المادة التاسعة والعشرون

 

1- التعليم حق تكفله الدولة، وهو مجاني في جميع مراحله، وينظم القانون الحالات التي يكون فيها التعليم مأجوراً في الجامعات والمعاهد الحكومية.

 

2- يكون التعليم إلزامياً حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي، وتعمل الدولة على مد الإلزام إلى مراحل أخرى.

 

3- تشرف الدولة على التعليم وتوجهه بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع ومتطلبات التنمية.

 

4- ينظم القانون إشراف الدولة على مؤسسات التعليم الخاص.

 

المادة الثلاثون

 

التربية الرياضية دعامة أساسية في بناء المجتمع وتشجعها الدولة لإعداد جيل قوي بدنياً وأخلاقياً وفكرياً.

 

المادة الحادية والثلاثون

 

تدعم الدولة البحث العلمي بكل متطلباته، وتكفل حرية الإبداع العلمي والأدبي والفني والثقافي، وتوفر الوسائل المحققة لذلك، وتقدم الدولة كل مساعدة لتقدم العلوم والفنون، وتشجع الإختراعات العلمية والفنية والكفاءات والمواهب المبدعة وتحمي نتائجها.

 

المادة الثانية والثلاثون

 

تحمي الدولة الآثار والأماكن الأثرية والتراثية والأشياء ذات القيمة الفنية والتاريخية والثقافية.

 

الباب الثاني

 

الحقوق والحريات وسيادة القانون

 

<p>الفصل الأول</p><p>الحقوق والحريات</p>

 

المادة الثالثة والثلاثون

 

1- الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم.

 

2- المواطنة مبدأ أساسي ينطوي على حقوق وواجبات يتمتع بها كل مواطن ويمارسها وفق القانون.

 

3- المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة .

 

4- تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين.

 

المادة الرابعة والثلاثون

 

لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية وينظم القانون ذلك.

 

المادة الخامسة والثلاثون

 

على كل مواطن واجب احترام الدستور والقوانين.

 

المادة السادسة والثلاثون

 

1- للحياة الخاصة حرمة يحميها القانون.

 

2- المساكن مصونة لا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر من الجهة القضائية المختصة وفي الأحوال المبينة في القانون.

 

المادة السابعة والثلاثون

 

سرية المراسلات البريدية والاتصالات السلكية و اللاسلكية وغيرها مكفولة وفق القانون.

 

المادة الثامنة والثلاثون

 

1- لا يجوز إبعاد المواطن عن الوطن، أو منعه من العودة إليه.

 

2- لا يجوز تسليم المواطن الى أي جهة أجنبية.

 

3- لكل مواطن الحق بالتنقل في أراضي الدولة أو مغادرتها إلا إذا منع من ذلك بقرار من القضاء المختص أو من النيابة العامة أو تنفيذاً لقوانين الصحة والسلامة العامة.

 

المادة التاسعة والثلاثون

 

لا يسلم اللاجئون السياسيون بسبب مبادئهم السياسية أو دفاعهم عن الحرية.

 

المادة الأربعون

 

1- العمل حق لكل مواطن وواجب عليه، وتعمل الدولة على توفيره لجميع المواطنين، ويتولى القانون تنظيم العمل وشروطه وحقوق العمال.

 

2- لكل عامل أجر عادل حسب نوعية العمل ومردوده، على أن لا يقل عن الحد الأدنى للأجور الذي يضمن متطلبات الحياة المعيشية وتغيُرها.

 

3- تكفل الدولة الضمان الإجتماعي والصحي للعمال.

 

المادة الحادية والأربعون

 

أداء الضرائب والرسوم والتكاليف العامة واجب وفقاً للقانون.

 

المادة الثانية والأربعون

 

1- حرية الاعتقاد مصونة وفقاً للقانون.

 

2- لكل مواطن الحق في أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول أوالكتابة أو بوسائل التعبير كافة.

 

المادة الثالثة والأربعون

 

تكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام واستقلاليتها وفقاً للقانون.

 

المادة الرابعة والأربعون

 

للمواطنين حق الاجتماع والتظاهر سلمياً والإضراب عن العمل في إطار مبادئ الدستور وينظم القانون ممارسة هذه الحقوق.

 

المادة الخامسة والأربعون

 

حرية تكوين الجمعيات والنقابات، على أسس وطنية ولأهداف مشروعة وبوسائل سلمية، مكفولة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون.

 

المادة السادسة والأربعون

 

1- الخدمة العسكرية الإلزامية واجب مقدس وتنظم بقانون.

 

2- الدفاع عن سلامة الوطن وصيانة أسرار الدولة واجب على كل مواطن.

 

المادة السابعة والأربعون

 

تكفل الدولة حماية الوحدة الوطنية وعلى المواطنين واجب المحافظة عليها.

 

المادة الثامنة والأربعون

 

ينظم القانون الجنسية العربية السورية.

 

المادة التاسعة والأربعون

 

الانتخاب والاستفتاء حق للمواطنين وواجب عليهم، وتنظم ممارستهما بقانون.

 

الفصل الثاني

 

سيادة القانون

 

 

المادة الخمسون

 

سيادة القانون أساس الحكم في الدولة.

 

المادة الحادية والخمسون

 

1- العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون.

 

2- كل متهم بريء حتى يدان بحكم قضائي مبرم في محاكمة عادلة.

 

3- حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والمراجعة والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون، وتكفل الدولة المساعدة القضائية لغير القادرين وفقاً للقانون.

 

4- يُحظّرُ النصُ في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء.

 

المادة الثانية والخمسون

 

لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يكون لها أثر رجعي، ويجوز في غير الأمور الجزائية النص على خلاف ذلك.

 

المادة الثالثة والخمسون

 

1- لا يجوز تحري أحد أو توقيفه إلا بموجب أمر أو قرار صادر عن الجهة القضائية المختصة، أو إذا قبض عليه في حالة الجرم المشهود، أو بقصد إحضاره إلى السلطات القضائية بتهمة ارتكاب جناية أو جنحة.

 

2- لا يجوز تعذيب أحد أو معاملته معاملة مهينة، ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك.

 

3- كل شخص يُقبض عليه يجب أن يُبلغ أسباب توقيفه وحقوقه، ولا يجوز الاستمرار في توقيفه أمام السلطة الإدارية إلا بأمر من السلطة القضائية المختصة.

 

4- لكل شخص حكم عليه حكماً مبرماً ونفذت فيه العقوبة وثبت خطأ الحكم أن يطالب الدولة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به.

 

المادة الرابعة والخمسون

 

كل اعتداء على الحرية الشخصية أو على حرمة الحياة الخاصة أو على غيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور يُعد جريمة يعاقب عليها القانون.

 

الباب الثالث

 

سلطات الدولة

 

<p>الفصل الأول</p>

 

السلطة التشريعية

 

المادة الخامسة والخمسون

 

يتولى السلطة التشريعية في الدولة مجلس الشعب على الوجه المبين في الدستور.

 

المادة السادسة والخمسون

 

ولاية مجلس الشعب أربع سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ أول اجتماع له ولا يجوز تمديدها إلا في حالة الحرب بقانون.

 

المادة السابعة والخمسون

 

يُنتخب أعضاء مجلس الشعب بالاقتراع العام والسري والمباشر والمتساوي وفقاً لأحكام قانون الانتخاب.

 

المادة الثامنة والخمسون

 

عضو مجلس الشعب يمثل الشعب بأكمله، ولا يجوز تحديد وكالته بقيد أو شرط، وعليه أن يمارسها بهدي من شرفه وضميره.

 

المادة التاسعة والخمسون

 

الناخبون هم المواطنون الذين أتموا الثامنة عشرة من عمرهم وتوافرت فيهم الشروط المنصوص عليها في قانون الانتخاب.

 

المادة الستون

 

1- يحدد بقانون نظام انتخاب أعضاء مجلس الشعب وعددهم والشروط الواجب توافرها في المرشحين.

 

2- يجب أن يكون نصف أعضاء مجلس الشعب على الأقل من العمال والفلاحين، ويبين القانون تعريف العامل والفلاح.

 

المادة الحادية والستون

 

يجب أن يتضمن قانون الانتخاب الأحكام التي تكفل:

 

1- حرية الناخبين باختيار ممثليهم وسلامة الإجراءات الانتخابية ونزاهتها.

 

2- حق المرشحين في مراقبة العمليات الانتخابية.

 

3- عقاب العابثين بإرادة الناخبين.

 

4- تحديد ضوابط تمويل الحملات الانتخابية.

 

5- تنظيم الدعاية الانتخابية واستخدام وسائل الإعلام.

 

المادة الثانية والستون

 

1- تجري الانتخابات خلال الأيام الستين التي تسبق تاريخ انتهاء ولاية مجلس الشعب.

 

2- يستمر المجلس في الانعقاد حكماً إذا لم ينتخب غيره ويبقى قائماً حتى يتم انتخاب مجلس جديد.

 

المادة الثالثة والستون

 

إذا شغرت عضوية أحد أعضاء مجلس الشعب لسبب ما انتخب بديل عنه خلال ستين يوماً من تاريخ شغور العضوية، على أن لا تقل المدة الباقية للمجلس عن ستة أشهر، وتنتهي عضوية العضو الجديد بانتهاء مدة المجلس، ويحدد قانون الانتخاب حالات شغور العضوية.

 

المادة الرابعة والستون

 

1- يدعى مجلس الشعب للانعقاد بمرسوم يصدر عن رئيس الجمهورية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انتهاء ولاية المجلس القائم أو من تاريخ إعلان نتائج الانتخاب في حال عدم وجوده، وينعقد حكماً في اليوم السادس عشر إذا لم يصدر مرسوم دعوته.

 

2- ينتخب المجلس في اجتماعه الأول رئيسه وأعضاء مكتبه، ويعاد انتخابهم سنوياً.

 

المادة الخامسة والستون

 

1- يدعى المجلس لثلاث دورات عادية في السنة، على أن لا يقل مجموعها عن ستة أشهر، ويحدد النظام الداخلي للمجلس مواعيدها ومدة كل منها.

 

2- يجوز دعوة المجلس إلى دورات استثنائية بناء على طلب من رئيس الجمهورية أو من ثلث أعضاء المجلس أو من مكتب المجلس.

 

3- تبقى الدورة التشريعية الأخيرة من السنة مفتوحة حتى إقرار الموازنة العامة للدولة.

 

المادة السادسة والستون

1- تختص المحكمة الدستورية العليا في النظر في الطعون الخاصة بانتخابات أعضاء مجلس الشعب.

 

2- تقدم الطعون من قبل المرشح خلال ثلاثة أيام تبدأ من تاريخ إعلان النتائج، وتبت المحكمة بها بأحكام مبرمة خلال سبعة أيام من تاريخ انتهاء مدة تقديم الطعون.

 

المادة السابعة والستون

 

يؤدي أعضاء مجلس الشعب القسم الدستوري الوارد في المادة السابعة من الدستور.

 

المادة الثامنة والستون

 

تحدد مخصصات أعضاء مجلس الشعب وتعويضاتهم بقانون.

 

المادة التاسعة والستون

 

يضع مجلس الشعب نظامه الداخلي لتنظيم أسلوب العمل فيه وكيفية ممارسة مهامه وتحديد اختصاصات مكتب المجلس.

 

المادة السبعون

 

لا يسأل أعضاء مجلس الشعب جزائياً أو مدنياً بسبب الوقائع التي يوردونها أو الآراء التي يبدونها أو التصويت في الجلسات العلنية أو السرية وفي أعمال اللجان.

 

المادة الحادية والسبعون

 

يتمتع أعضاء مجلس الشعب بالحصانة طيلة مدة ولاية المجلس، ولا يجوز في غير حالة الجرم المشهود اتخاذ إجراءات جزائية ضد أي عضو منهم إلا بإذن سابق من المجلس، ويتعين في غير دورات الانعقاد أخذ إذن من مكتب المجلس، ويُخطر المجلس عند أول انعقاد له بما اتخذ من إجراءات.

 

المادة الثانية والسبعون

 

1- لا يجوز للعضو أن يستغل عضويته في عمل من الأعمال.

 

2- يُحدد القانون الأعمال التي لا يجوز الجمع بينها وبين عضوية المجلس.

 

المادة الثالثة والسبعون

 

1- يُمثل رئيس مجلس الشعب المجلس ويوقع عنه ويتكلم باسمه.

 

2- للمجلس حرس خاص يأتمر بأمر رئيس المجلس ولا يجوز لأي قوة مسلحة دخول المجلس إلا بإذن من رئيسه.

 

المادة الرابعة والسبعون

 

يُمارس أعضاء مجلس الشعب حق اقتراح القوانين وتوجيه الأسئلة والاستجوابات للوزارة أو أحد الوزراء وفقاً لأحكام النظام الداخلي للمجلس.

 

المادة الخامسة والسبعون

 

يتولى مجلس الشعب الاختصاصات الآتية:

 

1- إقرار القوانين.

 

2- مناقشة بيان الوزارة.

 

3- حجب الثقة عن الوزارة أو عن أحد الوزراء.

 

4- إقرار الموازنة العامة والحساب الختامي.

 

5- إقرار خطط التنمية.

 

6- إقرار المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تتعلق بسلامة الدولة وهي معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة أو الاتفاقيات التي تمنح امتيازات للشركات أو المؤسسات الأجنبية وكذلك المعاهدات والاتفاقيات التي تُحمل خزانة الدولة نفقات غير واردة في موازنتها أو التي تتعلق بعقد القروض أو التي تخالف أحكام القوانين النافذة ويتطلب نفاذها إصدار تشريع جديد.

 

7- إقرار العفو العام.

 

8- قبول استقالة أحد أعضاء المجلس أو رفضها.

 

المادة السادسة والسبعون

 

1- يُقدم رئيس مجلس الوزراء خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ تشكيل الوزارة بيانها إلى مجلس الشعب لمناقشته.

 

2- الوزارة مسؤولة عن تنفيذ بيانها أمام مجلس الشعب.

 

3- إذا كان المجلس في غير دورة انعقاد عادية دعي إلى دورة انعقاد استثنائية.

 

المادة السابعة والسبعون

 

1- لا يجوز حجب الثقة إلا بعد استجواب موجه إلى الوزارة أو إلى أحد الوزراء، ويكون طلب حجب الثقة بناء على اقتراح يقدم من خُمس أعضاء مجلس الشعب على الأقل، ويتم حجب الثقة عن الوزارة أو أحد الوزراء بأغلبية عدد أعضاء المجلس.

 

2- في حال حجب الثقة عن الوزارة يجب أن يقدم رئيس مجلس الوزراء استقالة الوزارة إلى رئيس الجمهورية، كما يجب على الوزير الذي حُجبت الثقة عنه تقديم استقالته.

 

المادة الثامنة والسبعون

 

للمجلس أن يؤلف لجاناً مؤقتة من بين أعضائه لجمع المعلومات وتقصي الحقائق في المواضيع التي تتعلق بممارسة اختصاصاته.

 

المادة التاسعة والسبعون

 

1- لكل سنة مالية موازنة واحدة ويحدد بدء السنة المالية بقانون.

 

2- يحدد القانون طريقة اعداد الموازنة العامة للدولة.

 

3- يجب عرض مشروع الموازنة على مجلس الشعب قبل شهرين على الأقل من بدء السنة المالية.

 

المادة الثمانون

 

1- يصوت المجلس على الموازنة باباً باباً، ولا تعد الموازنة نافذة إلا إذا أقرها المجلس.

 

2- إذا لم ينته المجلس من إقرار الموازنة حتى بدء السنة المالية الجديدة يعمل بموازنة السنة السابقة حتى اعتماد موازنة السنة الجديدة وتحصل الإيرادات وفقاً للقوانين والأنظمة النافذة.

 

3- لا يجوز إجراء المناقلة بين أبواب الموازنة إلا وفق أحكام القانون.

 

4- ليس للمجلس أثناء دراسة الموازنة أن يزيد في تقدير مجموع الإيرادات أو النفقات.

 

المادة الحادية والثمانون

 

يجوز لمجلس الشعب بعد إقرار الموازنة أن يقر قوانين من شأنها إحداث نفقات جديدة وموارد لها.

 

المادة الثانية والثمانون

 

تُعرض الحسابات الختامية للسنة المالية على مجلس الشعب في مدة لا تتجاوز عاماً واحداً منذ انتهاء هذه السنة ويتم قطع الحساب بقانون، ويطبق على قطع الحساب ما يطبق على الموازنة في الإقرار.

 

الفصل الثاني

 

السلطة التنفيذية

 

( 1 ) رئيس الجمهورية

 

المادة الثالثة والثمانون

 

يُمارس رئيس الجمهورية ومجلـس الـوزراء السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب ضمن الحدود المنصوص عليهـا في الدستـور.

 

المادة الرابعة والثمانون

يشترط في المرشح إلى منصب رئيس الجمهورية ما يأتي:

 

1- أن يكون متماً الأربعين عاماً من عمره.

 

2- أن يكون متمتعاً بالجنسية العربية السورية بالولادة، من أبوين متمتعين بالجنسية العربية السورية بالولادة.

 

3- أن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية، وغير محكوم بجرم شائن ولو رد إليه اعتباره.

 

4- أن لا يكون متزوجاً من غير سورية.

 

5- أن يكون مقيماً في الجمهورية العربية السورية لمدة لا تقل عن عشر سنوات إقامة دائمة متصلة عند تقديم طلب الترشيح.

 

المادة الخامسة والثمانون

 

يكون الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية وفق الآتي:

 

1- يدعو رئيس مجلس الشعب لانتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء ولاية الرئيس القائم في مدة لا تقل عن ستين يوماً ولا تزيد عن تسعين يوماً.

 

2- يـقـدم طلب الترشيح إلى المحكمة الدستورية العليا، ويسجل في سجل خاص، وذلك خلال مدة عشرة أيام من تاريخ إعلان الدعوة لانتخاب الرئيس.

 

3- لا يقبل طلب الترشيح إلا إذا كان طالب الترشيح حاصلاً على تأييد خطي لترشيحه من خمسة وثلاثين عضواً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب، ولا يجوز لعضو مجلس الشعب أن يمنح تأييده إلا لمرشح واحد.

 

4- يتم فحص طلبات الترشيح من قبل المحكمة الدستورية العليا، ويبت فيها خلال خمسة أيام تلي المدة المحددة لتسجيلها.

 

5- إذا لم تتوافر الشروط المطلوبة للترشيح سوى بمرشح واحد خلال المهلة المحددة، يتوجب على رئيس مجلس الشعب الدعوة إلى فتح باب الترشيح مجدداً وفق الشروط ذاتها.

 

المادة السادسة والثمانون

 

1- يُنتخب رئيس الجمهورية من الشعب مباشرة.

 

2- يُعد فائزاً بمنصب رئيس الجمهورية المرشح الذي يحصل على الأغلبية المطلقة للذين شاركوا في الانتخابات، وإذا لم يحصل أي من المرشحين على هذه الأغلبية أعيد الانتخاب خلال أسبوعين بين المرشحين الاثنين اللذين حصلا على أكبر عدد من أصوات الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم.

 

3- تُعلن نتائج الانتخاب من قبل رئيس مجلس الشعب.

 

المادة السابعة والثمانون

 

1- إذا حُلًّ مجلس الشعب خلال الفترة المحددة لانتخاب رئيس جمهورية جديد يستمر رئيس الجمهورية القائم بممارسة مهامه إلى ما بعد انتهاء انتخاب المجلس الجديد وانعقاده، على أن ينتخب الرئيس الجديد خلال تسعين يوماً تلي تاريخ انعقـاد هذا المجلـس.

 

2- إذا انتهت ولاية رئيس الجمهورية ولم يتم انتخاب رئيس جديد يستمر رئيس الجمهورية القائم بممارسة مهامه حتى انتخاب الرئيس الجديد.

 

المادة الثامنة والثمانون

 

يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة سبعة أعوام ميلادية تبدأ من تاريخ انتهاء ولاية الرئيس القائم، ولا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لولاية واحدة تالية.

 

المادة التاسعة والثمانون

 

1- تختص المحكمة الدستورية العليا في النظر في الطعون الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية.

 

2- تقدم الطعون من قبل المرشح خلال ثلاثة أيام تبدأ من تاريخ إعلان النتائج، وتبت المحكمة بها بأحكام مبرمة خلال سبعة أيام من تاريخ انتهاء مدة تقديم الطعون.

 

المادة التسعون

 

يؤدي رئيـس الجمهورية أمام مجلس الشعب قبل أن يباشر مهام منصبـه القسم الدستوري الوارد في المادة السابعة من الدستور.

 

المادة الحادية والتسعون

 

1- لرئيس الجمهورية أن يسمي نائباً له أو أكثر، وأن يفوضهم ببعض صلاحياته.

 

2- يؤدي نائب الرئيـس أمام رئيـس الجمهورية قبل أن يباشر مهام منصبـه القسم الدستوري الوارد في المادة السابعة من الدستور.

 

المادة الثانية والتسعون

 

إذا قام مانع مؤقت يحول دون متابعة رئيس الجمهورية ممارسة مهامه أناب عنه نائب رئيس الجمهورية.

 

المادة الثالثة والتسعون

 

1- في حالة شغور منصب رئيس الجمهورية أو عجـزه الدائم عن أداء مهامه، يتولى مهامه مؤقتاً النائب الأول لرئيس الجمهورية لمدة لا تزيد عن تسعين يوماً من تاريخ شغور منصب رئيس الجمهورية، على أن يتم خلالها إجراء انتخابات رئاسية جديدة.

 

2- في حالة شغور منصب رئيس الجمهورية ولم يكن له نائب، يتولى مهامه مؤقتاً رئيس مجلس الوزراء لمدة لا تزيد عن تسعين يوماً من تاريخ شغور منصب رئيس الجمهورية، على أن يتم خلالها إجراء انتخابات رئاسية جديـدة.

 

المادة الرابعة والتسعون

 

إذا قدم رئيس الجمهورية استقالته من منصبه وجه كتاب الاستقالة إلى مجلس الشعب.

 

المادة الخامسة والتسعون

 

يُحـدد بقانون ما يقتضيه منصب رئيس الجمهورية من المراسم والميزات، كما تحدد مخصصاته بقانون.

 

المادة السادسة والتسعون

 

يسهر رئيس الجمهورية على احترام الدستور والسير المنتظم للسلطات العامة وحماية الوحدة الوطنية وبقاء الدولة.

 

المادة السابعة والتسعون

 

يتولى رئيس الجمهورية تسمية رئيس مجلس الوزراء ونوابه وتسمية الوزراء ونوابهم وقبول استقالتهم وإعفاءهم من مناصبهم.

 

المادة الثامنة والتسعون

 

يضع رئيس الجمهورية في اجتماع مع مجلس الوزراء برئاسته السياسة العامة للدولة ويشرف على تنفيذها.

 

المادة التاسعة والتسعون

لرئيس الجمهورية أن يدعو مجلس الوزراء للانعقاد برئاسته، وله طلب تقارير من رئيس مجلس الوزراء والوزراء.

 

المادة المئة

 

يُصدر رئيس الجمهورية القوانين التي يقرها مجلس الشعب، ويحق له الاعتراض عليها بقرار معلل خلال شهر من تاريخ ورودها إلى رئاسة الجمهورية، فإذا اقرها المجلس ثانية بأكثرية ثلثي أعضائه أصدرها رئيس الجمهورية.

 

المادة الاولى بعد المئة

 

يُصدر رئيس الجمهورية المراسيم والقرارات والأوامر وفقاً للقوانين.

 

المادة الثانية بعد المئة

 

يُعلن رئيس الجمهورية الحرب والتعبئة العامة ويعقد الصلح بعد موافقة مجلس الشعب.

 

المادة الثالثة بعد المئة

 

يُعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ ويُلغيها بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء المنعقد برئاسته وبأكثرية ثلثي أعضائه، على أن يعرض على مجلس الشعب في أول اجتماع له، ويبين القانون الأحكام الخاصة بذلك.

 

المادة الرابعة بعد المئة

 

يعتمد رئيس الجمهورية رؤساء البعثات الدبلوماسية لدى الدول الأجنبية، ويقبل اعتماد رؤساء البعثات الدبلوماسية الأجنبية لدى الجمهورية العربية السورية.

 

المادة الخامسة بعد المئة

 

رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة ويصدر جميع القرارات والأوامر اللازمة لممارسة هذه السلطة، وله التفويض ببعضها.

 

المادة السادسة بعد المئة

 

يُعين رئيس الجمهورية الموظفين المدنيين والعسكريين وينهي خدماتهم وفقاً للقانون.

 

المادة السابعة بعد المئة

 

يُبرم رئيس الجمهورية المعاهدات والاتفاقيات الدولية ويلغيها وفقاً لأحكام الدستور وقواعد القانون الدولي.

 

المادة الثامنة بعد المئة

 

يمنح رئيس الجمهورية العفو الخاص، وله الحق برد الاعتبار.

 

المادة التاسعة بعد المئة

 

لرئيس الجمهورية الحق بمنح الأوسمة.

 

المادة العاشرة بعد المئة

 

لرئيس الجمهورية أن يخاطب مجلس الشعب برسائل، وله أن يدلي ببيانات أمامه.

 

المادة الحادية عشرة بعد المئة

 

1- لرئيس الجمهورية أن يقرر حل مجلس الشعب بقرار معلل يصدر عنه.

 

2- تجري الانتخابات لمجلس جديد خلال ستين يوماً من تاريخ الحل.

 

3- لا يجوز حل مجلس الشعب أكثر من مرة لسبب واحد.

 

المادة الثانية عشرة بعد المئة

 

لرئيس الجمهورية أن يُعد مشاريع القوانين ويُحيلها إلى مجلس الشعب للنظر في إقرارها.

 

المادة الثالثة عشرة بعد المئة

 

1- يتولى رئيس الجمهورية سلطة التشريع خارج دورات انعقاد مجلس الشعب، أو أثناء انعقادها إذا استدعت الضرورة القصوى ذلك، أو خلال الفترة التي يكون فيها المجلس منحلاً.

 

2- تعرض هذه التشريعات على المجلس خلال خمسة عشر يوماً من انعقاد أول جلسة له.

 

3- للمجلس الحق في إلغاء هذه التشريعات أو تعديلها بقانون، وذلك بأكثرية ثلثي أعضائه المسجلين لحضور الجلسة، على أن لا تقل عن أكثرية أعضائه المطلقة، دون أن يكون لهذا التعديل أو الإلغاء أثر رجعي، وإذا لم يُلغها المجلس أو يُعدلها عُدت مُقرة حكماً.

 

المادة الرابعة عشرة بعد المئة

 

إذا قام خطر جسيم وحال يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة واستقلال أرض الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن مباشرة مهامها الدستورية، لرئيس الجمهورية أن يتخذ الإجراءات السريعة التي تقتضيها هذه الظروف لمواجهة الخطر.

 

المادة الخامسة عشرة بعد المئة

 

لرئيس الجمهورية أن يشكل الهيئات والمجالس واللجان الخاصة وتحدد مهامها وصلاحياتها بقرارات تشكيلها.

 

المادة السادسة عشرة بعد المئة

 

لرئيس الجمهورية أن يستفتي الشعب في القضايا المهمة التي تتصل بمصالح البلاد العليا، وتكون نتيجة الاستفتاء ملزمة ونافذة من تاريخ إعلانها، وينشرها رئيس الجمهورية.

 

المادة السابعة عشرة بعد المئة

 

رئيس الجمهورية غير مسؤول عن الأعمال التي يقوم بها في مباشرة مهامه إلا في حالة الخيانة العظمى، ويكون طلب اتهامه بقرار من مجلس الشعب بتصويت علني وبأغلبية ثلثي أعضاء المجلس بجلسة خاصة سرية، وذلك بناء على اقتراح ثلث أعضاء المجلس على الأقل وتجري محاكمته أمام المحكمة الدستورية العليا.

 

( 2 ) مجلس الوزراء

 

المادة الثامنة عشرة بعد المئة

 

1- مجلس الوزراء هو الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة، ويتكون من رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء، ويشرف على تنفيذ القوانين والأنظمة، ويراقب عمل أجهزة الدولة ومؤسساتها.

 

2- يشرف رئيس مجلس الوزراء على أعمال نوابه والوزراء.

 

المادة التاسعة عشرة بعد المئة

 

تُحدد مخصصات وتعويضات رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء بقانون.

 

المادة العشرون بعد المئة

 

يُؤدي رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء أمام رئيس الجمهورية عند تشكيل وزارة جديدة القسم الدستوري الوارد في المادة السابعة من الدستور وذلك قبل مباشرة أعمالهم، أما في حالة تعديل الوزارة فيقسم الجدد منهم فقط.

 

المادة الحادية والعشرون بعد المئة

 

رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء مسؤولون أمام رئيس الجمهورية، وأمام مجلس الشعب.

 

المادة الثانية والعشرون بعد المئة

الوزير هو الرئيس الإداري الأعلى لوزارته ويتولى تنفيذ السياسة العامة للدولة فيما يختص بوزارته.

 

المادة الثالثة والعشرون بعد المئة

 

يُمنع الوزراء أثناء توليهم مهامهم من أن يكونوا أعضاء في مجلس إدارة شركة خاصة أو وكلاء عنها أو أن يزاولوا بصورة مباشرة أو غير مباشرة أي عمل تجاري أو مهنة حرة.

 

المادة الرابعة والعشرون بعد المئة

 

1- رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء مسؤولون مدنياً وجزائياً وفقاً للقانون.

 

2- لرئيس الجمهورية حق إحالة رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء إلى المحاكمة عما يرتكبه أي منهم من جرائم أثناء توليه مهامه أو بسببها.

 

3- يُوقف المتهم عن العمل فور صدور قرار الاتهام إلى أن يُبت في التهمة المنسوبة إليه، ولا تمنع استقالته أو إقالته من محاكمته، وتتم الإجراءات على الوجه المبين في القانون.

 

المادة الخامسة والعشرون بعد المئة

 

1- تُعد الوزارة بحكم المستقيلة في الحالات الآتية:

 

أ- عند انتهاء ولاية رئيس الجمهورية.

 

ب- عند انتخاب مجلس شعب جديد.

 

ج- إذا قدم أغلبية الوزراء استقالاتهم.

 

2- تستمر الوزارة بتسيير الأعمال ريثما يصدر مرسوم بتسمية الوزارة الجديدة.

 

المادة السادسة والعشرون بعد المئة

 

يجوز الجمع بين الوزارة وعضوية مجلس الشعب.

 

المادة السابعة والعشرون بعد المئة

 

تجري الأحكام الخاصة بالوزراء على نواب الوزراء.

 

المادة الثامنة والعشرون بعد المئة

 

يُمارس مجلس الوزراء الاختصاصات الآتية:

 

1- وضع الخطط التنفيذية للسياسة العامة للدولة.

 

2- توجيه أعمال الوزارات والجهات العامة الأخرى.

 

3- وضع مشروع الموازنة العامة للدولة.

 

4- إعداد مشروعات القوانين.

 

5- إعداد خطط التنمية وتطوير الإنتاج واستثمار الثروات الوطنية وكل ما من شأنه دعم وتطوير الاقتصاد وزيادة الدخل الوطني.

 

6- عقد القروض ومنحها وفقاً لأحكام الدستور.

 

7- عقد الاتفاقيات والمعاهدات وفقاً لأحكام الدستور.

 

8- متابعة تنفيذ القوانين والمحافظة على مصالح الدولة وأمنها وحماية حريات وحقوق المواطنين.

 

9- إصدار القرارات الإدارية وفقاً للقوانين والأنظمة ومراقبة تنفيذها.

 

المادة التاسعة والعشرون بعد المئة

 

يُمارس رئيس مجلس الوزراء والوزراء الاختصاصات المنصوص عليها في التشريعات النافذة بما لا يتعارض مع الصلاحيات الممنوحة للسلطات الأخرى في الدستور، وذلك بالإضافة إلى الصلاحيات الأخرى المقررة بموجب أحكامه.

 

(3) مجالس الإدارة المحلية

 

المادة الثلاثون بعد المئة

 

تتكون الجمهورية العربية السورية من وحدات إدارية، ويبين القانون عددها وحدودها واختصاصاتها ومدى تمتعها بالشخصية الاعتبارية واستقلالها المالي والإداري.

 

المادة الحادية والثلاثون بعد المئة

 

1- يرتكز تنظيم وحدات الإدارة المحلية على تطبيق مبدأ لا مركزية السلطات والمسؤوليات، ويبين القانون علاقة هذه الوحدات بالسلطة المركزية واختصاصاتها وإيراداتها المالية والرقابة على أعمالها، كما يُبين طريقة تعيين أو انتخاب رؤسائها، وكذلك اختصاصاتهم واختصاصات رؤساء المصالح فيها.

 

2- يكون لوحدات الإدارة المحلية مجالس مُنتخبة انتخاباً عاماً وسرياً ومباشراً ومتساوياً.

 

الفصل الثالث

 

السلطة القضائية

 

 

(1) قضاء الحكم والنيابة العامة

 

المادة الثانية والثلاثون بعد المئة

 

السلطة القضائية مستقلة، ويضمن رئيس الجمهورية هذا الاستقلال، ويعاونه في ذلك مجلس القضاء الأعلى.

 

المادة الثالثة والثلاثون بعد المئة

 

1- يَرأس مجلس القضاء الأعلى رئيس الجمهورية، ويُبين القانون طريقة تشكيله واختصاصاته وقواعد سير العمل فيه.

 

2- يكفل مجلس القضاء الأعلى توفير الضمانات اللازمة لحماية استقلال القضاء.

 

المادة الرابعة والثلاثون بعد المئة

 

1- القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون.

 

2- شرف القضاة وضميرهم وتجردهم ضمان لحقوق الناس وحرياتهم.

 

المادة الخامسة والثلاثون بعد المئة

 

يُنظم القانون الجهاز القضائي بجميع فئاته وأنواعه ودرجاته، ويبين قواعد الإختصاص لدى مختلف المحاكم.

 

المادة السادسة والثلاثون بعد المئة

 

يُبين القانون شروط تعيين القضاة وترفيعهم ونقلهم وتأديبهم وعزلهم.

 

المادة السابعة والثلاثون بعد المئة

 

النيابة العامة مؤسسة قضائية واحدة يَرأسها وزير العدل، وينظم القانون وظيفتها واختصاصاتها.

 

المادة الثامنة والثلاثون بعد المئة

 

1- تصدر الأحكام القضائية باسم الشعب العربي في سورية.

 

2- الإمتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية أو تعطيل تنفيذها جريمة يُعاقب مرتكبها وفق أحكام القانون.

 

(2) القضاء الإداري

 

المادة التاسعة والثلاثون بعد المئة

 

يتولى مجلس الدولة القضاء الإداري وهو هيئة قضائية واستشارية مستقلة، ويبين القانون اختصاصاته وشروط تعيين قضاته وترفيعهم ونقلهم وتأديبهم وعزلهم.

 

الباب الرابع

 

المحكمة الدستورية العليا

 

المادة الأربعون بعد المئة

المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة مقرها مدينة دمشق.

 

المادة الحادية والأربعون بعد المئة

 

تؤلف المحكمة الدستورية العليا من سبعة أعضاء على الأقل يكون أحدهم رئيساً يسميهم رئيس الجمهورية بمرسوم.

 

المادة الثانية والأربعون بعد المئة

 

لا يجوز الجمع بين عضوية المحكمة الدستورية العليا وتولي الوزارة أو عضوية مجلس الشعب، ويحدد القانون الأعمال الأخرى التي لا يجوز الجمع بينها وبين عضوية المحكمة.

 

المادة الثالثة والأربعون بعد المئة

 

تكون مدة العضوية في المحكمة الدستورية العليا أربع سنوات ميلادية قابلة للتجديد.

 

المادة الرابعة والأربعون بعد المئة

 

أعضاء المحكمة الدستورية العليا غير قابلين للإقالة من عضويتها إلا وفقاً للقانون.

 

المادة الخامسة والأربعون بعد المئة

 

يؤدي رئيس المحكمة الدستورية العليا وأعضاؤها أمام رئيس الجمهورية وبحضور رئيس مجلس الشعب قبل توليهم عملهم القسم الآتي:

 

(( أقسم بالله العظيم أن أحترم دستور البلاد وقوانينها وأن أقوم بواجبي بتجرد وأمانة ))

 

المادة السادسة والأربعون بعد المئة

 

تختص المحكمة الدستورية العليا بما يأتي:

 

1- الرقابة على دستورية القوانين والمراسيم التشريعية واللوائح والأنظمة.

 

2- إبداء الرأي بناء على طلب من رئيس الجمهورية في دستورية مشروعات القوانين والمراسيم التشريعية وقانونية مشروعات المراسيم.

 

3- الإشراف على انتخاب رئيس الجمهورية وتنظيم الإجراءات الخاصة بذلك.

 

4- النظر في الطعون الخاصة بصحة انتخاب رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الشعب والبت فيها.

 

5- محاكمة رئيس الجمهورية في حالة الخيانة العظمى.

 

6- يبين القانون اختصاصاتها الأخرى.

 

المادة السابعة والأربعون بعد المئة

 

تتولى المحكمة الدستورية العليا الرقابة على دستورية القوانين على النحو الآتي :

 

1- النظر بعدم دستورية قانون والبت فيها وفقاً لما يأتي:

 

‌أ- إذا اعترض رئيس الجمهورية أو خُمس أعضاء مجلس الشعب على دستورية قانون قبل إصداره يوقف إصداره إلى أن تبت المحكمة فيه خلال مدة خمسة عشر يوماً من تاريخ تسجيل الاعتراض لديها، وإذا كان للقانون صفة الاستعجال وجب على المحكمة أن تبت فيه خلال مدة سبعة أيام.

 

‌ب- إذا اعترض خُمس أعضاء مجلس الشعب على دستورية مرسوم تشريعي خلال مدة خمسة عشر يوماً تلي تاريخ عرضه على المجلس، وجب على المحكمة أن تبت فيه خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تسجيل الاعتراض لديها.

 

‌ج- إذا قررت المحكمة مخالفة القانون أو المرسوم التشريعي أو اللائحة للدستور عُدًّ لاغياً ما كان مخالفاً منها لنصوص الدستور بمفعول رجعي، ولا يرتب أي أثر.

 

2- النظر في الدفع بعدم دستورية قانون والبت فيه وفقاً لما يأتي:

 

أ‌- إذا دفع أحد الخصوم في معرض الطعن بالأحكام بعدم دستورية نص قانوني طبقته المحكمة المطعون بقرارها، ورأت المحكمة الناظرة في الطعن أن الدفع جدي ولازم للبت في الطعن، أوقفت النظر في الدعوى وأحالت الدفع إلى المحكمة الدستورية العليا.

 

ب‌- على المحكمة الدستورية العليا البت في الدفع خلال مدة ثلاثين يوماً من تاريخ قيده لديها.

 

المادة الثامنة والأربعون بعد المئة

 

لا يحق للمحكمة الدستورية العليا أن تنظر في دستورية القوانين التي يطرحها رئيس الجمهورية على الاستفتاء الشعبي وتنال موافقة الشعب.

 

المادة التاسعة والأربعون بعد المئة

 

ينظم القانون أصول النظر والبت فيما تختص به المحكمة الدستورية العليا، ويحدد ملاكها والشروط الواجب توافرها في أعضائها، كما يحدد حصاناتهم ومسؤولياتهم ورواتبهم ومزاياهم.

 

الباب الخامس

 

تعديل الدستور

 

 

المادة الخمسون بعد المئة

 

1- لرئيس الجمهورية كما لثلث أعضاء مجلس الشعب حق اقتراح تعديل الدستور.

 

2- يتضمن اقتراح التعديل النصوص المراد تعديلها والأسباب الموجبة لذلك.

 

3- يشكل مجلس الشعب فور ورود اقتراح التعديل إليه لجنة خاصة لبحثه.

 

4- يناقش المجلس اقتراح التعديل فإذا أقره بأكثرية ثلاثة أرباع أعضائه عُدًّ التعديل نهائياً شريطة اقترانه بموافقة رئيس الجمهورية.

 

الباب السادس

 

أحكام عامة وانتقالية

 

المادة الحادية والخمسون بعد المئة

 

تُعد مقدمة هذا الدستور جزءاً لا يتجزأ منه.

 

المادة الثانية والخمسون بعد المئة

 

لا يجوز لمن يحمل جنسية أخرى، إضافة للجنسية العربية السورية، أن يتولى مناصب رئيس الجمهورية أو نائبه أو رئيس مجلس الوزراء أو نوابه أو الوزراء أوعضوية مجلس الشعب أو عضوية المحكمة الدستورية العليا.

 

المادة الثالثة والخمسون بعد المئة

 

لا يجوز تعديل هذا الدستور قبل مرور ثمانية عشر شهراً على تاريخ نفاذه.

 

المادة الرابعة والخمسون بعد المئة

 

تبقى التشريعات النافذة والصادرة قبل إقرار هذا الدستور سارية المفعول إلى أن تُعدل بما يتوافق مع أحكامه، على أن يتم التعديل خلال مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات ميلادية.

 

المادة الخامسة والخمسون بعد المئة

تنتهي مدة ولاية رئيس الجمهورية الحالي بانقضاء سبع سنوات ميلادية من تاريخ أدائه القسم الدستوري رئيساً للجمهورية، وله حق الترشح مجدداً لمنصب رئيس الجمهورية وتسري عليه أحكام المادة / 88 / من هذا الدستور اعتباراً من الانتخابات الرئاسية القادمة.

 

المادة السادسة والخمسون بعد المئة

 

تجري الانتخابات لأول مجلس شعب في ظل هذا الدستور خلال تسعين يوماً من تاريخ إقراره بالاستفتاء الشعبي.

 

المادة السابعة والخمسون بعد المئة

نشر هذا الدستور في الجريدة الرسمية ويُعد نافذاً من تاريخ إقراره.

مميزة

أميركا على حافة الحرب والانهيار الاقتصادي—–بول كريج روبرتس


لو طلب إلى أحد قرائي فيما لو كان بإمكاني أن أسمعه بعض الأخبار الطيبة، لأجبته بأنني لا أستطيع ذلك إذا كان عليّ أن أكذب عليك شأن حكومتك ووسائل الإعلام المعروفة. أما إذا طلب إلي “أخباراً طيبة” كاذبة، فسيكون عليه أن يرجع من حيث أتى. فمقابل ما تطلبونه من ضغط نفسي أقل ومن قلق أخف، فإنكم ستجدون أنفسكم مدفوعين بشكل لا واع نحو الدمار الاقتصادي والهرمجدون النووي.

إذا كنتم ترغبون في أن يتم إعلامكم مسبقاً، أو ربما مهيئين لسماع ما ستقوله لكم حكومتكم أو أن تمتلكوا حظاً ولو ضئيلاً في إعادة توجيه مسار الأحداث، فما عليكم إلا أن تتابعوا هذا الموقع وأن تدعموه. فأنا أعرف هذه الأشياء. أنا أكتب لكم.

المحافظون الجدد، وهم مجموعة صغيرة من مشعلي الحروب المتحالفين مع المجمع العسكري-الصناعي وإسرائيل، هم من تفضل علينا بغزو غريناد وبمشكلة الكونترا في قضية نيكاراغوا. وقد قام الرئيس ريغان بتسريحهم ثم لوحقوا، لكن جورج بوش [الأب] -خليفة ريغان- عفا عنهم فيما بعد.
وقد عادوا إلى الظهور خلال فترة حكم كلينتون وبحماية من المال الإسرائيلي والمجمع العسكري-الأمني، ثم استقروا في مراكز الدراسات ودبروا تفجير يوغوسلافيا والحرب على صربيا وتوسع الناتو وصولاً إلى حدود روسيا.

وقد هيمن المحافظون الجدد على نظام جورج بوش الابن فأخضعوا البنتاغون ومجلس الأمن القومي ومكتب نائب الرئيس والعديد من المراكز الأخرى. ثم تفضلوا علينا بـ 11 أيلول / سبتمبر وبالتغطية عليه وبغزو أفغانستان والعراق وبدأوا بزعزعة باكستان واليمن، وأنشأوا قوة آفريكوم، ودفعوا جورجيا إلى غزو أوسيتيا الجنوبية، وألغوا اتفاقية آي بي إم، وأقروا التجسس غير الدستوري وغير الشرعي على المواطنين الأميركيين دون مذكرة قانونية، ونسفوا الحمايات الدستورية، واستخدموا التعذيب وسمحوا بعدم احترام القانون من قبل السلطة التنفيذية والكونغرس والسلطة القضائية. باختصار، أرسى المحافظون الجدد أسس الديكتاتورية والحرب العالمية الثالثة.
نظام أوباما لم يحمل أحداً من شخصيات نظام بوش مسؤولية الجرائم المرتكبة. وبذلك، جعل من نفسه رئيساً يضع السلطة التنفيذية فوق القانون. ومع هذا، يقوم نظام أوباما بملاحقة أولئك الذين يفضحون الحكومة ويقولون الحقيقة بخصوص جرائمها.

وقد احتفظ المحافظون الجدد بالكثير من النفوذ في نظام أوباما. من الأمثلة على ذلك، تعيين أوباما لسوزان رايس، وهي من المحافظين الجدد، مستشارة للأمن القومي. كما عين سامنتا بووير سفيرة لواشنطن في الأمم المتحدة. أما فيكتوريا نولاند فقد أعطاها منصب نائبة وزير الخارجية. والمعروف أن مكتب نولاند هو الذي دبر الانقلاب الأميركي في أوكرانيا بالتعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية والمنظمات غير الحكومية التي تمولها واشنطن.
إن عقيدة المحافظين الجدد هي الإيديولوجيا الوحيدة المعتمدة من قبل الإدارة الأميركية. إنها إيديولوجيا تقوم على فكرة ” America über alles ” (أميركا فوق الجميع) [الموروثة عن ألمانيا النازية]. فهم يعتقدون أن التاريخ قد اختار الولايات المتحدة لتفرض هيمنتها على العالم، ما يجعل منها بلداً “استثنائياً” ولا “غنى عنه”. وأوباما نفسه أطلق تصريحات بهذا المعنى.

إن هذه الإيديولوجيا تمنح المحافظين الجدد ثقة كبيرة بأنفسهم، تماماً كما هو شأن كارل ماركس الذي جعل الشيوعيين الأوائل يثقون بأنفسهم عندما استنتج أن التاريخ قد اختار العمال ليكونوا الطبقة القائدة.

هذه الثقة بالنفس هي ما يقوي نزعة الجرأة على المجازفة عند المحافظين الجدد.
ومن أجل المضي قدماً في برامجهم، يلجأ المحافظون الجدد إلى البروباغندا من أجل التأثير على الناس في الولايات المتحدة والبلدان السائرة في ركابها. فوسائل الإعلام الساقطة تروج لأكاذيب المحافظين الجدد في أوساط الجمهور الساذج فتقول بأن موسكو قد اجتاحت مقاطعات في أوكرانيا وضمتها إلى روسيا. وإن بوتين يريد إعادة بناء الإمبراطورية السوفياتية. وإن روسيا هي دولة أشقياء ولصوص ولا تعرف الديموقراطية. وإنها تهدد بلدان البلطيق وبولندا وكامل أوروبا. وإن كل ذلك يستوجب تعزيز الوجود العسكري للولايات المتحدة وبلدان الناتو على حدود روسيا. أما الصين، حليفة روسيا، فيجب احتواؤها عسكرياً عن طريق إقامة قواعد بحرية وجوية حول حدودها ومراقبة طرقها البحرية.
لقد بين المحافظون الجدد والرئيس أوباما بوضوح كامل أن الولايات المتحدة لا تقبل بروسيا والصين كبلدين يتمتعان بالسيادة ويعتمدان توجهات اقتصادية وسياسات خارجية مستقلة عن مصالح واشنطن. فروسيا والصين لا تحظيان بقبول واشنطن إلا كبلدين تابعين شأن بريطانيا وأوروبا واليابان وكندا وأستراليا.
من الواضح أن التصور السائد عند المحافظين الجدد هو تصور يفضي إلى الحرب النهائية.

البشرية كلها مهددة من قبل حفنة من الرجال والنساء الذين يسيطرون على مواقع السلطة في واشنطن

لقد انتقلت البروباغندا المعادية لروسيا إلى السرعة القصوى. فبوتين يقدم على أنه “هتلر جديد”. وهنالك تقرير لدانيال زيبوف عن مؤتمر مشترك عقدته ثلاثة مراكز دراسات أميركية. وفي هذا المؤتمر، وجه الاتهام إلى روسيا بأنها مسؤولة عن إخفاقات السياسة الخارجية الأميركية. يمكن الإطلاع على أعمال ذلك المؤتمر على الموقع التالي : http://sputniknews.com/columnists/2، وهذا يسمح بأن نعرف كيف يقوم المحافظون الجدد بتوجيه تفسيرات الأحداث. حتى هنري كيسينجر تعرض للهجوم لأنه قال الحقيقة عندما أقر بأن لروسيا مصالح مشروعة في أوكرانيا، وبأن قسماً من الأراضي الأوكرانية المحاذية لروسيا إنما تقع في دائرة النفوذ الروسي المشروع.

وقفت واشنطن ضد المصالح الروسية منذ فترة حكم بيل كلينتون. ففي كتاب سينشر قريباً بعنوان “عولمة الحرب : حرب أميركا الطويلة ضد البشرية”، يقدم البروفسور ميشيل شوسودوفسكي تقويماً واقعياً للمستوى الذي قامت فيه واشنطن بجعل العالم يقترب من نهايته في حرب نووية. المقطع التالي مأخوذ من مقدمة ذلك الكتاب :

“عولمة الحرب” هي مشروع هيمنة. هنالك عمليات عسكرية وأنشطة استخبارية كبرى وسرية تجري الآن وفي الوقت نفسه في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية وإفريقيا ما تحت الصحراوية وآىسيا الوسطى والشرق الأقصى. فالروزنامة العسكرية الأميركية تشتمل على مسارح عمليات كبرى وأنشطة سرية تستهدف زعزعة دول ذات سيادة”.

إن الأنشطة التي يقوم بها التحالف العسكري الغربي (الولايات المتحدة، حلف الناتو، إسرائيل) في أفغانستان وباكستان وفلسطين وأوكرانيا وسوريا والعراق يتم التنسيق فيما بينها وفق روزنامة عالمية يتم وضعها في أعلى مستويات التراتبية العسكرية. فالعمل لا يتم من خلال عمليات عسكرية واستخبارية منفصلة عن بعضها البعض, في تموز / يوليو وآب /أغسطس 2014، تم تنفيذ الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة بالتشاور الكامل مع الولايات المتحدة وحلف الناتو. ومن جهتها، تزامنت العمليات في أوكرانيا مع الهجوم على غزة.

كما أن الأعمال العسكرية مرتبطة بشكل وثيق بحرب اقتصادية لا تقتصر على فرض عقوبات على بلدان ذات سيادة، بل تتجاوز ذلك إلى أفعال مقصودة هدفها زعزعة الأسواق المالية والنقدية وضرب الاقتصادات الوطنية للبلدان المستهدفة.

لقد انخرطت الولايات المتحدة وحلفاؤها في مغامرة عسكرية تهدد مستقبل البشرية. ففي الوقت الذي وضعت فيه هذه السطور تحت الطباعة، كانت قوات الولايات المتحدة وحلف الناتو قد نشرت في أوروبا الشرقية. وبموجب تكليف ذي طبيعة إنسانية، يقوم الجيش الأميركي حالياً بتدخل في إفريقيا ما تحت الصحراوية. كما أن الولايات المتحدة وحلفاءها يهددون الصين وفقاً لـ “المحور الآسيوي” الذي ينادي به أوباما. وهنالك أيضاً مناورات عسكرية تجري أمام أبواب روسيا، وهي قد تؤدي إلى تصاعد خطر الحرب.

إن الضربات الجوية الأميركية التي بدأت في أيلول / سبتمبر 2014 ضد العراق وسوريا بحجة ضرب داعش هي جزء من سيناريو عسكري تصعيدي يمتد من إفريقيا الشمالية والحوض الشرقي للمتوسط إلى آسيا الوسطى والجنوبية. هذا يعني أن التحالف العسكري الغربي قد وصل إلى مرحلة متقدمة من الاستعداد.
وكما سبق لي وذكرت مراراً، فإن الأميركيين هم شعب غير مبال. فهم بكل بساطة ليسوا على علم بما يجري. ولو افترضنا أنهم يعلمون وأنهم يدركون الخطر الماثل أمامهم، فهل يمكنهم فعل شيء ما؟ أم أن الأميركيين غير المبالين قد وقعوا تحت سيطرة شرطة الدولة التي شكلتها واشنطن؟
لا أظن أن هنالك الكثير مما يمكن أن نأمله من الشعب الأميركي. فالشعب الأميركي لا يمكنه أن يميز بين قائد حقيقي وقائد زائف، في حين أن النخب القيادية الخاصة لن تسمح لقائد حقيقي بالظهور. وفوق ذلك، لا وجود لحركة منظمة معارضة للمحافظين الجدد.

الأمل يأتي من خارج النظام السياسي. الأمل هو في أن ينهار قصر الورق والأسواق المغشوشة التي أقامها المقررون السياسيون لصالح 1 بالمئة من السكان. دافيد ستوكمان يعتبر أن ذلك الانهيار مرجح جداً. والانهيار الذي يراه ستوكمان هو نفسه الذي سبق وأشرت إليه. ثم إن عدد البجع الأسود (1) الذي يمكنه أن يحدث الانهيار هو أكبر مما حدده ستوكمان. فالواقع أن بعض المؤسسات المالية تشعر بالقلق بسبب احتمالات النقص في عائداتها الثابتة وعلى مستوى سوق السلع غير الأولية. وها إن باربرا نوفاسك، التي تشارك في رئاسة شركة “بلاك روك” تتصرف على طريقة جماعات الضغط من أجل وضع آلية إنقاذ للسلع غير الأولية.

مقالة دافيد ستوكمان مهمة جداً. عليكم أن تقرأوها لكي تفهموا وعندها ستعرفون أكثر من غالبية الناس. إنها على الرابط التالي : http://www.lewrockwell.com/&hel

ولا بد هنا أن كثيرين سيطرحون التساؤل التالي : إذا كانت ثروات الـ 1 بالمئة غير قادرة على الصمود في وجه الانهيار الاقتصادي، فهل تندلع الحرب بهدف الدفاع عن هذه الثروات ؟ وهل ستوجه التهمة إلى الروس والصينيين بالمسؤولية عن الصعوبات المعيشية التي يعاني منها الشارع الأميركي ؟ الجواب هو التالي : نوع الانهيار الذي أتوقعه ويتوقعه دافيد ستوكمان وغيره كثيرون لا يمر بالحرب. لأن الحكومة الأميركية هي في حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي تجعلها عاجزة عن الشروع في حرب كبرى.
وفي حين لا تتعرض واشنطن لأي ضغط بسبب عجز الشعب الأميركي وتبعية العالم الغربي لها، فإن الانهيار الاقتصادي هو ما سيحفز قيام الثورات وزوال النظام القائم.
واياً تكن الصعوبات التي سيعاني منها الناس [الأميركيون] في ظل الانهيار، فإن فرص البقاء على قيد الحياة تظل أكبر مما ستكون عليه في حالة نشوب حرب نووية.

—————————————-
(1) نظرية “البجع الأسود”. البجع كله أبيض اللون والبجعة السوداء هي كناية عن حدث غير متوقع وأرجحية حدوثه ضئيلة جداً.

بول كريج روبرتس.

خبير في السياسة والاقتصاد وكاتب وول ستريت جورنال الذي عينة الرئيس ريغان كمساعد وزير الخزانة “السياسة الاقتصادية”.

عن موقع mondialisation.ca

مميزة

خط الجرذان والخط الاحمر ///// سيمور هيرش


القصة الكاملة لسارين النصرة ومؤامرة أردوغان وتراجع أوباما

في عام 2011 قاد الرئيس الأميركي باراك أوباما العملية العسكرية على ليبيا دون استشارة الكونجرس الأميركي. وفي أغسطس الماضي، بعد الهجوم الكيميائي على الغوطة -في دمشق- قال أنه على استعداد لشن هجوم مماثل وهذه المرة لمعاقبة الحكومة السورية، بتهمة عبور “الخطوط الحمراء” واستخدام الأسلحة الكيميائية.
قبل يومين من موعد الهجوم قال انه سيسعى للحصول على موافقة الكونجرس قبل التدخل العسكري في سوريا، فتم تأجيل الضربة إلى أن ألغيت فيما بعد، أي عندما قبلت سوريا بعرض التخلي عن ترسانتها الكيميائية في صفقة لعبت فيها روسيا دور الوسيط.
لماذا اجل أوباما الضربة، ومن ثم اظهر ليونة كبيرة تجاه سوريا، وفي الوقت عينه لم يخجل من الاندفاع نحو ليبيا؟ الجواب يكمن في التصادم الذي حصل بين العاملين في الإدارة المكلفين بمراقبة “الخط الأحمر” والقادة العسكريين الذين اعتبروا أن فكرة الذهاب إلى الحرب لا مبرر لها ويحتمل أن تكون كارثية.
سبب قرار أوباما يعود لدراسة أعدها باحثون في علوم وتكنولوجيا الدفاع في مختبرات بورتون داون في ويلتشير، وأظهرت المخابرات البريطانية التي حصلت على عينة من السارين الذي استخدم في هجوم 21 أغسطس أن الغاز المستخدم لا يتطابق مع الدفعات الموجودة في ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية.
تم تمرير رسالة إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية تقول إن الحجة ضد سوريا ليست قوية ولن تصمد. وأدى التقرير البريطاني إلى زيادة مستوى الشكوك داخل البنتاغون، وحذر رؤساء الأركان أوباما من أن خططه للهجوم على سوريا باستخدام صواريخ وقنابل بعيدة المدى يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب واسعة في الشرق الأوسط.
خلال الشهور الثلاث الماضية تحدث كبار القادة العسكريين وأجهزة الاستخبارات بقلق كبير عن دور جيران سوريا في الحرب ضدها وخاصة تركيا. كان رئيس الوزراء التركي رجب أردوغان يدعم فصيل القاعدة في سوريا “جبهة النصرة” -المنخرط في صفوف المعارضة المسلحة-، فضلا عن دعمه لعدد من الجماعات المتمردة الإسلامية الاخرى.
وقال لي مسؤول استخباراتي سابق في الولايات المتحدة، “أولئك الذين يسعون إلى جر اوباما للحرب قاموا باستخدام غاز السارين داخل سوريا لاتهام النظام بأنه قطع الخطوط الحمراء”.
تركيا والسعودية والنصرة:
كانت هيئة الأركان المشتركة على علم بأن الادعاءات الأميركية بأن الجيش السوري هو الوحيد القادر على الوصول إلى السارين خاطئة. المخابرات الأميركية والبريطانية كانت على علم منذ ربيع العام 2013 بأن بعض الفصائل المتمردة في سوريا تطور الأسلحة الكيميائية.
في 20 حزيران/يونيو نشرت وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية تقريرا لـ DIA وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية من خمس صفحات يتضمن إحاطة لنائب مدير الـ DIA ديفيد شيد بأن “جبهة النصرة” تنتج غاز السارين. (وذكر التقرير أن السارين الموجود لدى القاعدة هو الأكثر تقدما منذ أحداث 9/11).
وفقا لمستشارين في وزارة الدفاع والاستخبارات الأميركية فأن القاعدة أجرت اختبارات على الأسلحة الكيماوية ويوجد لديها شريط فيديو يظهر تجارب استخدام الغاز على الكلاب.
وتابع التقرير: ركز المجتمع الاستخباراتي سابقا على المخزونات النووية في سوريا، والآن فنحن نكتشف أن جبهة النصرة تعمل على تصنيع أسلحة كيمياوية خاصة بها… الحرية العملياتية التي تتمتع بها جبهة النصرة في سوريا قد تمنع إيقافها في المستقبل.
واستند التقرير على معلومات استخباراتية سرية من العديد من الوكالات وقال ان “تركيا والسعودية أمنتا السارين، بكميات كبيرة، بعشرات الكيلوغرامات، وبذلت الجهود لإنتاجه في سوريا”.
في مايو الماضي، ألقي القبض على أكثر من عشرة أعضاء من جبهة النصرة في جنوب تركيا وبحسب الشرطة المحلية التركية كان بحوزتهم كيلوغرامين من غاز السارين السام. واتهمت المجموعة بمحاولة شراء صمامات، وأنابيب لبناء مدافع الهاون، و”السلائف الكيميائية” لغاز السارين.
ولكن لاحقا أطلق سراح خمسة من المعتقلين، أما الآخرين بما في ذلك هيثم القصاب، طلبت النيابة العامة سجنهم لمدة 25 عاما. في تلك الفترة كانت الصحافة التركية تعج بالتكهنات حول تستر إدارة أردوغان على هؤلاء المتمردين. ففي الصيف الماضي رفض أيدين سيزجين سفير تركيا في موسكو الاعتقالات وادعى أن “السارين” الذي وجد مع هؤلاء ليس إلا “مادة مضادة للتجمد”.
اعتبرت ورقة الـ DIA إن الموقوفين هم الدليل على أن جبهة النصرة توسع قدراتها للوصول إلى الأسلحة الكيميائية. وقالت إن قصاب هو عضو في النصرة، وإنه على علاقة مباشرة مع عبد الغني المتخصص بتصنيع الأسلحة مع جبهة النصرة.
عمل القصاب وشريكه خالد قسطا مع هاليت اونلكايا، موظف في شركة تركية تسمى “زيرف للتصدير”، وحصلوا على “عروض بأسعار سلائف السارين”. كانت خطة عبد الغني “تعليم اثنين من معاونيه كيفية إنتاج غاز السارين، لنقلهم إلى سوريا لتدريب الآخرين وبدء تصنيع السارين في مختبر في سوريا”. وقالتDIA إن أحد النشطاء كان قد اشترى السلائف من “سوق بغداد الكيميائي”.
خان العسل:
كشفت بعثة الأمم المتحدة الخاصة إلى سوريا عن سلسلة هجمات بالأسلحة الكيميائية في مارس وأبريل 2013. وقال شخص مطلع على نشاط الأمم المتحدة في سوريا أنه لا توجد أدلة حول علاقة “المعارضة السورية” بالهجوم الأول.
وقالت بعثة الأمم في تقريرها النهائي في ديسمبر كانون الأول إن الهجوم الكيميائي في خان العسل قرب حلب أدى إلى وفاة 19 مدنيا على الأقل وجندي سوري واحد، وعشرات الجرحى. ولم يكن لديها التفويض في تحميل المسؤولية لأحد، لكنها قالت إن “المحققين اجروا مقابلات مع الناس الذين كانوا هناك، بما في ذلك الأطباء الذين عالجوا الضحايا، وكان من الواضح أن المتمردين هم من استخدموا الغاز”.
في الأشهر التي سبقت الهجمات، قال مسؤول كبير سابق في وزارة الدفاع إنDIA تعمم يوميا تقريرا سريا يعرف باسم “سيراب” تتناول فيه كافة المعلومات الاستخباراية حول الصراع السوري، بما في ذلك المواد المتعلقة بالأسلحة الكيميائية. ولكن لاحقا فرض كبير موظفي البيت الأبيض دينيس ماكدونوف قيودا على توزيع جزء من التقرير المتعلق بالأسلحة الكيميائية.وبحسب مسؤول سابق في وزارة الدفاع فان شيئا ما في ذلك التقرير أثار غضب ماكدونوف فأبعاد الموضوع عميقة جدا وقد تم اتخاذ قرار بمنع توزيع التقرير عند قيام رؤساء هيئة الأركان المشتركة بإصدار إيعاز بوضع خطط طارئة ومكثفة لاجتياح بري لسوريا هدفه الأساسي تدمير سلاحها الكيماوي.

ضربة أوباما:

قال مسؤول سابق في الاستخبارات إن المؤسسة الأمنية الأميركية تعاني من الخط الأحمر الذي وضعه الرئيس: وطلب رئيس هيئة الأركان المشتركة من البيت الأبيض تفسير مصطلح “الخط الأحمر”؟ كيف يمكن أن يترجم عسكريا؟ وبعمل القوات على الأرض؟ الضربة الشاملة؟ الضربة المحدودة؟.
في أعقاب هجوم 21 أغسطس أمر أوباما وزارة الدفاع الأميركية بوضع أهداف لقصفها. وفي وقت مبكر من العملية، قال مسؤول سابق في المخابرات إن البيت الأبيض رفض ضرب 35 هدف من مجموعة الأهداف التي قدمتها هيئة الأركان المشتركة قائلا: “إنها غير كافية وليست “مؤلمة” كفاية لنظام الرئيس الأسد”. وتضمنت الأهداف الأصلية مواقع عسكرية فقط، بعيدا عن البنية التحتية المدنية. ولكن تحت ضغط البيت الأبيض، تطورت خطة الهجوم الأميركية: فتم نقل اثنين من أسراب القاذفات B- 52 لقواعد جوية قريبة من سوريا، وانتشرت الغواصات البحرية والسفن المزودة بصواريخ توماهوك.
وقال مسؤول استخباراتي سابق: لا يمكننا فقط استخدام صواريخ توماهوك لضرب مواقع الصواريخ السورية، فسوف نحتاج إلى فرق بحث وإنقاذ لاستعادة الطيارين والطائرات بدون طيار التي ستسقط.
وقال مسؤول أخر في الاستخبارات أن: “قائمة الأهداف الجديدة تسعى إلى “القضاء تماما على أي قدرات عسكرية للدولة السورية”. وشملت الأهداف الأساسية شبكات الطاقة الكهربائية، مستودعات النفط والغاز، مستودعات الأسلحة، جميع مرافق القيادة والسيطرة المعروفة، وجميع المباني العسكرية والاستخباراتية المعروفة.
والبارز كان دور كل من فرنسا وبريطانيا.. يوم 29 آب/أغسطس صوت نواب مجلس العموم البريطاني ضد قرار يسمح من حيث المبدأ لبريطانيا بالمشاركة في عمل عسكري ضد سوريا، وقالت صحيفة الغارديان إن السلطات البريطانية أمرت قبل ذلك ست طائرات مقاتلة طراز تايفون بالتوجه إلى قبرص، إضافة لتحريك غواصة قادرة على إطلاق صواريخ توماهوك.
ودخلت القوات الجوية الفرنسية في الصراع إلى حد كبير، بعد ان لعبت دورا هاما في الضربات الجوية على ليبيا في العام 2011، ووفق “نوفيل أوبزرفاتور” كان فرانسوا هولند قد أمر عدة مقاتلات قاذفة طراز “رافال” بدعم القوات الاميركية في هجومها. ووفق التقارير كانت تلك الطائرات تستهدف شمال سوريا.
في أواخر آب/أغسطس، كان الرئيس قد اطلع رؤساء هيئة الأركان المشتركة على مواعيد محددة لبدء الهجوم. وأوضح مسؤول استخباراتي سابق: “كانت ساعة الصفر قبل صباح يوم الاثنين (2 أيلول/سبتمبر)، والعملية تبدأ بهجوم ضخم لتحييد قدرات الأسد.” لذلك تفاجأ الكثيرون عند سماع تصريح أوباما في 31 آب/أغسطس عن تجميد الضربة وسعيه للحصول على موافقة الكونغرس”.
في هذه المرحلة، كانت ادعاءات أوباما بأن الجيش السوري هو الوحيد القادر على نشر غاز السارين قد بدأت بالتهاوي. خلال أيام من هجوم 21 آب/أعسطس، قال مسؤول استخباراتي سابق، إن عملاء المخابرات العسكرية الروسية كانوا قد حصلوا على عينات من المواد الكيميائية في الغوطة، وقاموا بتحليلها وارسالها إلى المخابرات العسكرية البريطانية، وإلى بورتون داون. (قال المتحدث باسم بورتون داون: “العديد من العينات التي تم تحليلها في المملكة المتحدة كانت نتائجها إيجابية وتثبت وجود غاز أعصاب السارين” في حين علقت المخابرات البريطانية بأنه لا تعليق لديها بشأن المسائل المخابراتية).
أكد مسؤول سابق في المخابرات أن العميل الروسي الذي قام بتسليم العينة إلى المملكة المتحدة كان “شخصا لديه القدرة على الوصول إلى أي مكان، وسجله يؤكد مصداقيته”.
بعد التقارير الأولية عن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا العام الماضي، انهمكت وكالات الاستخبارات الغربية بالوصول إلى جواب حول ما إذا تم استعمال السلاح النووي، ومن كان مصدره”.
وتابع: ” المعطى الأساسي لوكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية كان معرفة تركيب كل مجموعة من مجموعات الأسلحة الكيماوية التي صنعها الإتحاد السوفيتي، لكننا لم نكن نعرف أي مجموعة توجد في الترسانة السورية حاليا”. وفي غضون أيام من الهجوم طلبنا من مصدر في الحكومة السورية تزويدنا بقائمة المجموعات التي تمتلكها الحكومة حاليا، لهذا السبب تمكنا من تأكيد الاختلاف بتلك السرعة”.
وفقا لمسؤول استخباراتي سابق، فان العملية لم تجر بهذه السلاسة، لأن الدراسات التي قامت بها أجهزة الإستخبارات الغربية كانت غير قاطعة، ولم يتم ذكر كلمة “سارين”. وجرى الكثير من النقاش حول ذلك الأمر، لكن وبما أنه لم يكن بإمكان أحد تأكيد نوع الغاز، لم يعد بمقدور احد أن يقول إن حكومة الرئيس الأسد قد تجاوزت الخط الأحمر. لكن بحلول 21 آب/أغسطس، كان واضحا أن المعارضة السورية أعلنت أن الجيش السوري استعمل غاز “السارين” قبل أن يتم القيام بأي تحليل، فاستغلت وسائل الإعلام الخبر وأخذت تتداول فيه.
قصد فريق وزارة الدفاع البريطانية الذي أرسل نتائج بورتون داون إلى هيئة الأركان المشتركة الأميركية، لتحذير الأميركيين. ووفق مسؤول سابق في المخابرات: “أحدهم يريد الإيقاع بنا” “وهذا تفسره الرسالة التي أرسلها مسؤول رفيع في وكالة الاستخبارات الأميركية أواخر آب: “الحكومة الحالية لم تفعل ذلك وبريطانيا وأميركا تعلمان ذلك”.
كان الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة هو الضابط الأعلى المسؤول عن التخطيط للعدوان وتنفيذه وبحسب مسؤول استخباراتي سابق فانه منذ بداية الأزمة، كان رؤساء هيئة الأركان المشتركة يشككون بحجة الإدارة الأميركية بامتلاكها وقائع تدعم رأيها حول مسؤولية الدولة السورية، لذلك ضغطوا على وكالة استخبارات الدفاع والوكالات الأخرى لتزويدهم بدليل مؤكد.
“كان من المستحيل القبول بفكرة استخدام غاز السارين في تلك المرحلة لأن الحكومة السورية بقيادة الأسد كانت تكسب الحرب”. اغضب ديمبسي الكثيرين في إدارة أوباما بسبب تحذيره المستمر للكونغرس طيلة الصيف من مخاطر التدخل العسكري الأميركي في سوريا. وبعد تقدير متفاءل عن تقدم المتمردين قدمه وزير الخارجية جون كيري أمام لجنة الشؤون الخارجية أبلغ ديمبسي لجنة الخدمات العسكرية في مجلس النواب عن خطر وصول النزاع إلى نقطة المراوحة”.
رأى ديمبسي أن الضربة الأميركية على سوريا ستكون خطأ عسكريا فادحا. ودفع تقرير بورتون داون رؤساء الأركان إلى مواجهة الرئيس بمخاوفهم: فالهجوم الأميركي سيعتبر عملا عدوانيا غير مبررا.
أما البيت الأبيض فقد فسر تراجعه عن الضربة قائلا: قرر الرئيس فجأة بعد نزهة مع دينيس ماكدونوف طلب موافقة الكونغرس -الغارق في انقساماته، والذي يتنازع معه منذ سنوات- على الضربة وبحسب مسؤول سابق في وزارة الدفاع، فإن البيت الأبيض قدم تفسيرا مختلفا لأعضاء القيادة المدنية في البنتاغون، وتم إلغاء الضربة بسبب ورود معلومات استخبارية تؤكد اشتعال الشرق الأوسط في حال تنفيذها.
في البداية، رأى كبار المساعدين في البيت الأبيض أن قرار الرئيس بالتوجه إلى الكونغرس هو تكرار لمناورة جورج بوش الابن في خريف الـ 2002 قبل غزو العراق: “وعندما اتضح أن العراق خال من أسلحة الدمار الشامل، تقاسم الكونغرس الذي وافق على الحرب والبيت الأبيض اللوم وكررا اسطوانة المعلومات الاستخبارية الخاطئة. في حال قيام الكونغرس الحالي بالتصويت على الضربة والموافقة عليها، كان البيت الأبيض من جديد سيستثمر الأمر في الاتجاهين، توجيه ضربة قاضية لسوريا وتقاسم اللوم مع الكونغرس إن تبين أن الجيش السوري لم يكن من قام بالهجوم. هذا وشكل التراجع مفاجأة حتى للديمقراطيين في الكونغرس. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في أيلول أن أوباما اتصل هاتفيا بزعيمة الديمقراطيين نانسي بيلوسي للتباحث بشأن الخيارات، وأبلغت بيلوسي لاحقا بعض زملائها بأنها لم تطلب من الرئيس طرح مسألة الضربة على الكونغرس للتصويت.
صفقة الكيماوي برعاية روسية:
سرعان ما وصل طلب أوباما للحصول على موافقة الكونغرس إلى طريق مسدود. وقال مسؤول سابق في المخابرات إن الكونغرس لم يكن سيسمح بتمرير الأمر، وخلافا لما حصل في موضوع العراق كان سيتم إجراء جلسات موضوعية.. عندها ظهرت الخطة البديلة: إلغاء الضربة وموافقة الأسد من جانب واحد على توقيع اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، وتدمير الأسلحة الكيماوية بإشراف الأمم المتحدة.
في مؤتمر صحفي في 9 أيلول/سبتمبر في لندن، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري: “خطورة عدم التحرك هي أكبر من خطورة التحرك” لكن عندما سأله أحد الصحفيين عما إذا كان بمقدور الأسد القيام بشيء ما لمنع الضربة، قال كيري: “بالتأكيد، بإمكانه تسليم سلاح سوريا الكيماوي إلى المجتمع الدولي خلال الأسبوع المقبل… لكنه لن يقوم بذلك، ومن الواضح أن ذلك أمر لا يمكن تنفيذه”.وذكر تقرير لصحيفة نيويورك تايمز في اليوم التالي: كان الروس هم الرعاة لإبرام الصفقة، التي تمت مناقشتها بين بوتين وأوباما في صيف 2012، وبالرغم من أن خطط الضربة تم رميها في الصندوق، إلا أن الإدارة لم تغير من تقييمها العلني بشأن تبرير الذهاب إلى الحرب.
ووفق مسؤول استخباراتي سابق، لا مجال للتسامح بالنسبة لكبار مسؤولي البيت الأبيض، لم يستطيعوا القول “بأنهم مخطئين”. (صرح المتحدث باسم وكالة مخابرات الدفاع: “نظام الرئيس الأسد، وفقط نظام الرئيس الأسد، يمكن أن يكون المسؤول عن الهجوم الكيميائي الذي وقع في 21 آب.” )..
سلاح ليبي للقاعدة في سوريا:

التعاون الأميركي التركي السعودي والقطري لمساعدة المتمردين في سوريا لم يخرج إلى النور. ولم تعترف إدارة أوباما علنا بدورها في خلق ما تسميه وكالة الاستخبارات المركزية “خط الجرذان”، أي القناة الخلفية التي يمر عبرها السلاح والمقاتلين إلى سوريا. “خط الجرذان ” كان يستخدم في أوائل العام 2012، لتمرير الأسلحة والذخائر من ليبيا عبر جنوب تركيا وعبر الحدود السورية إلى المعارضة. وقد حصل الجهاديون المنتمون إلى تنظيم القاعدة على معظم الأسلحة التي كانت ترسل إلى سوريا.
في كانون الثاني/يناير، أصدرت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ تقريرا حول الاعتداء الذي نفذته ميليشيا محلية في سبتمبر 2012 على القنصلية الأميركية ومنشأة CIA السرية في بنغازي، والتي أسفرت عن مقتل السفير الأميركي، كريستوفر ستيفنز، وثلاثة آخرين.
وانتقد التقرير وزارة الخارجية الأميركية لعدم توفيرها الأمن الكافي للقنصلية، ومجتمع الاستخبارات لعدم تنبيهه الجيش الأميركي على وجود مركز لوكالة الاستخبارات المركزية في المنطقة، وإحياء العداوات في واشنطن، متهما أوباما وهيلاري كلينتون بالتستر على ما يحصل.
الملحق السري المرفق بالتقرير لم يتم نشره، فهو ذكر انه توصل إلى اتفاقية سرية في أوائل 2012 بين إدارتي أوباما وأردوغان. وبموجب شروط الاتفاق، يأتي التمويل من تركيا، والمملكة العربية السعودية وقطر، وتكون وكالة المخابرات المركزية، بدعم من الاستخبارات البريطانية، مسؤولة عن نقل الأسلحة من ترسانات القذافي إلى سوريا.
وقد تم تأسيس بعض الشركات الوهمية في ليبيا، تحت غطاء بعض الكيانات الأسترالية. وتم تعيين الجنود الأميركيين المتقاعدين لإدارة المشتريات والشحن. وتمت عملية التشغيل من خلال ديفيد بترايوس مدير وكالة المخابرات المركزية الذي سيستقيل قريبا عندما أصبح معروفا أنه كان على علاقة غرامية مع كاتبة سيرته.
لم يتم الكشف عن العملية في الوقت الذي حددته لجان الاستخبارات في الكونغرس وكما هو مطلوب بموجب القانون 1970. مشاركة المخابرات البريطانية في العملية سمح للمخابرات المركزية الأميركية بالتحايل على القانون عبر تصنيف العملية على أنها “عملية اتصال”. وأوضح مسؤول استخباراتي سابق بأنه منذ زمن طويل تم الاعتراف باستثناء في القانون يسمح للمخابرات المركزية بعدم إبلاغ الكونغرس عن نشاطات “الاتصال أو الارتباط”، بل فقط إدراج وثيقة معلومات عن العمليات السرية.
وتم توزيع المستند إلى: أعضاء الكونغرس – الزعماء الديمقراطيين والجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ، الزعماء الديمقراطيين والجمهوريين في لجان الاستخبارات في مجلسي النواب والشيوخ.
الملف لا يروي القصة بأكملها ما حدث في بنغازي قبل الهجوم، لم يفسر لماذا هوجمت القنصلية الأميركية. وقال مسؤول استخباراتي سابق مطلع أن مهمة القنصلية كانت توفير الغطاء لحركة السلاح ولم يكن لديها دور سياسي حقيقي”.
أنهت واشنطن فجأة دور وكالة المخابرات المركزية في نقل الأسلحة من ليبيا بعد الهجوم على القنصلية، لكنها أبقت على “خط الجرذان” فاعلا. لاحقا فقدت الولايات المتحدة السيطرة على ما يرسله الأتراك إلى الجهاديين وذلك بحسب مسؤول استخباراتي سابق. وفي غضون أسابيع، وصلت أربعون قاذفة صورايخ سطح- جو، -المعروفة باسم منظومات الدفاع الجوي المحمولة-، إلى أيدي المتمردين السوريين.
قال جوبي واريك في صحيفة واشنطن بوست في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، إن المتمردين قرب حلب استخدموا صواريخ سطح-جو لإسقاط هليكوبتر سورية. وان ” إدارة أوباما عارضت تزويد قوات المعارضة السورية بهذه الصواريخ، محذرا من أن هذه الأسلحة يمكن أن تقع في أيدي الإرهابيين ويمكن استخدامها لإسقاط الطائرات التجارية”. وقال مسؤولان في استخبارات الشرق الأوسط إن قطر هي المصدر، وقال محلل سابق في الاستخبارات الأميركية إنه تم الحصول على منظومات الدفاع الجوي المحمولة من المواقع العسكرية السورية التي سيطر عليها الثوار ولم يكن هناك أي مؤشر على أن حصول المتمردين على منظومات الدفاع الجوية المحمولة هو نتيجة غير مقصودة من البرنامج الأميركي السري الذي لم يعد تحت سيطرة الولايات المتحدة .
أردوغان وأوباما ومؤامرة السارين:

بحلول نهاية العام 2012 كانت المخابرات الأميركية تدرك أن المتمردين يخسرون الحرب. وهو ما دفع أردوغان للشعور بأنه ترك وحده.. واعتبر أن الرفض الأميركي لتزويد هؤلاء المسلحين بالصواريخ الثقيلة المضادة للطائرات يشكل خيانة له ولجهوده.
وعلمت المخابرات الأميركية أن الحكومة التركية عملت مباشرة مع جبهة النصرة وحلفائها لتطوير قدرات الحرب الكيميائية.وقال مسؤول استخباراتي سابق إن الاستخبارات الأميركية علمت أن حكومة أردوغان ومن خلال عناصر في وكالة المخابرات التركية “ام اَي تي” وأجهزة الجندرمة كانت تعمل بشكل مباشر مع “جبهة النصرة” وحلفائها لتطوير قدراتها لشن حرب كيميائية.
كان أردوغان يعلم أنه إذا أوقف دعمه للجهاديين سينتهي كل شيء. فالسعوديون عاجزون بسبب البعد الجغرافي وصعوبة نقل الأسلحة والمعدات، وكان أمل أردوغان الوحيد لمتابعة خططه في سورية إشعال حادثة يكون من شأنها إجبار الولايات المتحدة على تجاوز الخط الأحمر غير أن أوباما لم يتجاوب معه في سلسلة الهجمات الكيميائية في آذار ونيسان من نفس العام.
لم يكن هناك أي علامة حول الانشقاق التركي- الأميركي خلال لقاء اردوغان وأوباما في 16 مايو 2013 في البيت الأبيض. في وقت لاحق قال اوباما إنهما اتفقا على إن الأسد “يجب أن يرحل”، ولدى سؤاله عما إذا كان يعتقد أن سوريا عبرت “الخط الاحمر”، قال أوباما: “هناك أدلة على استخدام الأسلحة، لكن من المهم التأكد من المعلومات، الخط الأحمر لا يزال سليما”.
وقال خبير في شؤون السياسة الخارجية الأميركية إن العشاء الذي جمع بين أوباما وأردوغان بحضور وزير الخارجية جون كيري ومستشار الأمن القومي الأميركي توم دونيلون إضافة إلى أحمد داوود أوغلو وزير الخارجية التركي وحقان فيدان رئيس جهاز الاستخبارات التركي ام اَي تي سيطر عليه الإصرار التركي بأن سورية تجاوزت الخط الأحمر وشكواهم من رفض أوباما اتخاذ أي خطوة بهذا الشأن.
وأشار الخبير إلى أن أردوغان كان يرغب من وراء إحضار فيدان -الذي يعتبر داعما متطرفا للمجموعات الإرهابية في سورية- إلى العشاء بإقناع أوباما برأيه وتعزيز قضيته أمام الرئيس الأميركي، ولكن كلما أراد أردوغان إدخال فيدان في الحديث كان أوباما يقاطعه قائلا “نحن نعلم”.
عند هذه اللحظة قال أردوغان غاضبا، لكن خطك الأحمر قد تم اجتيازه “فتدخل دونيلون قائلا: “سخيف أن تلوح بإصبعك أمام الرئيس داخل البيت الأبيض؟”. وفي النهاية قال اوباما لفيدان “نحن نعلم ما تفعله مع المتطرفين في سورية” دونيلون الذي انضم إلى مجلس العلاقات الخارجية في يوليو الماضي لم يستجب للأسئلة التي طرحت حول هذه القصة وقال إن وزارة الخارجية التركية لم تستجب..
على العموم، لم يغادر أردوغان خالي الوفاض، لأن أوباما استمر في السماح لتركيا باستغلال ثغرة في الأمر الرئاسي الذي يمنع تصدير الذهب إلى إيران كجزء من العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران.
في آذار/مارس 2012، وتجاوبا مع العقوبات الأوروبية على المصارف الإيرانية، تم فصل العشرات من المؤسسات المالية الإيرانية من نظام التحويل الالكتروني سويفت، مما قيد بشكل كبير قدرة إيران على التجارة الدولية. وقامت الولايات المتحدة بعد ذلك بإصدار الأمر الرئاسي في تموز، لكنها تركت فيه ما بات يعرف باسم “الثغرة الذهبية”: بحيث يمكن لشحنات الذهب المتجهة للقطاع الخاص الإيراني أن تستمر، وتعتبر تركيا مشتريا رئيسيا للنفط والغاز الإيرانيين، وقامت باستغلال تلك الثغرة عبر تسديد دفعات الطاقة بالليرة التركية في حساب إيراني في تركيا، ليتم لاحقا استخدام تلك الودائع لشراء ذهب تركي وتصديره إلى مجموعة في إيران. وتشير التقارير إلى أن المبلغ الإجمالي للذهب الذي دخل إيران بتلك الطريقة بين آذار/مارس 2012 وتموز/يوليو 2013 يبلغ 13 مليار دولار أمريكي.
تحولت العملية بسرعة كبيرة إلى دجاجة تبيض ذهبا بالنسبة للسياسيين الفاسدين والتجار في تركيا، وإيران والإمارات العربية المتحدة. وبحسب مسؤول استخباراتي سابق: “حصل الوسطاء على نسبة 15% وتشير التقديرات الاستخباراتية إلى استثمار ملياري دولار في تلك العملية، والى أرباح كبيرة بدأت تنهال على أصحابها، لكن تلك الأرباح غير المشروعة تحولت إلى فضيحة كبرى في تركيا في شهر كانون الأول وأدت لتوجيه اتهامات إلى 24 شخصا، من بينهم رجال أعمال كبار وأقارب ومسؤولين حكوميين، إضافة إلى استقالة ثلاث وزراء، أحدهم كان قد دعا أردوغان إلى الاستقالة، المدير التنفيذي للمصرف التركي الحكومي الذي كان في عين عاصفة الفضيحة، أصر أن مبلغ 4.5 مليون دولار، الذي عثرت عليه الشرطة أثناء تفتيش منزله ضمن علب أحذية، كان تبرعات خيرية.
أردوغان وهستيريا الهزيمة في سوريا

قال جوناثان شانزر ومارك دابوويتز في فورين بوليسي أن إدارة أوباما أغلقت “الثغرة الذهبية” في كانون الثاني/يناير 2013، وضغطت لتأخير تشريع القانون 6 أشهر. وباعتبار أن الإدارة أرادت استغلال ذلك لدفع إيران للجلوس على طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي، ولإرضاء حليفها التركي في الحرب السورية، سمح ذلك التأخير لإيران بجمع مليارات الدولارات كذهب، مما زاد في تقويض العقوبات.
القرار الأميركي بإنهاء الدعم للمتمردين في سوريا، ترك أردوغان مكشوفا سياسيا وعسكريا. وبحسب مسؤول سابق في الاستخبارات فإن إحدى المسائل التي تم طرحها في قمة أيار كانت حقيقة أن تركيا هي الطريق الوحيد لدعم المتمردين في سوريا. لا يمكن القيام بذلك من الأردن لأن تضاريس المنطقة الجنوبية مكشوفة تماما والسوريون يسيطرون عليها إلى حد كبير، كما لا يمكن القيام بذلك عبر سهول وجبال لبنان، لأنك لا تستطيع أن تضمن من سيكون بانتظارك في الجهة الأخرى.حلم اردوغان سيتبخر إذا انتهى الدعم العسكري الأميركي للمتمردين فهو يعتقد أننا نحن السبب، وهو يدرك تماما أنه عندما تربح سوريا الحرب، فمن الأرجح أن ينقلب المتمردون ضده، فهم لا يملكون مكانا آخر للهرب.
وأوضح مستشار استخباراتي أميركي أنه قبل بضعة أسابيع من 21 آب، تحدث ملخص عالي السرية مرسل لديمبسي ووزير الدفاع تشاك هاغل، عن حالة القلق الشديدة التي تعصف بإدارة اردوغان جراء تدهور معنويات المتمردين. وقد حذر التحليل من أن الحكومة التركية قد أعربت عن “ضرورة القيام بشيء ما لتحفيز وتسريع الرد العسكري الأميركي”.
لكن مع تقدم الجيش السوري على المتمردين، القوة الجوية الأميركية تعتبر الوحيدة القادرة على قلب الموازين. وبحسب مسؤول استخباراتي سابق، رأى محللو الاستخبارات الأميركية ممن تابعوا أحداث 21 آب، أن سوريا لم تكن مسؤولة عن ذلك الهجوم. واعتبروا أن السؤال المحرج والمخيف بآن واحد كان، كيف حدث ذلك؟.
مؤامرة السارين والخط الأحمر:

وبعد رصد الاتصالات والبيانات المتعلقة بهجوم 21 آب، وجد المجتمع الاستخباراتي فيها دليلا يدعم شكوكه. وبحسب مسؤول استخباراتي سابق “نعلم الآن أن الهجوم كان عملية سرية خطط لها رجال اردوغان لدفع أوباما لتجاوز الخط الأحمر، وكان من الضروري تنفيذ هجوم الغاز قرب دمشق بسبب وجود مفتشي الأمم المتحدة هناك (كانوا قد وصلوا إلى دمشق في 18 آب للتحقيق في هجوم سابق).
الخطة تحتاج إلى حركة دراماتيكية، فقد تم إبلاغ كبار قادتنا العسكريين بأن السارين تم الحصول عليه من تركيا، وهو لا يمكن أن يصل إلى وجهته بدون الدعم التركي. كما وفر الأتراك السارين للمتمردين وقاموا بتدريبهم على إنتاجه. “الدليل الرئيسي أتى من الفرحة التركية العارمة بعد الهجوم وتبادل التهاني، وهي أمور تم اعتراضها ورصدها. دائما يتم التخطيط للعمليات بطريقة فائقة السرية، لكن الأقنعة تكشف بسرعة عندما يحين الوقت للتباهي والتبجح. لا يوجد ما هو أخطر من قيام المجرم بإعلان مسؤوليته عن الجريمة لحصد نتائج النجاح”. مشاكل اردوغان في سوريا ستنتهي قريبا جدا: “سينطلق الغاز وسيقول أوباما إن الخط الأحمر تم تجاوزه، عندها ستقوم أميركا بمهاجمة سوريا، على الأقل تلك كانت الفرضية، لكن الأمور جرت بما لا تشتهي السفن”.
المعلومات الإستخبارية التي تم جمعها بعد الهجوم مباشرة لم تصل إلى البيت الأبيض، وبحسب مسؤول استخباراتي سابق “لا أحد يرغب بالحديث عن كل ذلك”.
المحاولات التركية للتلاعب بالأحداث في سوريا لتحقيق مصالحها تم فضحها الشهر الفائت، قبل الانتخابات المحلية ببضعة أيام، أي عندما تم نشر تسجيل صوتي على اليوتيوب، يحتوي على ما يبدو صوت أردوغان وبعض مساعديه، وتضمن التسجيل نقاشا حول العملية العسكرية السرية التي تهدف إلى تبرير الاجتياح العسكري التركي لسوريا. وقد تمحورت العملية حول قبر سليمان شاه، جد عثمان الأول، مؤسس الإمبراطورية العثمانية، الذي يقع قرب حلب، وتم التخلي عن ملكيته لصالح تركيا في العام 1921 عندما كانت سوريا تحت الحكم الفرنسي.
هددت إحدى المجموعات الإسلامية المسلحة في سوريا بتدمير الضريح، وهددت إدارة أردوغان علنا بالانتقام إن تعرض الضريح للأذى، وبحسب تقرير لوكالة رويترز عن التسجيل المسرب، تحدث صوت يفترض أنه صوت فيدان واقترح استفزاز سوريا: “اسمع يا سيدي (اردوغان)، إن كان لا بد من التبرير، فلا بد من القيام بإرسال أربعة رجال إلى الطرف الآخر. سأجعلهم يطلقون ثمانية صواريخ في العراء بجوار الضريح. تلك ليست بمشكلة، فيمكن صنع التبرير”.. واعترفت الحكومة التركية بعقد اجتماع للأمن القومي لمناقشة التهديدات القادمة من سوريا، لكنها قالت إن التسجيل تم التلاعب به، ونتيجة لذلك قامت الحكومة بحجب “موقع اليوتوب”.
بانتظار حدوث تغيير كبير في سياسة أوباما، يبدو أن التدخل التركي في الحرب السورية سيستمر. وقال المسؤول السابق في الاستخبارات “سألت زملائي عما إذا كانت هناك طريقة لإيقاف دعم اردوغان المستمر للمتمردين، وخاصة الآن بعد أن تبين أنه يقوم بذلك بطريقة خاطئة تماما، فكان الرد: “نحن في مأزق” كان من الممكن أن نعلن الحقيقة لو كان شخص آخر غير اردوغان، لكن تركيا حالة خاصة. فهي حليفة للناتو، والأتراك لا يثقون بالغرب، ولا يمكنهم التعايش معنا إن قمنا بأي دور ضد المصالح التركية.
إن صرحنا عن دور اردوغان في قضية الغاز ستكون كارثة، وسيقول لنا الأتراك: “نحن نكرهكم لأنكم تحددون لنا ما يمكننا أو لا يمكننا القيام به.

لندن “ريفيو اوفبوكس”
سيمور هيرش (بالإنجليزية: Seymour Hersh) صحفي أمريكي ولد في شيكاغو لاسرة يهودية عام 1937 وفائز بجائزة بولتزر …

مميزة

مؤسسة ألبرت آينشتاين/اللاعنف بمفهوم المخابرات الامريكية السي اي اي //// تييري ميسان


إن اللاعنف، كتقنية معمول بها في الحقل السياسي، يمكن اللجوء إليها مهما اختلفت النوايا والأهداف. فلقد إتضح أن منظمة حلف الشمال الأطلسي مثلا عمدت إلى هذه التقنية خلال سنوات الثمانينات في تنظيم المقاومة داخل القارة الأوروبية إبان إغارة الجيش الاحمر. والظاهر أن ” السي آي إي ” تبنت ومنذ خمس عشرة سنة، الأسلوب ذاته لقلب أنظمة الحكومات المتمردة دون أن يثير ذلك سخط المجتمع الدولي.
وحتى يتسنى له فعل ذلك، يتوفر جهاز المخابرات السالف الذكر على واجهة إديولوجية باسم ” مؤسسة ألبرت أينشتاين” ” لصاحبها الفيلسوف ’ جين شارب ’، الذي لعب دورا مهما من العراق إلى ليتوانيا مرورا بفنزويلا وأوكرانيا. ولمكافأتهم على فاعليتهم، تم تشريف أعضاء المؤسسة بترقيتين استثنائيتين، إذ فاز ’ طوماس شيلينغ ’ بجائزة نوبل للإقتصاد عام 2005 و’ بيتر أكيرمان ’ بمقعد ’جيمس وولسي ’ على رأس مؤسسة ” فريدم هاوس ”
إستطاع الفيلسوف ’ جين شارب ’، وهو الذي لم يكن يعرفه أحد، أن يبلور نظرية اللاعنف كسلاح سياسي. كما أشرف على تكوين قادة الإنقلابات الناعمة خلال الخمسة عشر سنة الماضية، لحساب زبونين رئيسيين هما منظمة حلف الشمال الأطلسي و” السي آي إي “.

لقد تميز المسار العلمي لـ’ جين تشارب ’ بدراسته، خلال سنوات الخمسينات، لنظرية العصيان المدني لصاحبيها ’ هنري تورو ’ و ’ المهاتما غاندي ’. فالطاعة والعصيان، في منظور الشخصيتين تلك، هما مسألتين أخلاقيتين أو دينيتين قبل أن تكونا سياسيتين. كما تعارضان قانونا فوقانيا لنظام مدني. غير أن تجسيد قناعاتهما كانت له تبعات سياسية، بحيث أن ما كانا يعتبرانه غاية في حد ذاته يمكن فهمه على أنه وسيلة فقط. لذلك يمكن إذن اعتبار العصيان المدني تقنية في العمل السياسي ، لا بل العسكري.

في العام 1983، نجح ’ جين شارب ’ في بلورة البرنامج الخاص بالعقوبات اللاعنيفة في مركز الشؤون الدولية بجامعة هافارد، حيث طور أبحاثا في العلوم الإجتماعية عن إمكانية لجوء سكان غرب أوربا للعصيان المدني لمواجهة الغزو المحتمل لجيوش حلف وارسو

في الوقت ذاته، أسس ” مؤسسة ألبرت أينشتاين” في بوستن لغرضين أولهما تمويل أبحاثه الجامعية ثم تطبيق نماذجه على أرض الواقع. قبل أن يصدر في العام 1985 مؤلفا عن كيفية جعل غزو أوروبا أمرا مستحيلا، والذي كتب مقدمته السفير ’ جورج ف. كنان ’، الأب الروحي للحرب الباردة.

وفي العام 1987، إستفادت ” مؤسسة ألبرت أينشتاين” من الإعانة المالية لـ”مؤسسة الولايات المتحدة من أجل السلام”. كما نظمت منتديات ومؤتمرات لتشكيل حلفاء للدفاع عبر العصيان المدني ضد المحتل الشيوعي المحتمل. كذلك أدخل الجنرال ’ جورج فريكو شانو ’ مفهوم « الردع المدني » إلى ” مؤسسة دراسات أنظمة الدفاع الوطني “.
ولقد ألحقت مؤسسة ’ جين شارب ’ بآليات شبكة التدخل ” ستاي بهايند ” الأمريكية في الدول الحليفة بفضل الجنرال ’ إدوارد ب.أتكيسون ’، الذي كان حينها قد فصل من الجيش الأمريكي.

إن التركيز على مغزى الوسائل المستعملة يمكننا من إجلاء أي نقاش عن مشروعية الفعل ذاته. فسياسة اللاعنف، المسلم بنجاعتها ذاتهاوالمقارنة بالفعل الديموقراطي، تشجع تبييض العمليات السرية الغير ديموقراطية في جوهرها.

لقد عرفت ” مؤسسة ألبرت أينشتاين” إنطلاقتها الحقيقية في العام 1989. ومنذ ذلك الوقت و’ جين شارب ’ لايبخل بنصائحه على الحركات المعادية للشيوعية. كما ساهم بعد ذلك في تشكيل التحالف الديموقراطي لـبيرماني، وهو ائتلاف من الوجهاء المعادين للشيوعية الذين سينجحون سريعا في الإلتحاق بالحكومة العسكرية، والحزب الديموقراطي التايواني المناضل من أجل استقلال الجزيرة عن الصين الشيوعية في الوقت الذي تتعارض فيه معها الولايات المتحدة بشكل رسمي. _ كما تسجل له مبادرته في جمع مختلف تيارات المعارضة التيبتية حول ’ الدلاي لاما ’، ومحاولته أيضا تشكيل جماعة من المنشقين داخل منظمة التحرير الفلسطينية قصد الدفع بالوطنيين الفلسطينيين إلى العدول عن أنشطتهم ’ الإرهابية ’. وهو ذاته من نظم حصصا تكوينية سرية لفائدة جماعة المنشقين تلك داخل سفارة الولايات المتحدة في تل أبيب بمساعدة الكولونيل ’ روفن غال ’، مدير لجنة علم النفس داخل القوات المسلحة الإسرائيلية.

مدركة وزن ” مؤسسة ألبرت أينشتاين”، سارعت ” السي آي إي ” إلى إيفادها أخصائيا في العمليات السرية، الكولونيل ’ روبرت هيلفي ’، الذي كان يشغل حينها منصب عميد كلية تكوين الملحقين العسكريين للسفارة. كما أن ’ بوب ’ بعث بـ’ جين شارب ’ إلى بيرمانيا حيث أنيطت به مهمة تشكيل المعارضة إيديولوجيا، أي الإدانة وبشكل سلمي للجنة العسكرية الحاكمة الأكثر دموية في العالم. أي انتقاد قصر نظرها، دون مساءلة النظام القائم. كذلك نجح ’ هيلفي ’ في الفرز بين ’ الطيبين’ و’ الخبيثين ’ في المعارضة في وقت حرج بالنسبة لواشنطن، إذ أن المعارضة الحقيقية، بقيادة السيدة ’ سيو كوي ’، لم تتوقف عن إحراز التفوق وتهديد النظام الموالي للولايات المتحدة. ولعل معرفته الشخصية بكافة العناصر، باعتباره قد شغل منصب الملحق العسكري في رانغون من عام 1983 إلى 1985 ومشاركته في هيكلة الدكتاتورية، سهل عليه مهمته.
لاعبا على حبلين، يقود الكولونيل’ هيلفي ’ في الوقت نفسه حركة دعم عسكري كلاسيكي لمقاومة كارن : فواشنطن تريد في واقع الأمر الإبقاء على وسيلة ضغط على اللجنة الحاكمة عبر تسليح ومراقبة حرب عصابات محدودة التأثير.
وبما أن حضورهما في أي مكان يقترن دائما بوجود المصالح الأمريكية فيه، فإن ’ جين شارب ’ ومساعده ’ بريس جونكينز ’ حلا بالعاصمة الصينية بكين في يونيو/حزيران 1989، أسبوعين قبل وقوع أحداث ” تيين آن من “. غير أنهما لم ينعما طويلا بإقامتهما هناك، حيث طردتهما السلطات الصينية بعدأيام قليلة من وصولهما.

في فبراير/شباط من العام 1990، نظمت ” مؤسسة ألبرت أينشتاين” مؤتمرا حول العقوبات الغيرالعنيفة. المؤتمر سجل حضور 185 مختص من 16 بلدا وذلك في حضرة الكولونيلين ’ روبرت هيلفي ’ و’ روفن غال ’. وهو اللقاء الذي أنجب مبدأ أممية همها الأول والأخير مكافحة الشيوعية عبر تعبئة الشعوب في إطار حركة لاعنف. كما لم يتأخر البروفسور ’ طوماس شيلينغ ’، رجل الإقتصاد المعروف وأحد مشتشاري ” السي آي إي “، في الإلتحاق بإدارة المؤسسة. أما فيما يخص الميزانية الرسمية للمؤسسة، فلقد بقيت ثابتة. إلا أن الواقع شئ آخر، فالمؤسسة تستفيد من تمويلات وافرة من طرف ” المؤسسة الجمهورية الدولية “( إنترناشيونل ربابلكن إنستوتيوت)، أحد فروع ” الهيئة الوطنية للديموقراطية” (ناشيونل إنداومنت فور ديموكراسي).

في الوقت ذاته، طالبت دول البلطيق باستقلالها. وبعد شد وجذب مع ’ ميخائيل غورباتشوف ’، وافقت تلك الدول على تأجيل قرارها سنتين أو ثلاثة حتى يتسنى لها التفاوض على التعويضات. وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام 1990، وبلا إبطاء، سارع ’ جين شارب ’ وفريقه إلى السويد حيث سيعينان مجموعة من السياسيين اللتوانيين في تنظيم مقاومة شعبية ضد الجيش الأحمر. وبعد أشهر من ذلك، حين اندلعت الأزمة في مايو/أيار 1991، وما تلاها من نشر ’غورباتشوف ’ لقواته الخاصة، كان ’ جين شارب ’ يغدق بنصائحه على الحزب المنشق ’ ساجيدس ’ (مجموعة المبادرة للبريسترويكا)، وهو ما لم يشغله عن الرئيس ’ فيتوتاس رانتسبيرغس ’. وفي يونيو/حزيران 1992، نظم وزير دفاع ليتوانيا المستقلة ’ أودريوس بيتكيفيتشوس ’ ندوة لتكريم العمل الجبار والحازم الذي قامت به ” مؤسسة ألبرت أينشتاين” في سبيل تمكين دول البلطيق من نيل استقلالها.

حينما بدأت الولايات المتحدة في إعادة التسليح، في العام 1998، أصبحت ” مؤسسة ألبرت أينشتاين” إحدى الآليات الهامة في تلك الإستراتيجية التوسعية. كما زودت أوبتور (المقاومة) بالإيديولوجية والتقنية اللازمة، وأوبتور هي مجموعة من الشباب المناهضين لحكم الرئيس اليوغوسلافي ’ سلودوفان ميلوسوفيتش ’.
في ذات الوقت، سارع ’ جين شارب ’ إلى إقليم كوسوفو قصد تأطير ” العصبة الديموقراطية لكوسوفو ” بقيادة ’ إبراهيم ريغوفا ’. وإذا كان ’ ريغوفا ’ عديم الأهمية بالنسبة لواشنطن خلال حرب كوسوفو، فإن أوبتور لن تتأخر في طرح بديل لقلب نظام ’ ميلوسوفيتش ’، الذي زادت شعبيته بشكل منقطع النظير خاصة بعد أن وقف ندا عنيدا في وجه منظمة حلف الشمال الأطلسي. كل ذلك لم يله الكولونيل ’ هيلفي ’ عن الإستمرار في تأطير الكوادر خلال المؤتمرات والحلقات الدراسية التي احتضنها فندق هيلتون بالعاصمة بودابست. ولقد تدفقت الدولارات بغزارة لأجل إقبار آخر حكومة شيوعية في أوربا. أما العملية فلقد قادها، في عين المكان، العميل ’ بول.ب ماكارتي ’، القابع سرا حينها في فندق ’ موسكفا ’ ببلغراد حتى إعلان ’ ميلوسوفيتش استقالته في أكتوبر 2000.

في سبتمبر/أيلول من العام 2002، حل ’ جين شارب ’ بلاهاي، حيث سيسهر بنفسه على تكوين أعضاء ” المجلس الوطني العراقي ” الذي كان يتأهب لمرافقة جيش الإحتلال الأمريكي إلى العراق.
وفي نفس الشهر والسنة، عادت ” مؤسسة ألبرت أينشتاين ” لتنصح المعارضة بالطعن في نتائج الإنتخابات وبالتظاهر والمطالبة باستقالة ’ إدوارد شيفرنازي ’، وهو ما تأسست عليه ” ثورة الورود ” في جورجيا.

في أبريل/نيسان 2002، وبعد أن فشل الإنقلاب الذي نظمته ” السي آي إي ” في فنزويلا، استنجدت وزارة الخارجية الأمريكية مرة أخرى بـ ” مؤسسة ألبرت أينشتاين”، التي لم تبخل بنصائحها لأرباب العمل، وخاصة دعوتهم إلى تنظيم استفتاء لإلغاء فوز الرئيس ’ هيغو تشافيز ’. كما تكفل ’ جين شارب ’ وفريقه بتأطير قادة جمعية ’ سيمايت ’ خلال مظاهرات غشت/آب من العام 2004. وحسب إحدى التقنيات التي أصبحت كلاسيكية في يومنا هذا، فإن أولئك القادة كانوا مدعوون إلى التشكيك في الإنتخابات والقول بأنها مزورة، ثم المطالبة برحيل الرئيس الشرعي للبلاد. ولقد نجحوا في إنزال الطبقة البرجوازية في كاراكاس إلى الشوارع، إلا أن الدعم الشعبي الكبير للنظام حال دون ذلك. فلم يبقى أمام المراقبين الدوليين من خيار سوى الإعتراف بمشروعية الإنتصار الذي حققه ’ هيغو تشافيز ’.

أما ’ جين شارب ’، وعلى العكس من ذلك، فلقد فشل في بيلروسيا والزمبابوي. والسبب في إخفاقه على ما يبدو هو التأخر في تجنيد وتكوين العدد الكافي من المتظاهرين والمعارضين للنظام القائم في كلا البلدين. كما أن الكولونيل ’ روبرت هيلفي ’ لم يتأخر في حظور حلقات “الثورة” البرتقالية بأوكرانيا في نونبر/تشرين الثاني 2004.
وأخيرا، تجدر الإشارة إلى أن ” مؤسسة ألبرت أينشتاين” بدأت في تكوين وتأطير مجموعة من المعارضين ومثيري الفتن الإيرانيين.

في واقع الأمر، لماذا ” ألبرت أينشتاين”؟ إن هذه الرعاية تنوّم كل الشكوك. فالكتاب الاول لـ’ جين شارب ’، والذي خصصه لدراسة المناهج الغاندية، كتب افتتاحيته ’ ألبرت إنشتاين ’. غير أن الكتاب ألّف عام 1960، أي خمس سنوات بعد وفاة العالم الفيزيائي. وهو ما يؤكد استحالة أن تكون افتتاحية الكتاب من توقيع هذا الأخير، وأن ’ جين شارب ’ إكتفى بإعادة نشر مقال لإنشتاين عن تقنية اللاعنف.

مميزة

صراع الحضارت /خطة لتكريس النموذج النمطي الامريكي/


نظرية وجود مؤامرة إسلامية دولية و القطيعة المفاجئة للحضارات كانت محضّرة و بشكل دقيق منذ سنة 1990، لأجل إعطاء إيديولوجية تغيير في المؤسسة الحربية/الصناعية الأمريكية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. المستشرق البريطاني “برنارد لويس”، و القائد الأمريكي “سامويل هنتانغتون” و المستشار الفرنسي “لوران مراويك” كانا من أهم المؤسسين لها. إنها تسمح بتبرير، بأسلوب غير عقلاني ، الحملة الأمريكية لأجل البترول.

لقد كانت أحداث 11سبتمبر 2001 من منطلق إدارة بوش بمثابة ” مؤامرة إسلامية”، مما جعل الأمريكيين و الأوروبيين يترجمون الأمور كلها على أساس أنها حالة ” قطيعة بين الحضارات”. كانت تبدو الأمور و كأن العالم العربي والإسلامي قد دخل في حرب ضد العالم اليهودي والمسيحي. هذه المواجهة لم تكن لتجد الحل إلا في انتصار أحد الأطراف على حساب الآخر، أي المتعلق بالإسلام مع فرض الخلافة العالمية ( أي الإمبراطورية الإسلامية)، أو ذلك المتعلق ” بالقيم الأمريكية” المنقسمة بمعية إسلام متحضر في عالم كوني.

فلسفة جهنمية

نظرية المؤامرة الإسلامية و القطيعة بين الحضارات أعطت مفهوما شعاري للعالم. إنها تقود العالم بعد نهاية الاتحاد السوفييتي. لم يعد هنالك صراع الشرق/غرب بين قويين عظميين تنشطهما الإيديولوجية المضادة، ولكن ثمة حرب بين حضارتين، أو بالمعنى الدقيق بين الحضارة المتقدمة و أخرى تأخذ شكل البدائية البربرية. إن فرضية أن الإسلام في حالة حرب ضد القيم الأمريكية، يقصد بها أن الإسلام غير قابل للتمدن؟

هذه ثقافة غير قابلة للتجزئة من المجتمع العربي في القرن الثامن و التي صاغت الإجراءات، و بالخصوص تلك المتعلقة بقانون المرأة. استمدت تطورها بواسطة العنف بأسلوب الحروب التي كان يقودها الرسول.

تلك النظرية تقول أيضا أن ” أمريكا” حاملة للحرية و الديمقراطية و الرقي.و أنها تمثل التمدن و المدى المطلق للتطور و نهاية التاريخ.

يــُـــــــعد تاريخ 11 سبتمبر 2001 المعركة الأولى في حرب الحضارات، تماما مثلما اعتـُــــبرت حادثة “بيرل هاربر” أول معركة في الحرب العالمية الثانية من منظور الولايات الأمريكية. بمعنى أن تلك الحرب لا تشبه سابقيها. فخلال الحربين العالميتين الأولى و الثانية، كان الحلفاء يقومون بمعركة العمالقة. خلال الحرب الباردة، تحول الصراع العسكري الى مناطق أيديولوجية بين قويين عظميين. و خلال الحرب العالمية الرابعة التي بدأت للتو، اختفت المعارك العسكرية التقليدية فاسحة المجال للحروب غير المتوازنة: قوة عظمى وحيدة قائدة لكل الدول، تحارب إرهاب متواجد باستمرار، إرهاب لا علاقة له بدولة واحدة. مع أنها ليست حرب بين سلطات ديكتاتورية للدول و جماعات انفصالية أو مقاومة، بل على العكس ثورة الديمقراطيات ضد الوحشية الإسلاموية التي تضغط على العالم العربي و الإسلامي في محاولة فرض نظام ” الخليفة العالمي” ..

هذا الصراع للخير و الشر يجد سببا لبلورته في القدس. هي مربط الفرس، عودة المسيح التي تسجل انتصار ” المصير المحتوم” للولايات الأمريكية. ” الأمة الوحيدة الحرة في الأرض” التي تحمل على عاتقها المهمة المقدسة” نور التطور للعالم” . ومن ثمة فإن الدعم المطلق و غير المشروط لإسرائيل لمواجهة الإرهاب الإسلامي بمثابة الواجب القومي والديني لكل مواطني الولايات الأمريكية، حتى إن لم يجد اليهود رجاء السلام إلا إن دخلوا في العقيدة المسيحية.

العقدة

هذا العرض لنظرية المؤامرة الإسلامية و القطيعة بين الحضارات لا تؤثر على الخط المرسوم. بل هي وفية للعقيدة الإعلامية بالنسبة للإعلام و للأحزاب السياسية داخل الولايات الأمريكية. يمكننا طبعا التساؤل عن القناعة التي تتأسس عليها، و العلاقات الداخلية و طبيعتها غير العقلانية.

القناعات التي يحملها كل من العالم العربي و الإسلامي، و العالم اليهودي و المسيحي تبدو نفسها قابلة للنقد. عادة فإن عبارة ” يهودي مسيحي” لا تعني جماعة اليهود ثم المسيحيين، بل العكس، تعني العقيدة التي تأسست عليها المسيحية الأولى أيام كانت يهودية، قبل أن يفرق المعبد فيما بينها. و لكن مع نهاية الستينات، أي بعد التقارب الإسرائيلي الأمريكي في حرب الستة أيام، أخذت الأمور مأخذا سياسيا. استطاع أن يصنع القطب الأطلنطي، الذي يسمى بالغرب، في مواجهة القطب السوفييتي المسمى:شرق.

نلاحظ هنا إعادة صياغة للعقيدة. الغرب الذي بقي تقريبا نفسه الى يومنا، بينما الشرق المنافس اختفى و لكنه صار شرقا أوسطيا. هذه المعتقدات ليس لها علاقة لا مع الجغرافية و لا مع الثقافة و لكن لها علاقة بالدعاية. لهذا فإن استراليا و اليابان يعدان سياسيا غربيين، كما في الدول الأوروبية التي لها شعبية مسلمة، مثل الترك و البوسنة و الهرسك. الاصطدام هنا بالمشكلة الأصعب: في العديد من الدول التي تحيط بالبحر الأبيض المتوسط، من الصعب اليوم التعرف على الحضارة اليهودية المسيحية و الحضارة العربية الإسلامية. صراع الحضارات يعني فرض واقع الحرب الأهلية لأجل تفرقة الشعوب. من هذا المنطلق، فقد تم تجربة الأمر في يوغسلافيا. متابعة مشروع التفرقة تفرض القضاء على المثالية اللائكية. يبدو حتميا على المدى الطويل أن تكون المقاومة الأهم داخل الصف ” الغربي”، من جهة الجمهورية الفرنسية .

و الحال أن الاعتقاد بان الإسلام لا يتطابق و لا يتماشى مع التحضر و الديمقراطية يكشف الكثير من الجهل. بحيث أن عبارة ” العالم العربي و الإسلامي” ترمز الى أن الإسلام اليوم أوسع من العالم العربي، و لكن في الوقت نفسه تبدو النظرة الجديدة التي أعطيناه له تكمن في أنها نظرة غارقة في مزيد من الكارثة. قليلون يعلمون، و الولايات الأمريكية تعرف أن اندونيسيا هي الدولة الإسلامية الأولى في العالم. هل من المعقول القول أن أبو ظبي أو دبي أقل تقدما من الكنساس؟ هل يمكن القول أن البحرين أقل ديمقراطية من فلوريدا؟ أول مفاهيم ذلك الخطاب هو مقارنة بين الإسلام في البلاد العربية إبان القرن الثامن عشر، و لكن هل فكّر أحد بمقارنة المسيحية بقدم الشرق الأوسط؟

في نفس الاتجاه، نجد هذه النظرية حول الإيمان في ” القيم الأمريكية”. و الأمر يتعلق بالإيمان حقا، إذ كيف الحفاظ على مكانة دولة تبدو ” دستورها غير معترف بالسيادة الشعبية“، دولة الرئيس فيها منصبا و ليس منتخبا، دولة لا يبدو الفساد داخل برلمانها ممنوعا، بل خاضعا للعبة ، دولة تصيغ محاكمات في السرية، تدير معتقلا في غوانتانامو ، و تمارس حكم الإعدام و التعذيب، دولة يتلقى رؤساء الجرائد الكبيرة فيها يوميا تعليماتهم من البيت الأبيض، دولة تغير على الشعب الأعزل في أفغانستان، تختطف رئيسا منتخبا ديمقراطيا في هايتي، وتمول المرتزقة لأجلالانقلاب على أنظمة ديمقراطية في فنزويلا ، و كوبا .. الخ؟

أخيرا فإن هذه النظرية تعد جزء لا يتجزأ من فكرة دينية و سلوك جهنمي. الثورة الأمريكية عبارة عن حركيات معقدة أين تختلط الإيديولوجيات المختلفة. و لكنه في الأساس مشروعا دينيا و من هذا المشروع انبثقت الإدارة الحالية. يثير قسم الولاء ساري المفعول منذ الحرب الباردة جدالا على مستوى المجلس الأعلى للقضاء، و الذي يراد به جعل الله مواطنا أمريكيا. جورج دابليو بوش وصل الى البيت الأبيض و هو يقدم إيمانه بالمسيح كمشروع سياسي. مارس قناعاته الأساسية التي يعتقد أن الإنسانية خلقت قبل ملايين السنين دون الحاجة الى تطور الأجناس. فتح مكتب المبادرات مؤسسا على الإيمان بالبيت الأبيض. رجل القانون “جون أشكروفت” جعلها عملته الخاصة ” ليس لنا ملك آخر سوى المسيح”. الأمين العام للصحة ألغى برامج تنبئية في مجال الصحة باسم قناعاته الدينية. سكرتير الدفاع أرسل قساوسة من كنيسة القس غراهام الى قوات التحالف في العراق و مهمتهم إدخال العراقيين الى الديانة المسيحية الخ.. و بالنظر الى كل هذا، يمكننا أن نتساءل بوعي هل الولايات الأمريكية دولة متحضرة، متفتحة و المتسامحة، أم أنها تمثل و تجسد الفكر غير المتسامح و الكائل بمكيالين.

إن عبارة ” القطيعة بين الحضارات” ظهرت لأول مرة في مقال كتبه المستشرق “برنارد لويس” عام 1990، تحت عنوان ” جذور الغضب الإسلامي . قائلا أن: ” الإسلام لا يعطي شيئا ذي نفع، والضغينة تتحول الى غضب ضد الغرب. لكن النصر الأمريكي مؤكد، كذلك لبننة ( نسبة الى الحرب الأهلية اللبنانية) الشرق الأوسط، مع تقوية إسرائيل.

يبلغ من العمر اليوم 88 سنة، ولد برنارد لويس في المملكة المحتدة. تابع دراسته في القانون و تخصص في دراسة الإسلام. إبان الحرب العالمية الثانية، خدم في مصلحة الاستعلامات التابعة للجيش، و في المكتب العربي التابع ل” فريغن أوفيس”. في الستينات، صار خبيرا مسموعا في المؤسسة البريطانية Royal Institute of International Affairs التي ظهرت كمؤسسة اختصاصية في التدخل الإنساني البريطاني في الإمبراطورية العثمانية و آخر المدافعين عن الإمبراطورية البريطانية. تحت رعاية السي إي أي ( مكتب الاستعلامات الأمريكية) شارك في المؤتمر لأجل حرية الثقافة الذي سمح له بإصدار كتابه ” الشرق الأوسط و الغرب”  في سنة 1974 هاجر الى الولايات الأمريكية. عمل كأستاذ في “برانستون” أين أخذ الجنسية الأمريكية. صار فيما بعد متعاون مع ” بيغوين برزينسكي ” مستشار الأمن القومي للرئيس كارتر. عملوا معا على صياغة نظرية ” قوس اللاتوازن” و وضع قيد العمل خطة تفكيك النظام الشيوعي في أفغانستان. في فرنسا، تقلد برنارد لويس منصب عضو في مؤسسة ” سانت سيمون” الأطلنطية التي أدارها في عام 1993،أصدر كتيب ” الإسلام و الديمقراطية”. بهذه المناسبة أجرت معه جريدة اللوموند حوارا، و في خضم الحوار، نفى الإبادة العرقية الأرمينية، مما أدين من طرف القضاء .

بيد أن مصطلح قطيعة الحضارات، تطور بسرعة. انتقل من الخطاب الكولونيالي الجديد حول سمو الرجل الأبيض، الى رسم معالم الصراع الدولي غامض المنفذ. ذلك القبول سببه الأستاذ “صاموئيل هنتانغتون ” الذي لم يكن مختصا في الشؤون الإسلامية، و لكنه كان يدرك الاستراتيجية التي وضبها في مقالين:  لم يعد الأمر فقط محاربة المسلمين، و لكن جعلِهم يتحاربون ضد أنفسهم أولا، و من ثمة ضد العالم الغريب. تماما مثل الأسطورة، بحيث أن الولايات الأمريكية تعمل على القضاء على كل أعدائها واحدا تلو الآخر لأجل ما تعتقده نصرا نهائيا.

يعد صاموئيل هنتنغتون واحدا من كبار المفكرين في زمننا، ليس لأن كتبه ناجحة و ذات بعد فقط، بل لأنه يشكل واحدا من الذين صاغوا أيديولوجية فاشية مرتبطة بالحاضر. في كتابه الأول “جندي الدولة” الصادر سنة 1957، حاول أن يثبت أن ثمة طبقة عسكرية متحدة أيديولوجيا في الوقت التي يبدو فيه المدنيون منقسمون استطاع أن يطور رؤية للمجتمع أين يجب أن تكون التجارة مرنة، أين تكون السلطة السياسية بين أيدي مسيرين من جنسيات متعددة تحت إمرة حرس القائد العام. سنة 1968، أصدر كتابه ” القانون السياسي في المجتمعات المتغيرة” و هو بحث يؤكد فيه أنه وحدها الأنظمة القوية قادرة على تطوير العالم الثالث  . شارك سريا في صياغة جملة من الأفكار التي هي عبارة عن تقرير للمترشح للرئاسيات، ريتشارد نيكسون، حول الطريقة المثلى لدعم العمليات السرية التي يقوم بها مكتب الاستعلامات السي إي أي هذه الجماعة تتكون من فرانسي باتون، ريتشارد بيسل، روجيه فيشر، صاموئيل هنتانغتون، ليمام كيركباتريك، هنري لومي، ماكس ميليكون، لوسيان بي، ادوينغ ريشوير، أدام يارمولنسكي، و فرانكلين ليندساي.. في عام 1969 ـ70، نصبه “هنري كيسنجر” الذي كان معجبا بحبه للعمل السري، نصبه في اللجنة الرئاسية للتطور الدولي.

كرس اللعبة المزدوجة بين مؤسسة الدولة و الأمم الأخرى: الأولى ،مطالبة بفرض ضغوطات على الدول في طريق النمو لأجل تبني قوانين ليبرالية عبر تخليهم عن الفكر القومي، بينما الثانية تعني استغلال ما اكتسبوه من الدول التي انغرسوا فيها  التحق فيما بعد بمركز ” ويلسون ” ، أين أسس مجلة ” السياسة الخارجية” Foreign Policy في عام 1974 نصبه هنري كيسنجر في لجنة العلاقات الأمريكية ـ الأمريكية اللاتينية. شارك في تنصيب نظام الجنرال “أوجستو بينوتشي” في التشيلي، و “جورج رافائيل فيديلا” في الأرجنتين. جرب لأول مرة نموذجه الاجتماعي و أثبت أن سياسة اقتصادية مشوهة تضاهي و توازي ديكتاتورية عسكرية. بالتوازي مع ذلك استطاع صديقه ” زبيغنيو برززنسكي ” أن يدخله في مجموعة خاصة جدا،اللجنة الثلاثية. كتب تقريرا بعنوان” أزمة الديمقراطية”  الذي من خلاله أبدى انحيازا نحو المجتمع النخبوي أين يصعب الالتحاق بالجامعة و أين تصبح حرية الصحافة مراقبة.

بينما طرد جيمي كارتر أعضاء إدارتي نيكسون و فورد ، و بينما حدث الانقلاب السياسي في أمريكا اللاتينية، استطاع “هنتانغتون” أن ينقذ من جديد من قبل صديقه ” برززنسكي ” الذي صار مستشار الأمن القومي. ففي هذه المرحلة الذي بدأ يتعامل بشكل أضيق مع “برنارد لويس” أين اعتبر ضرورة السيطرة على المناطق البترولية قبل الهجوم على الصين الشيوعية. ذلك لم يكن له مفهوم ” القطيعة بين الحضارات” و لكنه كان يشبهه. لكن البروفيسور ” سامويل هنتانغتون” تعرض لفضيحة. تم الكشف انه كان يأخذ راتبا من قبل مكتب الاستعلامات السي إي أي مقابل نشر مقالات في المجلات الجامعية مبررا اللجوء الى العمل السري لحفظ الأمن في الدول التي يقرر فيها الديكتاتوريين الأصدقاء التنازل عن الكرسي فجأة. هذا المسلسل المنسي، نصبه “فرانك كارلوتشي” في اللجنة المزدوجة لمجلس الأمن القومي و وزارة الدفاع لأجل استراتيجية طويلة المدى . تقريره استغل لتبرير برنامج “حرب النجوم”.

البروفيسور ” هنتانغتون ” يعمل اليوم في ” بيت الحرية” (Freedom House) و هي مؤسسة مناهضة للشيوعية يرأسها جامس وولسي، المدير السابق لمكتب الاستعلامات ” السي إي أي”.

القدس و مكة المكرمة

إن نظرية حرب الحضارات تتبلور في إطار الأسئلة الدينية. إن القبضة التي يمارسها اليهود المسيحيون على القدس تعد سلطة ضرورية نحو النصر التام.و إن فقد الغرب المدينة المقدسة، فسيفقد أيضا القوة التي تسمح له بأداء مهمته القدرية المقدسة، و هو نفس الشيء الذي ينطبق على المسلمين إن خسروا مكة المكرمة. كل هذا غير عقلاني، و لكن بؤر التشاؤم فيه تبدو حاضرة باستمرار، على وسائل الإعلام الأمريكية. إنها تدخل أيضا في إطار الخطاب السياسي القائم.

بتاريخ 10 جويلية 2002 طالب كل من “دونالد رامسفيلد” و “بول وولفويتز” بعقد اجتماع فصلي للمجلس التشريعي لسياسة الدفاع ، فقد القليل من الأعضاء حضروا. استمعوا الى بحث أحد المختصين الفرنسيين المنتمين الى ” راند كوربورايشن “، لوران مراويك”: طرد آل سعود خارج المملكة. كان الاجتماع عبارة عن ثلاثة حلقات، من أربعة و عشرين شريحة للصور. في أول الأمر، يعتمد مراويك على نظرية برنارد لويس: العالم العربي يعيش حالة أزمة حادة منذ قرنين. عجز عن تحقيق ثورته الصناعية أو الرقمية. هذا الفشل أنتج حالة من الخيبة الشديدة التي تحولت الى غضب مضاد للغرب. ثم أن العرب لا يجيدون الحوار، لأنه في ثقافتهم يبدو العنف شكل من أشكال السياسة.

من هذا المنظور، فإن أحداث 11 سبتمبر ليست أكثر من تعبير خاص بالمداهمة. في وقت آخر، حلل “مراويك” العائلة المالكة في السعودية بان الأحداث تجاوزتها. و بأنها نشرت الفكر الوهابي في العالم لأجل مناهضة الشيوعية و لأجل مناهضة الثورة الإيرانية، و لكن اليوم، تبدو غارقة في ما صنعته. في الأخير، قدم المحاضر استراتيجية : آل سعود يملكون ” البترول ( ها نحن فيها ) و مكاسب البترول من الدولارات، و حراسة الحرمين الشريفين. إنهم العمود الرئيسي و الوحيد الذي يتأسس عليه العالم العربي و الإسلامي، و بالتخلص منهم، يكون باستطاعة الولايات الأمريكية أن تأخذ البترول التي تحتاجه اقتصاديا، المال الذي يأتي من البترول، و الذي كانت أمريكا مخطئة بدفعه في الماضي. إذا، السيطرة على المنطقة الإسلامية. و عندها سينهار الإسلام و سيكون بإمكان إسرائيل إلحاق مصر الى أراضيها.

كان لوران مراويك، مستشارا لدى وزير الدفاع الفرنسي جون بيير شيفنمون، و محاضرا في المدرسة العليا للعلوم الاجتماعية (EHESS)

. كان مستشارا ل”ليندون لاروش” لعدة سنوات، ليتركه فجأة ملتحقا بالمحافظين الجدد. اليوم يشتغل خبيرا في مؤسسة ” هيدسون” التي يملكها ريتشارد بيرل، و في الوقت نفسه يتعاون مع “منتدى الشرق الأوسط” الذي يرأسه “دانييل بيبس“. ذلك الاجتماع أثار ضجة كبيرة. السفير السعودي طلب توضيحات مما طُلب أدى الى طلب السيد “بيرل” منظم ذلك الاجتماع أن يكون أكثر تكتما بعض الوقت، كما طلب من السيد مراويك مغادرة مؤسسة “راند كوربورايشن”.و مهما يكن فإن الندوة قد تم اقتراحها من قبل رامسفيلد و وولفويتز بكل وعي بالمسالة. كانا يريدان معرفة الى أي حد يمكن للبنتاجون أن يمضي إليه.

تييري ميسان
مفكر فرنسي، رئيس ومؤسس شبكة “Réseau Voltaire” ومؤتمر محور للسلام . نشر تحليلات حول السياسة الغربية في الصحافة العربية، والأميركية اللاتينية، والروسية. أحدث كتاب له باللغة الفرنسية: الكذبة الكبرى: المجلد رقم 2، التلاعب والمعلومات المضللة
(منشورات ب. برتان، 2007)
مميزة

صراع الحضارت /خطة لتكريس النموذج النمطي الامريكي/


نظرية وجود مؤامرة إسلامية دولية و القطيعة المفاجئة للحضارات كانت محضّرة و بشكل دقيق منذ سنة 1990، لأجل إعطاء إيديولوجية تغيير في المؤسسة الحربية/الصناعية الأمريكية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. المستشرق البريطاني “برنارد لويس”، و القائد الأمريكي “سامويل هنتانغتون” و المستشار الفرنسي “لوران مراويك” كانا من أهم المؤسسين لها. إنها تسمح بتبرير، بأسلوب غير عقلاني ، الحملة الأمريكية لأجل البترول.

لقد كانت أحداث 11سبتمبر 2001 من منطلق إدارة بوش بمثابة ” مؤامرة إسلامية”، مما جعل الأمريكيين و الأوروبيين يترجمون الأمور كلها على أساس أنها حالة ” قطيعة بين الحضارات”. كانت تبدو الأمور و كأن العالم العربي والإسلامي قد دخل في حرب ضد العالم اليهودي والمسيحي. هذه المواجهة لم تكن لتجد الحل إلا في انتصار أحد الأطراف على حساب الآخر، أي المتعلق بالإسلام مع فرض الخلافة العالمية ( أي الإمبراطورية الإسلامية)، أو ذلك المتعلق ” بالقيم الأمريكية” المنقسمة بمعية إسلام متحضر في عالم كوني.

فلسفة جهنمية

نظرية المؤامرة الإسلامية و القطيعة بين الحضارات أعطت مفهوما شعاري للعالم. إنها تقود العالم بعد نهاية الاتحاد السوفييتي. لم يعد هنالك صراع الشرق/غرب بين قويين عظميين تنشطهما الإيديولوجية المضادة، ولكن ثمة حرب بين حضارتين، أو بالمعنى الدقيق بين الحضارة المتقدمة و أخرى تأخذ شكل البدائية البربرية. إن فرضية أن الإسلام في حالة حرب ضد القيم الأمريكية، يقصد بها أن الإسلام غير قابل للتمدن؟

هذه ثقافة غير قابلة للتجزئة من المجتمع العربي في القرن الثامن و التي صاغت الإجراءات، و بالخصوص تلك المتعلقة بقانون المرأة. استمدت تطورها بواسطة العنف بأسلوب الحروب التي كان يقودها الرسول.

تلك النظرية تقول أيضا أن ” أمريكا” حاملة للحرية و الديمقراطية و الرقي.و أنها تمثل التمدن و المدى المطلق للتطور و نهاية التاريخ.

يــُـــــــعد تاريخ 11 سبتمبر 2001 المعركة الأولى في حرب الحضارات، تماما مثلما اعتـُــــبرت حادثة “بيرل هاربر” أول معركة في الحرب العالمية الثانية من منظور الولايات الأمريكية. بمعنى أن تلك الحرب لا تشبه سابقيها. فخلال الحربين العالميتين الأولى و الثانية، كان الحلفاء يقومون بمعركة العمالقة. خلال الحرب الباردة، تحول الصراع العسكري الى مناطق أيديولوجية بين قويين عظميين. و خلال الحرب العالمية الرابعة التي بدأت للتو، اختفت المعارك العسكرية التقليدية فاسحة المجال للحروب غير المتوازنة: قوة عظمى وحيدة قائدة لكل الدول، تحارب إرهاب متواجد باستمرار، إرهاب لا علاقة له بدولة واحدة. مع أنها ليست حرب بين سلطات ديكتاتورية للدول و جماعات انفصالية أو مقاومة، بل على العكس ثورة الديمقراطيات ضد الوحشية الإسلاموية التي تضغط على العالم العربي و الإسلامي في محاولة فرض نظام ” الخليفة العالمي” ..

هذا الصراع للخير و الشر يجد سببا لبلورته في القدس. هي مربط الفرس، عودة المسيح التي تسجل انتصار ” المصير المحتوم” للولايات الأمريكية. ” الأمة الوحيدة الحرة في الأرض” التي تحمل على عاتقها المهمة المقدسة” نور التطور للعالم” . ومن ثمة فإن الدعم المطلق و غير المشروط لإسرائيل لمواجهة الإرهاب الإسلامي بمثابة الواجب القومي والديني لكل مواطني الولايات الأمريكية، حتى إن لم يجد اليهود رجاء السلام إلا إن دخلوا في العقيدة المسيحية.

العقدة

هذا العرض لنظرية المؤامرة الإسلامية و القطيعة بين الحضارات لا تؤثر على الخط المرسوم. بل هي وفية للعقيدة الإعلامية بالنسبة للإعلام و للأحزاب السياسية داخل الولايات الأمريكية. يمكننا طبعا التساؤل عن القناعة التي تتأسس عليها، و العلاقات الداخلية و طبيعتها غير العقلانية.

القناعات التي يحملها كل من العالم العربي و الإسلامي، و العالم اليهودي و المسيحي تبدو نفسها قابلة للنقد. عادة فإن عبارة ” يهودي مسيحي” لا تعني جماعة اليهود ثم المسيحيين، بل العكس، تعني العقيدة التي تأسست عليها المسيحية الأولى أيام كانت يهودية، قبل أن يفرق المعبد فيما بينها. و لكن مع نهاية الستينات، أي بعد التقارب الإسرائيلي الأمريكي في حرب الستة أيام، أخذت الأمور مأخذا سياسيا. استطاع أن يصنع القطب الأطلنطي، الذي يسمى بالغرب، في مواجهة القطب السوفييتي المسمى:شرق.

نلاحظ هنا إعادة صياغة للعقيدة. الغرب الذي بقي تقريبا نفسه الى يومنا، بينما الشرق المنافس اختفى و لكنه صار شرقا أوسطيا. هذه المعتقدات ليس لها علاقة لا مع الجغرافية و لا مع الثقافة و لكن لها علاقة بالدعاية. لهذا فإن استراليا و اليابان يعدان سياسيا غربيين، كما في الدول الأوروبية التي لها شعبية مسلمة، مثل الترك و البوسنة و الهرسك. الاصطدام هنا بالمشكلة الأصعب: في العديد من الدول التي تحيط بالبحر الأبيض المتوسط، من الصعب اليوم التعرف على الحضارة اليهودية المسيحية و الحضارة العربية الإسلامية. صراع الحضارات يعني فرض واقع الحرب الأهلية لأجل تفرقة الشعوب. من هذا المنطلق، فقد تم تجربة الأمر في يوغسلافيا. متابعة مشروع التفرقة تفرض القضاء على المثالية اللائكية. يبدو حتميا على المدى الطويل أن تكون المقاومة الأهم داخل الصف ” الغربي”، من جهة الجمهورية الفرنسية .

و الحال أن الاعتقاد بان الإسلام لا يتطابق و لا يتماشى مع التحضر و الديمقراطية يكشف الكثير من الجهل. بحيث أن عبارة ” العالم العربي و الإسلامي” ترمز الى أن الإسلام اليوم أوسع من العالم العربي، و لكن في الوقت نفسه تبدو النظرة الجديدة التي أعطيناه له تكمن في أنها نظرة غارقة في مزيد من الكارثة. قليلون يعلمون، و الولايات الأمريكية تعرف أن اندونيسيا هي الدولة الإسلامية الأولى في العالم. هل من المعقول القول أن أبو ظبي أو دبي أقل تقدما من الكنساس؟ هل يمكن القول أن البحرين أقل ديمقراطية من فلوريدا؟ أول مفاهيم ذلك الخطاب هو مقارنة بين الإسلام في البلاد العربية إبان القرن الثامن عشر، و لكن هل فكّر أحد بمقارنة المسيحية بقدم الشرق الأوسط؟

في نفس الاتجاه، نجد هذه النظرية حول الإيمان في ” القيم الأمريكية”. و الأمر يتعلق بالإيمان حقا، إذ كيف الحفاظ على مكانة دولة تبدو ” دستورها غير معترف بالسيادة الشعبية“، دولة الرئيس فيها منصبا و ليس منتخبا، دولة لا يبدو الفساد داخل برلمانها ممنوعا، بل خاضعا للعبة ، دولة تصيغ محاكمات في السرية، تدير معتقلا في غوانتانامو ، و تمارس حكم الإعدام و التعذيب، دولة يتلقى رؤساء الجرائد الكبيرة فيها يوميا تعليماتهم من البيت الأبيض، دولة تغير على الشعب الأعزل في أفغانستان، تختطف رئيسا منتخبا ديمقراطيا في هايتي، وتمول المرتزقة لأجلالانقلاب على أنظمة ديمقراطية في فنزويلا ، و كوبا .. الخ؟

أخيرا فإن هذه النظرية تعد جزء لا يتجزأ من فكرة دينية و سلوك جهنمي. الثورة الأمريكية عبارة عن حركيات معقدة أين تختلط الإيديولوجيات المختلفة. و لكنه في الأساس مشروعا دينيا و من هذا المشروع انبثقت الإدارة الحالية. يثير قسم الولاء ساري المفعول منذ الحرب الباردة جدالا على مستوى المجلس الأعلى للقضاء، و الذي يراد به جعل الله مواطنا أمريكيا. جورج دابليو بوش وصل الى البيت الأبيض و هو يقدم إيمانه بالمسيح كمشروع سياسي. مارس قناعاته الأساسية التي يعتقد أن الإنسانية خلقت قبل ملايين السنين دون الحاجة الى تطور الأجناس. فتح مكتب المبادرات مؤسسا على الإيمان بالبيت الأبيض. رجل القانون “جون أشكروفت” جعلها عملته الخاصة ” ليس لنا ملك آخر سوى المسيح”. الأمين العام للصحة ألغى برامج تنبئية في مجال الصحة باسم قناعاته الدينية. سكرتير الدفاع أرسل قساوسة من كنيسة القس غراهام الى قوات التحالف في العراق و مهمتهم إدخال العراقيين الى الديانة المسيحية الخ.. و بالنظر الى كل هذا، يمكننا أن نتساءل بوعي هل الولايات الأمريكية دولة متحضرة، متفتحة و المتسامحة، أم أنها تمثل و تجسد الفكر غير المتسامح و الكائل بمكيالين.

إن عبارة ” القطيعة بين الحضارات” ظهرت لأول مرة في مقال كتبه المستشرق “برنارد لويس” عام 1990، تحت عنوان ” جذور الغضب الإسلامي . قائلا أن: ” الإسلام لا يعطي شيئا ذي نفع، والضغينة تتحول الى غضب ضد الغرب. لكن النصر الأمريكي مؤكد، كذلك لبننة ( نسبة الى الحرب الأهلية اللبنانية) الشرق الأوسط، مع تقوية إسرائيل.

يبلغ من العمر اليوم 88 سنة، ولد برنارد لويس في المملكة المحتدة. تابع دراسته في القانون و تخصص في دراسة الإسلام. إبان الحرب العالمية الثانية، خدم في مصلحة الاستعلامات التابعة للجيش، و في المكتب العربي التابع ل” فريغن أوفيس”. في الستينات، صار خبيرا مسموعا في المؤسسة البريطانية Royal Institute of International Affairs التي ظهرت كمؤسسة اختصاصية في التدخل الإنساني البريطاني في الإمبراطورية العثمانية و آخر المدافعين عن الإمبراطورية البريطانية. تحت رعاية السي إي أي ( مكتب الاستعلامات الأمريكية) شارك في المؤتمر لأجل حرية الثقافة الذي سمح له بإصدار كتابه ” الشرق الأوسط و الغرب”  في سنة 1974 هاجر الى الولايات الأمريكية. عمل كأستاذ في “برانستون” أين أخذ الجنسية الأمريكية. صار فيما بعد متعاون مع ” بيغوين برزينسكي ” مستشار الأمن القومي للرئيس كارتر. عملوا معا على صياغة نظرية ” قوس اللاتوازن” و وضع قيد العمل خطة تفكيك النظام الشيوعي في أفغانستان. في فرنسا، تقلد برنارد لويس منصب عضو في مؤسسة ” سانت سيمون” الأطلنطية التي أدارها في عام 1993،أصدر كتيب ” الإسلام و الديمقراطية”. بهذه المناسبة أجرت معه جريدة اللوموند حوارا، و في خضم الحوار، نفى الإبادة العرقية الأرمينية، مما أدين من طرف القضاء .

بيد أن مصطلح قطيعة الحضارات، تطور بسرعة. انتقل من الخطاب الكولونيالي الجديد حول سمو الرجل الأبيض، الى رسم معالم الصراع الدولي غامض المنفذ. ذلك القبول سببه الأستاذ “صاموئيل هنتانغتون ” الذي لم يكن مختصا في الشؤون الإسلامية، و لكنه كان يدرك الاستراتيجية التي وضبها في مقالين:  لم يعد الأمر فقط محاربة المسلمين، و لكن جعلِهم يتحاربون ضد أنفسهم أولا، و من ثمة ضد العالم الغريب. تماما مثل الأسطورة، بحيث أن الولايات الأمريكية تعمل على القضاء على كل أعدائها واحدا تلو الآخر لأجل ما تعتقده نصرا نهائيا.

يعد صاموئيل هنتنغتون واحدا من كبار المفكرين في زمننا، ليس لأن كتبه ناجحة و ذات بعد فقط، بل لأنه يشكل واحدا من الذين صاغوا أيديولوجية فاشية مرتبطة بالحاضر. في كتابه الأول “جندي الدولة” الصادر سنة 1957، حاول أن يثبت أن ثمة طبقة عسكرية متحدة أيديولوجيا في الوقت التي يبدو فيه المدنيون منقسمون استطاع أن يطور رؤية للمجتمع أين يجب أن تكون التجارة مرنة، أين تكون السلطة السياسية بين أيدي مسيرين من جنسيات متعددة تحت إمرة حرس القائد العام. سنة 1968، أصدر كتابه ” القانون السياسي في المجتمعات المتغيرة” و هو بحث يؤكد فيه أنه وحدها الأنظمة القوية قادرة على تطوير العالم الثالث  . شارك سريا في صياغة جملة من الأفكار التي هي عبارة عن تقرير للمترشح للرئاسيات، ريتشارد نيكسون، حول الطريقة المثلى لدعم العمليات السرية التي يقوم بها مكتب الاستعلامات السي إي أي هذه الجماعة تتكون من فرانسي باتون، ريتشارد بيسل، روجيه فيشر، صاموئيل هنتانغتون، ليمام كيركباتريك، هنري لومي، ماكس ميليكون، لوسيان بي، ادوينغ ريشوير، أدام يارمولنسكي، و فرانكلين ليندساي.. في عام 1969 ـ70، نصبه “هنري كيسنجر” الذي كان معجبا بحبه للعمل السري، نصبه في اللجنة الرئاسية للتطور الدولي.

كرس اللعبة المزدوجة بين مؤسسة الدولة و الأمم الأخرى: الأولى ،مطالبة بفرض ضغوطات على الدول في طريق النمو لأجل تبني قوانين ليبرالية عبر تخليهم عن الفكر القومي، بينما الثانية تعني استغلال ما اكتسبوه من الدول التي انغرسوا فيها  التحق فيما بعد بمركز ” ويلسون ” ، أين أسس مجلة ” السياسة الخارجية” Foreign Policy في عام 1974 نصبه هنري كيسنجر في لجنة العلاقات الأمريكية ـ الأمريكية اللاتينية. شارك في تنصيب نظام الجنرال “أوجستو بينوتشي” في التشيلي، و “جورج رافائيل فيديلا” في الأرجنتين. جرب لأول مرة نموذجه الاجتماعي و أثبت أن سياسة اقتصادية مشوهة تضاهي و توازي ديكتاتورية عسكرية. بالتوازي مع ذلك استطاع صديقه ” زبيغنيو برززنسكي ” أن يدخله في مجموعة خاصة جدا،اللجنة الثلاثية. كتب تقريرا بعنوان” أزمة الديمقراطية”  الذي من خلاله أبدى انحيازا نحو المجتمع النخبوي أين يصعب الالتحاق بالجامعة و أين تصبح حرية الصحافة مراقبة.

بينما طرد جيمي كارتر أعضاء إدارتي نيكسون و فورد ، و بينما حدث الانقلاب السياسي في أمريكا اللاتينية، استطاع “هنتانغتون” أن ينقذ من جديد من قبل صديقه ” برززنسكي ” الذي صار مستشار الأمن القومي. ففي هذه المرحلة الذي بدأ يتعامل بشكل أضيق مع “برنارد لويس” أين اعتبر ضرورة السيطرة على المناطق البترولية قبل الهجوم على الصين الشيوعية. ذلك لم يكن له مفهوم ” القطيعة بين الحضارات” و لكنه كان يشبهه. لكن البروفيسور ” سامويل هنتانغتون” تعرض لفضيحة. تم الكشف انه كان يأخذ راتبا من قبل مكتب الاستعلامات السي إي أي مقابل نشر مقالات في المجلات الجامعية مبررا اللجوء الى العمل السري لحفظ الأمن في الدول التي يقرر فيها الديكتاتوريين الأصدقاء التنازل عن الكرسي فجأة. هذا المسلسل المنسي، نصبه “فرانك كارلوتشي” في اللجنة المزدوجة لمجلس الأمن القومي و وزارة الدفاع لأجل استراتيجية طويلة المدى . تقريره استغل لتبرير برنامج “حرب النجوم”.

البروفيسور ” هنتانغتون ” يعمل اليوم في ” بيت الحرية” (Freedom House) و هي مؤسسة مناهضة للشيوعية يرأسها جامس وولسي، المدير السابق لمكتب الاستعلامات ” السي إي أي”.

القدس و مكة المكرمة

إن نظرية حرب الحضارات تتبلور في إطار الأسئلة الدينية. إن القبضة التي يمارسها اليهود المسيحيون على القدس تعد سلطة ضرورية نحو النصر التام.و إن فقد الغرب المدينة المقدسة، فسيفقد أيضا القوة التي تسمح له بأداء مهمته القدرية المقدسة، و هو نفس الشيء الذي ينطبق على المسلمين إن خسروا مكة المكرمة. كل هذا غير عقلاني، و لكن بؤر التشاؤم فيه تبدو حاضرة باستمرار، على وسائل الإعلام الأمريكية. إنها تدخل أيضا في إطار الخطاب السياسي القائم.

بتاريخ 10 جويلية 2002 طالب كل من “دونالد رامسفيلد” و “بول وولفويتز” بعقد اجتماع فصلي للمجلس التشريعي لسياسة الدفاع ، فقد القليل من الأعضاء حضروا. استمعوا الى بحث أحد المختصين الفرنسيين المنتمين الى ” راند كوربورايشن “، لوران مراويك”: طرد آل سعود خارج المملكة. كان الاجتماع عبارة عن ثلاثة حلقات، من أربعة و عشرين شريحة للصور. في أول الأمر، يعتمد مراويك على نظرية برنارد لويس: العالم العربي يعيش حالة أزمة حادة منذ قرنين. عجز عن تحقيق ثورته الصناعية أو الرقمية. هذا الفشل أنتج حالة من الخيبة الشديدة التي تحولت الى غضب مضاد للغرب. ثم أن العرب لا يجيدون الحوار، لأنه في ثقافتهم يبدو العنف شكل من أشكال السياسة.

من هذا المنظور، فإن أحداث 11 سبتمبر ليست أكثر من تعبير خاص بالمداهمة. في وقت آخر، حلل “مراويك” العائلة المالكة في السعودية بان الأحداث تجاوزتها. و بأنها نشرت الفكر الوهابي في العالم لأجل مناهضة الشيوعية و لأجل مناهضة الثورة الإيرانية، و لكن اليوم، تبدو غارقة في ما صنعته. في الأخير، قدم المحاضر استراتيجية : آل سعود يملكون ” البترول ( ها نحن فيها ) و مكاسب البترول من الدولارات، و حراسة الحرمين الشريفين. إنهم العمود الرئيسي و الوحيد الذي يتأسس عليه العالم العربي و الإسلامي، و بالتخلص منهم، يكون باستطاعة الولايات الأمريكية أن تأخذ البترول التي تحتاجه اقتصاديا، المال الذي يأتي من البترول، و الذي كانت أمريكا مخطئة بدفعه في الماضي. إذا، السيطرة على المنطقة الإسلامية. و عندها سينهار الإسلام و سيكون بإمكان إسرائيل إلحاق مصر الى أراضيها.

كان لوران مراويك، مستشارا لدى وزير الدفاع الفرنسي جون بيير شيفنمون، و محاضرا في المدرسة العليا للعلوم الاجتماعية (EHESS)

. كان مستشارا ل”ليندون لاروش” لعدة سنوات، ليتركه فجأة ملتحقا بالمحافظين الجدد. اليوم يشتغل خبيرا في مؤسسة ” هيدسون” التي يملكها ريتشارد بيرل، و في الوقت نفسه يتعاون مع “منتدى الشرق الأوسط” الذي يرأسه “دانييل بيبس“. ذلك الاجتماع أثار ضجة كبيرة. السفير السعودي طلب توضيحات مما طُلب أدى الى طلب السيد “بيرل” منظم ذلك الاجتماع أن يكون أكثر تكتما بعض الوقت، كما طلب من السيد مراويك مغادرة مؤسسة “راند كوربورايشن”.و مهما يكن فإن الندوة قد تم اقتراحها من قبل رامسفيلد و وولفويتز بكل وعي بالمسالة. كانا يريدان معرفة الى أي حد يمكن للبنتاجون أن يمضي إليه.

تنبئية في مجال الصحة باسم قناعاته الدينية. سكرتير الدفاع أرسل قساوسة من كنيسة القس غراهام الى قوات التحالف في العراق و مهمتهم إدخال العراقيين الى الديانة المسيحية الخ.. و بالنظر الى كل هذا، يمكننا أن نتساءل بوعي هل الولايات الأمريكية دولة متحضرة، متفتحة و المتسامحة، أم أنها تمثل و تجسد الفكر غير المتسامح و الكائل بمكيالين.

مصدر الإشكالية

مميزة

بقلم تييري ميسان —–روسيا في مواجهة الأمبريالية الأنغلوسكسونية


روسيا, هي الآن القوة الرئيسة القادرة على قيادة المقاومة ضد الامبريالية الأنغلوسكسونية.

في قمة فورتاليزا بالبرازيل, قامت مجموعة بريكس باتخاذ الخطوة الأولى بإعلانها انشاء صندوق احتياط نقدي (بمساهمة صينية بشكل رئيسي) وكذلك مصرف بريكس, كبديل لصندوق النقد الدولي, والبنك الدولي, أي كبديل عن نظام الدولار.

حتى قبل الاعلان عن تلك الخطوة, كان الأنغلوسكسون قد ردوا على الأرض من خلال تحويل القاعدة من شبكة إرهابية, إلى دولة خلافة تمهيدا لخلق اضطرابات في جميع أوساط الشعوب المسلمة في روسيا كما في الصين.

بعد يومين من الاعلان عن تلك الخطوة, اتهمت الولايات المتحدة روسيا باسقاط طائرة الركاب الماليزية فوق دونباس. على هذا الأساس التعسفي, أجبروا الدول الأوروبية على فرض عقوبات ضد نظام روسيا المالي.

ونظرا ليقينها بأن القادة الأوروبيين لايعملون لمصلحة شعوبهم, بل لمصالح الأنغلوسكسون, فقد امتنعت روسيا حتى هذا التاريخ, عن الدخول في حرب ضد أوكرانيا, مكتفية بدعم المتمردين بالسلاح والمعلومات الاستخبارية, اضافة إلى استقبالها أكثر من 500 ألف لاجيء, ورفضها قطعيا ارسال قوات عسكرية والدخول في الاشتباك القائم.

ثمة احتمال بعدم تدخلها قبل أن تنتفض غالبية الشعب الأوكراني ضد الرئيس بترو بوروشنكو, بمعنى, عدم دخول القوات الروسية البلاد إلا بعد سقوط جمهورية دونيتسك الشعبية.

أما في مواجهة الحرب الاقتصادية المعلنة ضدها, فقد اختارت موسكو الرد عبر تدابير مماثلة في مجال الزراعة, وليس التمويل. وهكذا تستعد روسيا للحرب من خلال إعادة هيكلة قطاعها الزراعي بشكل يمكنها من الاكتفاء الذاتي.

علاوة على ذلك, فقد خطط الأنغلوسكسون, من خلال الدولة الاسلامية, تفعيل خلايا ارهابية نائمة داخل أوساط الشعوب المسلمة في روسيا, ثم تنظيم معارضة اعلامية أثناء الانتخابات البلدية التي ستجري بتاريخ 14 أيلول-سبتمبر القادم.

هناك, مالايقل عن 50 ألفا من المثيرين للشغب الروس-الأوكرانيين المندسين بين اللاجئين في مدينة سانت بطرسبورغ, يعيدون تنظيم صفوفهم. المطلوب منهم بلاشك, تكرار نفس مظاهرات موسكو التي أعقبت انتخابات شهر كانون أول-ديسمبر 2011, في الأرياف, مع مزيد من العنف, وادخال البلد في مسار ثورة ملونة تجد في جزء من شريحة الموظفين والطبقة الحاكمة من يتفق معها.

تقديرا منها لخطورة الموقف, ربما توصلت موسكو إلى اقناع بكين بقبول انضمام الهند ضد ايران إلى منظمة شنغهاي للتعاون, وذلك أثناءانعقاد القمة يومي 12 و 13 أيلول- سبتمبر المقبل.

من المفترض أن تؤدي هذه الخطوة, ليس فقط إلى طي صفحة الصراع بين الهند والصين فحسب, بل إلى انخراط الدولتين في التعاون العسكري فيما بينهما.

في حال تأكد هذا التحول خلال الأيام القادمة, فإنه سيضع حدا نهائيا لشهر العسل بين نيودلهي وواشنطن, التي عملت كل ما بوسعها لابعاد الهند عن روسيا, عبر السماح لها بالحصول على تكنلوجيات نووية متقدمة. انضمام نيودلهي لمنظمة شنغهاي للتعاون, هو أيضا رهان على مصداقية رئيس وزراء الهند الجديد, نارندرا مودي, الذي تحوم حوله الشكوك بالتحريض على العنف ضد المسلمين عام 2002, في ولاية غوجارات حين كان يشغل منصب رئيس وزرائها المحلي.

فضلا عن ذلك, فإن احتمال انضمام ايران إلى منظمة شنغهاي للتعاون, يمكن أن يقدم معرفة أكثر دقة عن التظيمات الجهادية وسبل مواجهتها.

مرة أخرى, لو تأكد ذلك, فإنه لن يقلل من عزيمة ايران على التفاوض على وقفة استراحة مع “الشيطان الأكبر”, الذي قادها إلى انتخاب الشيخ حسن روحاني لمنصب رئيس الجمهورية, فحسب, بل سيشكل رهانا على حقيقة سلطة المرشد الأعلى للثورة الاسلامية, آية الله علي خامنئي.

مميزة

متطوعون فرنسيون في الجيش الإسرائيلي شباب فرنسيون ينخرطون في صفوف جيش العدو


تم إنشاء الفيلق الأجنبي في فرنسا عام 1831 من قبل لويس ـ فيليب بهدف تجميع مختلف الفرق العسكرية الأجنبية العاملة داخل الجيش الفرنسي. وكان هذا الفيلق مخصصاً في تلك الأيام لأعمال الغزو الاستعماري، لكنه أصبح اليوم مجرد إرث من الماضي لا يخدم أي ضرورة سياسية أو عسكرية. ويمكن الانضمام إليه من قبل أي إنسان دون تمييز؛ وهو يسهل الحصول على الجنسية الفرنسية، إلا أنه لا يعطي الحق بالحصول عليها إلا لمن يجرح في المعارك، في حال تقدمه بطلب بهذا الخصوص.

أما في الولايات المتحدة، فإن الشرط الوحيد للدخول في الجيش هو الحيازة المسبقة لـ “البطاقة الخضراء”، أي أن يكون المرشح مقيماً في البلاد بشكل شرعي ودائم. وهنالك حوالي 30 ألف أجنبي يرتدون البزة العسكرية الأميركية، كما أن خمسة آلاف أجنبي ينضمون سنوياً إلى الجيش الأميركي. وهذا يمكنهم من الحصول بسرعة أكبر وبشكل مؤكد على الجنسية الأميركية. وبالطبع، فإن الجيش الأميركي يعجبه أن يستقبل بين صفوفه مجندين جدداً هم أكثر انضباطاً ورغبة في ذلك من الأميركيين الأصيلين حيث إن حماستهم للانضمام إلى الجيش تميل نحو الانخفاض. وبموجب المعايير المعتمدة في المرحلة ما بعد الاستعمارية، تسمح بريطانيا بتجنيد رعايا بلدان الكومنولث، في حين تستقبل إسبانيا رعايا مستعمراتها السابقة في أميركا الجنوبية. أما روسيا، فتعطي هذا الحق للناطقين بالروسية من رعايا الجمهوريات السوفياتية السابقة.
أما إسرائيل فهي تشكل حالة فريدة لأنها تسمح لكل شخص غير إسرائيلي بالخدمة في وحداتها القتالية شرط أن يكون يهودياً، هو أو أحد ابويه أو جديه.

قادة من الشباب للجاليات اليهودية

في إسرائيل برامج مختلفة تسمح لكل يهودي غير إسرائيلي بالانضمام إلى الجيش دون أن يصبح بذلك إسرائيلياً. ويعود ذلك إلى أواخر الحرب العالمية الثانية عندما قدم بضعة آلاف من المتطوعين المتحدرين من عشرات البلدان والمؤيدين للقضية الصهيونية، لدعم قيام دولة إسرائيل بالسلاح. وبعد قيام الدولة عام 1948، كان هؤلاء -وهم يعرفون باسم الـ ” ماحال”- يساعدون الجيش الإسرائيلي في المواجهات مع البلدان العربية المجاورة. وما زال هذا الوضع قائماً إلى اليوم، وظل اسم “ماحال” يطلق على برنامج إلحاق اليهود الأجانب بالوحدات الإسرائيلية المقاتلة. أما المدة التي يخدم خلالها هؤلاء المتطوعون فهي 18 شهراً تشتمل على القيام بمهمات في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وعند نهاية هذه المدة يمكن للمتطوعين أن يطلبوا الحصول على الجنسية الإسرائيلية، ولكن يكون عليهم أن يخدموا في الجيش لفترة إضافية هي 10 أشهر للرجال و6 أشهر للنساء العازبات، وذلك لكي ينطبق عليهم شرط أداء الخدمة العسكرية الإجبارية المفروض على كل إسرائيلي.

وهنالك إمكانيات أخرى مفتوحة أمام اليهود غير الإسرائيليين للخدمة في الجيش الإسرائيلي. منها التطوع لمدة ثلاثة أسابيع كحد أقصى (برنامج “سار إيل” لمن بلغوا السادسة عشرة من العمر)، أو لمدة شهرين (برنامج “مارفا” حيث يحصل المتطوع على راتب في حدود 1500 دولار). وفي الحالتين الأخيرتين، يحتفظ المتطوعون بوضعهم كمدنيين مع كونهم يرتدون اللباس العسكري، ويعيشون داخل ثكنات الجيش النظامي، ويقومون -بالنسبة لـ “سار إيل”- بأعمال الخدمة اللوجستية في القواعد العسكرية أو، -بالنسبة لـ “مارفا”- يتلقون تدريباً على القتال. وفي الحالتين، يقومون بنشاطات إضافية كالخضوع لدورات “تثقيفية” حول إسرائيل والصهيونية.

وخلافاً لمعظم البلدان الأخرى، ليس الحصول على الجنسية الإسرائيلية هو ما يدفع هؤلاء المتطوعين إلى التطوع. فما يسمى بقانون “العودة” المطبق منذ العام 1950 يمنح الجنسية الإسرائيلية لكل يهودي يهاجر إلى إسرائيل. أما الهدف من استقبال هؤلاء المتطوعين وإدخالهم في الجيش فهو تمكين “شباب يهود في جميع أنحاء العالم من تعزيز علاقتهم بإسرائيل وبالشعب اليهودي عبر التطوع للخدمة في الجيش. فبرامج قوات الدفاع الإسرائيلية تهدف إلى الدفاع عن إسرائيل، البلد الديموقراطي الوحيد في الشرق الأوسط، وإلى تزويد الجاليات اليهودية بقادة شباب، أكفاء، ومتحمسين”.

مع ذلك، يبدو عدد المتطوعين في صفوف “ماحال” قليلاً نسبياً. ففي مقالة نشرتها “جوريزاليم بوست” عام 2007، فإن ما لا يزيد إلا قليلاً عن ألف يهودي غير إسرائيلي قد تطوعوا خلال الفترة الممتدة من 1988 إلى 2007 لقضاء 18 شهراً في صفوف الجيش الإسرائيلي. وبالنظر إلى عدم توافر إحصاءات عن “ماحال”، فإن الإحصاءات المتوافرة عن “سار إيل” تصلح كمعيار لتكوين فكرة عن الوضع : فمن بين 4011 مشارك في “سار إيل” عام 2012، كان العدد الأكبر من المشاركين القادمين من حوالي 60 بلداً شملها البحث من الجنسيتين الأميركية والفرنسية، حيث بلغ عددهم 1221 يهودياً أميركياً و1086 يهودياً فرنسياً.

إن الهدف من هذه البرامج ذات الطبيعة العسكرية، ومن سائر البرامج المدنية التي ينخرط فيها اليهود غير الإسرائيليين، هو تعزيز شبكات التضامن مع الصهيونية ودعمها من الناحية الإيديولوجية داخل الجاليات اليهودية في العالم. وقد اعتمدت هذه الاستراتيجية منذ قيام إسرائيل. فالكثيرون من اليهود غير الإسرائيليين، وخصوصاً في فرنسا، يعلنون انتماءهم المعنوي لإسرائيل كما ولو أن الأمر بالنسبة لهم هو التعويض عن عدم كونهم مواطنين في هذا البلد “المهدد” بشكل دائم والذي ينبغي لكل يهودي أن يشارك في دعمه. ويبدو أن هذه البرامج، عسكرية كانت أم مدنية، تحقق أغراضها لأن المشاركين فيها يعودون بوجه عام إلى البلدان التي قدموا منها وهم أشد تمسكاً بقضية إسرائيل مما كانوا عليه في السابق.
لكن مفارقة واضحة تنجم عن هذا الوضع : هنالك، من جهة، تعلق بإسرائيل من قبل يهود الخارج يعبر عن نفسه في أوروبا وغيرها من خلال تصاعد الهجرة اليهودية، خصوصاً من فرنسا، نحو إسرائيل : ارتفع عدد المهاجرين بنسبة 49 % (من 1469 إلى 2185 مهاجراً) خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2013، بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام 2012. لكن نسبة متزايدة ايضاً من الإسرائيليين يغادرون إسرائيل، خصوصاً نحو أميركا الشمالية وأوروبا، بحثاً عن حياة أفضل من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية، وللخلاص من حالة الحرب الدائمة. والواقع، أن حركة الهجرة نحو إسرائيل تتراجع، حيث إن عدد الإسرائيليين الذين يغادرون إسرائيل أصبح مساوياً لعدد المهاجرين إليها، أي 16 ألفاً في العام 2012.

امين نتنياهو، والذي يخلط بشكل مقصود بين العداء للصهيونية والعداء للسامية، يهدف إلى تنشيط هجرة اليهود إلى إسرائيل في صفوف الجاليات اليهودية في العالم. هذا الخطاب الذي يتناقله المدافعون عن إسرائيل في الخارج يؤدي، لا من غير نجاح، إلى تعزيز المفهوم السائد حول اللاسامية مع كونه مفهوماً بعيداً عن الواقع الملموس. كما يسهم هذا الخطاب في تقوية مظاهر التضامن التي يمثلها انضمام أعداد من اليهود غير الإسرائيليين إلى الجش الإسرائيلي للمساهمة، خلال بعض الوقت، في حماية تماسك “الدولة اليهودية”. ففي خطاب ألقاه في آب / أغسطس 2012 ترحيباً بمجموعة من اليهود الأميركييين القادمين للانضمام إلى الجيش الإسرائيلي، قال نتنياهو: “إننا نشهد اليوم صعود لا سامية جديدة شرسة، وعلينا أن ندافع عن أنفسنا في وجه ذلك. إن المهمة الأكثر أهمية هي الدفاع عن الدولة اليهودية. هذا ما نقوم به، وهذا ما ستقومون به، وأنا فخور بكم”.
Marc Cher-Leparrain
دبلوماسي سابق في الشرق الأوسط.

مميزة

بقلم سيزيف السوري ــــــــــــالسّامية ، ما هي ، ولماذا ؟


في الغرب تهمة تعتبر أشد و أدقّ رقبة من التمييز العنصري ، إنها الأنتيسمايت، أو الأنتيسيميتيزم..أو معاداة السامية..
لا بد أن مصطلح السامية قد مر عليكم في حياتكم مئات المرات، في الكتب المدرسية، والدينية، والتاريخية، والثقافية، و الإعلام المرئي والمقروء والمسموع، وفي المؤتمرات ( والمؤامرات) العالمية، ويستعمله الكثير من الكتاب والمعلقين و المؤرخين حتى هنا على الفيسبوك، فما حكاية هذا المصطلح.. ولماذا يجب أن ننتبه له ولا نستخدمه ؟

يقال، تعود هذه التسمية، النسبة، كما يعرف الجميع، لسام بن نوح، النبي المعروف.
لا يوجد هذا المصطلح في أي كتاب من كتب التاريخ إلا نقلاً عن كتاب واحد، وهو التوراة اليهودية، ثم تلقفته كتب دينية تلت التوراة، ولا تزال قضية الإسرائيليات في القرآن تشغل بال الفقهاء ويختلفون حولها.

ما يهمنا هنا أن هذا المصطلح غير موجود في الآثار أوالأحافير أوالرقم، بل تم خلقها في كتاب شعب الله المختار.

هنا لا بد من ذكر تعريفي للتوراة، والذي يوافقني عليه العديد من المؤرخين غير المنحازين أو المؤدلجين، غربيون وشرقيون وعرب، أننا يجب أن ننظر للتوراة كتراث أدبي، سرقه اليهود من تاريخ منطقتنا، سوريا، بعد أن حرّفوا هذا التراث بما يتناسب مع عقليتهم البدوية الرعوية حينها، لتحقيق أهداف باتت معروفة للجميع.

لا يهمني إن كانت التوراة المعروفة هي غير الأصلية! أو ان التوراة المعروفة تم كتابتها من قبل أحبار اليهود بعد النبي موسى بستمئة عام أو ثمانمئة، بل يهمني أن التوراة كانت حتى القرن الماضي المرجع الأقوى والمعتمد إن لم يكن الوحيد لتاريخ البشرية، ولولا المكتشفات الاثرية خاصةً في القرن الماضي، لبقي الحال كذلك.

ماذا تقول التوراة عن السامية؟ بعد الطوفان الأخير، لم يبق إلا من اصطحبهم النبي نوح من كل زوجين اثنين من مختلف الكائنات، و بعض عائلته وأولاده، سام و حام ويافث، سام أبو العرق الأبيض الحالي، وحام أبو (العرق الأسود ؟! فهل نحن السوريون سود أم أنها العنصرية والكراهية ..في كتاب مقدس!) ، طبعاً يوجد أيضاً من المؤرخين من يقول ان سام هذا كان موجوداً، ولم يكن ولداً لنوح، لكن التوراة سرقت اسمه وحرّفت قصته، و هذا لا يغير شيئاً بالنتيجة التي سنصل إليها.

الحادثة التي (تؤرخها) التوراة، وكانَ نُوحٌ أوَّلَ فلاَحِ غرسَ كَرْمًا. وشربَ نُوحٌ مِنَ الخمرِ، فسَكِرَ وتَعَرَّى في خيمَتِه. فرأى حامٌ أبو كنعانَ عَورَةَ أبيهِ، فأخبَرَ أخويهِ وهُما خارِجا. فأخذَ سامٌ ويافَثُ ثوبًا وألقَياهُ على أكتافِهِما. ومَشيا إلى الوراءِ لِيَستُرا عَورَة أبيهِما، وكانَ وجهاهُما إلى الخلْفِ، فما أبصَرا عَورَةَ أبيهِما. فلمَّا أفاقَ نُوحٌ مِنْ سُكْرِهِ عَلِمَ بِما فعَلَ بِهِ اَبنُهُ الصَّغيرُ، فقالَ: (( مَلعونٌ كنعانُ! عبدًا ذليلاً يكونُ لإخوَتِهِ)). (التكوين 9 : 20-25)

أول ما يدعو للاستغراب، لماذا يلعن الرب كنعان ، و أبوه حام هو من وجبت عليه اللعنة! تناقضات عديدة لكن الغاية واحدة..
كان لدى حام عدة أولاد كما ذكروا ، لكن المستهدف كان كنعان، وكنعان أبو السوريين، وبالتالي فالسوريون هم عبيد اليهود، بعد أن حلت عليهم لعنة نبي الله ..

(يدّعي اليهود بأنّهم أبناء الله دون سائر البشر. وقد اختلقوا هذه القصّة ليترفعوا فوق الكنعانيين ويزدروهم و من ثم يعطوا أنفسهم الحقَّ في قَتْلهم وإذلاْلهم) ، ولاغتصاب جزء من أرضهم، أرضهم التي وعد رب اسرائيل أبناءه بها، وهذا في نفس الكتاب أيضاً ، التوراة..

كان لا بد للتوراة أن تجد سبباً للعن هؤلاء الكنعان، هؤلاء السوريين، لأنها كما نقول كل مرة، معركة وجود، بين فكرين متناقضين منذ الأزل، الباقي تعرفونه..

ثم كرّت السّبحة، لأن التوراة قالت…، وهي دين سماوي، والسماوي مقدس، ومخالفته أو انتقاده كفر، و لأن الإسلام تبنى إسرائيليات أو تم إدخالها فيه عن طريق أحبار اليهود أو غيرهم ..فقد أصبحت السامية و أخواتها، ركناً مهماً من أركان الجهل المقدس..وهذه قصة نبي، فمن يجرؤ على تكذيبها؟

و الأخطر من ذلك، أن أيادي اليهود قد لعبت عبر التاريخ بموضوع خطير، و هو دمج التوراة ( العهد القديم)، مع الإنجيل ، ليكونا معاً الكتاب المقدس، وبذلك أصبح الكثيرون من مسيحيي العالم، يؤمنون بما يؤمن به اليهود، و إلا كانوا كفرة..!

فوكابيولاريز :
1- لمن لا يحبذ العودة للتاريخ، أو ينتقدها، ما رأيك بأن لا نعرف حكاية هذا المصطلح، مع أنك تعرف أثره على كل ما حصل في العالم منذ التوراة إلى اليوم، وليس في سوريا فقط، بل في معظم أنحاء العالم، ولا زال يحكم، ويحاكم، ويتحكّم ، بالإنسانية جمعاء، وبحاضر ومستقبل البشرية ؟! أيها الحاضريّ ، المستقبليّ ، الواقعيّ ..
2- اختلقت التوراة مواضيع و مقولات وحوادث ومصطلحات تحتاج للحديث عنها وتعريتها، مثل مصطلح -الفراعنة-، و – السبي البابلي الأول والثاني – وغيرها، وهذه مواضيع أخرى قادمة.
3- قصة نوح هي نفسها تماماً ما عدا اسمه، واسم الإله، قصة أوتنابشتيم في الأسطورة السورية قبل التوراة بآلاف السنوات، بطل قصة الطوفان نفسه أوتنابشتيم، هو أيضاً من ذهب إليه جلجامش في رحلته الطويلة بحثاً عن الخلود، وهو من أعطاه نبتة الخلود، التي سرقتها منه الأفعى أثناء عودته لأوروك..
4- قصة النبي موسى، ووضعه في صندوق خشية قتله، ثم وجدته زوجة الملك، و أخذته وربته …الخ، هي نفسها قصة سرجون الأكادي، قبلها بآلاف السنوات..

مميزة

بقلم: طوني كارتالوتشي ———–ما هي تداعيات انتصار سورية على الهيمنة الغربية ؟


منذ 2011، كانت سوريا هدفاً لمحاولة مدعومة من الخارج لتغيير النظام. حيث قام المحتجون بالنزول إلى الشوارع في أنحاء متفرقة من سوريا على إيقاع “الربيع العربي” الذي خططت له الولايات المتحدة، وتشكيل غطاء للمتشددين المسلحين الذين كانت تحضرهم الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة السعودية – تبعاً للوثائق المتوفرة الآن – منذ سنة 2007 على الأقل.
فقد تنبأت مقالة الصحفي الفائز بجائزة “بوليتزر” سيمور هيرش، التي تحمل عنوان “إعادة التوجيه: التحول الاستراتيجي في السياسة الأمريكية شرق الأوسطية”:
” ومن أجل تدمير إيران، المكونة من غالبية شيعية، قررت إدارة بوش إعادة ترتيب أولوياتها في الشرق الأوسط. ففي لبنان، تعاونت الإدارة مع الحكومة السعودية، السنية، في عمليات سرية تهدف إلى إضعاف حزب الله، المنظمة الشيعية المدعومة من إيران. كما شاركت الولايات المتحدة في عمليات سرية تستهدف إيران وحليفتها سوريا. وقد تجلى أحد نتائج هذه النشاطات في تعزيز المجموعات السنية المتطرفة التي تتبنى رؤية متطرفة للإسلام، كما تعادي أمريكا وتساند القاعدة.”
كانت عملية زعزعة استقرار سوريا تسير بالتزامن مع البلدان العربية الأخرى، بما في ذلك تونس وليبيا ومصر. ففي تونس ومصر كان السقوط سياسياً، حيث ترافق مع عنف محدود في الشارع. أما في ليبيا فقد كان السقوط مطلقاً – حيث تم تمزيق البلد بشكل كامل بين ما يسمى “المقاتلين من أجل الحرية” والذين تبينَ فيما بعد أنهم ليسوا سوى متشددين من القاعدة ينتمون إلى “المجموعة المقاتلة الإسلامية الليبية”.
فاجأت الحربُ الغربية الخاطفة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط العديدَ من البلدان. فقد أدى عجزها عن الرد بشكل فعال على “الحرب اللونية” المنسقة خلال 3 سنوات من زعزعة الاستقرار الإقليمي إلى تغيير الأنظمة، وحتى الحرب.
أما في سوريا، فقد صمدت الحكومة وصمد الشعب، ومن ثم قاما بالرد على الهجوم.
في كانون الثاني/يناير 2013، بدا واضحاً أن قوات الأمن السورية قد قلبت الطاولة على المسلحين المدعومين من الخارج الذين كانوا يتدفقون طيلة سنتين عبر الحدود ويزرعون الفوضى القاتلة في كافة أنحاء البلاد. وقد تم تحقيق المكاسب الراسخة في كل مكان، من الشمال بالقرب من المدينة السورية الأكبر، حلب، وعلى طول الحدود اللبنانية، وبشكل خاص في مدينة درعا الجنوبية، التي تسمى “مهد الانتفاضة”.
استمر الإعلام الغربي في تصوير الوضع في سوريا على أنه متقلقل، حيث أن الحكومة السورية تتهاوى وأن مقاتليهم بالوكالة على وشك تحقيق خرق كبير. أما في الواقع فقد أطبق الياس على واشنطن ولندن وتل أبيب. فقد جرت محاولات لجر البلاد إلى حرب واسعة عبر الهجمات الإسرائيلية المباشرة على الأراضي السورية لكنها لم تنجح، ومع قدوم آب/أغسطس 2013 وصل اليأس بالغرب إلى درجة التخطيط لتدخل مباشر لإنقاذ قواته بالوكالة، حتى أن الغربيين قاموا بهجوم كيماوي على أطراف مدينة دمشق لتبرير تدخلهم. ولكن لخيبة أمل الغرب، لم يفشل هذا الهجوم في تزويده بالذريعة اللازمة للتدخل البماشر فقط، بل أدى إلى تدمير مصداقيته وموقفه الدولي أيضاً.
لم يعد انتصار سوريا خافياً على أحد
برزت انتصارات سوريا الأخيرة ضد الغزاة من مقاتلي الغرب بالوكالة بشكل ناصع في يبرود هذا الشهر، هذه المدينة الواقعة على بعد 80 كم شمال غرب العاصمة دمشق والتي كانت معقلاً استراتيجياً لحملات المسلحين ضد السوريين واللبنانيين عبر الحدود المجاورة. كانت يبرود تعتبر في قبضة المسلحين طيلة فترة النزاع. ولكن مع استعادة النظام والأمن في يبرود، ومع فرار الفصائل المسلحة بأعداد كبيرة، يبدو أن العمليات العسكرية الضخمة ضد سوريا قد شارفت على نهايتها وتحولت، بدلاً من ذلك، إلى حملة إرهابية محدودة.
ليس بمقدور الغرب أن يصورَ مقاتليه بالوكالة كقوة معارضة فعالة سياسياً واجتماعياً, والآن استراتيجياً. فقد تمكنت القوات السورية من دحر المسلحين إلى الحدود السورية.
في هذا اليوم، لجأت تركيا إلى الهجوم، حيث زعمت أنها أسقطت طائرة سورية أثناء اشتباك القوات السورية مع المسلحين على الحدود. وفي مدينة درعا الجنوبية المحاذية للحدود السورية-الأردنية، فإن “الجبهة الجنوبية” المزعومة المشكلة من 49 فصيلاً مسلحاً والتي تضم، تبعاً للمزاعم السائدة، حوالي 30,000 مقاتلاً في صفوفها قد تعرضت للتشكيك حتى من قبل المصادر الغربية التي وصفت هذه القوة بأنها “مجرد تحالف على الورق”.
قدمت “منحة كارنيغي للسلام العالمي” تقريراً مقلقاً حول الدعم العسكري المستمر للإرهابيين المتدفقين إلى سوريا من الأردن، والمسلحين والمموَلين من الولايات المتحدة والسعودية – على الرغم من ادعاءات البلدين باستيائهما من قطر لقيامها بالشيء نفسه. ففي تقريرها المعنوَن “هل ’الجبهة الغربية‘ موجودة؟”، زعمت هذه المؤسسة:
“تبعاً لمصادرَ عديدة، كان الدعم لا يزال مستمراً للمتمردين في الجنوب منذ نهاية شهر شباط/فبراير، حيث تم إنفاق مبالغ كبيرة من المال على رواتب المتمردين والشاحنات السعودية المتوجهة نحو الحدود الأردنية-السورية. ولكن دون زيادة كبيرة في الدعم، وربما إضافة الأسلحة النوعية مثل الصواريخ المضادة للطائرات، من الصعب على المرء أن يتخيلَ أي تقدم فعلي للمتمردين – أو أنهم سيتمكنون من التوحد حول قيادة واحدة.”
يبدو أنها الدفعة الأخيرة اليائسة التي تقدمها قوة استنفذت كافة قواها ضد الجيش السوري القوي المتمسك بمواقعه. وبينما لا يزال الغرب يحاول إذكاء العنف في سوريا، يبدو أن الانتصارات التي يحققها الجيش السوري قد وصلت إلى مرحلة لا يمكن لأي قدر من الدعم غير المباشر أن يغيرها. فحرب الوكالة، التي افتقدت إلى التدخل العسكري على نطاق واسع من قبل القوى الغربية، قد باءت بالفشل.
ماذا يعني الانتصار السوري بالنسبة للهيمنة الغربية
يعود البحث الحديث عن الهيمنة الغربية إلى نهاية “الحرب الباردة” عندما كان هناك اعتقاد راسخ لدى “وول ستريت” و لندن بإمكانية إعادة ترتيب الكوكب تحت سيطرتهما في غياب أي قوة عظمى تقف في وجههما. فقد بدا من الثورات الملونة في أوروبا الشرقية، وتدمير روسيا في التسعينيات من القرن الماضي، وحرب العراق الأولى، وتقسيم البلقان، أن إعادة الترتيب هذه تسير على قدم وساق. لكن روسيا والصين والهند وبلدان نامية أخرى نهضت بسرعة فائقة أدت غلى تحجيم تدريجي لطموحات الغرب.
واليوم، مع خروج الغرب من العراق، وغرقه في مستنقع أفغانستان، وانكشاف مخططاته العدوانية في ليبيا، وحصاره في سوريا وأوكرانيا، لا يبدو فقط أن الطموحات الغربية قد تعرضت للتحجيم ولكن يمكن، في الحقيقة، أنها تواجه خطراً عكسياً.
إن فشل الغرب في سوريا يبعث برسالة إلى الأهداف الأخرى للتدخل الغربي. ليس هناك أي حاجة للتهاون أو التفاوض، وليس هناك أي حاجة لتملق الأعراف التي لفقها الغرب لتقييد البلدان المستهدفة. وفي حقيقة الأمر، فإن كل ما تفعله هذه البلدان من خلال مراعاتها لهذه الأعراف هو إضعاف نفسها عبر التزامها بالقواعد التي يطالب الغرب الآخرين الالتزام بها بينما يقوم هو بانتهاكها بشكل متعمد.
بينما يضاعف الغرب من عجزه المتنامي على الصعيد الكوني من خلال إصراره على البحث المستمر عن نموذج القطب الواحد الفاشل المتأسس على تحقيق الهيمنة الكونية، تصر بلدان مثل روسيا والصين على الشراكة مع الأمم الأخرى في عالم متعدد الأقطاب – دون فرض الإملاءات على الدول الأخرى ودون انتهاك سيادتها.
إن فشل الغرب في سوريا مؤشر على أن قوته ونفوذه في تراجع، كما أنه يقدم مثالاً حديثاً على المخاطر التاريخية التي تواجهها الإمبراطورية من خلال توسعها وتمددها. فحتى لو تمكن الغرب من عكس فشله في سوريا، فإن سمعته وشرعيته قد تمرغتا بالوحل بحيث أن أية محاولة من هذا النوع يقوم بها بعد سوريا ستكون ضرباً من المستحيل.
يتباكى الصحفيون وصناع السياسة الغربيون حول “تراجع” الدبلوماسية الغربية – لكن هذه السياسة لا تواجه سوى “التراجع” لأنها اختارت العنجهية في المقام الأول. فبمقدور أمة تلعب دوراً إيجابياً وبناءً على المستوى العالمي أن تكون مؤثرة إن هي احترمت من تتفاعل معه وأن تقود إلى التغيير عبر تقديم مثال ينال إعجاب الآخرين. فبالنسبة إلى الغرب وإخضاعه الآخرين لقرون طويلة، لا يبدو هذا المفهوم غريباً فقط بل أقلَ إغراءً من النظام المتهاوي الذي يتربع على عرشه الآن.
إن انتصار سوريا يعني أنه على الرغم من إمكانية نهب الغرب لبلدان أخرى في المستقبل القريب والمتوسط، فإن قوته ونفوذه سيواجهان تراجعاً مستمراً.
بالنسبة إلى سوريا والبلدان الأخرى التي تواجه إمكانية محاولة زعزعة استقرارها داخل حدودها نفسها، فقد تعلمت درساً مكلفاً للغاية حول محاولة استيعاب ومجاملة الطموحات الغربية. إذ إن التمسك بالموقف الأخلاقي منذ البداية، وامتلاك وسائل الإعلام المحلية التي تخاطب الجمهور العالمي مثل قناة “تلفزيون بريس” الإيرانية و “روسيا اليوم” الروسية لتقديم وجهات نظر هذه البلدان للعالم، يمكن البلد المستهدَف من الصمود والقتال، إن دعت الحاجة إلى ذلك. أما محاولة اللجوء إلى النظام الذي شكله الغرب نفسه لتحقيق الهيمنة الكونية – بما في ذلك “الأمم المتحدة”، ومنظمات حقوق الإنسان التابعة لها، والإعلام العالمي – يعني الدخول في اللعبة الغربية، واللعب تبعاً لقوانينها، وبشروطها هي، مما يعني الخسارة المحتمة.

مميزة

قرن من الحروب الامريكية


ليست الولايات المتحدة الأميركية كسواها من المستعمرات السابقة، لأنها، بعد نيل استقلالها وتوطيد أركانها، باشرت سلسلة من التدخلات العسكرية، بشكل تضاعف إلى حد كبير في القرن العشرين. رغم ذلك، لم تبن الولايات المتحدة إمبراطورية استعمارية على غرار سالفاتها الفرنسية والبريطانية وإنما اعتمدت على جولات التدخل في هذا البلد أو ذلك، لإسقاط حكومة هنا، وحماية “مصلحة قومية حيوية” هناك. وعلى الرغم من أن هذا التدخل التزم في البداية دائرة إقليمية، فحصر مجاله في الأميركيتين وفقا لمبدأ مونرو، ألا أنه سرعان ما امتد التدخل في غضون الحرب الباردة وما تلاها ليشمل مختلف القارات.
في ما يلي لائحة صاغها زولتان غروسمان عن التدخلات العسكرية الأميركية على امتداد قرن. ونشر في كتاب “لماذا يكره العالم أميركا” ؟ لضياء الدين سرادار وميريل واين ديفيز (دار فايار).
داكوتا الجنوبية-1890
قوات أرضية قتل 300 هندي الأكوتاس في واندو ودكني.
الأرجنتين – 1890
قوات أرضية. حماية المصالح في بوانيس أيرس.
تشيلي 1891
قوات أرضية. مواجهة بين البحرية والمتمردين المحليين.
هايتي، 1891
قوات أرضية، قمع ثورة العمال السود في جزيرة ناقاسا من قبل الولايات المتحدة.
أيدهو، 1892
قوات أرضية، الجيش يقمع المضربين في مناجم الفضة.
هاواي، 1893؟
قوات بحرية، قوات أرضية. ضم المملكة المستقلة.
شيكاغو، 1894
قوات على الأرض. قمع المضربين في سكك الحديد – 340 قتيلا
نيكاراغو، 1894-1895
قوات أرضية. احتلال “بلوفيلد” لمدة شهر.
الصين 1894-1895
القوات البحرية، قوات أرضية، دخول قوات المارينز.
كوريا، 1894-1896
قوات أرضية، توقيف لقوات مارينز في سيول أثناء النزاع.
باناما، 1895
قوات أرضية، قوات بحرية. دخول المارينز إلى الريف الكولومبي.
نيكاراغوا، 1896
قوات أرضية، دخول قوات المارينز إلى مرفأ كورينتو؟.
الصين، 1898-1900
قوات أرضية. القوات الأجنبية تحارب الـ”بوكسيرز”.
الفيلبين، 1898-1900؟
قوات بحرية، قوات أرضية. الاستيلاء على الفيلبين، الممتلكات الأسبانية 600 ألف قتيل فيلبيني.
كوبا 1898-1902؟
قوات بحرية، قوات أرضية. الاستيلاء على كوبا، ممتلكات إسبانية. صمود قاعدة بحرية.
بورتو ريكو 1898؟
قوات بحرية، قوات أرضية. الاستيلاء على بورتوركيو، ممتلكات إسبانية، استمرار الاحتلال.
غوام 1898؟
قوات بحرية، قوات أرضية. الاستيلاء على غوام.ممتلكات إسبانية. لا تزال مستعملة كقاعدة.
مينيزوتا، 1898
قوات أرضية، الجيش يواجه هنود الـ”شيبيواس” في لييش لايك.
نياكاراغو، 1898
قوات أرضية، دخول المارينز إلى مرفأ “سان خوان ديل سور”.
أيداهو،1899-1901
قوات أرضية. الجيش يحتل منجم”كوردالين”coeur dAlene
أوكلاهوما، 1901
قوات أرضية. الجيش يقمع ثورة هنود “الكربكس”.
باناما،1901-1904
قوات بحرية، قوات أرضية. فصل باناما عن كولومبيا في عام 1903، وضم منطقة القناة عام 1914 وضم منطقة القناة عام 1914، ولغلية عام1991.
هندوراس 1903
قوات أرضية. تدخل المارينز في الثورة
جمهورية الدومينيك، 1903-1904
قوات أرضية، حماية المصالح الأميركية المهددة من الثورة.
كوريا 1904-1905
قوات أرضية. دخول قوات المارينز أثناء الحرب بين اليابان وروسيا.
كوبا، 1906-1909
قوات أرضية. إنزال قوات المارينز في الوقت الذي كانت البلاد تجري فيه انتخاباتها الديموقراطية.
نيكاراغوا، 1907:
قوات أرضية. نشوء بروتوكول “دبلوماسية الولار”.
هوندوراس، 1907
قوات أرضية. إنزال قوات المارينز اثناء الحرب مع نيكاراغوا.
باناما، 1908:
قوات أرضية. تدخل قوات المارينز أثناء مواجهات انتخابية.
نيكاراغوا، 1910
قوات أرضية. إنزال قوات المارينز في بلوفيلدز وكورينتو.
هوندوراس، 1911.
قوات أرضية. حماية المصالح الأميركية المهددة من قبل الحرب الأهلية.
الصين 1911-1941
قوات بحرية، قوات أرضية. احتلال دائم مع وقوع انفجارات قوية.
كوبا، 1912
قوات أرضية. حماية المصالح الأميركية في هافانا.
باناما، 1912
قوات أرضية. إنزال قوات المارينز اثناء الإنتخابات.
هوندوارس، 1912
قوات أرضية، قوات المارينز تحمي المصالح الاقتصادية الأميركية .
نيكاراغوا، 1912،1933
قوات أرضية، قصف دائم. عشرون سنة من الاحتلال.
معارك مع الثوار.
مكسيك، 1913
قوات بحرية. إخلاء القوات الأميركية أثناء الثورة.
جمهورية الدمينيك، 1914
قوات بحرية. معارك إلى جانب الثوار للاستيلاء على السان دومينيك.
كولورادو، 1914
قوات أرضية، الجيش أوقف إضراب عمال المناجم.
المكسيك، 1914-1918
قوات بحرية، قوات أرضية. سلسلة تدخلات ضد الوطنيين.
هايتيي 1914-1934
قوات أرضية، قصف متواصل. تسعة عشر عاما من الاحتلال تلت محاولات التمرد.
جمهورية الدمينيك، 1916-1624
قوات أرضية. 8 سنوات من الاحتلال من قبل المارينز.
كوبا، 1917-1933
قوات أرضية. احتلال عسكري، خضوع لنظام الحماية الاقتصادية.
الحرب العالمية الأولى: 1917-1918
قوات بحرية، قوات أرضية. معارك ضد ألمانيا.
روسيا، 1918-1922
قوات بحرية، قوات أرضية. خمس إنزالات بحرية لمحاربة “البولوشفيين”.
باناما، 1918-1920
قوات. أرضية. “عمليات بوليسية” تلي المشاكل التي أعقبت الانتخابات.
يوغوسلافيا، 1919
قوات أرضية، إنزال المارينز في “رالماسي” لمساعدة إيطاليا في مواجهتها مع صربيا.
هوندوراس، 1919
قوات أرضية. إنزال قوات المارينز أثناء الحملةالانتخابية.
غواتيمالا، 1920
قوات أرضية. 15 يوم من التدخلات ضد الاتحاديين.
فيرجينيا الغربية، 1920-1921
قوات أرضية، قصف متواصل. الجيش يتدخل ضد عمال المناجم.
تركيا، 1922
قوات أرضية. معارك ضد الوطنيين في “سميرن” (إيزمير)
الصين، 1922،1927
قوات بحرية، قوات أرضية. نشر القوات أثناء الثورة الوطنية.
هوندوراس، 1924-1925
قوات أرضية. إنزال المارينز مرتين أثناء المعركة الانتخابية.
باناما، 1925
قوات قمع الإضراب العام من قبل المارينز.
الصين، 1927-1934
قوات أرضية. انتشار المارينز في جميع أنحاء البلاد.
سلفادور،1932
قوات بحرية. بعث معدات حربية أثناء ثورة فابريانو مارتي.
واشنطن، 1932
قوات أرضية. الجيش يضع حد لمظاهرة قدامى المحاربين في الحرب العالمية الأولى المطالبين بتعويضات مالية.
الحرب العالمية الثالثة: 1941-1945
قوات بحرية، قوات أرضية، قصف دائم، قنبلة نووية.
ديترويت 1943
قوات. الجيش يقمع” ثورة السود”
إيران، 1946
تحذير نووي. وجوب انسحاب القوات السوفياتية من الشمال (الازير بايجيان الإيراني).
يوغوسلافيا، 1946
قوات بحرية، استنفار أميركي بعد إنزال طائرة أميركية.
أوروغواي، 1947
تهديد نووي. نشر القوات المسلحة للتخويف
اليونان، 1947، 1949
الولايات المتحدة توجه اليمين المتشدد أثناء الحرب الأهلية.
الصين، 1948، 1949
قوات أرضية. قوات المارينز تخلي المنطقة من الأميركيين قبل انتصار الشيوعيين.
ألمانيا 1984
تهديد نووي. مسلحون أميركيون ذوو تجهيزات نووية يحمون الجسر الجوي في برلين
الفليبين، 1948،1954
الـ”أي أي” توجه المتمردين “الهوكس”.
بوتكوريكو، 1950
قمع المتمردين الاستقلالين في “بوتس”
كوريا، 1950-1953
قوات أرضية، بحرية، قصف، تهديد نووي. حالة مسدودة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية من جهة والصين وكوريا الشمالية من جهة أخرى. تهديد باللجوء للقنبلة(A) عام 1950، وجود قواعد أميركية حتى يومنا هذا.
إيران 1953
الـ”سي أي أي” تسقط الديموقراطية وتضع الشاه على رأس السلطة.
فيتنام 1954
تهديد نووي. اقتراح بتقديم قنابل للفرنسيين المحاصرين.
غوانتلاما، 1954
قصف، تهديد نووي. الـ”سي أي أي” ترأس عملية إنزال المنفيين بعد تأميم أراض تابعة لشركات أميركية من قبل الحكومة الجديدة. نشر مسلحين في نيكاراغوا.
فيتنام، 1960،1975
قوات أرضية، قوات بحرية، قصف، تهديد نووي. معارك ضد الـ”فيت-كونغ” في الفيتنام الجنوبية وضد الفيتنام الشمالية: مليون إلى مليوني قتيل في أطول الحروب الأميركية. التهديد باللجوء إلى القنبلة النووية، بين 1968-1967
كوبا، 1961
فشل محاولة إنزال المنفيين المعادين لكاسترو، والتي قادتها ال”سي أي أي”.
ألمانيا 1961
تهديد نووي. حذر عالمي أثناء أزمة جدار برلين.
كوبا، 1962
تهديد نووي، حصار بحري اثناء أزمة الصواريخ. تجنب الحرب مع روسيا في اللحظة الأخيرة.
لاووس، 1962
تنام النفوذ العسكري اثناء حرب العصابات.
مصر، 1956
تهديد نووي، قوات أرضية. الطلب من السوفيات عدم التدخل في أزمة السويس. قيام المارينز بإخلاء المنطقة من الجانب.
لبنان، 1958
قوات ارضية، قوات بحرية. قمع المارينز لثورة المتمردين.
العراق، 1958
تهديد نووي. إنذار العراق بعدم اجتياح الكويت.
الصين، 1958
تهديد نووي، مطالبة بعدم التحرك ضد تايوان.
باناما، 1958
قوات أرضية. مظاهرات ضد رفع العلم تؤدي إلى مواجهات عنيفة.
باناما، 1964
قوات أرضية. باناميون يفتحون النار لاسترجاع القناة.
إندونيسيا، 1965
مليون قتيل في الإنقلاب الذي دعمته الـ”سي أي أي”.
جمهورية الدمينيك، 1965،1966
قوات أرضية. إنزال لقوات المارينز أثناء الحملة الانتخابية.
غواتيمالا، 1966،1967
الـBERETS~VERTS يتدخلون ضد المتمردين.
ديترويت 1967
قوات أرضية. مواجهة بين الجيش والواطنين السود، 43 قتيلا
الولايات المتحدة ،1968
قوات أرضية. انتشار 61 ألف جندي في البلاد بعد اغتيال مارتن لوثر كينغ
كمبوديا، 1969، 1975
قصف، قوات أرضية، قوات بحرية. مليونا قتيل خلال 6سنوات من القصف، المجاعة والفوضى السياسية.
عمان، 1970
الولايات المتحدة تقود عملية إنزال القوات البرية الإيرانية.
لاوس، 1971، 1973
الولايات المتحدة تقود عملية اجتياح الفيتنام الجنوبي. “سجادة قنابل” في المناطق الريفية.
داكوتا الجنوبية، 1973
الجيش يقود حصار لاكوتاس في واونديد كني.
الشرق الأوسط، 1973
تهديد نووي. حذر عالمي أثناء حرب 1973
التشيلي، 1973
الـ”سي أي أي” تدعم انقلابا أسقط الرئيس الماركسي المنتخب سلفادور الليندي.
كامبوديا، 1975
قوات أرضية، قصف، غاز. تفتيش مركب بحري، وقوع 28 قتيلا في حادث هليكوبتر.
أنغولا، 1967، 1992
الـ”سي أي أي” تساعد المتمردين المدعومين من قبل إفريقيا الجنوبية.
إيران، 1980
قوات أرضة، تهديد نووي، فشل نحاولات القصف. محاولة تحرير الرهائن في السفارة. سقوط 8جنود في حادث هليكوبتر. إنذار السوفيات بعدم التدخل في الثورة.
لبيا، 1981
jets بحرية.
سلفادور 1981-1992
قوات أرضية. بعث مستشارين، تحليق جوي لدعم الحرب على المتمردين. اشتباكات قصيرة بسبب الرهائن.
نيكاراغوا، 1981-1990
قوات بحرية. الـ”سي أي أي” تدير عملية إنزال المبعدين المعاديين للثورة وتزرع الغاما ضد القوات الثورة.
لبنان،1982-1984
قوات بحرية، قصف، قوات أرضية. قوات المارينز تطرد منظمة التحرير الفلسطينية وتساعد ميليشيا الكتائب. المواقع السورية تخضع لقصف القوات البحرية المسلحة.
هوندواس، 1983-1989
قوات أرضية. المساعدة على بناء قواعد بالقرب من الحدود.
غرانادا، 1983-1984
قوات أرضية، قصف، دخول الجزيرة بعد 4 سنوات من الثورة.
إيران، 1984
تحليق طيران، إسقاط طائرتين إيرانيتين في الخليج الفارسي.
ليبيا، 1986
قصف، قوات بحرية. ضربات جوية لإسقاط الحكومة الوطنية.
بوليفيا،1986
قوات أرضية. الجيش يساهم في الحملة ضد الكوكايين.
إيران، 1987-1988
قوات بحرية، قصف. الولايات المتحدة تتدخل لصالح العراق خلال الحرب.
ليبيا، 1981
jet بحرية
الجزر العذارى 1989
قوات أرضية. مشاكل مع السكان السود.
الفيلبين،1989
تحليق طيران، غطاء جوي لحماية الحكومة من خطر الانقلابات.
باناما، 1989،1990
قوات أرضية، قصف، 27 ألف جندي يطردون الحكومة الوطنية، توقيف القادية، أكثر من 200 قتيل.
ليبيريا، 1990
قوات أرضية. إخلاء المنطقة من السكان الأجانب.
السعودية، 1990-1991
قوات أرضية، طيران. احتجاج على العراق بعد غزوه لدولة الكويت، 54 ألف جندي إلى عمان. قطر، البحرية، الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل
العراق، 1990
قوات بحرية، قصف،قوات أرضية حصارات المرافئ العراقية والأردنية، ضربات أكثر من 200 ألف قتيل عملية غزو العراق والكويت، إنشاء منطقة حظر جوي في الشمال الكردي والجنوبي الشيعي. تدمير شامل للقوة العسكرية العراقية.
الكويت، 1991
قوات بحرية، قوات أرضية، استعراش العائلة الملكية الكويتية.
لويس أنجلوس، 1992، 1992
قوات أرضة. الاستعانة بالجيش والمارنز لقمع الفتنة ضد الشرطة.
الصومال، 1992-1994
قوات أرضية، قوات بحرية، قصف. احتلال من قبل الأمم المتحدة بطلب من الولايات المتحدة خلال الحرب الأهلية. حملة على الفتنة في مقاديشو.
يوغسلافيا، 1992-1994
قوات بحرية. حصار حلف الأطلسي لصربيا ومونتينغرو.
البوسنة، 1993-1995
طيران، قصف منطقة حظر جوي خلال الحرب الأهلية. إسقاط طائرات. قصف على الضرب.
هايتي، 1994-1996
قوات أرضية، قوات بحرية. حصار على الحكومة العسكرية. بعث قوات الرئيس ارتيزيد إلى الحكم بعد الانقلاب.
كرواتيا، 1995
قصف، الاعتداء على المنطقة الجوية الصربية في كاراجينا قبل الهجوم الصربي.
زائير (كونغو) 1996-1997
قوات أرضية. بعث قوات المارينز إلى مخيمات اللاجئين الهوتسي في رواندا، في المنطقة التي بدأت فيها الثورة الكونغولية.
ليبريا، 1997
قوات أرضية. الجنود يطلقون النار أثناء إخلاء الأجانب للمنظمة.
ألبانيا، 1997
قوات أرضية الجنود يطلقون النار أثناء إخلاء الأجانب للمنظمة..
السودان، 1998
صواريخ. الهجوم على مصنع أدوات صيدلة، اعتقد أنه مصنع “إرهابي” لتصنيع مادة النوروتوكسيك
أفغانستان، 1998
صواريخ الهجوم على مخيمات تدريبية سابقة للـ”سي أي أي” استولت عليها جماعات إسلامية أصولية متهمنة بالعمليات ضد السفارات الأميركية.
العراق، 1998
قصف، صواريخ. أربعة أيام من القصف الجوي المكثف بعدما بالسماح لهم بدخول بعض المواقع.

المركز العربي للدراسات المستقبلية

مميزة

المخدرات وآلة الحرب الأميركية >>>>>>مقابلة أجراها ماكسيم شيكس مع بيتر دال سكوت


مقابلة أجراها ماكسيم شيكس مع بيتر دال سكوت
عن موقع Raiseau Voltaire
18 تموز / يوليو 2013

بيتر دال سكوت هو شاعر وأستاذ في العلوم السياسية واللغة الانكليزية في جامعة كاليفورنيا (باركلي) وديبلوماسي كندي سابق. من مؤلفاته كتاب بعنوان “الطريق نحو الفوضى العالمية الجديدة” (مترجم إلى الفرنسية). كتابه الأخير يحمل عنوان “آلة الحرب الأميركية” (مترجم أيضاً إلى الفرنسية). وهو متقاعد حالياً ويعكف على وضع دراسة تفصيلية للنظام القائم في الولايات المتحدة.

ـ في كتابكم الأخير “آلة الحرب الأميركية”، أجريتم دراسة معمقة لما أسميتموه بـ “شبكة المخدرات العالمية”. هل يمكنكم أن تضيئوا لنا على هذا الموضوع ؟

* قبل كل شيء، اسمحوا لي بأن أعرف ما أقصده بـ “شبكة المخدرات”. فالمخدرات لا تدخل إلى الولايات المتحدة بطرق سحرية. ففي بعض الأحيان يتم إدخال شحنات كبيرة من المخدرات إلى الولايات المتحدة بموافقة أو / وبتواطؤ مباشر من قبل وكالة الاستخبارات المركزية. يمكنني إيضاح ذلك بمثال من كتابي “آلة الحرب الأميركية”. أتحدث في هذا الكتاب عن الجنرال رامون جوليان دافيلا، مدير إحدى وحدات مكافحة المخدرات التي أنشأتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي) في فنزويلا، والذي اتهم في ميامي بإدخال طن من الكوكايين إلى الولايات المتحدة بطريقة سرية. بحسب نيويورك تايمز، وافقت سي آي إي، رغم اعتراضات إدارة مكافحة المخدرات، على إدخال طن على الأقل من الكوكايين الصافي عبر مطار ميامي الدولي، وذلك كوسيلة للحصول على معلومات عن مجمعات المخدرات في كولومبيا. وتقول صحيفة وول ستريت جورنال بأن الجنرال دافيلا قد أدخل إلى الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية ما مجموعه 22 طناً من المخدرات. ومع هذا، لم تطلب السلطات الأميركية إلى فنزويلا تسليمه لمحاكمته. فوق ذلك، وعندما أوقف دافيلا في فنزويلا، عام 2007، بتهمة التخطيط لاغتيال هيغو شافيز، كان ملف التهمة الموجهة إليه ما يزال محفوظاً في ميامي. ولا عجب في ذلك، فالرجل كان يتعاون مع سي آي إي.

غير أن شبكة المخدرات التي تديرها سي آي إي لا تقتصر على الولايات المتحدة وفنزويلا. فهذه الشبكة توسعت باستمرار خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. فالحقيقة أن الولايات المتحدة سعت إلى ممارسة نفوذها في عدد من مناطق العالم، ولكن لم يكن بإمكانها، بوصفها دولة ديموقراطية، أن ترسل الجيش الأميركي إلى تلك المناطق. وعلى هذا قامت بإنشاء “جيوش إسناد” بتمويل من مهربي المخدرات المحليين. وشيئاً فشيئاً، أصبح هذا النمط العملاني قاعدة عامة. وهذه المسألة هي من الموضوعات الرئيسية التي أعالجها في كتابي “آلة الحرب الأميركية”. فقد درست فيه تحديداً “عملية بابر” التي أطلقت عام 1950 من قبل جيش تشكل من أنصار شانغ كاي شيك الفارين من الثورة الصينية إلى برمانيا حيث قاموا بتنظيم عمليات تهريب المخدرات في المنطقة. وعندما تبين أن هذا الجيش لم يكن فاعلاً بالمرة، عمدت سي آي إي إلى تشكيل قواتها الخاصة في تايلند. وقد اعترف الضابط المسؤول عن هذه القوات بأنها كانت تمول عملياتها من خلال ضبط كميات كبيرة من المخدرات.

ومن خلال عملهم على التوسع في تهريب المخدرات في جنوب شرق آسيا، شكل أنصار شانغ كاي شيك، بوصفهم جيشاً للإسناد، شكلوا سابقة لما سيصبح عادة معتمدة من قبل سي آي إي : التعاون السري ـ من أجل شن الحروب في الهند الصينية وبحر الصين الجنوبي خلال فترة الخمسينات والستينات والسبعينات ـ مع جماعات تحصل على التمويل بفضل المخدرات، ثم في أفغانستان وأميركا الوسطى في فترة الثمانينات، وبعدها في كولومبيا خلال فترة التسعينات، قبل العودة مجدداً إلى أفغانستان في العام 2001. ومن يقف وراء ذلك هي الدوائر التابعة لـ سي آي إي، أي الفرق المكلفة بإدارة العمليات السرية. ويمكننا أن نلاحظ منذ نهاية الحرب كيف أن عملاء هذه الدوائر الذين يحصلون على التمويل بفضل ما تحققه عمليات تهريب المخدرات من أرباح، ينتقلون من قارة إلى قارة لتنفيذ المهام وفق الترسيمة نفسها. وهذا ما يسمح لنا بالحديث عن وجود شبكة عالمية للمخدرات.

ـ فوق ذلك، تلاحظ في كتابك “آلة الحرب الأميركية” أن إنتاج المخدرات غالباً ما يزدهر في المناطق التي يتم فيها تدخل الجيش الأميركي و/أو أجهزة الاستخبارات الأميركية، وأنه يتراجع مع نهاية مثل هذه التدخلات. هل تعتقد، في ظل الانسحاب التدريجي لقوات الناتو، أن إنتاج المخدرات في أفغانستان سينخفض مع الانسحاب الكامل ؟

* من المهم أن نلاحظ في الحالة الأفغانية أن المنطقة الحدودية الأفغانية ـ الباكستانية قد أصبحت مركزية في تهريب الأفيون على المستوى الدولي خلال فترة السبعينات، وذلك بالتوازي مع انحسار التهريب في جنوب شرق آسيا. وخلال فترة الثمانينات، تعززت أنشطة سي آي إي بشكل واسع ولكن غير مباشر ضد الاتحاد السوفياتي في الحرب الأفغانية. وقد تباهى زبيغنيو بريجنسكي أمام الرئيس كارتر بكونه قد جعل للسوفيات “فييتنام خاصة بهم” في أفغانستان. ولكنه، نشر في الوقت نفسه وباء الهيرويين في الولايات المتحدة. فالواقع أن كميات ضئيلة من الأفيون كانت تنتقل من الهلال الذهبي إلى الولايات المتحدة قبل العام 1979. غير أن إحصاءات رسمية بينت أن 60 بالمئة من الهيرويين الذي دخل إلى الولايات المتحدة هو ممول رئيسي للحروب الاميركية
وكما ذكرت في كتابي “آلة الحرب الأميركية”، فإن التكلفة الاجتماعية لتلك الحرب التي تتغذى على المخدرات ما تزال ماثلة بتداعياتها حتى اليوم. على سبيل المثال، هنالك اليوم خمسة ملايين مدمن على الهيرويين في باكستان وحدها. مع الإشارة إلى أن الولايات المتحدة قد كثفت في العام 2001، وبالتعاون مع جماعات التهريب، من المحاولات الهادفة إلى فرض عملية بناء قومي في معظم أرجاء ذلك البلد الذي يضم ما لا يقل عن اثنتي عشرة مجموعة إتنية كبرى تتكلم لغات مختلفة. ففي تلك الفترة، لم يكن هنالك أي غموض في نية الولايات المتحدة باستخدام مهربي المخدرات في مشروعها للتمركز في أفغانستان. فقد أنشأت سي أي إي تحالفاً خاصاً بها عام 2001 من أجل مواجهة طالبان من خلال تجنيد ـ وحتى استيراد ـ مهربي مخدرات سبق وتعاملوا معها في فترة الثمانينات. وكما في لاوس عام 1959، وأفغانستان عام 1980، شكل التدخل الأميركي نعمة لشركات المخدرات العالمية. فمع توسع الفوضى في المناطق الريفية الأفغانية وتسارع حركة النقل الجوي، ارتفع إنتاج الأفيون بمستوى يزيد على الضعفين، وذلك من 3276 طناً عام 2000 إلى 8200 طن عام 2007، بعد أن مقتصراً على 185 طناً عام 2001، أي عندما منع من قبل طالبان.

وقد بات من غير الممكن اليوم تحديد مسار تطور إنتاج المخدرات في أفغانستان. وإذا ما اكتفت الولايات المتحدة والناتو بالانسحاب وإخلاء المجال للفوضى، فإن الجميع سيتضررون من ذلك باستثناء المهربين الذين سيستفيدون من تلك الفوضى في أنشطتهم غير الشرعية. لذا، فإن التعاون ضروري بين أفغانستان وجميع البلدان المجاورة بما فيها روسيا والصين المجاورتين لبلدان آسيا الوسطى. وقد اقترح “المجلس الدولي للأمن والتنمية” شراء الأفيون الأفغاني واستخدامه للأغراض الطبية في بلدان العالم الثالث حيث الحاجة إلى ذلك ماسة جداً. لكن واشنطن تعارض هذا الإجراء الذي يصعب تنفيذه بسبب غياب نظام متين وفعال للمحافظة على الأمن. وأياً يكن الأمر، لا بد من إيجاد حل متعدد الأطراف تشارك فيه إيران التي تعاني بشكل كبير من تهريب المخدرات القادمة من أفغانستان. خصوصاً وأن إيران هي البلد الأكثر نشاطاً في مكافحة تصدير المخدرات الأفغانية والذي يتعرض لأكبر الخسائر البشرية بفعل أنشطة التهريب. وعلى هذا الأساس، لا بد من الاعتراف بإيران كحليف مركز في مكافحة هذا الوباء. ولكن المشكلة أن أسباباً أخرى تجعل الغرب يتعامل مع إيران كعدو.

ـ كتابك “آلة الحرب الأميركية” يبين تحديداً كيف أن قسماً مهماً من عائدات المخدرات يغذي النظام المصرفي العالمي، ومنه مصارف الولايات المتحدة، ليشكل بذلك “اقتصاد مخدرات” حقيقي. كيف تنظرون من هذا المنظور إلى قضية “اتحاد مصارف هونغ-شنغهاي” البريطاني (إتش إس بي سي) ؟

* قبل كل شيء، تقودنا فضيحة تبيض الأموال من قبل شبيسي إلى الاعتقاد بأن استخدام أرباح المخدرات من قبل هذا المصرف يمكنه أن يكون قد أسهم في تمويل الإرهاب، على ما كشفته إحدى لجان مجلس الشيوخ الأميركي في تموز / يوليو 2012. فوق ذلك، ذكر تقرير جديد صادر عن مجلس الشيوخ أن “ما بين 300 مليار دولار و1000 مليار دولار تأتي من مصادر إجرامية يتم تبييضها سنوياً من قبل مختلف مصارف العالم، وأن نصف هذه الأموال تمر عبر مصارف في الولايات المتحدة”. وفي هذا السياق، تشرح لنا المصادر الحكومية أن “إتش إس بي سي” لن يصار إلى تفكيكه لأنه أكثر من مهم في الهندسة المالية الغربية. وهنا، لا بد من أن نتذكر أن آنطونيو ماريا كوستا، مدير “مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والجريمة” قد أكد “أن المليارات التي تتحصل من المخدرات حالت في العام 2008، لحظة وصول الأزمة المالية العالمية إلى ذروتها، دون انهيار النظام المالي العالمي”.
لقد اتفق “إتش إس بي سي” مع وزارة العدل الأميركية على أن يدفع غرامة بمقدار 1،92 مليار دولار لتجنب ملاحقته قضائياً. وهكذا، نفهم من حكومة الولايات المتحدة أن أحداً لن تتم ملاحقته بسبب هذا النوع من الجرائم، لأن هذا المصرف يشكل، كما ذكرت آنفاً، جزأً لا يتجزأ من النظام المالي. إنه اعتراف حاسم. ففي الواقع، أن جميع المصارف الكبرى ذات الأهمية بما هي متكاملة مع النظام، وليس “إتش إس بي سي” وحده، قد أقرت بأنها أقامت فروعاً خاصة جرى تصميمها لتبييض المال الوسخ (المصارف الخاصة). بعضها دفع غرامات باهظة لكنها تظل في العادة أقل بكثير مما تحققه من أرباح عن طريق تبييض الأموال. ومهما بقيت هذه المخالفات بمنأى عن المحاسبة، فإن النظام سيستمر بالعمل على هذا المنوال. إنها فضيحة حقيقية. تصوروا شخصاً عادياً يتم إيقافه وبحوزته بضعة غرامات من الكوكايين. من الأرجح أنه سيسجن، لكن “إتش إس بي سي” يمكنها أن تقوم بتبييض حوالي 7 مليارات دولار من عائدات المخدرات عن طريق فرعها المكسيكي دون أن يسجن أحد. ففي الواقع، تشكل المخدرات أحد العناصر الرئيسية الداعمة للدولار. ومن هنا جاءت عبارة “ناركونومي” (اقتصاد المخدرات).

إن السلع الثلاث الأولى التي يجري تبادلها في التجارة العالمية هي البترول ثم الأسلحة والمخدرات، وهذه العناصر متصلة ببعضها البعض، وهي ما يغذي المصارف بالطريقة ذاتها، وهذا ما يفسر استيعاب النظام المصرفي العالمي لمعظم أموال تجارة المخدرات. ولهذا السبب بينت في كتابي “آلة الحرب الأميركية” كيف أن قسماً من عائدات المخدرات يستخدم في تمويل بعض العمليات العسكرية السرية التي تنفذها الولايات المتحدة، كما قمت بتحليل تداعيات ذلك.

ـ منذ عشر سنوات، شنت إدارة بوش حربها على العراق دون المرور بمجلس الأمن الدولي. ما هي النتائج التي استخلصتموها من هذه الحرب، تحديداً من زاوية تكلفتها البشرية والمالية ؟

* بنظري، هنالك كارثتان كبيرتان في السياسة الخارجية التي اعتمدها الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة. هاتان الكارثتان هما حرب فييتنام التي لم تكن ضرورية، وحرب العراق التي كانت أقل من ضرورية. كان الهدف المعلن لحرب العراق هو إقامة الديموقراطية في هذا البلد، الأمر الذي لم يكن غير وهم حقيقي. فالشعب العراقي هو وحده من يقرر إذا ما كان يعيش حالياً في ظروف أفضل مما كانت عليه قبل الحرب. وأنا أشك في أنه سيجيب بـ “نعم” فيما لو تمت مشاورته حول هذا الموضوع.
كانت هذه الحرب كارثة من زاوية تكلفتها البشرية والمالية، وذلك بالنسبة لكل من العراق والولايات المتحدة. غير أن نائب الرئيس السابق، ديك تشيني، صرح مؤخراً بأنه كان سيعود إلى فعل الشيء نفسه “في هذه الدقيقة”. والواقع أن الفاينانشال تايمز قد ذكرت مؤخراً أن عقوداً وقعت من قبل متعاقدين مع حكومة الولايات المتحدة بأكثر من 138 مليار دولار في إطار إعادة إعمار العراق

الحرب على العراق .. مشروع القرن الأميركي الجديد
وحدها شركة “كيلوغ براون وروت”، وهي أحد فروع هاليبورتن التي كان يرئسها ديك تشيني قبل أن يصبح نائباً للرئيس، وقعت عقوداً فيدرالية بما لا يقل عن 39،5 مليار دولار منذ العام 2003. ولا بد من أن نتذكر أيضاً أن ديك تشيني ودونالد رامسفيلد قد وقعا نهاية العام 2000، أي قبل عام من 11/9، على دراسة هامة تم إعدادها من قبل جماعة الضغط التابعة للمحافظين الجدد والتي تحمل اسم “مشروع القرن الأميركي الجديد”. والدراسة المذكورة تحمل عنوان “إعادة بناء الدفاعات الأميركية” وتطالب تحديداً بإضافة زيادة كبيرة على موازنة الدفاع، وبقلب نظام الحكم في العراق، وبإبقاء الجيوش الأميركية في منطقة الخليج الفارسي حتى بعد سقوط الدكتاتور العراقي.
وبالرغم من التكلفة البشرية والمالية للحرب على العراق، فإن بعض الشركات الخاصة قد حققت فوائد ضخمة من هذه الحرب، كما شرحت في كتابي “آلة الحرب الأميركية”. وأخيراً عندما نلاحظ التوترات الحادة في الشرق الأدنى، بين الشيعة المدعومين من إيران والسنة المدعومين من المملكة العربية السعودية وقطر، لا يجب أن ننسى أن الحرب على العراق لعبت دوراً كبيراً في زعزعة هذه المنطقة.

ـ بالمناسبة، ما هي وجهة نظرك حول الوضع في سوريا والحلول الممكنة لهذا الصراع ؟
* بالنظر إلى الوضع المعقد في هذا البلد، ليست هنالك إجابة بسيطة حول ما ينبغي فعله في سوريا، أقله على المستوى المحلي. مع هذا، أنا مقتنع بما أنا ديبلوماسي سابق، أننا بحاجة إلى توافق بين القوى الكبرى. فروسيا تصر على ضرورة التمسك باتفاق جنيف. لكن هذا ليس موقف الولايات المتحدة التي سبق لها أن تجاوزت قرار مجلس الأمن بخصوص ليبيا، والتي تحاول الآن كسر إمكانية التفاهم بخصوص سوريا. ذلك ما لا ينبغي فعله بنظري لأن التوافق الدولي ضروري، وإلا فإنه من الممكن للحرب بالوكالة بين الشيعة والسنة في الشرق الأدنى أن تجر السعودية وإيران إلى المواجهة. وهذا قد يجر إلى مواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا. فقد نشبت الحرب العالمية الأولى بهذه الصورة حيث أن شرارتها كانت حدثاً محلياً في البوسنة. والحرب العالمية الثانية بدأت بحرب بالوكالة في إسبانيا. يمكننا ويتوجب علينا أن نتجنب تكرار مثل هذه المآسي.

ـ ولكن ألا تعتقدون بأن الولايات المتحدة تسعى اليوم، على العكس من ذلك، إلى التفاهم مع روسيا، بشكل أساسي من خلال ديبلوماسية جون كيري ؟
* لكي أجيبك، اسمح لي بأن ألفت إلى التشابه بين ما جرى في أفغانستان وآسيا الوسطى، خلال فترة التسعينات، بعد الانسحاب السوفياتي. المشكلة التي تتردد كثيرا في الولايات المتحدة تتعلق بصعوبة التوصل إلى توافق داخل الحكومة، بسبب وجود الكثير من الوكالات التي تسعى إلى تحقيق أغراض متعارضة. ينجم عن هذا عدم وجود إمكانية للتوصل إلى سياسة متماسكة وموحدة، وهذا تحديداً ما لاحظناه على مستوى أفغانستان في العام 1990.
كانت وزارة الخارجية الأميركية تريد التوصل بأي ثمن إلى اتفاق مع روسيا، لكن سي آي إي كانت تواصل العمل مع حلفائها تجار المخدرات و/أو الجهاديين في أفغانستان الذين لم يكن في نيتهم إنهاء هذا التعاون. وبالتالي، كان هنالك، إلى حد ما، نوع من التنافس في أفغانستان بين وزارة الخارجية ووكالة الاستخبارات. وفي تلك الفترة، أصاب ستروبي تالبوت، وهو صديق مقرب للرئيس كلينتون، وكان يمثله في وزارة الخارجية، عندما صرح بأن على الولايات المتحدة أن تتوصل إلى اتفاق مع روسيا في آسيا الوسطى، لا أن تنظر إلى تلك المنطقة على أنها “رقعة شطرنج كبيرة” نستطيع فيها، وفق مفهوم زبيغنيو بريجنسكي، أن نحرك الأحداث بالشكل الملائم لنا. إلا أن سي آي إي والبنتاغون كانا يعقدان في الوقت نفسه اتفاقات سرية مع أوزبكستان، وهذه الاتفاقات نسفت كل ما كان يسعى ستروبي إلى تحقيقه. وأنا لا أعتقد اليوم بأن مثل هذه الانقسامات الداخلية بين الأجهزة الديبلوماسية والأمنية في الولايات المتحدة قد تلاشت.
على أي حال، فإن عقيدة وولفوويتز التي اعتمدت اعتباراً من العام 2001، كانت تدعو منذ العام 1992 إلى إحكام السيطرة الأميركية الكاملة على العالم. بموازاة ذلك، سعت عناصر أكثر اعتدالاً في وزارة الخارجية إلى إيجاد حلول سلمية وتفاوضية عن طريق الأمم المتحدة. إلا أنه من غير الممكن التفاوض من أجل السلام في وقت ندعو فيه إلى السيطرة على العالم بالقوة العسكرية. ولسوء الحظ، كانت الغلبة في معظم الأحيان للصقور المتشددين، وذلك لسبب وجيه وبسيط هو استئثارهم بالميزانيات الأكبر، الأمر الذي أسهم في تعزيز آلة الحرب الأميركية. فالواقع أن التوصل إلى تسويات ديبلوماسية يفضي فوراً إلى تضاؤل ميزانيات الصقور، وهذا ما يفسر كون أسوأ الحلول هي ما تتجه نحو الهيمنة على السياسة الخارجية الأميركية. وهذا ما قد يمنع التوصل، تحديداً، إلى توافق ديبلوماسي بين الولايات المتحدة وروسيا حول الصراع السوري.

Raiseau Voltaire

مميزة

قواعد واشنطن: مسار أميركا إلى الحرب الدائمة


شغل مستقبلُ القوة الأميركية المفكرين منذ عقود، خاصة عقب سقوط الاتحاد السوفياتي، وانتقال العالم إلى نظام الأحادية القطبية وسيطرة الولايات المتحدة. ومن أهم المؤلفات الصادرة منذئذ حول الموضوع كتاب المؤرخ بول كينيدي -أستاذ التاريخ بجامعة ييل الأميركية- بعنوان «قيام وسقوط القوى العظمى» وقد أكد من خلاله أن تصاعد تكاليف الإمبراطوريات بما يتجاوز عوائدها يؤدي لسقوطها، وكتاب جوزيف ناي -أكاديمي ومسؤول سابق بالبنتاغون- «حتمية القيادة الأميركية» الذي طرح مفهوم الطبيعة المتغيرة للقوة الأميركية، وأنها بخصائصها اللينة تستطيع الاستمرار رغم تغير معطياتها الداخلية وظروف العالم الموضوعية. وتناول المسألة أيضا المؤرخ الاقتصادي البريطاني نيال فيرغسون في كتابه «الصنم: قيام وسقوط الإمبراطورية الأميركية» حيث بدا متشائما إزاء مستقبل القوة الأميركية مقارنة بكتبه المبكرة، نظرًا لعدم عقلانية السلوك الاقتصادي الأميركي في العقود الماضية وسيره نحو الفوضى، خاصة في أعقاب الأزمة المالية الأميركية العالمية أواخر عام 2008. وقدم الاقتصادي الأميركي جوزيف ستغلتز الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد والأستاذ بجامعة كولومبيا رؤيته في كتاب «السقوط إلى الهاوية» وهو عنوان واضح الدلالة على مستقبل الرأسمالية وقلعتها.

وقد رأى مفكرون أميركيون أن علة التجربة الأميركية مشروعها الإمبراطوري، الذي يمثل نقيضا لمشروعها كجمهورية «أرض الأحرار» و« دار الشجعان»، حيث تمارس نفوذها عالميًا بالمثال الديمقراطي وقيم الحرية وتقرير المصير. لكن الجذور الأولى للمشروع الأميركي حملت ملامح المشروع الإمبراطوري التوسعي التدخلي. فالدستور يعطي الرئيس صلاحيات شبه إمبراطورية، والروح الأميركية التي تستلهم «الوعد الإلهي» و«أرض الميعاد» وتمثلات أمة الإيمان و «مدينة على جبل» في العهد القديم، تكرس الطبيعة التوسعية للمشروع الأميركي. ويتفاقم الأمر بنزعة التدخل القائمة على فكرة خطرة بالوجدان الأميركي تقول بفردانية وتميز الثورة الأميركية وأنها الثورة الشرعية الحقة، وبارتباط قيام الولايات المتحدة بدور هام لها في الأجندة الإلهية ومصير البشرية.

وهناك أكثر من مشروع وجهد فكري لدراسة المشروع الإمبراطوري الأميركي منذ تسعينات القرن الماضي، من بينها كتاب السياسي المحافظ والمرشح الرئاسي الجمهوري السابق باتريك بيوكانن؛ ومؤلفات المفكر والأكاديمي الراحل تشالمرز جونسن (1931-2010) وهو الأبرز بهذا المجال. فقد شارك بتأسيس «مشروع الإمبراطورية الأميركية» البحثي، وله مؤلفات أخرى مثل: «النكسة: تكاليف وعواقب الإمبراطورية الأميركية» و«أحزان إمبراطورية: النزعة العسكرية، والسرية، ونهاية الجمهورية»؛ و«أيام الجمهورية الأميركية الأخيرة». وشارك بتأسيس هذا المشروع المفكر توم إنغلهارت، ويصدر نشرة فكرية، ونشر له: «نهاية ثقافة النصر: أميركا الحرب الباردة وخيبة أمل جيل»؛ و«الطريقة الأمريكية في الحرب: كيف أصبحت حروب بوش حروبا لأوباما»، وضمت صفحة تقريظ الأخير أسماء المفكرين المعارضين للنزعة الإمبراطورية مثل آدم هوتشايلد، ريبكا سولنِت، جوان كول، ووفي صدارتهم أندرو باسيفيتش مؤلف الكتاب الذي نعرضه. ويلاحظ أن هؤلاء المفكرين تتفاوت مواقفهم الفكرية بين محافظ وليبرالي ويساري، لكنهم لا يتمتعون بالقبول في الأوساط الصهيونية، خاصة اللوبي الإسرائيلي وأنصاره بالكونغرس والبيت الأبيض.

مبدأ حديقتنا أولا

مؤلف الكتاب أندرو باسيفيتش أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية بجامعة بوسطن، وعقيد متقاعد من الجيش الأميركي. وهو مؤلف كتاب «النزعة العسكرية الأميركية الجديدة»، ولديه كتب أخرى. ونشرت دراساته بمجلات مثل «فورين أفيرز» و«أتلانتيك منثلي» و«نيشن»، وصحف مثل «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» و«وول ستريت جورنال».

يقول باسيفيتش إن العالم -كما يقال باستمرار- أصبح أصغر من أي وقت مضى، وأكثر تعقيدا وخطورة. لذلك يصبح ضروريا للدولة أن تكثف الجهود المبذولة «للحفاظ على أمن أميركا» ودعم قضية السلام العالمي في آن واحد. ويتطلب تحقيق هذه الأهداف أن تخصص الولايات المتحدة مزيدا من الأموال لوزارة الدفاع لتطوير وسائل جديدة للحصول على القوة، ولتكون متأهبة لحملات جديدة تعتبر ضرورية لإحلال السلام (أو لتحرير) أحد الأماكن المضطربة في العالم. ويمكن ببعض الصعوبة حساب تكلفة هذه الجهود، حيث تصرف مليارات الدولارات، لتضاف سنويا إلى الدَيْن القومي، وعدد الجنود الأميركيين القتلى والجرحى.

وضمن مستوى أعمق، نجد أن التكاليف الاقتصادية والاستراتيجية والإنسانية الناجمة عن سياسات واشنطن الإمبراطورية والتدخلية أضخم وأفدح من أن يتم قياسها. فهناك عائلات مزقها فقدان أحد أفرادها؛ وجنود يحملون ندوب القتال الجسدية أو النفسية؛ واستمرار بيروقراطية ثقيلة الوطء تقتات على جو السرية والمواراة والخداع الصريح وتشويه الأولويات القومية. حيث تمتص كبريات الشركات والمصالح الصناعية العسكرية الموارد القومية وتحرفها عن الضرورات والأولويات، بالإضافة إلى التدمير البيئي الذي يأتي نتاجا ثانويا للحرب والاستعداد لها؛ وإضعاف ثقافة الحياة المدنية لصالح عسكرة المجتمع. وينتج هذا عندما يتحمل الجنود وحدهم أعباء شن الحروب الدائمة، بينما تدعي غالبية المواطنين تبجيلهم، حتى لو كانوا يتجاهلونهم أو ينتفعون بخدمتهم.

المبرر الذي يمكن تقديمه في هذا السياق هو أن واجبات قيادة الولايات المتحدة العالمية تتطلب أن تتولى بنفسها معالجة مشكلات تعاني منها باكستان واليمن والصومال، بالقدر الذي يفرض عليها التصدي لمشكلات تعاني منها أفغانستان والعراق. وبينما هناك أدلة قليلة تشير لاحتمال جدوى هذه الجهود، لا دليل مطلقا يشير إلى أن جهود أميركا ستدعم السلام العالمي. أما إن كان هدف واشنطن الحقيقي -كما يظن كثيرون- أقرب للسيطرة والهيمنة، فسنجد أدلة وفيرة تظهر أنه مشروع هزيمة للذات.

يتساءل منتقدو السياسات الأميركية عن جدوى محاولة إعادة تشكيل العالم قسرا على صورة أميركا. فهم يعتقدون أن مجرد المحاولة مسعًى فاسدٌ وشكل إمبريالي ونزوع نحو العسكرة، مما يقوض المؤسسات الجمهورية بالبلاد. ليس هذا رأي حزب واحد، بل هنالك وجهات نظر كثيرة تتبنى هذا الرأي، وتصر على أنه إذا ما كان للولايات المتحدة مهمة ما، فهي أن تكون نموذجا للحرية لا أن تفرض هذا النموذج.

ومن المعارضين جورج كينان الدبلوماسي الشهير الذي تحول لاحقا إلى مؤرخ، وهو محافظ ثقافيا، وكذلك السيناتور وليم فولبرايت ليبرالي عالمي التوجه. وهناك أيضا الناقد الاجتماعي المؤثر كريستوفر لاش، وهو يقدم نفسه كمفكر راديكالي، وأيضا مارتن لوثر كنغ، الذي يمكن القول إنه الشخصية الأخلاقية الأكثر تأثيرا في القرن الأميركي الماضي.

كتب كينان إلى أحد معارفه أثناء الحرب الكورية قائلا إن الأميركيين يعرضون بلادهم ومصالحهم للأذى لفترة طويلة جدا. وكان قد كتب «يبدو لي أن بلدنا تشوهه عيوب كثيرة -بعضها خطير جدا- ونحن مدركون لوجودها بشكل شامل، لكننا نفتقر إلى التصميم وقوة المجتمع المدني اللازمين لتصحيحها»، وهنا الخطر الحقيقي. وأضاف أن «ما يجب أن يكون على المحك هو واجبنا تجاه أنفسنا وتجاه مُثلِنا القومية». وفي إحدى محاضراته قبل فترة، عاد كينان إلى هذا الموضوع حيث قال إن المراقبين من الخارج يرون أميركا بلا هدف اجتماعي ملموس أعلى من الإثراء الذاتي للفرد، حيث يحدث هذا الإثراء أولا في سلع مادية وأدوات تثار الشكوك حول فائدتها في تحقيق رضا أعمق بالحياة، وهذه رؤية تفشل في بث الحماسة والثقة في المستقبل.

وكان كينان يؤمن أنه بدلا من الهوس بشأن الخطر الذي يمثله الاتحاد السوفياتي، تحتاج الأمة الأميركية لترتيب بيتها من الداخل، بإظهار القدرة على رعاية «علاقة سليمة حقيقية بين الإنسان والطبيعة، وبين الإنسان ونفسه». يمكن للأميركيين «عندها وللمرة الأولى أن يكون لديهم ما يقولونه للناس في أي مكان آخر»، وربما يصيرون أيضا «مصدر إلهام للآخرين».

بعد عِقد على مقولات كينان، وفي خضم حرب أخرى مثيرة للشكوك، يقيّم السيناتور فولبرايت تداعيات الاعتقاد بأن رخاء ورفاه الولايات المتحدة نفسها يتطلب التدخل المستمر بشؤون الدول. فكتب أنه «ليس واجبًا ولا حقًا للولايات المتحدة أن تصنف مشكلات العالم بأن حلها يحتاج لتطبيق قواعد واشنطن». وكتب فولبرايت -رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ- أنه «تحدث أشياء كثيرة بأماكن كثيرة، وهي إما أنها لا تخصنا أو تعنينا أو هي على أي حال خارج نطاق قوتنا أو مواردنا أو حكمتنا». لقد مضى وقت طويل جدًا بالنسبة للولايات المتحدة لتكرّس نفسها فقط لفعل الخير في العالم، سواء بالجهود المباشرة أو بقوة القدوة والمثال الذي تقدمه. وأن تتخلى عن «فكرة التبشير الحافلة بمزاعم كونها شرطيَّ العالم».

ووافقه على ذلك كريستوفر لاش الذي قضى عشرات السنين في تشريح الثقافة الأميركية بجرأة، قائلا إن «الوعد الحقيقي الذي تقدمه الحياة الأميركية نجده في الأمل في أن تكون الجمهورية التي تمثل مصدرا لإلهام بقية العالم أخلاقيًا وسياسيًا، وليست مركزا لإمبراطورية العالم الجديدة».

وذهب مارتن لوثر كنغ أبعد من ذلك. ففي خطابه ربيع عام 1967، عن الحرب في فيتنام، أصر على أن الوقت حان «لكل من لديهم ضمير كي يدعوا أميركا للعودة إلى الوطن». وقبل أن تحاول أميركا إنقاذ الآخرين، ينبغي لها الاعتراف بخطاياها وأوجه قصورها وتصحيحها.

وبالنسبة لأي من هؤلاء الرجال، فإن العودة إلى الوطن لا تعني السلبية أو العزلة. إنها تعني إعادة النظر في الأولويات القومية. وطغيان النزعة العسكرية على السياسة الأميركية، والمتمثلة قبل كل شيء بحرب فيتنام، حوّل انتباه البلاد عن مواصلة دعوتها الحقيقية. فلا يزال العمل الشاق لتكوين مجتمع حر أبعد ما يكون عن الانتهاء. ولن تتمكن الولايات المتحدة من التعامل مع ما أشار إليه مارتن لوثر كنغ بـ«الثالوث العملاق: العنصرية، والمادية، والعسكرة»، إلا بالابتعاد عن الحرب.

يستحق المبدأ الأساسي الذي يؤمن به كل من هؤلاء الرجال أن يجدد فيه النظر اليوم، وهذا المبدأ هو أحد أشكال القناعات التي وضعها لأول مرة المؤسسون لمبدأ “زراعة حديقتنا أولا». وجوهر هذا المبدأ هو أن تحقق أميركا ذاتها وتتمثل قيمها التأسيسية، وتسعى لإنجاز التطلعات التي تمت صياغتها في إعلان الاستقلال والدستور الأميركي، بحسب تأويلاتها المتواترة والمتتابعة لاحقا، وفي ضوء خبرات تم اكتسابها.

ومن ثم فإن الهدف السليم للسياسة الأميركية ليس تخليص البشرية أو فرض نظام عالمي محدد، ولا العمل شرطيًا لكوكب الأرض بقوة السلاح. بل إتاحة الفرصة للأميركيين لتأكيد حقهم في تحديد اختياراتهم وغاياتهم وسعيهم لإقامة اتحاد أفضل في بلادهم. وأي سياسة تعرقل هذا المشروع، كما تفعل الحرب المفتوحة، تعد سياسة ضالة وخبيثة.

ومن خلال إظهار جدوى تأسيس منهج للحياة قائم على القيم الإنسانية الليبرالية، قد تساعد الولايات المتحدة على إضاءة الطريق أمام من يسعون إلى الحرية. أو كما صاغها راندولف بورن بقوله إن «التحول في الداخل أساسي لنتمكن من العطاء بدون مقابل». إلا أن سمة «العطاء بدون مقابل» تعد فائدة إضافية- مكافأة- وليست الغاية المركزية للحياة الأميركية.

وإذا كانت الولايات المتحدة لديهامهمة إنقاذ، فهي قبل كل شيء إنقاذ نفسها. وفي هذا الشأن، تحتاج قائمة الشرور (العنصرية والمادية والعسكرة) التي سجلها الدكتور مارتن لوثر كنغ إلى شيء من التغيير والتبديل. إن عدد الخطايا التي تتطلب التكفير عنها حاليا يتجاوز الثلاث خطايا. ومع ذلك فإن كنغ -بإصراره أن على أميركا شفاء روحها أولا- يظل اليوم هو الحكيم الذي يحسن الأميركيون صنعا بالإصغاء إليه.

الثالوث البديل

بحسب باسيفيتش، هنالك أيضًا تقليد بديل يمكن للأميركيين أن يلوذوا به، إذا ما اختاروا ذلك. و يرجع هذا المبدأ إلى أصول الجمهورية المضادة للإمبريالية، التي كاد يطويها النسيان. و يتلخص هذا المبدأ في شعار «لا تعبث بمصيري»، وهو تقليد يحث على عدم السعي لإثارة المشكلات، لكن يصر على منح الآخرين الاحترام الواجب للولايات المتحدة. وليتم تحديثه بما يتناسب مع العصر الحالي، يمكن ترجمة هذا الشعار إلى البديل التالي للثالوث المقدس الذي شخّصه مارتن لوثر كنغ.

أولاً: إن غاية الجيش الأميركي ليس محاربة الشر أو إعادة تشكيل العالم، بل الدفاع عن الولايات المتحدة ومصالحها الأكثر حيوية. ومع أن القوة العسكرية تظل ضرورية، لكنها بذاتها ليست جيدة ولا مرغوبة. فأي دولة تُعرّف نفسها من خلال هيمنتها العسكرية، تضع نفسها على طريق الهلاك، وهو ما أدركته الأجيال السابقة من الأميركيين بالفطرة. أما التفوق العسكري، فإن الدروس المستفادة بشأنه من الماضي واضحة تماما، فهو وهم والسعي وراءه دعوة للفساد. لذلك، ينبغي للولايات المتحدة الحفاظ فقط على القوات اللازمة لإنجاز مهمة الدفاع الأساسية للمؤسسة العسكرية.

ثانيًا: موقع العمل الرئيسي للجندي الأميركي هو أميركا. ولا ينبغي للجيش الأميركي أن يتحول إلى شرطي في العالم أو قوة احتلال. إلا أن أسبابا عديدة قد تستدعي إقامة وجود عسكري بالخارج مؤقتًا. وبدلا من أن يصير هذا هو القاعدة، وجب على الأميركيين أن يعتبروا ذلك شذوذًا يستلزم نقاشًا عامًا وتفويضًا مسبقًا من الكونغرس. ويُعد تفكيك الشبكة الواسعة من قواعد البنتاغون العسكرية القائمة عملية طويلة. حيث ينبغي إعطاء أولوية التفكيك لمناطق جغرافية يكلف فيها الوجود الأميركي كثيرًا ويحقق قليلاً. ووفقا لهذه المعايير، ينبغي للقوات الأميركية الانسحاب فورًا من الخليج ووسط آسيا.

ثالثًا: اتفاقًا مع مبدأ الحرب العادلة، ينبغي للولايات المتحدة عدم استخدام القوة إلا عندما تكون هي الحل الأخير، على أن يكون هذا في حالة الدفاع عن النفس فقط. أما مبدأ الرئيس السابق بوش (الابن) الخاص بالحرب الوقائية -يحق للولايات المتحدة منح نفسها حقًا حصريًا باستخدام القوة ضد تهديدات مزعومة حتى قبل تجسد هذه التهديدات- فهو مبدأ غير مقبول أخلاقيًا واستراتيجيًا، وهو النقيض الفعلي للحكمة السياسية المستنيرة. لقد فرض جورج بوش (الابن) هذا المبدأ مسبقًا ليبرر غزوًا مضللاً بلا ضرورة للعراق عام 2003. ولا يزال هذا المبدأ ينتظر إلغاء صريحًا من سلطات واشنطن. وعلى الولايات المتحدة ألا تشن مرة أخرى «حرب اختيار» في ضوء أوهام تقول إن العنف يوفر طريقًا مختصرًا لحل تعقيدات التاريخ.

وعندما يصبح هذا الثالوث البديل أساسًا لصنع السياسة بواشنطن، ستليها تغيرات هائلة في موقف الأمن القومي للولايات المتحدة. وسيتم حينها خفض الإنفاق العسكري بشكل ملموس؛ وسيتقلص تواجد وزارة الدفاع الأميركية عالميًا، وستنخفض أرباح مصانع الأسلحة، كما ستغلق الشركات «الاستشارية» بمحيط واشنطن -والتي تقدم خدماتها للحكومة- أبوابها. كما ستتضاءل صفوف مراكز الأبحاث المتخصصة بشؤون الدفاع. وستضيِق هذه التغيرات بدورها مجال الخيارات المتاحة لاستخدام القوة، وستلزم صناع السياسات بمزيد من ضبط النفس إزاء التدخل في الدول الأخرى. ومع التخلص من تخصيص موارد لإعادة إعمار بغداد أو كابول، فإن قضية إعادة إعمار كليفلاند وديترويت قد تجذب أخيرًا الاهتمام.

اختيار

كان الرئيس ليندون جونسن يأمل أن يكون الإرث الذي يتركه، برنامج الإصلاح الداخلي الطموح المعروف بـ«المجتمع العظيم». لكن بدلاً من ذلك، ترك جونسن لخلفه أمة منقسمة بمرارة، تعاني مشكلات كثيرة ويشيع فيها التشاؤم. وكان اتباع نهج مختلف سيتطلب من جونسن الخروج عن قواعد واشنطن. حيث افتقد جونسن كغيره من الرؤساء الشجاعة اللازمة لذلك.

هنا يكمن المغزى الحقيقي -وربما المأساوي أيضا- في قرار الرئيس باراك أوباما، خلال سنته الرئاسية الأولى، بتصعيد الجهد الحربي الأميركي بأفغانستان. وعندما أبقى أوباما روبرت غيتس وزيرًا للدفاع وعيّن جنرالاً مستشارًا للأمن القومي وآخر مديرًا للمخابرات، أكد أنه لا يفكر في التحول عن النمط القائم لسياسات الأمن القومي، بقصد أو بغير قصد. فقد قدم الرئيس بهذه القرارات ولاءه الكامل لـ«إجماع واشنطن»، وأزال أي شكوك عالقة بشأن استمرارية هذا الولاء.

وبرر أوباما في خطابه الذي ألقاه مطلع ديسمبر/ كانون الأول عام 2009— حين شرح لطلاب أكاديمية «ويست بوينت» العسكرية أسبابًا تجعله يشعر بضرورة توسيع حرب دخلت عامها التاسع أنه «كما لم تفعل أي دولة أخرى، تعهدت الولايات المتحدة بضمان الأمن العالمي لأكثر من ستة عقود، وهو وقت شهد انهيار الأسوار وفتح الأسواق وإنقاذ الملايين من الفقر، وتقدمًا علميًا غير مسبوق، وآفاقا متقدمة لحرية الإنسان». وأراد أوباما أن يعرف الجميع أنه بإرسال قوات إضافية بعشرات الآلاف للقتال بأفغانستان، تستكمل إدارته عملاً بدأه أسلافه، وأن سياساتهم سياساته.

العقود الستة التي أشار إليها أوباما في تقديمه الذي يجمل التاريخ الحديث ببراعة، هي سنوات صعود العقيدة الأميركية والثالوث الأميركي المقدس (العنصرية والمادية والعسكرة) إلى موقع تفوق وسيطرة بلا جدال. هذا ما فعله الرئيس الذي جاء إلى السلطة متعهدا بتغيير طريقة عمل واشنطن، لقد أعرب عن نيته في إبقاء هذا العنصر بالغ الأهمية والموروث من الإدارات السابقة دون مساس. ومثل جونسن الذي تبنى أجندة إصلاح داخلي جريئة، لكنه اضطر للتوافق مع الواقع القائم، اختار أوباما أيضا التوافق مع إجماع واشنطن.

ويتضح أن أي تصوّر حول تسامح واشنطن مع أي منهج يعيد التفكير بقواعد واشنطن، يعد مشاركة في الخداع المتعمد للذات. فواشنطن لديها الكثير لتخسره إذا فعلت ذلك. وإن كان للتغيير أن يأتي يومًا، فيجب أن يأتي من الشعب. وطالما لم يدرك الأميركيون الحقيقة، فستستمر واشنطن في طريقها.

لذلك فإن الحاجة إلى التعليم -استدعاء الأميركيين لتحمل مسؤوليات المواطنة الفاعلة المرتبطة بقضايا الأمة- أصبحت حاجة ماسة. وبالنسبة لباسيفيتش، فقد صار التعليم ممكنًا منذ زمن طويل. أما مواجهة الأوهام (بما فيها أوهامه الشخصية) -وتشريح المتناقضات المحيطة بالسياسة الأميركية- فهي عملية مؤلمة وصعبة. لكنها تضمنت لحظات ابتهاج عظيم، كما حررته من الأوهام. إن الوعي الذاتي والقدرة على رؤية الأشياء هبة عظيمة.

يعتقد المؤلف أن على الأميركيين اليوم أن يحسبوا حساب التعارض متفاوت النسب والأقدار. فمن خلال وعودها بالازدهار والسلام، تدفع قواعد واشنطن بالولايات المتحدة نحو الحروب المتواصلة والإفلاس. وفي الأفق يلوح حطام سفينة أسطورية. ويرى أن الاعتراف بالخطر الذي تواجهه البلاد يعني أن نجعل التعليم ممكنًا، وربما تغيير المسار ممكنًا أيضًا. أما تجاهل الخطر بشكل إرادي فيعني التواطؤ على تدمير ما يعلن معظم الأميركيون اعتزازهم به. نحن أيضا علينا أن نختار، بحسب باسيفيتش

المصدر:مركز الرافدين

مميزة

بقلم: المهدي داريوس ناظم روايا/ ————- الحلف الأطلسي و إسرائيل أدوات أمريكا للحرب في الشرق الأوسط


الحلف الأطلسي و إسرائيل أدوات أمريكا للحرب في الشرق الأوسط
المهدي داريوش ناظم رعایا / المهدي داريوس نازيمروايا
دور الحلف الأطلسي في حروب الشرق الأوسط الشرق

أضحى الحلف الأطلسي أداة لدعم الأهداف البريطانية الأمريكية والفرنسية الألمانية. ورغم خلافات داخلية بين أعضائه، فإن مصالح الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل ـ التي أضحت تعامل منذ ٢٠٠٥ كعضو فعلي في الحلف ـ ترتبط بشكل وثيق داخله.

عسكرة الخليج العربي والمشرق طرف القوات الأجنبية

تمت عسكرة الشرق الأوسط منذ نهاية السبعينيات على مرحلتين متباينتين؛ فكانت الأولى بريطانية- أمريكية، انطلقت مع الحرب بين العراق وإيران، وتمثلت الثانية في جهد موحد للحلف الأطلسي، ولفرنسا وألمانيا فيها دور مركزي.
ورغم أن عسكرة المشرق قد بدأت بعد الحرب العالمية الثانية بإنشاء إسرائيل، فإن الحلف الأطلسي لم يكن له دور واضح في هذا المسلسل إلا منذ إطلاق ” الحرب العالمية على الإرهاب” سنة ٢٠٠١.

“باريس وبرلين تكشفا دورهما في “الحرب العالمية على الإرهاب”

منذ انطلاق “الحرب العالمية على الإرهاب،” ساند الاتحاد الأوروبي بشكل فعلي، تابعا في ذلك فرنسا وألمانيا، السياسة الخارجية البريطانية ـ الأمريكية. وأسفر ذلك عن انتشار واسع النطاق لوحدات الحلف الأطلسي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. ويرتقب أن يضطلع كل من الحلف الأطلسي وإسرائيل بمسؤوليات أكبر في حال اندلاع مواجهات إقليمية مستقبلية مع إيران وسوريا. وهذا واضح عندما نراقب تمركز جيوش الحلف الأطلسي والبوارج الحربية في الشرق الأوسط وأفغانستان وعلى كل من الحدود الإيرانية والسورية.

مبادرة السلام العربية : اتفاقية مكة و الفصل بـين غزة والضفة الغربية

لا يمكن فهم الوجهة التي يقود إليها الخط المرسوم في أنابوليس، الفلسطينيين والمشرق، دون فهم ما حدث في فلسطين منذ ٢٠٠١. للوصول إلى أنابوليس يجب أن نقر بما حصل بين حركتي حماس وفتح وبالخديعة المحكمة المتمثلة في دور السعودية في اتفاقية مكة وبالأهداف البعيدة المدى لأمريكا وحلفائها في الشرق الأوسط وعلى ساحل البحر الأبيض المتوسط.

لقد أدركت أمريكا والاتحاد الأوروبي أن حركة فتح لا تمثل الإرادة الشعبية للفلسطينيين وأن أحزاب أخرى يمكن أن تنزع السلطة من بين يدي حركة فتح. وهذا ما لا يروق إسرائيل والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لأنهم بحاجة لقادة فتح الفاسدين لكي يطبقوا مخططاتهم البعيدة المدى في الأراضي الفلسطينية المحتلة وشرق البحر الأبيض المتوسط و الشرق الأوسط.
في سنة ٢٠٠٥ بدأت وزارة الخارجية للولايات المتحدة وإسرائيل تتهيآن لمواجهة فوز حركة حماس في الانتخابات الفلسطينية؛ ووقتها وضعت استراتيجية لتصفية ليس حركة حماس فحسب، بل كل أشكال المقاومة الفلسطينية الشرعية للمخططات الأجنبية التي ارتهنت الفلسطينيين منذ “النكبة.”
كانت إسرائيل وأمريكا وحلفائهما، ومن ضمنهم الاتحاد الأوروبي، يدركون أن حركة حماس لن تقبل أبدا بما تخططه واشنطن للفلسطينيين و للشرق الأوسط؛ بمعنى أن حماس تعارض بكل بساطة مشروع “الشرق الأوسط الجديد” والاتحاد المتوسطي الذي سيتمخض عنه في المشرق. وخلال هذا المسار كانت مبادرة السلام العربية لسنة ٢٠٠٢ هي البوابة التي ستسمح بإقامة كل من الشرق الأوسط الجديد والاتحاد المتوسطي.
فمع قيام السعوديين بدورهم ضمن المبادرة الأمريكية المتعلقة بـ “الشرق الأوسط الجديد”، تم الإيقاع بحركة فتح ودفعها لمحاربة حركة حماس حتى يتوجب إيجاد اتفاقية بين الطرفين. وهكذا قبلت حركة حماس بالتوصل إلى اتفاقية لحرصها، بصفتها الحزب الفلسطيني الحاكم، على صيانة الوحدة الفلسطينية. وهنا دخلت السعودية مجددا على الخط، من خلال دورها في ترتيب اتفاقية مكة، ولم تكن السعودية قد اعترفت بعد دبلوماسيا بحركة حماس. غير أن هذه الاتفاقية لم تكن سوى فخ للإيقاع بحركة حماس، حيث لم يكن واردا منذ البداية أن تبرم هدنة بين الحركتين لتدوم، ولا أن تشكل حكومة وحدة وطنية لتستمر. فاتفاقية مكة قد حددت مسبقا لإضفاء الشرعية على الذي سيحدث فيما بعد، والمتمثل في إشعال حرب أهلية فلسطينية مصغرة في غزة.
وبعد توقيع اتفاقية مكة تلقى عناصر من حركة فتح بقيادة محمد دحلان (الخاضع لتوجيهات الأمريكي كيت دايتون) أمرا من أمريكا وإسرائيل بالإطاحة بالحكومة الفلسطينية التي تقودها حركة حماس. ولا يستبعد وجود مخططين احتياطيين، حيث كان سيعتمد أولهما في حالة انتصار حركة فتح، ويعتمد الثاني (وهو الأرجح) في حالة فشلها. وكان هذا المخطط الثاني يرمي إلى تشكيل حكومتين، أولاهما في غزة بقيادة إسماعيل هنية و حركة حماس، والثانية في الضفة الغربية بزعامة محمود عباس و حركة فتح. ولقد طالب محمود عباس وشركاؤه بتشكيل مجلس نيابي موازي في الضفة، وهو مجلس ليس له من النيابة إلا الإسم. [١] ولقد سمحت فعلا اتفاقية الطائف لحركة فتح بإدارة الضفة الغربية على مرحلتين. وبما أن الحكومة قد شكلت بعد اتفاقية مكة استغلت حركة فتح انسحابها من هذه الحكومة لوصم حكومة إسماعيل هنية بعدم الشرعية. وحدث هذا في الوقت الذي كان فيه تصاعد الصراعات في غزة يحول دون إجراء انتخابات فلسطينية جديدة. ووضع محمود عباس كذلك في موقع يسمح له بتأكيد حقه الشرعي في تشكيل حكومته في الضفة؛ وهي الحكومة التي كانت ستعتبر دوليا غير شرعية لولا اتفاقية مكة. ولم يكن كذلك من الصدف أن الشخص الذي اختير لرآسة حكومة عباس هو سالم فياض الذي كان مستخدما في البنك الدولي. وبتنحية حركة حماس وفصلها عن السلطة بالضفة الغربية كانت الأجواء مهيأة لأمرين : تقديم اقتراحات باستقدام قوات عسكرية دولية للأراضي الفلسطينية وعقد مؤتمر أنابوليس. [٢]

قمة السلام في أنابوليس : إخبار بأحداث قادمة

أوردت قناة الجزيرة أن الاتفاقات الموقعة بين محمود عباس وإسرائيل قبل مؤتمر أنابوليس، والتي سميت “إعلان مبادئ” تضمن ألا يكون للفلسطينيين قوات مسلحة عندما يمنح للضفة الغربية نوع من تقرير المصير. وتطالب الاتفاقيات كذلك باندماج اقتصاديات العالم العربي مع إسرائيل ونشر قوات دولية، على غرار ما هو حاصل في البوسنة وكوسوفو، للإشراف على تطبيق هذه الاتفاقات في الأراضي الفلسطينية. وهذا هو السر في السعي إلى تصفية حركة حماس وإضفاء الشرعية على محمود عباس.
وفي هذه النقطة بالذات يتجلى من جديد دور فرنسا وإنشاء الاتحاد المتوسطي. فلقد سبق لفرنسا، خلال سنوات عدة، وقبل “الحرب العالمية على الإرهاب” بكثير، أن طالبت بنشر قوات عسكرية تابعة للاتحاد الأوروبي أو للحلف الأطلسي في لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة. فيجب على شعوب الشرق الأوسط أن تتفطن لما يحاك لأوطانها.
ولقد سبق لدومينيك دو فلبان أن صرح في ١٩ فبراير ٢٠٠٤ أنه يمكن إرسال قوات أجنبية إلى غزة بمجرد ما تنسحب منها إسرائيل، ويمكن لمؤتمر دولي أن يضفي الشرعية على وجود هذه القوات باعتباره المرحلة الثانية في ورقة الطريق الإسرائيلية الفلسطينية، واعتباره جزءا في المبادرة من أجل “الشرق الأوسط الكبير” أو “الجديد.” [٣‎] ولقد تم الإدلاء بهذا التصريح قبل وصول حركة حماس إلى الحكم وقبل الاتفاق المبدئي لمحمود عباس. غير أن هذا أتي عقب المبادرة العربية المقترحة من طرف السعوديين.
وإذا نظرنا إلى هذه الأمور من هذه الزاوية يتضح أن ما يجري من أحداث في الشرق الأوسط يندرج ضمن ورقة طريق عسكرية سابقة عن “الحرب العالمية على الإرهاب”. وهذا يجرنا إلى اقتراح نيكولا ساركوزي المتعلق بالاتحاد المتوسطي. فاندماج اقتصاديات إسرائيل بالاقتصاديات العربية من شانها أن تطور شبكة من العلاقات الدولية التي سينسجها بشكل وثيق الفاعلون الدوليون لإجماع واشنطن. [*] وهكذا تعتبر مبادرة السلام العربية المقترحة من طرف السعوديين واتفاق المبادئ وأنابوليس مراحل على طريق إنشاء اندماج اقتصادي بين العالم العربي وإسرائيل، من خلال مشروع “الشرق الأوسط الجديد” ودمج دول حوض البحر الأبيض المتوسط في الاتحاد الأوروبي عبر الاتحاد المتوسطي. ووجود قوات عسكرية للحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي في لبنان يندرج في هذا السياق.

هل هو تدويل لقطاع غزة من طرف الحلف الأطلسي كما حدث سابقا في لبنان ؟

يوجد ما يكفي من الأدلة على أن الحرب الإسرائيلية ضد لبنان سنة ٢٠٠٦ قد خطط لها من طرف إسرائيل والولايات المتحدة و الحلف الأطلسي. [٤] وبعد انتشار قوات الحلف الأطلسي داخل لبنان تحت راية “اليونيفيل” كان من المخطط له أن تدخل هذه القوات قطاع غزة في المستقبل القريب. وكان من المقرر أن تنفذ إسرائيل، بموازاة الحرب على لبنان سنة ٢٠٠٦، حملة عسكرية كبيرة ضد قطاع غزة. وقال المسؤولون الإسرائيليون بأنه بعد الحرب بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين سيدخل الحلف الأطلسي قطاع غزة، حيث أن أفكدور ليبرمان وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية السابق (وزعيم الحزب اليميني المتطرف “إسرائيل بيتنا”) ونائب الوزير الأول وقتها، كان يرى في القطاع الوجهة الجديدة لـ “عمليات حفظ السلام” التي يتولها الحلف الأطلسي. ولقد ألح أفدكور ليبرمان أمام كوندوليزا رايس والمسؤولين الأمريكيين على “حتمية” تنفيذ عملية عسكرية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة وعلى ” وجوب أن تؤدي هذه العملية إلى انتشار ٠٠٠ ٣‎٠ جندي من قوات الحلف الأطلسي في القطاع” لمنع مزيد من التجمع الفلسطيني المسلح. [٥] وفي شهر مارس ٢٠٠٧ صرح كذلك عمير بيريتز عندما كان وزيرا للدفاع لإسرائيل بأن للجيش الإسرائيلي الإذن بالقيام بعمليات عسكرية في قطاع غزة. [٦]
ولقد تم القتال في القطاع المتوقع من طرف المسؤولين الإسرائيليين والقادة العسكريين، ولكن في البداية بين الفلسطينيين، ولم يبدأ الإسرائيليون عملياتهم إلا بعد ذلك. والذي قام بالعمل القذر بالوكالة عن الإسرائيليين هم عملاء فلسطينيون من قطاع غزة أمثال محمد دحلان. وحتى الإسرائيليون طالبوا بتدويل الحالة في قطاع غزة على غرار الحالة اللبنانية. أما محمود عباس قائد حركة فتح فقد تورط بتطبيق السيناريو الأمريكي الإسرائيلي حرفيا.

إسرائيل ذراع مسلح فعلي للحلف الأطلسي

قال أفكدور ليبرمان وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية : “يجب أن يكون الهدف الدبلوماسي والأمني لإسرائيل واضحا، ألا وهو الالتحاق بالحلف الأطلسي والدخول في الاتحاد الأوروبي.”٠
وهكذا أبرمت إسرائيل اتفاقية للتعاون العسكري رفيع المستوى مع الحلف الأطلسي وصرح أفكدور ليبرمان بأن على إسرائيل أن تكون قاعدة متقدمة للاتحاد الأوروبي وعضو فعلي في الحلف الأطلسي. [٧] وكان ليبرمان هو الذي قاد الاتصالات الإسرائيلية الرفيعة المستوى مع الحلف الأطلسي وحول ملف الحرب على إيران؛ كما شارك مع الولايات المتحدة و الحلف الأطلسي في تنسيق التحضيرات ضد سوريا وإيران.
ينظر لإسرائيل منذ إنشائها على أنها قاعدة متقدمة لما يسمى بـ”الغرب”، ولمصالحه في الشرق الأوسط والعالم العربي. وإسرائيل عضو فاعل في “عملية الجهد الفاعل في شرق البحر الأبيض المتوسط ” التي يتولاها الحلف الأطلسي. ورغم أن إسرائيل ليست عضوا في الحلف الأطلسي فهي تشكل مع تركيا العمود الفقري للقوات الأطلسية في الشرق الأوسط؛ والدولتان مهيأتان للقيام في المستقبل بدور عسكري حاسم في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
في نهاية سنة ٢٠٠٧، بدأت إسرائيل تؤكد أنها تلقت من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومن الحلف الأطلسي “الضوء الأخضر” للمبادرة بشن هجوم على إيران. وكان هذا سيؤدي إلى إشعال الشرق الأوسط. ولقد تابع الجيش الإسرائيلي تدريباته دون انقطاع وطلب الضباط من جنودهم الاستعداد لـ “حرب شاملة”.

إنشاء حواجز في الأراضي الفلسطينية : هل هي تحضيرات للمستقبل ؟

لقد تم تشبيه قطاع غزة من طرف الكثيرين في فلسطين وإسرائيل بسجن كبير. فالحركة فيه مقيدة والحق في التحرك منتهك وكل المنطقة محاطة بالحواجز والأسلاك الشائكة ولا زالت بعض المناطق محتلة من طرف الجيش الإسرائيلي الذي يستعملها كمساحات فاصلة.
تمثل الضفة الغربية منطقة شاسعة بالمقارنة مع قطاع غزة؛ فالقطاع يمتد على مساحة تغطي تقريبا ٣‎٦٠ كلم٢، وتفصلها عن إسرائيل حدود بطول 51 كلم؛ أما مساحة الضفة الغربية فتقدر بـ ٥٩٤٩ كلم٢ . وبالتالي فإنه من الأسهل على الجيش الإسرائيلي، اعتبارا لما يتطلبه ذلك من قوات عسكرية وموارد بشرية، أن يحاصر ويغلق بإحكام القطاع و يشدد مراقبته عليه من أن يفعل ذلك بالضفة. والذي سيتولى محاصرة المقاتلين الفلسطينيين في الضفة الغربية، إذا ما اندلعت حرب واسعة في الشرق الأوسط ، هي حركة فتح بمساعدة قوات أجنبية. ويمكن أن يندرج مشروع تدويل الوضع في قطاع غزة والضفة الغربية من خلال وجود قوات أجنية تابعة للحلف الأطلسي والدول العربية، في سياق الجهد المبذول لإقامة حاجز عسكري لحماية إسرائيل.
تم تعيين الجنرال الإسرائيلي غبي أشكينازي (Gabi Ashkenazi) ذي الأصل المزدوج سوري وبلغاري والذي له تجربة ميدانية بلبنان حيث أشرف على جيش الجنوب هناك، على رأس الجيش الإسرائيلي خلفا لدانييل حالوتز(Daniel Halutz). وكلف أشكينازي ببناء الحاجز الذي يسمى عادة “جدار الميز العنصري” بين الصفة الغربية وإسرائيل. ورغم عدم اكتماله فإن هذا الجدار قد وضع لمنع المقاتلين الفلسطينيين من الانتقال من الصفة الغربية إلى إسرائيل لمقاتلة الجيش الإسرائيلي، إذا ما نشبت حرب إقليمية.

إقامة حواجز إضافية بين لبنان وإسرائيل

إن قوات اليونيفيل التي انتشرت في جنوب لبنان بعد ٢٠٠٦ عقب قصف لبنان ليست كقوات اليونيفيل قبل ٢٠٠٦. فالتي انتشرت بعد ٢٠٠٦ كيان أقوى وأكثر استعدادا للحرب؛ وبالتالي يمكن أن تستعمل كذلك لحماية إسرائيل من المقاتلين اللبنانيين.
وهناك أمر آخر هام كذلك، متمثلا في إلقاء الجيش الإسرائيلي بـ 3 ملايين (أو أكثر) من القنابل العنقودية التي تسلمها من الولايات المتحدة، على الجنوب اللبناني خلال حرب تموز ٢٠٠٦. والأفظع هو أن إسرائيل سارعت إلى إغراق الجنوب اللبناني بهذه القنابل في الوقت الذي أوشكت فيه الهجمات الإسرائيلية على النهاية. ولا تفسير في بعض الأوجه لهذا الفعل إلا من خلال جغرافية المنطقة حيث يقع جنوب لبنان محاذيا لحدود إسرائيل الشمالية.
لقد كان زرع القنابل العنقودية بهذه الكثافة في جنوب لبنان عملا متعمدا لإنشاء حاجز إسرائيلي آخر لمواجهة مقاتلين محتملين في حرب مستقبلية في الشرق الأوسط. ولقد تحولت هذه القنابل العنقودية في واقع الأمر إلى ألغام أرضية قد تمنع أمواج المقاتلين اللبنانيين من الدخول إلى إسرائيل عند اندلاع حرب ضد إيران وسوريا والفلسطينيين ولبنان.

سيناريو لحرب إقليمية : تحضيرات إسرائيلية لعاصفة صواريخ انتقامية

سيكلف مشروع ” الشرق الأوسط الجديد” غاليا، وسيكون الثمن هو تفجير حرب. تتضمن عسكرة قطاع غزة عدة نقاط كما أنها مرتبطة بالتحضيرات لنزاع أوسع في الشرق الأوسط. فالهدف من نشر قوات أجنبية في القطاع والضفة، كما في لبنان، وتسوير الضفة الغربية هو منع الفلسطينيين من الانخراط في الحرب في حالة اندلاعها في الشرق الأوسط بين إسرائيل وأمريكا و الحلف الأطلسي من جهة، وسوريا وإيران وحلفائهما من جهة ثانية. ويقوم هذا التحليل على كون الحرب ضد إيران وسوريا ستضعف الجيش الإسرائيلي : فالقوات الإسرائيلية ستتعرض للصواريخ الإيرانية، وهو الأمر الذي تدركه جيدا مختلف المجموعات الفلسطينية المقاومة. فإذا ما اندلعت حرب إقليمية بين إسرائيل وإيران وسوريا، فسيجد الفلسطينيون أنفسهم على المستوى القتالي في الأراضي الفلسطينية المحتلة على قدم المساواة مع الإسرائيليين. وبالتالي ستتغير بشكل مباشر طبيعة الحرب بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني.أما الانقسامات داخل صفوف الفلسطينيين واللبنانيين فستقوض فعالية أي جهد عسكري منسق ضد إسرائيل عند اندلاع حرب أكثر اتساعا. وهذا ما تعرفه الساحة العراقية؛ فكلما انقسم العراقيون كلما كان جهدهم الحربي ضد الولايات المتحدة وحلفائها المحتلين للعراق أضعف. فلقد تم تكرار النكبة خارج فلسطين، أي في العراق. فلا يجب أن يساورنا شك بهذا الخصوص؛ فاحتلال العراق وفلسطين من طبيعة واحدة ومن صنع نفس المهندسين. إن مصدر ما تكابده بلاد الشام والعراق من آلام واحد.

هل هناك علاقة بين المحادثات حول دولة فلسطينية والحرب ؟

“إن الحرب التي نخوضها (نحن إسرائيل ) في الشرق الأوسط ليست حرب دولة إسرائيل فحسب…ونحن (إسرائيل ) في الخطوط الأولى.” هذا ما قاله أفيدكور ليبرمان وزير الشؤون الاستراتيجية السابق.

بعد اغتيال رفيق الحريري، أضحت ألمانيا وفرنسا أكثر انخراطا في التحرك الدبلوماسي بالشرق الأوسط. لقد تم تحريك الموارد الفرنسية والألمانية بشكل كامل ووضعها على الجبهة الدبلوماسية في خط المصالح البريطانية الأمريكية. فقبل قيامها بزيارة دولة لمصر، صرحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأن بلادها والاتحاد الأوروبي يطلقان من جديد مسلسل السلام العربي الإسرائيلي. [٨] وفي هذا الصدد نسق دبلوماسيون من فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي جهودهم مع السعودية لتهدئة الفلسطينيين. [٩]
يمكن أن نجد عدة أوجه للتشابه بين التوجه نحو حرب ٢٠٠٢ و ٢٠٠٣‎ المستهدفة للعراق والتوجه الحالي نحو حرب ضد سوريا وإيران. وأحد هذه الأوجه كان مبادرة الولايات المتحدة لإحياء ما سمي بـ “مسلسل السلام العربي الإسرائيلي “، والمساعدة على إقامة دولة فلسطينية مستقلة، قبل الاجتياح الأمريكي والبريطاني للعراق. فهناك علاقة وثيقة بين الحروب الأمريكية في الشرق الأوسط والانفتاح على العرب من أجل إقامة دولة فلسطينية. وكانت اتفاقيات أوسلو كذلك مرتبطة بهزيمة العراق سنة ١٩٩١ إبان حرب الخليج. فهل كان هذا هو ما جعل جورج بوش، خلال جولته الرئاسية في الشرق الأوسط وزيارته لإسرائيل، يتحدث عن التهديد الإيراني أكثر من حديثه عن السلام ؟
لعل تصريحات الولايات المتحدة المتعلقة بدولة للفلسطينيين، تهدف إلى حماية الحكومات الموالية لأمريكا في العالم العربي من أن تعصف بها ثورة شعبية عربية. تعتبر القضية الفلسطينية ومساندة الشعب الفلسطيني من القضايا التي من شأنها أن تؤدي إلى ربح أو فقدان القلوب والعقول في العالم العربي ولدى الكثير من الشعوب الإسلامية. ويستند هذا الرأي إلى أنه ما دام هناك هدوء على الجبهة الفلسطينية، فيمكن فتح جبهات أخرى دون أن تثور الجماهير في الشرق الأدنى وغيره.

مشاورات حول الحرب بين إسرائيل و الحلف الأطلسي ببروكسيل

“تتشكل شبكة متماسكة تضم الحلف الأطلسي وشرق البحر الأبيض المتوسط “و الحرب العالمية على الإرهاب.” في نهاية شهر يونيو ٢٠٠٧ أجرى أفدكور ليبرمان ومسؤولون إسرائيليون لقاءات رفيعة المستوى مع مسؤولين في الحلف الأطلسي بمقرات الحلف ببروكسيل. [١٠] ولقد تحدث نائب الكاتب العام للحلف الأطلسي الإيطالي أليساندرو مينوطو ريزو(Alessandro Minuto Rizzo) مع البعثة الإسرائيلية التي يقودها ليبرمان حول تقديم تاريخ نشر وحدات من قوات الحلف الأطلسي في قطاع غزة [١١]؛ كما تحدث الطرفان عن نشر قوات دولية في غزة لضبط النظام ومنع الفلسطينيين من التسلح. [١٢] وتناولت المحادثات إيران وقضية الحماية الجوية لإسرائيل وتعميق التعاون بين مصالح المخابرات لكل من الطرفين. [١٣‎] وبعد عودته إلى إسرائيل من هذه اللقاءات، أكد أفيدكور ليبرمان لإذاعة الجيش الإسرائيلي أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي قد منحوا إسرائيل “الضوء الأخضر لبدء حرب في الشرق الأوسط بشن هجوم على إيران في تاريخ لم يعلن. [١٤] وسبق للحلف الأطلسي أن أعطى في سنة ٢٠٠٤ لإسرائيل الضوء الأخضر لشن حرب على إيران في تاريخ لم يتم إعلانه، كما يستشف ذلك من هذا التصريح لخافيير سولانا (Javier Solana) المسؤول عن السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي والكاتب العام للحلف الأطلسي : ” إن إيران دولة معقدة، ولا يبدو أن إسرائيل تملك القدرة على تحديه.” (Der Tagesspiegel)

بعد عودته في بداية سنة ٢٠٠٧ من سفره إلى أوروبا الغربية والمحادثات التي أجراها في مقر القيادة العامة للحلف الأطلسي، قال أفدكور ليبرمان بأنه تلقى أمرا ضمنيا من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة و الحلف الأطلسي ببدء هجوك عسكري على إيران، وقال لإذاعة الجيش الإسرائيلي في رسالة موجهة للجنود بعد لقاءاته مع مسؤولين من الاتحاد الأوروبي، و الإسباني خوسيه ماريا أثنار (José Maria Aznar) ونائب الكاتب العام للحلف الأطلسي : “إذا بدأنا عمليات عسكرية بمفردنا ضد إيران، فإن أوروبا والولايات المتحدة سيساندوننا”. وأكد ليبرمان كذلك أنه كان من المستحيل على الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفائهما شن حرب على إيران بسبب حربيهم في العراق وأفغانستان، غير أن الجميع لا يمانع في السماح لإسرائيل بمهاجمة إيران ؛ وأكد كلك أن الولايات المتحدة والحلف الأطلسي سيتدخلان إلى جانب إسرائيل بمجرد ما تبدأ الحرب ضد إيران وحلفائها. والرسالة التي أبلغها الحلف الأطلسي ومسؤولو الاتحاد الأوروبي لليبرمان تقول بأن على إسرائيل أن ” تمنع بنفسها التهديد” ، مما يعني أن على إسرائيل أن تشن حربا على إيران وحلفائها الإقليميين. [١٥]

سيتولى الحلف الأطلسي حماية إسرائيل إذا ما شنت حرب على إيران وسوريا

في ٢١ فبراير ٢٠٠٦، أدلى رونالد د. أسموس (Asmus) المديير التنفيذي لـ (German Marshall Fund’s Transatlantic Center) ببروكسيل، بهذا التصريح : “إن أحسن طريقة لمنح إسرائيل هذا الجانب الإضافي من الأمن هي تحديث علاقتها مع الذراع الجماعي المسلح للغرب المتمثل في منظمة حلف شمال الأطلسي. وكون تحديث هذه العلاقة سيرقى إلى منح إسرائيل العضوية في الحلف الأطلسي، أو سيقتصر فقط على منحها ضمانة بعلاقة استراتيجية ودفاعية وثيقة، فهذا أمر قابل للنقاش. غير أن ضمانة أمنية كلاسيكية تتطلب حدودا معترف بها لكي تتم حمايتها؛ وهذا ما لا تتوفر عليه إسرائيل اليوم. وهكذا سيتطلب ترتيب تحديث علاقة إسرائيل مع الحلف الأطلسي دبلوماسية حذرة وتخطيطا محكما.”

لا تستطيع إسرائيل تحدي إيران عسكريا. إن القدرة العسكرية لطهران تتجاوز قدرات إسرائيل رغم وهم القوة الإسرائيلية. فلن تشن إسرائيل حربا ضد إيران إذا لم تشاركها الولايات المتحدة و الحلف الأطلسي في العملية العسكرية. فإذا ما حدث هذا السيناريو فإن الولايات المتحدة وبريطانيا والحلف الأطلسي سينضمون مباشرة إلى إسرائيل كما صرح بذلك أفيدكور ليبرمان. فهذا الأمر مرتب مسبقا، وسيقول مسؤولو الحلف الأطلسي لمواطنيهم بأن إسرائيل كانت مضطرة للهجوم على إيران بسبب الخوف و”حقها في الوجود”، ثم سيتكتلون حول إسرائيل. غير أن الذي يجب قوله كذلك أنه إذا فرض” الحق في الوجود ” لكائن حي على حساب الحق في الوجود لكل ما يحيط به، فوقتها سيتحول ذلك إلى تهديد شبيه بالسرطان.
في مارس ٢٠٠٦ ورد في بريطانيا أن مسؤولين في الحلف الأطلسي لمحوا أنه سيكون لهم دور في هجوم أمريكي إسرائيلي على إيران. وأورد ساره باكستير(Sarah Baxter) و أوزي ماهنايمي (Uzi Mahnaimi ) بأن أكسيل توتيلمان (Axel Tüttelmann)، قائد القوات الجوية للإنذار المبكر والمراقبة التابعة للحلف الأطلسي، قد أكد للمسؤولين الإسرائيليين بأن المنظمة الأطلسية ستنخرط في حملة مستقبلية ضد الإيرانيين. [١٦] و”كشفت الشروح التي قدمها القائد العام توتيلمان أن الحلف الأطلسي يمكن أن يقوم بدور المساندة إذا شنت أمريكا (وإسرائيل ) هجمات جوية.” كما كشف التقرير أنه قد سبق لتوتيلمان أن قدم للإسرائيليين عرضا توضيحيا حول طائرة المراقبة والإنذار المبكر التابعة للقوات الجوية للإنذار المبكر والمراقبة. [١٧] والتوضيحات حول طائرات المراقبة التابعة للحلف الأطلسي توحي بوجود تحضيرات للحرب مشتركة بين إسرائيل المنظمة الأطلسية.

قال باتريك كرونين المحلل الاستراتيجي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية لصحيفة الغارديان (The Guardian) البريطانية في سنة ٢٠٠٧ : إذا ألحت إسرائيل على ضرب إيران، فإن الولايات المتحدة ستجد نفسها مضطرة للقيام بـ “عملية حاسمة”، ملمحا بذلك إلى أن أمريكا ستدخل الحرب إلى جانب إسرائيل التي بدأت الحرب. [١٨]

تعمل إسرائيل على خلق جو وظروف استراتيجية، لكن بالنسبة لمن ؟

قال نابوليون بونابارت ذات مرة : “لا يجب أن نترك الحوادث الدولية العارضة تصنع السياسة الخارجية، بل يجب أن تكون السياسة الخارجية هي التي تصنع الحوادث العارضة.”
ومهما قيل في نابوليون، فمما لا مراء فيه أنه كان عبقريا عسكريا ورجل دولة كبير. فلقد كان رجلا ذكيا ومدركا لعمق العلاقات الدولية ولسياسة الأحداث العرضية. ولو كان حيا اليوم، فلم يكن ليفاجأ بالأحداث التي تهز استقرار العالم، وخاصة في الشرق الأوسط. فلا زالت السياسة الخارجية إلى اليوم هي التي تصنع الأحداث العالمية. وكانت إسرائيل كيانا مقاتلا ومصارعا لنحت وصياغة محيطه الاستراتيجي.
إذا قررت الولايات المتحدة وبريطانيا أن تبادر بالدخول في حرب، فإن زعماءهما سيواجهون معارضة عنيفة من الرأي العام لديهم، قد تهدد موقعهم السياسي، وتهدد حتى الاستقرار الوطني. أما إذا كنت إسرائيل هي التي تشن الحرب، فالأمر سيختلف. فإذا شنت إسرائيل الحرب بذريعة حماية نفسها من تهديد إيراني متزايد، فإن الولايات المتحدة وبريطانيا ستتدخلان لـ “حماية إسرائيل ” من الرد الإيراني دون أن تعطيا الانطباع بأنهما بادرا إلى حرب دولية غير مشروعة، والعتب سيقع على الإسرائيليين عوضا أن يتجه للإدارة الأمريكية وحليفها البريطاني الدائم، وسيحتج القادة السياسيون الغربيون بأن من واجبهم الوطني حماية إسرائيل مهما تمادت هذه الأخيرة في انتهاك القانون الدولي.

هارماجدون نووي في الشرق الأوسط : هل تستهدف إسرائيل العالم العربي وإيران بسلاحها النووي ؟

كتبه نورمان بودهوريتز(Norman Podhoretz)، احد أشباه المثقفين الذين يصنعون السياسة الخارجية لإدارة بوش الصغير، في عدد فبراير ٢٠٠٨ لمجلة (Commentary Magazine) : “إن الخيار الوحيد الذي يبدو أقرب إلى المعقول هو أن يعمد (جورج بوش) إلى توكيل الإسرائيليين بالقيام بهذا العمل (أي بدأ الحرب ضد إيران).”
ولم يكتف بودهوريتز بالطلب بأن تهاجم إسرائيل إيران لفائدة الولايات المتحدة، بل أكد كذلك أن حربا نووية بين الإسرائيليين والإيرانيين حتمية، إلا إذا تمت قنبلة إيران، وهذا رغم شهادة الوكالة الدولية للطاقة النووية بالطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني. وبناء على دراسة لأنطوني كورديسمان (Anthony Cordesman)، تقدم بودهوريتز بفكرة تقول أن على إسرائيل تصفية جيرانها العرب مثل مصر وسوريا (رغم أن مصر قد وقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل ). وحسب ما قاله بودهوريتز حرفيا : “في حالة حصول هذا السيناريو الرهيب الذي وصفه كورديسمان، فإنه سيقتل عشرات الملايين، لكن إسرائيل ستظل على قيد الحياة ولو كمجتمع في أبسط أشكاله، رغم ما سيتعرض له مدنيوها من إبادة ومدنها من دمار؛ غير أن الأمر لن يكون كذلك بالنسبة لإيران، و لجيرانها العرب الأكثر أهمية، وخاصة مصر وسوريا، لأن كوردسمان يعتقد أن على إسرائيل أن تستهدفهما “لتكون متيقنة من عدم استفادة أية قوة أخرى مما سيصيبها بسبب الهجوم على إيران.” ولا يستبعد أن يدفع اليأس إسرائيل إلى ضرب أبار النفط ومنشآت التكرير والموانئ في الخليج العربي.”

التحضير لهجوم إسرائيلي على إيران ؟

تجدر الإشارة إلى أن برويز مشرف قد بدأ جولة في أوروبا بموازاة مع زيارات الرئيسين الأمريكي والفرنسي للشرق الأوسط واستقالة أفيدكور ليبرمان من الحكومة الإسرائيلية. [١٩] ويهدف مشرف من تحركه الأوروبي إلى تنسيق المواقف مع الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي ببروكسيل، وإلى زيارة فرنسا وبريطانيا وسويسرا. [٢٠] وتأتي زيارة مشرف في الوقت الذي تمر فيه باكستان بأزمة انقسام سياسي والمطالبة الإسرائيلية بضرب إيران.
وزار الكاتب العام للحلف الأطلسي جاكوب دي هوب شيفير(Jakob [Jaap] de Hoop Sheffer) بدوره الإمارات العربية المتحدة بعيد تحركات جورج بوش ونيكولا ساركوزي؛ وقال هوب شيفر لمضيفيه في أبي ضبي بأن الحلف الأطلسي يعمل في الخليج العربي لمحاصرة إيران [٢١]؛ كما قال بأن إيران تشكل تهددا بالنسبة لكل من مجلس التعاون الخليجي وأعضاء الحلف الأطلسي. وتندرج أسفار هوب شيفر وتصريحاته ضمن المخطط الأمريكي/البريطاني والفرنسي/الألماني الهادف إلى مواجهة إيران في الشرق الأوسط. وعند وجوده في الإمارات العربية المتحدة أفهم الكاتب العام للحلف الأطلسي محادثيه بأن الحلف سيتدخل في حرب بين إسرائيل والعرب، والتي هي كما ذكرنا، قيد الإعداد منذ عدة سنوات. [٢٢]
وراجت تصريحات مقلقة تفيد أن تل أبيب كانت تحاول مهاجمة إيران منذ سنة ٢٠٠٤؛ ولم تتوقف بعد ذلك تلك المحاولات، بل صارت أقوى. وشجع جون بولتون (John Bolton) تل أبيب خلال مؤتمر هرتزيليا سنة ٢٠٠٨ ـ وهو مؤتمر إسرائيلي ينعقد سنويا حول الأمن القومي ـ على قنبلة إيران عند حديثه عن هجوم الطيران الإسرائيلي على سوريا في سبتمبر ٢٠٠٧، والذي وصفه بأنه مقدمة لهجوم آخر. [٢٣‎] وفي نهاية يناير ٢٠٠٨ بدأ إيهودا براك يؤكد بأن إيران في المراحل الأخيرة لصناعة رؤوس نووية، في حين أعلنت الحكومة الإسرائيلية نجاح صواريخها الحاملة لرؤوس نووية. [٢٤] وأومأت باريس كذلك إلى أن إسرائيل ستبدأ حربا ضد إيران، حيث صرح نيكولا ساركوزي في حوار مع مجلة النوفيل أوبسيرفاتور الفرنسية بأن احتمال أن تبدأ إسرائيل حربا ضد إيران أقوى من هجوم أمريكي على إيران. [25] وبدوره أكد الكاتب الوطني في الأمن ميكايل شيرطوف(Michael Chertoff) في حوار مع رييا نوفوسطي(RIA Novosti)، أن الولايات المتحدة لن تقوم بأي هجوم على إيران. [٢٦]
صرحت إيران وسويا بأنهما على استعداد للدفاع عن نفسهما وأنهما سيردان على أي عدوان إسرائيلي. [٢٧] فعلى امتداد الشرق الأوسط توجد كل القوى المقاومة للهيمنة الخارجية في حالة تأهب لمواجهة أي شكل من العدوان الإسرائيلي. وفي هذا الصدد حذر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، تل أبيب مستبقا أي عدوان جديد في الشرق الأوسط، خلال تظاهرة عامة في بيروت، قائلا : ” إذا أقدمت إسرائيل على حرب جديدة ضد لبنان، فإننا نعدهم بحرب ستغير وجه المنطقة بكاملها.” [٢٨]

إسرائيل : أداة للسياسة الولايات المتحدة الخارجية في الشرق الأوسط

لقد منحت تل أبيب الحجج لمعارضيها الذين يؤكدون بأنها أداة لتنفيذ مشاريع استعمارية في الشرق الأوسط؛ فأغلبية الإسرائيليين يتم تضليلهم من خلال منظومة مركبة تشمل التضليل الإعلامي وإثارة المخاوف وترويض نفساني محكم. ويستعمل الدم الإسرائيلي لممارسة القمع والقتل والمصادرة وتغذية آلات الإمبراطوريات الاقتصادية. فالجشع لازال حيا لكن شكله تغير.
تستعمل إسرائيل من خلال مسؤوليها وقادتها الحكوميين للإبقاء على التوتر حيا في الشرق الأوسط، وهي أداة لتبرير التدخل البريطاني/الأمريكي والفرنسي/الألماني ؛ و إلا لماذا ستغضب الولايات المتحدة من إسرائيل لكون تل أبيب لم تعرض مصالحها للخطر بهجومها على سوريا خلال حربها على لبنان سنة ٢٠٠٣‎، مما كان سيضعها في مواجهة حرب إقليمية موسعة ضد إيران وسوريا؟ [٢٩]
رغم إرادة ورأي أغلبية الإسرائيليين، لا زال إيهود أولميرت في منصبه كوزير أول، وهو المعروف بفساده عندما كان محافظا للقدس الغربية. فكما تم تجاهل الإرادة الدموقراطية للشعب الأمريكي بخصوص العراق، تم كذلك تجاهل الإرادة الدموقراطية للإسرائيليين الراغبين في التخلص من إيهود أولميرت. وكما هو الحال في العديد من المواقع، لا تعير المراتب العليا للسلطة أية أهمية لمصالح الشعب الإسرائيلي؛ فالقادة الإسرائيليون لا يخدمون مصالح شعبهم بقدر ما يخدمون مصالح “إجماع واشنطن.”
يمكن لتحالف إيهود أولميرت أن يستمر ما يكفي من الوقت لشن حرب إقليمية. إن الحياة السياسية للوزير الأول إيهود أولميرت توشك على الانتهاء، وبالتالي لن يخسر شيئا إذا أقدم على حرب أخرى. غادر أفيدكور ليبرمان الذي قاد المشاورات الرفيعة المستوى باسم تل أبيب مع الحلف الأطلسي، الحكومة الإسرائيلية عند زيارة جورج بوش لإسرائيل ، وصرح ليبرمان أن انسحابه من الحكومة كان بسبب “محادثات السلام مع الفلسطينيين”، غير أن قراره جاء في الحقيقة بسبب لجنة فينوغراد، وكتكتيك لإبقاء حزب العمال في الحكومة الائتلافية لإيهود أولميرت؛ وهو تكتيك يهدف إلى إعطاء حكومة هذا الأخير ما يكفي من الوقت والحياة لشن حرب إقليمية بمحاولة الهجوم على إيران.
حتى أعداء إسرائيل يوافقون على أن تل أبيب وكيلة المصالح الخارجية البريطانية الأمريكية. ولقد حذر وزير الدفاع الإيراني السابق علي شمخاني، الحكومة الأمريكية بأن الرد العسكري الإيراني على أي هجوم إسرائيلي، سيستهدف كلا من إسرائيل والولايات المتحدة. وهذا ما يعني أن إسرائيل لن تقدم على أي عدوان دون إذن من الولايات المتحدة. [٣‎٠] ولقد شارك البيت الأبيض بشكل كامل في كل التجارب التي أجريت على الصواريخ الإسرائيلية؛ كما أن التحضيرات الحربية الإسرائيلية قد تمت بتنسيق أمريكي، عبر مؤسسات مثل [٣‎١؛ الإنجليزية: Israeli-US Joint Political Military Group / فرنسي: Groupe conjoint politico militaire israélo-États-Unis]. بعد حرب تموز ٢٠٠٦ على لبنان، صرح الشيخ ناعم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله في حوار مع قناة المنار، قائلا : “من بدأ الحرب ؟ إسرائيل. وهكذا لم يكن عدوان إسرائيل ردا على ما أصابها، بل لتنفيذ قرارات أمريكية معدة مسبقا. فالعدوان خطط له مسبقا.” [٣‎٢] وأضاف متهما إسرائيل بـ “العمل كذراع مسلح للولايات المتحدة ” ثم قال : ” كان الجميع يقولون دائما بأن إسرائيل هي التي تتحكم في أمريكا، غير أننا نجد اليوم أن أمريكا هي التي تقود إسرائيل. لقد تحولت إسرائيل إلى ذراع مسلح لأمريكا.” [٣‎٣‎]

مهدي داريوش ناظم رعایا، عالم اجتماع وباحث في مركز بحث العولمة في مونتريال مدينة بكندا. متخصص في شؤون الشرق الاوسط ووسط اسيا.

ملاحظة: نشرت المقالة باللغة الانجيليزية هنا.
الهوامش

[١] Khaled Abu Toameh, “PLO to form separate W. Bank parliament, The Jerusalem Post, January 14, 2008
[٢] Emine Kart, Ankara cool towards Palestine troops, Today’s Zaman, July 3, 2007
[٣] Dominique René de Villepin, Déclarations de Dominique de Villepin à propos du Grand Moyen-Orient, interview with Pierre Rousselin, Le Figaro, February 19, 2004
[٤] Mahdi Darius Nazemroaya, The Premeditated Nature of the War on Lebanon: A Stage of the Broader Middle East Military Roadmap, Global Research, September 10, 2007
[٥] Israeli action in Gaza ‘inevitable,’ Al Jazeera, January 14, 2007
[٦] Tom Spender, Israel ‘planning Gaza invasion,’ Al Jazeera, April 4, 2007
[٧] Avigdor Lieberman: Israel should press to join NATO, EU, Haaretz, January 1, 2007
[٨] Germany to help renew Mideast peace efforts: Chancellor, Xinhua News Agency, December 10, 2006
[٩] Angela Merkel sets off to Middle East, Associated Press, March 31, 2007
[١٠] Ronny Sofer, Lieberman wants NATO troops in Gaza, Yedioth Ahronoth, June 28, 2007
[١١] نفس المرجع.
[١٢] نفس المرجع.
[١٣‎] نفس المرجع.
[١٤] NATO: The US and Europe can not suspend Iran’s nuclear program, Azeri Press Agency (APA), July 11, 2007
[١٥] نفس المرجع.
[١٦] Sarah Baxter and Uzi Mahnaimi, NATO may help US strikes on Iran, The Times (UK), March 5, 2006
[١٧] نفس المرجع.
[١٨] Julian Borger and Ewen MacAskill, Cheney pushes Bush to act on Iran, The Guardian (UK), July 16, 2007
[١٩] Pakistan President arrives in Belgium for Europe tour, The Times of India, January 2008
[٢٠] نفس المرجع.
[٢١] Indel Ersan, NATO chief urges cooperation with Gulf over Iran, ed. Andrew Roche, Reuters, January 24, 2008
[٢٢] Jamal Al-Majaida, NATO chief discusses alliance’s role in Gulf, Khaleej Times, January 27, 2008
[٢٣] Yuval Azoulay and Barak Ravid, Bolton: ‘Near zero chace’ Pres. Bush will strike Iran, Haaretz, January 24, 2008
Israeli Transportation Minister, Shaul Mofaz, also indicated at the Herzilya Conference that the years 2008 and 2009 will also see the last diplomatic efforts against Tehran before an implied military option (attack) against the Iranians. The Israeli Transportation Minister also made similar threats before saying that sanctions had till the end of 2007 to work against Iran until the military option would be prepaired
This prior threat was made as he led the Israeli delegation of the Israeli-US Joint Political Military Group, which focuses on Iran, Syria, Palestine, and Lebanon
Shaul Mofaz was also the former commander of the Israeli military, a former Israeli defence minister, and hereto is one of the individuals in charge of the Iran file in Tel Aviv
[٢٤] Iran may be working on nuclear warheads: Israeli Defence Minister, Times of India, Jan. 26, 2008; Israel suspects Iranians already working on nuclear warhead, AFP, Jan. 16, 2008; L. Weymouth, A Conversation With Ehud Barak, Washington Post, Jan. 26, 2008, p.A17
[٢٥] Sarkozy: France worried by Iran-Israel tension, Associated Press, December 12, 2007
[٢٦] US will not attack Iran, RIA Novosti, January 25, 2008
[٢٧] Bush trying to foment discord in Mideast, Tehran Times, January 28, 2008, p.A1 +; Mahdi Darius Nazemroaya, America’s “Divide and Rule” Strategies in the Middle East, Global Research, January 17, 2008; Nir Magal, Syrian VP: We’ll retaliate for Israeli aggression, Yedioth Ahronoth, September 8, 2007
[٢٨] Hezbollah chief scoffs at Israel at rare public appearance, Agence France-Presse (AFP), January 19, 2008
[٢٩] Yitzhak Benhorin, Neocons: We expected Israel to attack Syria, Yedioth Aharonot, December 16, 2006
[٣‎٠] Anthon La Guardia, Iran wars Israel on pre-emptive strike, The Telegraph (UK), August 19, 2004
[٣‎١] Mahdi Darius Nazemroaya, Israel’s Nuclear Missile Threat against Iran, Global Research, January 19, 2008; Hilary Leila Krieger, Mofaz warns sanction on Iran must bite by year’s end, The Jerusalem Post, June 7, 2007
[٣‎٢] Hanan Awarekeh, Kassem: If Israel attacks, we’ll show them surprise, Al-Manar, July 12, 2007
[٣‎٣‎] نفس المرجع.

[*] المترجم : في سنة 1990 تم توضيح المذهبية المؤسسة للمرحلة الليبرالية الجديدة في مسار العولمة، من طرف الاقتصادي جون ويليامسون (John Williamson) تحت مسمى “إجماع واشنطن” الذي يقوم على 7 ركائز:
١- الانضباط الضريبي القائم على توازن الميزانية وخفض الضرائب.
٢- التحرير المالي (حيث يترك للسوق تحديد سعر العملة).
٣‎- تحرير التجارة بحذف الحماية الجمركية.
٤- الانفتاح الشامل للاقتصاد أمام الاستثمارالمباشر.
٥- تفويت كلية المؤسسات العامة للخواص.
٦- إلغاء القوانين الموجهة أو المنظمة، أي إلغاء كل الحواجز التي تعرقل التنافس الحر.
٧- الحماية التامة لحقوق الملكية الفكرية للشركات العبرة للقارات

مميزة

بقلم : مصطفى قطبي —–العربيــة… وحروب إسرائيل المستقبلية! الميّـاه


منذ عدة سنوات وخلال التوقيع على اتفاقيات الشراكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، اشترطت الأخيرة ضمان توفير المياه لها، وبالفعل تم تداول عدة مشاريع تضمن للكيان الصهيوني الحصول على المياه، ويكون مصدرها أنهار دجلة والفرات واليرموك وبانياس، والليطاني والحاصباني والوزاني والنيل والأردن، إضافة إلى المياه المحلاة من مياه البحار المشاطئة، وذلك بتمويل أوروبي وأميركي، لأن موضوع المياه يشكل حيزا رئيسيا في التفكير الاستراتيجي الصهيوني، من أجل الحصول أو السيطرة على المياه ومصادرها بشتى الطرق والوسائل.

البديع- واقع الأمن المائي ـ بهذا المعنى العسكري ـ يعكس عجز الدول العربية على بناء استراتيجية عسكرية لحماية أمنها المائي من الأخطار التي تحدق به من جراء تواجد الأساطيل الدولية الضخمة وبسبب ما قد تحمله الحركة التجارية، لاسيما ما تعلق بتدفق النفط، عبر البحار والمحيطات من احتمالات تعرضها للخطر.

منذ عدة سنوات وخلال التوقيع على اتفاقيات الشراكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، اشترطت الأخيرة ضمان توفير المياه لها، وبالفعل تم تداول عدة مشاريع تضمن للكيان الصهيوني الحصول على المياه، ويكون مصدرها أنهار دجلة والفرات واليرموك وبانياس، والليطاني والحاصباني والوزاني والنيل والأردن، إضافة إلى المياه المحلاة من مياه البحار المشاطئة، وذلك بتمويل أوروبي وأميركي، لأن موضوع المياه يشكل حيزا رئيسيا في التفكير الاستراتيجي الصهيوني، من أجل الحصول أو السيطرة على المياه ومصادرها بشتى الطرق والوسائل.

بعض الباحثين يعيد أطماع الصهيونية في المياه العربية إلى العهد التوراتي القديم ويرى جذور هذه الأطماع موجودة في تعاليم التوراة والتلمود، وورد في التوراة حوالي أكثر من مائتي نص يتعلق بالمياه والأنهار والبحيرات، وتتضمن هذه النصوص في معظمها أفكارا عدائية بهذا الخصوص، وثمة من يذهب إلى أن اليهود وضعوا ومنذ القدم نصب أعينهم هدف السيطرة على أرض ومياه بلاد الشام، وأن ضرورة الوصول إلى النيل والفرات والسيطرة عليهما هو من ناحيتهم واجب ديني، وثمة من يستنبط هذه الأطماع من خلال العلم الصهيوني والعملة الإسرائيلية المعروفة بالشيكل والتي رسم عليهما خارطة ما يسمى إسرائيل الكبرى ووضع عليهما خطان أزرقان يشار إلى أنهما نهري النيل والفرات، وتحدث في هذا الإطار أيضا ‘’مناحيم بيغن’’ عندما كان رئيسا لوزراء الكيان الصهيوني المعادي عن فكرة (إسرائيل الكبرى) بقوله: (إن التوراة يتنبأ بأن دولة إسرائيل ستشمل في النهاية أجزاء من العراق، سورية، تركيا، السعودية، مصر، السودان، الأردن، الكويت)، وبذلك يكشف كغيره من القادة الصهاينة بوضوح عن وجود أطماع ليس في مياه المنطقة فقط، وإنما في هوائها وترابها.

لقد ظهرت في السنوات الأخيرة بمنطقتنا العربية بوادر تشير إلى أن المياه العذبة ستصبح في القرن الحادي والعشرين الحالي سلعة استراتيجية قد تتجاوز في أهميتها النفط، من هذه الأحداث قيام تركيا بحجز مياه الفرات في بحيرة سد أتاتورك ووقف سريان مياه النهر نحو سورية والعراق لمدة شهر كامل خلال كانون الثاني من عام 1990 وثمة مشروعات لتزويد إسرائيل بمياه الفرات ودجلة، كما أن هناك دراسات إسرائيلية في أثيوبيا وفي بلدان منابع النيل الأخرى للبحث عن إمكانية إقامة مشروعات على روافد النيل.

وقد سبق لرئيس جامعة تل أبيب الأسبق ‘’حاييم بن شاهار’’ أن اقترح في ندوة التعاون الاقتصادي لدول الشرق الأوسط التي عقدت في لوزان عام 1989 أن تقوم مصر بمنح إسرائيل حصة من مياه النيل، وفتح ترعة سيناء.

وهذه المعطيات ومثيلاتها، ترتبط فيما يمكن تسميته بالصراع على المياه، وهذا أمر ليس جديدا بالمنطقة، فمن أسباب العدوان الثلاثي على مصر تمويل مشروع السد العالي، وهناك قضية تحويل مياه نهر الأردن الذي قامت به إسرائيل، ناهيك عن الأطماع الإسرائيلية في المياه اللبنانية والتي كانت من أسباب احتلال جنوب لبنان قبل أن تحرره المقاومة.

وفي السياق ذاته، نظم مركز الدراسات الإستراتيجية في جامعة جورج تاون الأمريكية، ثلاثة مؤتمرات خلال عامي 2010 ـ 2011 شارك فيها مسؤولون من وزارتي الدفاع والخارجية وآخرون من إسرائيل وتركيا وبعض الدول العربية لما سمي بحث مشكلة المياه في أحواض أنهار الأردن والفرات ودجلة والنيل وتأثير انخفاض الموارد المائية على البلدان المعنية. وقد أصدر المركز في ختام المؤتمر تقريرا خلص إلى أن منطقة الشرق الأوسط تقف على حافة أزمة موارد مائية حادة يمكن أن تؤدي إلى نزاع قبل نهاية القرن الحالي، زاعما أن ضعف التعاون بين دول المنطقة يزيد من حدة الأزمة، في إشارة إلى المساعي الأمريكية والإسرائيلية لإدخال إسرائيل قسرا للمياه العربية.

فالمدير العام الأسبق لوزارة الزراعة الإسرائيلية مائر بن مائير، يقول في بحث بعنوان ‘’نقص المياه في الشرق الأوسط’’: “أزمة المياه بمنطقة الشرق الأوسط هي مثل قنبلة موقوتة وإذا لم يكن المسؤولون في هذه المنطقة قادرين على مناقشة مخرج معقول، فإن الحرب بين دول المنطقة تصبح مسألة أكيدة وأن إسرائيل سوف تواجه أزمة في بداية القرن المقبل لا محالة”.

والمعلومات الموثقة تؤكد أن إسرائيل تلعب ورقة المياه مع دول الجوار، التي تنبع منها الأنهار العربية الكبيرة، لتحقيق اختراقات في هذه الدول تمكنها من الضغط على الدول العربية في مسألة المياه، التي تشكل مسألة حياة أو موت لدول مثل مصر، التي أخذت تعاني مع السودان، من تحريض إسرائيل لدول المنبع لنقض المعاهدة الدولية التي تنظم توزيع مياه النيل، ما يشكل خطرا على الأمن المائي للدولتين العربيتين، ازداد مع فصل جنوب السودان، حيث الأصابع الإسرائيلية واضحة، بل وعلى الأمن الوطني لهما، والأمن القومي العربي عموما.

إذا لم تقف الأطماع الإسرائيلية بالمياه الفلسطينية، بل تجاوزتها إلى الدول العربية المجاورة وتوالت المشاريع لاستغلال هذه المياه وتوزيعها غير آبهة بأي عواقب يمكن أن تنشأ نتيجة تعدياتها وأطماعها تلك، وساعدها على ذلك عدة عوامل كان أهمها الدعم الأميركي والغربي غير المحدود لتنفيذ أهدافها، وأهم هذه المشاريع هوركز وجونسون وكوتن وهيس ولودرميلك وغيرها.

وبعودة سريعة إلى الأطماع الصهيونية، نرى أن إسرائيل تستفيد من طاقة مائية كبيرة من مياه الجولان المحتل، والذي تعادل مساحته 1 في المائة من مساحة سورية الإجمالي، ويتمتع بمردود مائي يعادل 3 في المائة من المياه التي تسقط فوق سورية، و14 في المائة من المخزون المائي العام، إضافة لمحاولاتها القديمة والمستمرة في السيطرة على المياه اللبنانية، حيث تتعمد تعطيل أي مشروع لبناني يرمي إلى الاستفادة من المياه أو من خلال الاستيلاء عليها بشكل متقطع وكلما سنحت لها الفرصة بذلك، ليصل مجموع ما تسرقه سنويا نحو 145 مليون متر مكعب.

أما فيما يخص الأردن، فإن تطبيع العلاقات لم يسهم في حماية وتأمين حصة الأردن من المياه حسب بنود الاتفاقية الموقعة، وذهب الأمر بالكيان الصهيوني إلى حد حفر آبار جديدة في الأراضي الأردنية داخل وادي عربة، للحصول على 10 ملايين م3 من المياه لغايات زراعية، وزد على ذلك استغلال علاقاته مع الدول المجاورة للدول العربية والتي يتطفل على مصادر مياهها، والدخول على الخطوط الساخنة أحيانا ظنا أنه يستطيع استمالتها لمصلحته.

وبالنسبة لمياه النيل تعود أول الأطماع الصهيونية إلى مطلع القرن الماضي، وبالتحديد إلى عام 1902، ففي سعي حثيث لـ ‘’تيودور هرتزل’’ مؤسس الحركة الصهيونية ومن أجل الوصول إلى فلسطين اقترح في ذلك العام على الحكومة البريطانية، كخطوة أولية نحو فلسطين، فكرة توطين اليهود في سيناء، وأرفق اقتراحه بفكرة الاستفادة من مياه النيل، وتم إرسال بعثة استكشافية صهيونية إلى مصر لدراسة الفكرة على أرض الواقع، ولتوفير المياه اللازمة لهذا المشروع، ورد اقتراح تحويل مياه النيل إلى سيناء من ترعة الإسماعيلية عبر أنابيب تمر من تحت قناة السويس لتصل إلى الأجزاء الشمالية الغربية من المنطقة المختارة للاستيطان، وقدر حينها أن معدل المياه المطلوبة من النيل تبلغ نحو أربعة ملايين متر مكعب يوميا، ولإقناع المعتمد البريطاني في مصر اللورد كرومر بهذه الفكرة قلل الصهاينة من كمية المياه التي يرغبون في سحبها من مياه النيل، وقال هرتزل مخاطبا كرومر في 25 مارس 1902: “إننا بحاجة إلى مياه الشتاء الزائدة التي تجري عائدة إلى البحر ولا يستفاد منها، ووافقت الحكومة البريطانية آنذاك على هذه الفكرة، ثم رفضتها لأسباب تخصها، وحفظ المشروع في الأدراج الصهيونية غير أنه لم يمت، وعادت هذه الفكرة إلى الظهور في أواخر السبعينيات وتحديدا في الشهر التاسع من عام 1978 على شكل مشروع قدمه المهندس الصهيوني ‘’اليشع كالي’’ على صفحات جريدة معاريف العبرية في مقال بعنوان (مياه السلام) وعرض فيه مشروعا متكاملا للتعاون في نقل مياه النيل واستغلالها في سيناء وغزة والنقب.

واليوم، ووسط صمت عربي، وبعيدا عن الأضواء وقعت إسرائيل في الخامس والعشرين من جويلية الماضي اتفاقية دولية مع جنوب السودان للتعاون في مجال المياه، الأمر الذي سيمكنها من التواجد رسميا بإحدى دول حوض النيل، ما يشكل خطرا على مستقبل الأمن المائي لمصر والسودان.

واستنادا إلى صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، فإن الاتفاقية تقضي بتأسيس شراكة للتعاون في البنية التحتية للمياه وتطوير التكنولوجيا بين إسرائيل وجنوب السودان، وتحدد الخطوط العريضة للتعاون بين البلدين في تحلية المياه والري ونقل وتنمية المياه.

يقول العميد حسين حمدو مصطفى، مؤلف موسوعة (إسرائيل في إفريقيا): ‘’إن خطورة هذه الاتفاقية على مصر مائيا تكمن في تنفيذ مشاريع مخططات قديمة لعقود تحلية المياه، وإقامة بنية تحتية لمشروعات الري والصرف، وإقامة السدود أو ما شابه ذلك على النيل، وهذا أمر في غاية الخطورة، ويشكل إعلان حرب على مصر من هذه الناحية’’، مضيفا: ‘’إن هذه الاتفاقية جاءت في الوقت الذي تضاءل فيه نفوذ مصر في القارة الافريقية بشكل كبير، ومن المحتمل أن يحدث في المستقبل أن تتدخل إسرائيل وتصبح قوة ضاغطة على مصر في ملف المياه بفضل سيطرتها على النيل في إحدى الدول المطلة على النهر، ألا وهي دولة جنوب السودان الحديثة، وقد يمتد هذا الضغط لدفع مصر للموافقة على جر المياه إلى الكيان الصهيوني من خلال ترعة السلام، ولا شيء مستغربا في مثل هذه الأوضاع، فكل شيء وارد’’.

وإذا كانت الاتفاقية المائية بين إسرائيل وجنوب السودان قد أعلنت بدء مرحلة شد الخناق المائي على مصر والسودان، فإن المسؤولين في البلدين مازالوا يقفون موقف المتفرج، ما عدا بعض الإعلاميين والمعلقين الذين يتناوبون على الشاشات محذرين من سرقة مياه النيل، لافتين إلى خطورة ما يجرى باعتباره خطرا يهدد الأمن القومي لكلا البلدين، ويجب التصدي له، متناسين أن هذه الاتفاقية لم تكن سوى تتويج لسياسات العقود الماضية التي تجاهلت الأطماع الإسرائيلية في مياه النيل وموارد القارة الافريقية، والتي لا تعد جديدة، فإسرائيل كانت منذ سنوات طويلة تسعى إلى تعزيز علاقاتها بعدد كبير من البلدان الافريقية، فالموارد الطبيعية الهائلة التي تختزنها بلدان القارة تشغل أعلى سلم الأولويات الإسرائيلية في القارة السمراء إلى جانب الملف الأمني.

أما بخصوص جنوب السودان، فلم تخف إسرائيل يوما علاقتها بمسؤولي الحركة الشعبية لتحرير السودان، ولا بقادة التمرد الجنوبيين الآخرين منذ اندلاع شرارته قبل عقود، والنظرة الأمنية لجنوب السودان سبق أن لخصها وزير الأمن الداخلي الصهيوني السابق، آفي ديختر، في محاضرة ألقاها في عام 2008، في فكرتين رئيسيتين: الأولى مرتبطة بالسودان، والثانية بمصر.

إن الأطماع الصهيونية في مياه النيل قديمة، ولهذا نرى أن هذه الأطماع تتجدد باستمرار وتنتظر الفرصة المناسبة للوصول إلى منابع النيل لتوسيع الفجوة بين العرب والأفارقة، ويبدو أنها نجحت اليوم من خلال التوقيع على هذه الاتفاقية لتؤجج صراع المياه في حوض النيل، مستفيدة من نفوذها في منطقة القرن الافريقي (أثيوبيا وكينيا في منطقة البحيرات العظمى)، لتأليب دول المنبع في حوض النيل ضد مصر والسودان، ما شكل تهديدا للأمن القومي العربي في محوره الإفريقي. ولم تكتف إسرائيل بذلك، بل إنها تسعى لتقسيم شمال السودان لعدة دويلات، وتكريس وجودها العسكري بالمنطقة.

يقول هاني سلامة، رئيس برنامج دراسات السودان وحوض النيل، بمركز الأهرام الاستراتيجي: ‘’إسرائيل ساهمت بشكل كبير في انفصال جنوب السودان منذ الستينيات من القرن الماضي، وتمكنت من إيجاد موطىء قدم لها في المجال الأمني والاستخباراتي والتسليح والتدريب، ولها قواعد عسكرية ومحطات تنصت، وقد امتد هذا التواجد إلى المجال الاقتصادي، والآن يمتد إلى مجال المياه، وهذا يدل على تكريس نفوذ إسرائيل في جنوب السودان كقاعدة ارتكاز لتحقيق أهداف استراتيجية، ومواصلة أعمالها التخريبية في السعي إلى إعادة تقسيم شمال السودان بعد نجاحها في تقسيم السودان إلى دولتين: شمالية وجنوبية، ووضع مصر تحت الضغط المستمر، ودفعها للموافقة على إيصال قسم من مياه النيل إلى إسرائيل، لأن ذلك لا يتم إلا من خلال مصر لتفعيل العمل بأنبوب السلام الذي لم يتحقق عبر اتفاق كامب ديفيد’’…

إن الحقيقة الخطيرة والمؤلمة، هي أن الأمن المائي العربي يوشك أن يصبح خاضعا لمشيئة قوى خارجية، وإذا أضفنا إلى الاعتبارات الجغرافية التي تجعل مصادر ومنابع المياه توجد ـ في معظمها ـ خارج الوطن العربي، فإن غياب استراتيجية عربية جدية لحماية هذه الثروة المائية القومية يزيد من حجم المشكلة، ويكرس أبعادها الرامية، فالنيل مصدر حياة الشعبين المصري والسوداني ـ تتحكم في مصيره سبع دول، هي تنزانيا، وبورندي، ورواندا، وزائير، وكينيا، وأوغندا، وإثيوبيا- وأي تعديل في حصص هذه الدول من إيرادته المائية تؤثر تأثيرا مباشرا على مصر والسودان وغير خافٍ أن أثيوبيا، من دون سائر تلك الدول، هي الأكثر تهديدا للأمن المائي المصري والسوداني، وإذا صحت الأنباء التي تحدث عن مشاريع أثيوبية / إسرائيلية لإقامة سدود على النيل، فمعنى ذلك أن حياة المصريين ذاتها في خطر.

وما يقال عن النيل يقال عن الفرات الذي يشكل واحدا من أهم مصادر عيش العراقيين والسوريين، فمنابع هذا النهر تسيطر عليها تركيا (العضو في الحلف الأطلسي)، والفرات يعني مفتاح الأمن الغذائي لحوالي 50 مليونا من العرب في سورية والعراق. وفي هذا الصدد قال أشوك سواين، الباحث في أسباب النزاعات بجامعة (أوبسالا) بالسويد: “إن خطر نشوب نزاع خطير بالمنطقة سببه النزاع على المياه في نهري دجلة والفرات”. ولفت النظر إلى أن الحكومة التركية تخطط لبناء 22 سدا في جنوب شرق تركيا بغرض الري وتصنيع الكهرباء، وقد تم إنشاء تسعة من هذه السدود حتى الآن، لكن العراق ليس سعيدا أبدا بهذا التطور، لأن هذه المشاريع التركية نتج عنها تراجع حاد في كميات المياه التي كانت تحصل عليها من نهري دجلة والفرات. وبسبب انشغال العراق بمشكلاته الداخلية فإنه لم يتمكن من مقاومة هذه الخطوة التركية التي يقول العراقيون إنها ترمي إلى السيطرة على المياه في نهري دجلة والفرات. لكن المراقبين يعتقدون أنه حالما تهدأ الأمور الداخلية بالعراق سوف تتفرغ الحكومة إلى مواجهة خلاف خطير حول المياه مع الجار التركي.

أما إسرائيل فتبقى المصدر الأكثر تهديدا على هذا الصعيد، لقد سرقت المياه العربية بفلسطين بعد استيطانها، ثم زادت في معدلات استغلالها للمياه العربية الجوفية في الضفة وغزة بعد الاحتلال إلى درجة التهديد بنضوبها، وتهدد الأردن ولبنان في مياهها (نهر الأردن، نهر الليطاني) وتحاول البحث عن صورة من صور استغلال مياه النيل ومدخلها إلى ذلك الضغط على مصر عبر إثيوبيا. وجاء التدفق الكثيف للمهاجرين من دول أوروبا الشرقية ليزيد من أطماع إسرائيل في المياه العربية، ولنا أن نتصور مستقبلا تذهب فيه إسرائيل إلى سرقة المزيد من المياه العربية، إنه لن يكون إلا على حساب مصيرنا.

هكذا تبدو اللوحة غير مشجعة، بينما يغط كثير من العرب في النوم، جاهلين بما يتهددهم. وعليه فالمنطقة العربية وفي ظل الأطماع الإسرائيلية التي باتت معروفة تعيش أزمة مائية وقلقا حقيقيا على المستقبل، ولاسيما مع ازدياد عدد السكان ونضوب بعض المصادر، وإمكانية دخول بعض الموارد المائية الأخرى ضمن المصالح السياسية المتقلبة في المنطقة، ورغم انطلاق المفاوضات بين بعض الدول العربية وإسرائيل برعاية دولية، والتوصل إلى التطبيع، فإن مشكلة المياه مازالت هي الشغل الشاغل للحكام الصهاينة، وتؤكد مجمل التصريحات لهم أن موضوع المياه سيكون من أصعب الموضوعات على جميع مسارات التفاوض، بل يعد أحد الخطوط الحمراء في أي مفاوضات. فقد أدركت الصهيونية، ومنذ نشوئها أهمية وحيوية المياه لمشروعها الاستيطاني إذا أريد له النجاح مستندة إلى أمرين.

أولهما: طبيعة المشروع الصهيوني استيطانيا وزراعيا والذي يتطلب ربط اليهود بالأرض وذلك يتأتى من خلال الزراعة، ما يعني ضرورة توفير أو وضع اليد على مصادر المياه الحيوية الكافية لتلبية المشاريع والمستوطنات الزراعية، ولهذا كانت الأفواج الأولى من التسلل اليهودي إلى فلسطين تتجه وبناء على التوجيه الصهيوني نحو الأماكن التي تكثر فيها المياه، وتكون إما صالحة للزراعة أو قابلة للاستصلاح الزراعي.

وثانيهما: إن الهدف المعلن للمشروع الاستيطاني كان تجميع شتات يهود العالم في فلسطين، وقد جاء ذكر الفقرة الثانية من قرارات المؤتمر الصهيوني الأول فيما يتعلق بمساحة الدولة اليهودية المزعومة وحدودها الجغرافية المراد إنشاؤها، أن تكون كافية لاستيعاب خمسة عشر مليون مستوطن الأمر الذي يستدعي ضرورة توفير المياه اللازمة لتلبية الحاجات المختلفة لهذا الكم من المتطفلين، علما أن موارد فلسطين الذاتية من الماء زهيدة نسبيا ولا تستطيع سد الحاجة المائية لهذا العدد الضخم.

يتصل التفكير في هذه الناحية، بالنظر إلى نواحي الأمن المائي العربي لا بأمن الأنهار والآبار والاحتياطات الجوفية من الماء فحسب، وإنما بأمن المحيطات والبحار والمضايق، أي الحزام المائي الإقليمي العربي الممتد على شمال غرب وشرق الوطن العربي، وفي قلبه، فالبحار والمحيطات تكوّن جزءا من الفضاء (الجيوستراتيجي) المتميز للوطن العربي، وتفصله عن، وتصله بـ (جنوب أوروبا)، وتفصلنا عن القارة الأمريكية، وعن العالم الآسيوي، وهو ـ في الوقت نفسه ـ يشطر الجغرافيا العربية إلى قسمين من قارتين (البحر الأحمر): قسم إفريقي وقسم آسيوي، وإلى ذلك فالوطن العربي يتحكم أو يشارك التحكم ـ مع غيره ـ في السيطرة على الكثير من القوات والمضايق الاستراتيجية الهامة (مضيق هرمز، باب المندب، خليج العقبة، قناة السويس).

وهذا الوضع (الجيوستراتيجي) للوطن العربي، يجعله مفتوحا وعرضة للاختراق، فعلى مقربة من المياه الإقليمية للدول العربية تجثم الأساطيل الكبرى كي تؤدي وظيفة حماية الاستراتيجيات الكبرى، وتتحرك تجارة تصدير النفط على أوسع نطاق، لتتحرك معها البحرية الأمريكية في الخليج، وإذا أضفنا إلى ذلك أن الغرب يراقب قناة السويس بمعية إسرائيل، وإن هذه تراقب الحركة في البحر الأحمر وفي خليج العقبة، عبر ميناء إيلات المحتل، وإن إيران تراقب مضيق هرمز بل تسيطر عليه، لاتضح جليا أن هذه الميزة الاستراتيجية لا تشكل في ظل غياب استراتيجية أمنية عربية بحرية، امتيازا للعرب، بل إنها تكاد تنقلب عبئا على أمنه، وليس أدل على ذلك من إقدام فرق الموساد على تنفيذ اغتيال القائد الفلسطيني خليل الوزير (أبو جهاد) في العاصمة التونسية بعملية لم تواجه عائقا، في ظل غياب خطير حتى للحراسة البحرية العادية (دوريات الشاطئ) للدول العربية في بحر كبير الأهمية، كالبحر المتوسط…

فليس ثمة شك في وجود علاقة عضوية وطيدة بين الأمن المائي والاستقلال الكامل، الاقتصادي والسياسي، فتحقيق الأول يسهم في ضمان تحقيق الثاني، كما أن فقدان الأول يؤثر موضوعيا في الثاني. إن دولة لا تستطيع تأمين ثروتها المائية من مخاطر التبذير وسوء التصرف اللاعقلاني في الداخل، ومن مخاطر السيطرة الخارجية على بحار ومحيطات يفترض أن تكون نقطة قوة لها هي دولة عاجزة عن ضمان أمنها الاقتصادي والغذائي. إن دولة لا تستطيع بناء سياسة بحرية دفاعية تؤمن حقوقها المائية، وترفع من درجة استعدادها الأمني لدرء الأخطار العسكرية البحرية هي دولة تعجز ـ تماما ـ عن ضمان استقلالها السياسي، وحين تفقد الدولة قدرتها على تأمين الغذاء لشعبها ـ وحين يصبح مستعصيا عليها ـ بالتدريج ـ أن تستوعب الحاجات الاقتصادية المتزايدة بسبب فقدانها للحد الأدنى من السيطرة على ثرواتها فإن وجهتها عادة ما تكون الالتجاء للخارج للاستدانة مع ما يتبع ذلك من قبول منها ـ اضطراري ـ للتبعية والتخلي عن جزء من سيادتها، ويضعها، موضوعيا، تحت رحمة القوى الدائنة، وقد شهدنا كيف كانت الحياة السياسية لكثير من دول العالم الثالث تدار من حكومات الظل المرتبطة مباشرة بصندوق النقد الدولي والبنك العالمي، بصورة تحولت معها البرامج والمخططات الحكومية إلى تنفيذ لتوصيات هذه المؤسسات المالية المدارة من عواصم الغرب الكبرى.

ومن هذا المنطلق يجب التنبه للأخطار الصهيونية المحدقة والمتزايدة، التي تدعونا للسؤال من أين يشرب 450 مليون عربي في الأعوام القليلة القادمة إذا استطاعت إسرائيل تنفيذ مخططاتها ولم تجد من يردعها عن غيها وغطرستها تلك؟! كما تدعونا لاتخاذ موقف عربي موحد وتوقيع اتفاقيات تضمن الأمن المائي العربي حتى نستمر بالحياة، فخطر شح المياه أشبه بالأسلحة الفتاكة التي تسعى إسرائيل لاقتنائها وتهديدنا بها. ولابد من التحذير أن الوطن العربي مقبل على كارثة مائية بحلول عام 2020 في ظل المؤامرات الدائرة على منابع المياه وغياب استراتيجية عربية للحل.

لقد أظهرت العقود الأخيرة أن الأمن المائي أصبح مكونا رئيسيا في منظومة الأمن القومي المتكاملة، فمتى يكون للعرب -دولا وتجمعا- استراتيجيتهم الواضحة للحفاظ على أمنهم المائي، وأمنهم القومي برمته؟!

مميزة

ملخص كتاب الخديعة الكبرى لتيري ميسان : كل ما حدث ما هو إلا مسرحية كوميدية وتراجيدية في نفس الوقت من اخراج امريكا.


سبّب هذا الكتاب ضجة كبيرة جداً في جميع أنحاء العالم حيث يشكك الكاتب في التصريحات الرسمية الأمريكية والسيناريو الرسمي الذي وضعته الحكومة الأمريكية لأحداث 11 سبمتبر.. ويعتبر تيري ميسان أن كل ما حدث ما هو إلا مسرحية كوميدية وتراجيدية في نفس الوقت من اخراج امريكا.
الكتاب مليء بالمفاجآت وبالحقائق المثيرة التي لم نسمع بها من قبل.. والجميل أن كل المعلومات موثقة استقاها الكاتب من مصادر مشهود لها بالدقة والصحة. أحاول في هذا الجهد المتواضع أن أنقل لكم أهم هذه الحقائق المثيرة.. أتمنى لكم وقتاً ممتعاً.
عندما سئل رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال ريتشارد مايرز عن الاجراءات التي اتخذتها السلطات الأمريكية المختصة لمنع طائرة البونيغ من الاصطدام بمنبى البنتاجون تردد وتلعثم ولم يعرف ماذا يقول وامتنع عن الاجابة.
بعد ذلك بأيام حاول مسؤولو (قيادة الدفاع عن فضاء أمريكا الشمالية) تدارك هذا الموقف المحرج بادعاء أنه تم اصدار أوامر إلى طائرتي (ف16) بمطاردة الطائرة البوينغ لمنعها من الاصطدام المتعمد بالبنتاجون!! ولكن المحير والغريب والمضحك في نفس الوقت أن طائرتي ال(ف16) التي تعتبر أحدث طائرات مقاتلة ومطاردة في العالم لم تستطع لا العثور ولا اللحاق بالطائرة البوينغ الثقيلة البطيئة نسبياً بينما تمكنت طائرة شحن عسكرية ثقيلة من تحديد مكان طائرة البوينغ ولكن بعد فوات الأوان، حيث كان ذلك قبل الوقت المعلن لاصطدام طائرة البوينغ بمبنى البنتاجون بثوان معدودة فقط. نظام الأمن الذي يتولى حماية مبنى البنتاجون متطور لأقصى درجة وهو نظام مضاد للطيران وخاضع للمراقبة دوماً بواسطة سلطات قاعدة سانت اندرو الرئاسية.. وهذا النظام مزود بوحدتين حربيتين جويتين… وكلتا الوحدتين مزودتان بأحدث طائرات (ف16) و(ف18) فأين كان هذا النظام طوال فترة اقتراب طائرة البوينغ من مبنى البنتاجون؟ هل يشبع فضولنا تصريح المتحدث باسم البنتاجون المقدم فيك فارزينسكي الذي قال: «لم ندرك أن الطائرة كانت متوجهة نحونا ولم نكن نتوقع ذلك أصلا!!»؟؟
طائرة البوينغ التي من المفترض أنها اصطدمت بمبنى البنتاجون ضخمة للغاية تسع 293 راكباً ويبلغ طولها حوالي 48 متراً وعرضها 38 متراً وتزن 115 طناً وتطير بسرعة تصل إلى 900كم/ساعة.. البنتاجون هو أكبر مبنى إداري في العالم يعمل فيه 000 ،23 شخص يومياً.. إذا كان في نية من يوجه طائرة البوينغ إحداث أكبر قدر ممكن من الخسائر المادية والبشرية لكان الاصطدام بسقف مبنى البنتاجون هو الخيار الأمثل ولكن ما حدث أن الطائرة اصطدمت بواجهة من واجهات المبنى خاضعة للترميم حيث كان هذا الجزء هو الواجهة لمركز قيادة القوات البحرية الجديد وكانت المكاتب في ذلك الوقت خالية إلا من عمال الإنشاءات!! يا للصدفة.
نقطة أخرى غريبة للغاية هي أنه بادخال مجسم أو صورة لطائرة البوينغ في الحفرة التي أحدثها الاصطدام فإننا نلاحظ أن رأس أو مقدمة الطائرة هي فقط التي اخترقت جدار المبنى بينما لزم أن يظل الجزء المتبقي من جسم الطائرة في الخارج.. ولكن هل شاهد أحد منا أي صورة في وسائل الإعلام تظهر فيه اجزاء من جسم الطائرة في مكان الاصطدام؟
الأغرب من هذا كله ما أكده قائد فرقة الاطفاء التي تولت مكافحة الحريق الناجم عن الاصطدام المزعوم وهو اد بلوفر حيث أكد في مؤتمر صحفي أن رجاله أوكلت إليهم فقط مهمة الحريق الذي امتد للمبنى نفسه ولكن لم يسمح لهم بالاقتراب من نقطة الاصطدام!! طبعاً لم يسمح لهم بذلك حتى لا يفاجأوا بأنه لا توجد طائرة كاملة أصلا حتى تسجيلات كاميرات المراقبة المحيطة بمبنى البنتاجون لا تحتوي على أية صور لطائرة تصطدم بالمبنى.
أعلن مسؤولو مكتب التحقيقات الفدرالية أن الطائرتين اللتين اصطدمتا ببرجي مركز التجارة العالمي هما من طراز بوينغ 767.. الغريب أنه رغم أن كل طائرة من هذا النوع تتسع لـ239 راكباً إلا أن الطائرة الأولى كانت تحمل 81 ركباً بينما كان على متن الطائرة الأخرى 56 راكباً فقط! وقد تمكن بعض الركاب ممن كانوا يحملون هواتف خليوية من الاتصال بأقربائهم واخبارهم أن القراصنة المختطفين لا يحلمون سوى سكاكين!! هل كانت هذه محاولة تافهة لإلصاق التهمة بالعرب والمسلمين كون التاريخ يثبت وفي مواقف متعددة تفضيل العرب لاستخدام السكين كسلاح؟ وهل من المعقول أن يتسلح رجال قاموا بالتخطيط لهكذا عمليات دقيقة وخطيرة بالسلاح الأبيض فقط؟ وكيف مرت هذه السكاكين بسلام عبر أجهزة التفتيش في المطارات الأمريكية؟ علماً أن استخدام الأنواع الحديثة من الأسلحة كان سيكون خياراً أفضل كون أن هذه الأسلحة غير قابلة للكشف خلال أجهزة التفتيش كونها مصنوعة من البلاستيك.
بعد اغلاق المجال الجوي تم تفتيش جميع الطائرات التي كانت في الجو وعثر في إحدى الرحلات على عدد من السكاكين مخبأة تحت أحد مقاعد الطائرة فافترضت السلطات الأمريكية على الفور أن جميع المختطفين يحملون نفس هذا النوع من السكاكين!
والمضحك أنه بعد ذلك بفترة ادعت الاستخبارات الأمريكية أنها عثرت على سكاكين مشابهة ومن نفس النوع في منزل في افغانستان كان قد أقام به أسامة بن لادن لفترة فتم الصاق مسؤولية العمليات بهذا الرجل فوراً ولهذا السبب التافه والمختلق فقط. يتضح من خلال شريط الفيديو المصور لعملية الاصطدام ببرجي مركز التجارة مدى دقة ومهارة من كان يقود الطائرتين نحو المبنى فقد كان عليهم النزول إلى علو منخفض جداً وسط غابة من ناطحات السحاب العملاقة حيث الزوايا الحرجة والضيقة.. ونظراً لقلة المرونة التي تسمح بها طائرات البوينغ العملاقة فإن عملية كهذه تتطلب جرأة ومهارة فائقة في الطيران لا تتوفر في مجموعة من الهواة العرب الذين تلقوا دروساً غير متقدمة في الطيران لدى معاهد غير معروفة على مستوى العالم.. وهذا ما أكده جميع خبراء الطيران المتمرسين الذين قابلهم الكاتب ومن بينهم طيارون أمريكيون أيضاً.
هناك نظرية لم يلتفت إليها الكثيرون وهي قائمة على موقف غريب للغاية.. فقبل الاصطدام بلحظات التقطت بعض أجهزة الراديو البسيطة ذبذبات صادرة عن جهاز تحكم عن بعد من داخل أحد برجي مركز التجارة العالمي.. وقد تمكنت أجهزة الراديو تلك من التقاط الذبذبات بسبب تداخلها مع الموجات الصادرة عن هوائيات التلفاز والفيديو المثبتة في قمة المبنى.. فهل استخدم منفذو العملية جهاز تحكم وضعوه في البرج وجعلوه كالفخ الذي توجهت إليه الطائرة التي كانت تسير بشكل آلي؟ وللعلم فإن تنصيب الطائرة على وضعية الطيران الآلي لا تتطلب وجود منفذي العملية على الطائرة حيث إنه بفضل تقنية (الجلوبال هوك) التي اجازتها وزارة الدفاع الأمريكية فإنه يمكن التحكم بطائرة بوينغ دون الحاجة لوجود أحد على متنها!! قمة الغرابة فعلاً.
بعد اصطدام الطائرتين بالبرجين بوقت قصير انهار البرجان تماماً وأسندت إدارة وكالة الطوارىء الفدرالية إلى الجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين مهمة التحقيق في أسباب انهيار المبنيين.. خرج التقرير الأولي ليشير إلى أن الحرارة الشديدة الناجمة عن احتراق وقود الطائرتين أذابت الأساسات الحديدية للمبنيين مما أدى إلى انهيارهما.. الغريب أن خبراء الاطفاء رفضوا تماماً قبول هذه النظرية وأكدوا أن الحسابات الهندسية للمبنيين توضح أن الأساسات يمكنها تحمل درجات حرارة مرتفعة جداً ولوقت طويل..
كذلك أكد العديد من رجال الاطفاء أنهم سمعوا أصوات انفجارات عديدة في قاعدة البرجين.. ويؤكد خبير التعدين والتكنولوجيا فان روميرو أن المتفجرات (ضغط + حرارة وليس حرارة فقط كما في حالة الحريق) هي الوحيدة القادرة على تدمير مبنيين بهذا الحجم… المثير أن صحيفة نيويورك تايمز خرجت بسبق صحفي خطير جداً مفاده أن مركز التجارة العالمي كان يخفي قاعدة عسكرية سرية وهناك شهادات كثيرة بأن الطابقين التاسع والعاشر من البرج السابع للمجمع والذي انهار لاحقاً كان يضم قاعدة سرية لل«سي. آي. أيه) وقد بعث شخص مجهول الهوية إلى كاتب هذا الكتاب بصورة يتضح فيها حريق عند الطابق التاسع من المبنى السابع! ولكن الكاتب يؤكد أنه لم يتسن له الوقت للتأكد من صحة الصورة.
نقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن (ميشا فالكوفر) مدير شركة للرسائل الالكترونية التي تتخذ من نيويورك مقراً لها أن الشركة تلقت من مجهول قبل ساعتين من حدوث الهجمات رسائل فورية تحذر من وقوع الهجمات!! الطريف أن أحد مراسلي قناة الجزيرة بث هذا الخبر فور علمه به واستخدمه كدليل على أن منفذي الهجمات هم اليهود أو الموساد كون شركة الرسائل (أوديجو) إسرائيلية فما كان من إدارة قناة الجزيرة سوى أن أقالت هذا المراسل وطردته من وظيفته فوراً .
لننتقل إلى هذا الموقف الغريب جداً جداً.. في مقابلة مع الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش سئل عن شعوره حين علم بالهجوم الارهابي فأجاب بأنه كان في فلوريدا يزور إحدى المدارس وكان جالساً خارج الفصل الدراسي ينتظر موعد لقائه مع التلاميذ حين شاهد على شاشة تلفاز قريبة مشهداً لطائرة تصطدم بالبرج الأول فقال في نفسه: «إن هذا الطيار يبدو رهيباً وحاذقاً ويجيد قيادة الطائرات بمهارة»! وبعد ذلك طُلب من بوش أن يدخل إلى الفصل للقاء التلاميذ ولم يتسن له التفكير في الموضوع.. يقول جورج بوش: «بعد ذلك وأثناء محادثتي للتلاميذ دخل علينا أميني العام آندي كارد ليخبرنا بأن طائرة أخرى اصطدمت بالبرج وأن أمريكا تتعرض للهجوم».. الحقيقة أن الرئيس الأمريكي المعروف بحماقته لم يكن يدري وهو يقول هذا الكلام أنه يسجل اعترافاً خطيراً جداً جداً.. فالمعلوم أن أول صور للاصطدام بالبرج الأول
بثت على شاشات التلفزيون بعد 13 ساعة عبر وكالة (جاما) وكان قد صورها الاخوان جول وجيديون نودي بالصدفة.
إذاً كيف شاهد الرئيس الأمريكي مشاهد الاصطدام بالبرج الأول على شاشة التلفاز بينما لم نشاهدها نحن إلا بعد 13 ساعة؟
هل كانت المشاهد التي رآها الرئيس الأمريكي على شاشة التلفاز في تلك المدرسة صوراً سرية نُقلت إليه على الفور إلى صالة الاتصالات المجهزة مسبقاً في المدرسة التي كان يزورها؟
في الثاني عشر والثالث عشر من سبتمبر ذكرت صحيفتا الواشنطن بوست والنيويورك تايمز نقلاً عن آري (فليشر) المتحدث باسم البيت الأبيض ان الوكالة السرية، وهي وكالة حماية الشخصيات رفيعة الشأن، كانت قد تلقت رسائل من المهاجمين يشيرون فيها إلى نيتهم تدمير البيت الأبيض والطائرة الرئاسية والغريب ان (فليشر) صرح بأن المهاجمين استخدموا في اتصالهم بالوكالة السرية رموز تحديد الهوية والبث الخاصة بالرئاسة.
والأغرب هو ما صرح به مسؤولون كبار في الاستخبارات بأن المهاجمين استخدموا أيضاً في اتصالاتهم الرموز الشفرية التابعة لإدارة مكافحة المخدرات (DEA) ومكتب الاستطلاع الوطني (NRO) واستخبارات القوات الجوية (AFI) والاستخبارات العسكرية (AI) واستخبارات القوات البحرية NI) (واستخبارات ووزارتي الطاقة والعدل!! ومن المعروف ان هذه الرموز تقتصر معرفتها على عدد محدود جدا من كبار رجالات الدولة فكيف تسربت إلى المهاجمين؟! هذا إذا كان هناك مهاجمون أصلا.
هناك سؤال آخر يطرح نفسه: إذا كان المهاجمون قد تمكنوا من الحصول على كل هذه الرموز السرية فلماذا اكتفوا في اتصالاتهم بالتهديد بالقيام بعمليات إرهابية ضد أهداف أمريكية بينما خلت اتصالاتهم من أية مطالب أو رغبات؟ ألم يكن باستطاعة المهاجمين كونهم يحملون رموز الرئاسة الشفرية الدخول إلى البيت الأبيض واغتيال الرئيس الأمريكي وإعطاء التعليمات للجيش الأمريكي وتشغيل القنابل النووية؟
ألا يدل ذلك على ان (المهاجمين) من داخل البيت الأبيض؟
ستتضح صورة هذه النظرية أكثر بعد قليل … في صباح يوم 11 سبتمبر بثت وكالة (أي.بي.سي) مشاهد مباشرة لحريق مندلع في البيت الأبيض… كانت الصورة الثابتة للمبنى والحريق هو كل ما شاهدناه ولم نسمع أي شيء عن مصدر الحريق أو مسبباته… بعد ذلك بفترة قصيرة تم اخلاء البيت الأبيض وتم اجلاء نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني وانتشرت قوات الصاعقة حول المبنى وأعلنت الوكالة السرية خطة استمرارية الحكومة.
لاحقاً ألقى الرئيس جورج بوش كلمة طمأن فيها الشعب الأمريكي بأن الحكومة تبذل كل ما في وسعها للسيطرة على الوضع وان الولايات المتحدة ستطارد الفاعلين وتعاقبهم.. ما يلفت النظر فعلاً في خطاب الرئيس الأمريكي أنه لم يستعمل كلمة إرهاب أو إرهابي أبداً وكأنه كان يتحدث عن شيء آخر أو بمعنى أصح إرهاب من نوع آخر!!! وكذلك فعل المتحدث باسمه (آري فليشر) مع رجال الصحافة. حادثة غريبة توضح الصورة أكثر وهي ان نائب الرئيس ديك تشيني صرح بأن رجال الوكالة السرية (أرغموه) على اللجوء إلى الغرفة المحصنة رغما عنه.
أمريكا قامت بنفس السيناريو من قبل
في الخمسينات كانت كوبا ترزح تحت نظام حكم (فولخانسيو باتيستا) الذي سمح لمجموعة من الشركات الأمريكية مثل جنرال موتورز وستاندرد اويل وشيراتون وهيلتون وجنرال اليكتريك بالسيطرة على ثروات البلاد… في العام نفسه نجح مجموعة من الثوار بقيادة الرئيس الحالي فيدل كاسترو في قلب نظام الحكم واستلام مهام السلطة في البلاد… دفع هذا التحول المفاجئ تلك الشركات الأمريكية التي خافت على مصالحها في الجزيرة إلى محاولة اقناع الرئيس الأمريكي بالتخلص من نظام الحكم الجديد في كوبا.
في السابع عشر من مارس 1960 أصدر الرئيس الأمريكي (ايزنهاور) مرسوما يقضي بضرورة التخلص من نظام كاسترو… وكان الهدف الأول والأخير لهذا القرار هو تغيير نظام كاسترو إلى نظام آخر أكثر ملاءمة للمصالح الأمريكية الكبيرة في الجزيرة الكوبية.
بعد تولي جون كينيدي لمقاليد الرئاسة في أمريكا بفترة قصيرة قامت سلطات الاستخبارات الأمريكية بتجنيد مجموعة من المنفيين والمرتزقة الكوبيين من أجل القيام بانقلاب ضد كاسترو… في السابع عشر من ابريل 1961 قامت هذه المجموعة بعملية انزال في خليج الخنازير ولكن المحاولة باءت بالفشل… الأمر الذي فاجأ السلطات الأمريكية فعلاً كان رفض جون كينيدي ان تقوم القوات الجوية الأمريكية بدعم المرتزقة الكوبيين خلال عملية الانزال وقيامه بعزل مدير ال (سي.أي.إيه) الان داليس ومساعده تشارلز كابل واصداره لأوامر باجراء تحقيق داخلي لتحديد المسؤولين عن العملية ومن بينهم هيئة الأركان المشتركة وقائدها الجنرال لايمان لمنيتزر، اتهمت السلطات السياسية والعسكرية العليا في أمريكا الرئيس الأمريكي جون كينيدي بالجبن لرفضه توفير الدعم للمرتزقة الكوبيين… بعد تفكير عميق توصل مجموعة من القادة المتطرفين والذين يشغلون مناصب عليا في القطاعين السياسي والعسكري إلى فكرة مخيفة… أساس هذه الفكرة هو تقديم حجة سياسية وعسكرية أو عذر سياسي وعسكري إلى الرئيس كينيدي من أجل ان يوافق على عملية تدخل عسكري شاملة للجزيرة الكوبية.. تولى مهمة التخطيط لهذه الحجة العميد ويليام كريغ والجنرال ليمنيتزر رئيس هيئة الأركان المشتركة… وفي الثالث عشر من مارس 1962 قام ليمنيتزر بعرض المخطط أو الحجة التي أطلق عليها اسم (الغابات الشمالية) على من يهمه الأمر من المسؤولين وذلك خلال اجتماع عقد في مكتب وزير الدفاع روبرت ماكنمارا في البنتاجون. لم تكن نهاية الاجتماع سعيدة بالنسبة لأصحاب المخطط فقد رفض وزير الدفاع ماكنمارا المخطط بأكمله وتم إبعاد الجنرال ليمنيتزر عن البلاد وتعيينه قائدا للقوات الأمريكية في أوروبا… ورغم ان ليمنيتزر أمر بتدمير كل نسخ المخطط قبل رحيله إلى أوروبا إلا ان وزير الدفاع ماكنمارا احتفظ بنسخة منه.
إذاً رفض الرئيس الأمريكي جون كينيدي ان تتورط بلاده في حرب ضد كوبا… ويجمع معظم المؤرخين ان هذا هو السبب الرئيسي لاغتياله عام 1962.
في العام 1992 أطلق المخرج الأمريكي الشهير أوليفر ستون فيلما سينمائيا يختص بإظهار التناقضات العديدة التي تضمنتها الرواية الرسمية للسلطات الأمريكية حول حادثة اغتيال جون كينيدي.. سبّب هذا الفيلم ضجة كبرى في الولايات المتحدة والعالم وحرك الرأي العام العالمي بقوة والذي بدأ يتساءل بإلحاح عن الأسباب الحقيقية وراء اغتيال كينيدي.. دفع هذا الضغط والالحاح العالمي الرئيس بيل كلينتون إلى اصدار أوامر بفتح الملفات القديمة المحفوظة في البيت الأبيض والبنتاجون منذ عهد كينيدي.. وبفتح هذه الملفات القديمة عثر بين أوراق وزير الدفاع في عهد كينيدي روبرت ماكنمارا على تلك النسخة من مشروع الغابات الشمالية.
مشروع (الغابات الشمالية) هل تم تطبيقه يوم 11 سبتمبر 2002؟
في استراليا العام 1999 نشر الكاتب والصحفي جون اليستون كتابه (الحرب النفسية ضد كوبا – تاريخ الحملة الدعائية الأمريكية ضد كاسترو) وضمن في هذا الكتاب مستندات عملية (الغابات الشمالية)… ولكن على عكس المتوقع لم يحدث الكتاب أية ضجة أو ردة فعل سواء في الولايات المتحدة أو العالم.. ولكن بعد سنتين من ذلك التاريخ قام الكاتب جيمس بامفورد بنشر نفس مستندات العملية في كتابه (مجموعة الأسرار – تحليل لوكالة الأمن الوطني منذ الحرب الباردة وحتى فجر القرن الجديد) وهذه المرة أحدثت المستندات ردة فعل عنيفة في الأوساط السياسية الرسمية والشعبية.
كان هدف عملية (الغابات الشمالية) اقناع المجتمع الدولي بأن فيدل كاسترو يشكل خطرا على العالم بأفكاره الثورية لذلك يجب التخلص منه.. ولتحقيق هذا الهدف ولإعطاء الولايات المتحدة حجة للتدخل العسكري في كوبا كان لابد من القيام بتمثيلية كبرى بحيث يتم إلحاق أضرار كبيرة بمصالح أمريكية وإلصاق التهمة بكوبا.
تضمنت عملية (الغابات الشمالية) العديد من المقترحات اذكر منها قيام مجموعة من المرتزقة الكوبيين المتخفين بملابس قوات فيدل كاسترو بالهجوم على القاعدة الأمريكية في كوبا «جوانتامو» وإحداث قدر كبير من التخريب والتفجيرات والتسبب بخسائر مادية وبشرية كبيرة.
– تفجير واغراق سفينة أمريكية في المياه الاقليمية لكوبا على أن تكون السفينة في حقيقة الأمر خالية ومتحكم بها عن بعد.. ويكون الانفجار من الشدة بحيث يشاهد في العاصمة هافانا وذلك للحصول على شهود عيان.. وتكون هناك عمليات انقاذ موسعة ولائحة بأسماء الضحايا ومراسم جنائزية وذلك لإثارة الرأي العام العالمي.. وتجري العملية في الوقت الذي تتواجد فيه سفن وطائرات كوبية في المنطقة حتى يتسنى نسب المسؤولية إليها.

ملاحظة:
في عام 1898 كانت كوبا مستعمرة اسبانية وتم في ذلك الوقت تدمير السفينة الأمريكية مما أدى إلى مقتل 276 شخصاً فاستخدمت أمريكا هذا العذر لاحتلال اسبانيا.
– ممارسة الارهاب ضد المنفيين الكوبيين في الولايات المتحدة من خلال استخدام العبوات الناسفة والسيارات الملغومة.. وبعد ذلك يتم القاء القبض على عملاء وجواسيس كوبيين مزيفين للحصول على اعترافات.. يتم توثيق هذه الاعترافات وتوزيعها على وسائل الإعلام المختلفة.
– إيهام الدول المجاورة لكوبا بخطر نظام فيدل كاسترو الثوري ذي الأهداف التوسعية.. وتقوم طائرة كوبية مزيفة بقصف ليلي لجمهورية الدومينيكان المجاورة مع الأخذ في الاعتبار أن تكون الصواريخ المستخدمة سوفييتية الصنع (كان الاتحاد السوفيتي هو مصدر السلاح الأول لنظام فيدل كاسترو).
– اثارة الرأي العام العالمي وذلك عن طريق تفجير طائرة مدنية أمريكية.. ولإحداث أكبر قدر ممكن من التأثير يؤخذ في الاعتبار أن يكون على متن الطائرة شخصية أمريكية مؤثرة ومشهورة مثل جون غلين أول أمريكي يدور حول الأرض.. ويكون تنفيذ هذه العملية كما يلي: يقوم مجموعة من المتواطئين «طلاب مثلاً» باستئجار طائرة تابعة لاحدى الشركات.. في الجو تلتقي هذه الطائرة مع طائرة أخرى شبيهة بها تماماً ولكنها خالية من الركاب ومتحكم بها من بعد بينما يعود المتواطئون بطائرتهم للهبوط في احدى قواعد ال«سي. أي. أيه».. تكمل الطائرة الأخرى مسارها وتصدر نداءات استغاثة واشارات تدل على قرصنة جوية بواسطة مختطفين كوبيين ثم تنفجر في الجو.
كما يتضح من بنود عملية فإن انجاز هذا المخطط يتطلب مقتل العديد من المواطنين الأبرياء سواء مدنيين أو عسكريين.. ولكن في نظر من خطط ل«الغابات الشمالية».. فإن مقابل موت هؤلاء ستحصل أمريكا على أدوات سيطرة مطلقة وفعّالة على العالم وهذا هو الهدف الأسمى.

مميزة

ﺑﻘﻠﻢ:ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻣﻴﻦ ﺍﻟﻀﻨﺎﻭﻱ —احد اسباب الثوره الامريكيه في سوريا


. . . لعلهم يستيقظوا من سبات البهائم الذين هم فيه ! ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﺑﻜﻤﻴﺎﺕ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻟﻼﻗﺘﺘﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻗﺪ ﺗﻜﻠﻤﺖُ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺼﻬﺎﻳﻨﺔ ﻓﻲ ﺷﻌﺎﺭﻫﻢ”ﻧﺎﺑﻮﻛﻮ”، ﻭﻛﻨﺖ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻗﺪ ﻛﺸﻔﺖ ﻧﻮﺍﻳﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﻐﺎﺯﻱ ﺍﻟﺘﻮﺳﻌﻲ، ﻭﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻃﻠﻘﺖ ﺍﺳﻢ “ﻧﺎﺑﻮﻛﻮ”، ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺒﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﻠﺒﺖ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻲ”ﻧﺒﻮﺧﺬ ﻧﺼﺮ” ﻭﺍﺳﺘﺨﻔﺖ ﺑﻪ، ﻓﻜﻠﻤﺔ”ﻧﺎﺑﻮﻛﻮ”ﺗﻤﺜﻞ ﺻﻴﻐﺔ ﺗﺼﻐﻴﺮ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻻﺳﻢ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﺩ ﺍﻟﺴﺒﻲ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻲ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ. ﺑﺎﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ، ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﺣﺮﻑ (A) ﺭُﺳﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻗﻨﻄﺮﺓ ﺃﻧﺒﻮﺑﻴﺔ ﻣﻘﻮﺳﺔ، ﺗﺮﺑﻂ ﺑﻴﻦ ﺣﺮﻑ(N)، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻣﺰ ﺇﻟﻰ ﻧﻬﺮ ﺍﻟﻨﻴﻞNile، ﻭﺑﻴﻦ ﺣﺮﻑ (B) ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻣﺰ ﺇﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎﺑﻞ Babylon، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻫﻨﺎ ﺍﻟﺘﻤﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺑﺎﺑﻞ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺮﺍﺕ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﻘﻮﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﻮﻕ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺼﻬﺎﻳﻨﺔ ﺑﺄﻥ ﺩﻭﻟﺔ”ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ” ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺮﺍﺕ. ﺑﺪﺃﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ”ﻟﻴﻔﻴﺎﺛﺎﻥ”ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 2009، ﻓﻘﺪ ﺑﺎﺷﺮﺕ ﻓﻴﻪ ﺷﺮﻛﺔ”ﻧﻮﺑﻞ ﺇﻧﻴﺮﺟﻲ”ﺗﻨﻘﻴﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻏﺮﺑﻲ ﻣﻴﻨﺎﺀ ﺣﻴﻔﺎ ﺑﺤﻮﺍﻟﻲ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻦ ﻛﻠﻢ، ﻓﺎﻛﺘﺸﻔﺖ، ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻴﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻝ ﻻ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﺼﻴﻮﻧﻲ ﻭﻻ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﺍﻟﻤﻨﻘﺒﺔ، ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺑﻜﻤﻴﺎﺕ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﺗﻘﺪﺭ ﺑﻨﺤﻮ238ﻣﻠﻴﺎﺭ ﻣﺘﺮ ﻣﻜﻌﺐ، ﺛﻢ ﺗﻮﺳﻌﺖ ﻓﻲ ﻣﺸﺎﺭﻳﻌﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻘﻴﺒﻴﺔ ، ﻓﺎﻛﺘﺸﻔﺖ ﻋﺎﻡ 2010 ﺃﻧﻬﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺣﻮﺽ ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﺍﻟﺠﻮﺩﺓ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﻛﻤﻴﺎﺕ ﺧﺮﺍﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﺯ، ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺠﻌﻞ”ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ”ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺛﺮﺍﺀ. ﺑﺪﺃﺕ”ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ”ﺑﺎﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻛﺘﺸﺎﻑ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ، ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻴﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻝ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻔﻜﺮﻳﻬﺎ ﺍﻧﺘﻬﺎﺯﻳﺔ، ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺎﻑ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﻭﺍﻟﻤﺼﺪﺭﺓ ﻟﻠﻐﺎﺯ، ﻭﺗﺴﺎﺀﻟﺖ ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺣﺼﺪ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻬﺎﺋﻠﺔ، ﻭﻃﺮﻕ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻋﻮﺍﺋﺪﻫﺎ ﺍﻟﻨﻔﻄﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﺎﺯﻳﺔ، ﻭﺗﺴﺎﺀﻟﺖ ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺿﻤﺎﻥ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻘﻞ ﺍﻟﻐﻨﻲ ﻛﻠﻪ، ﻣﻦ ﺷﻤﺎﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﻮﺑﻪ، ﻭﻣﻦ ﺷﺮﻗﻪ ﺇﻟﻰ ﻏﺮﺑﻪ، ﻣﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﺗﺤﺮﻡ ﻛﻼً ﻣﻦ ﺳﻮﺭﻳﺔ ﻭﻟﺒﻨﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺣﺼﺘﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻘﻞ، ﻭﺗﻤﻨﻌﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺗﻬﻤﺎ ﺍﻟﻐﺎﺯﻳﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺘﻴﻦ، ﻓﺮﺃﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺂﻣﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻭﺍﻟﺴﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺯﻋﺎﻣﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﺷﺪ ﻭﻻﺀ ﻟﻬﺎ ﺑﺪﻝ ﺍﻟﺰﻋﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ، ﻫﻮ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﺴﺒﻞ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﻟﻠﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻛﺘﺸﻔﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻭ. ﻟﻘﺪ ﺃﻛﺪ ﺍﻟﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺮﺳﻤﻲ ﺑﺎﺳﻢ ﻣﻌﻬﺪ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺠﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ،”ﺃﻥ ﻣﻨﺎﺑﻊ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺽ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﻟﻠﺒﺤﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ، ﺗﻮﺍﺯﻱ ﻛﺒﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺑﻊ ﺍﻟﻐﺎﺯﻳﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮﺓ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﺃﻥ ﻣﻨﺎﺑﻊ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﻓﻲ ﺣﻘﻞ “ﻟﻴﻔﻴﺎﺛﺎﻥ”، ﺃﺿﺨﻢ ﻭﺃﻭﺳﻊ ﻭﺃﻋﻤﻖ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﻨﺎﺑﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻛﺘﺸﻔﺘﻬﺎ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ”، ﻭﺗﻘﻮﻝ ﺗﻘﺎﺭﻳﺮ ﺍﻟﻤﻌﻬﺪ” :ﺇﻥ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﻭﺍﻟﻐﺎﺯ ﺷﺮﻗﻲ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﺗﻘﺪﺭ ﺑﻨﺤﻮ ( 1.68 ) ﻣﻠﻴﺎﺭ ﺑﺮﻣﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻝ، ﻭﺑﻨﺤﻮ (3450) ﻣﻠﻴﺎﺭ ﻣﺘﺮ ﻣﻜﻌﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻋﺎﻟﻲ ﺍﻟﺠﻮﺩﺓ، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻨﺎﺑﻊ ﻏﻴﺮ ﻣﻜﺘﺸﻔﺔ ﻟﻤﻨﺎﺑﻊ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﻭﺍﻟﻐﺎﺯ ﻓﻲ ﺣﻮﺽ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺑﻤﺼﺮ، ﺗﻘﺪﺭ ﺑﻨﺤﻮ (1.76 ) ﻣﻠﻴﺎﺭ ﺑﺮﻣﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﻂ، ﻭﻧﺤﻮ (6850) ﻣﻠﻴﺎﺭ ﻣﺘﺮ ﻣﻜﻌﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻋﺎﻟﻲ ﺍﻟﺠﻮﺩﺓ، ﻭﻗﺪﺭ ﺍﻟﻤﻌﻬﺪ ﺇﺟﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﺨﺰﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺰﺀ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﻣﻦ ﺣﻮﺽ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﺑﻨﺤﻮ ( 3.4 ) ﻣﻠﻴﺎﺭ ﺑﺮﻣﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﺍﻟﺨﺎﻡ، ﻭﻧﺤﻮ (9700) ﻣﻠﻴﺎﺭ ﻣﺘﺮ ﻣﻜﻌﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ. ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ، ﻓﺈﻥ ﺍﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﻨﻔﻄﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﺎﺯﻳﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﻓﺘﺤﺖ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮﺍﻋﻴﻪ، ﻓﻠﺒﻨﺎﻥ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﻠﻢ ﺑﺄﻥ ﺣﻘﻞ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﻳﻤﺘﺪ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﻴﺎﻫﻪ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ، ﺍﺳﺘﺒﺸﺮ ﺧﻴﺮﺍً ﻭﺃﻣﻞ ﺑﺘﺤﺴﻴﻦ ﺃﻭﺿﺎﻋﻪ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ، ﻭﻗﺪﻡ ﻃﻠﺒﺎً ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻟﻀﻤﺎﻥ ﺣﻘﻮﻗﻪ ﺍﻟﻨﻔﻄﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﺎﺯﻳﺔ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺮﺩ ﺟﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ ﻋﺒﺮ ﻭﺯﻳﺮ ﺧﺎﺭﺟﻴﺘﻪ”ﻟﻴﺒﺮﻣﺎﻥ” ﻗﺎﺋﻼً” :ﺇﻥ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻟﻦ ﺗﺘﺨﻠﻰ ﻟﻠﺒﻨﺎﻥ ﻭﻻ ﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻋﻦ ﻗﻄﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ .” ﻟﻘﺪ ﺑﺎﺷﺮ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ ﺑﺘﻀﻴﻴﻖ ﺍﻟﺨﻨﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ، ﺑﺎﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻲ ﺍﻟﻤﺘﺎﺡ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﺮﻏﺐ ﺑﺰﻋﺰﻋﺔ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻷﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻓﻬﻮ ﻳﻌﺪ ﻣﻦ ﺃﺳﻬﻞ ﻭﺃﺑﺴﻂ ﻭﺃﺳﺮﻉ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﻤﻀﻤﻮﻧﺔ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ، ﻓﻘﺪ ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﻭﺍﺳﺘﻨﻔﺮﺕ ﻟﺘﻌﺪﻳﻞ”ﺳﺎﻳﻜﺲ ﺑﻴﻜﻮ” ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺴﻤﺖ ﻭﺟﺰﺃﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ1916، ﻭﺣﺴﺐ ﺗﺨﻄﻴﻄﻬﻢ، ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻋﺎﻡ2016، ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻮﻋﺪ ﺍﻟﻤﻘﺮﺭ ﻹﻧﺘﺎﺝ ﻣﻌﺎﻫﺪﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻏﻴﺮ”ﺳﺎﻳﻜﺲ ﺑﻴﻜﻮ”، ﻓﺒﻌﺪ ﻣﺮﻭﺭ ﻗﺮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻫﺪﺓ 1916، ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺎﺗﺖ ﻋﺘﻴﻘﺔ ﺣﺴﺐ ﺭﺃﻳﻬﻢ، ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺳﻤﺖ ﺍﻟﺨﻄﻮﻁ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩﻳﺔ ﺍﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﻗﻌﺎﺕ ﺍﻟﺘﺨﻤﻴﻨﻴﺔ ﻟﻠﻨﻔﻂ، ﺛﻢ ﺟﺎﺀ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻌﺒﺚ ﺑﻤﺼﻴﺮ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﺎﻓﺔ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻒ ﺍﻵﻥ ﺧﻠﻒ ﺣﻠﻒ”ﺍﻟﻨﺎﺗﻮ”، ﻭﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻜﺮﺕ ﻟﺪﻳﻨﻬﺎ ﻭﻋﺮﻭﺑﺘﻬﺎ ﻭﺍﺭﺗﻀﺖ ﺑﺎﻟﺬﻝ ﻭﺍﻟﻬﻮﺍﻥ، ﻭﺭﺿﺨﺖ ﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻤﺨﻄﻂ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮ ـ ﺃﻣﻴﺮﻛﻲ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻤﺘﺄﺳﻠﻤﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﺍﻧﻔﻜﺖ ﺗﻐﺬﻱ ﺍﻟﺸﺮﺍﻳﻴﻦ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﻟﻠﺘﻨﺎﺣﺮ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻲ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺪ ﻣﻦ ﺃﻣﻀﻰ ﻭﺃﻗﻮﻯ ﻭﺃﺭﺧﺺ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻌﺎﻥ ﺑﻬﺎ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺯﻋﺰﻋﺔ ﺃﻣﻨﻬﻢ ﻭﺗﻔﺮﻳﻘﻬﻢ ﻭﺗﺠﺰﺋﺘﻬﻢ .. ﺑﻘﻠﻢ:ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻣﻴﻦ ﺍﻟﻀﻨﺎﻭﻱ
احد اسباب الثوره الامريكيه في سوريا . . . لعلهم يستيقظوا من سبات البهائم الذين هم فيه !

ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﺑﻜﻤﻴﺎﺕ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻟﻼﻗﺘﺘﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ

ﻗﺪ ﺗﻜﻠﻤﺖُ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺼﻬﺎﻳﻨﺔ ﻓﻲ ﺷﻌﺎﺭﻫﻢ”ﻧﺎﺑﻮﻛﻮ”، ﻭﻛﻨﺖ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻗﺪ ﻛﺸﻔﺖ ﻧﻮﺍﻳﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﻐﺎﺯﻱ ﺍﻟﺘﻮﺳﻌﻲ، ﻭﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻃﻠﻘﺖ ﺍﺳﻢ “ﻧﺎﺑﻮﻛﻮ”، ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺒﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﻠﺒﺖ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻲ”ﻧﺒﻮﺧﺬ ﻧﺼﺮ” ﻭﺍﺳﺘﺨﻔﺖ ﺑﻪ، ﻓﻜﻠﻤﺔ”ﻧﺎﺑﻮﻛﻮ”ﺗﻤﺜﻞ ﺻﻴﻐﺔ ﺗﺼﻐﻴﺮ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻻﺳﻢ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﺩ ﺍﻟﺴﺒﻲ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻲ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ.
ﺑﺎﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ، ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﺣﺮﻑ (A) ﺭُﺳﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻗﻨﻄﺮﺓ ﺃﻧﺒﻮﺑﻴﺔ ﻣﻘﻮﺳﺔ، ﺗﺮﺑﻂ ﺑﻴﻦ ﺣﺮﻑ(N)، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻣﺰ ﺇﻟﻰ ﻧﻬﺮ ﺍﻟﻨﻴﻞNile، ﻭﺑﻴﻦ ﺣﺮﻑ (B) ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻣﺰ ﺇﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎﺑﻞ Babylon، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻫﻨﺎ ﺍﻟﺘﻤﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺑﺎﺑﻞ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺮﺍﺕ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﻘﻮﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﻮﻕ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺼﻬﺎﻳﻨﺔ ﺑﺄﻥ ﺩﻭﻟﺔ”ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ”
ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺮﺍﺕ.
ﺑﺪﺃﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ”ﻟﻴﻔﻴﺎﺛﺎﻥ”ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 2009، ﻓﻘﺪ ﺑﺎﺷﺮﺕ ﻓﻴﻪ ﺷﺮﻛﺔ”ﻧﻮﺑﻞ ﺇﻧﻴﺮﺟﻲ”ﺗﻨﻘﻴﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻏﺮﺑﻲ ﻣﻴﻨﺎﺀ ﺣﻴﻔﺎ ﺑﺤﻮﺍﻟﻲ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻦ ﻛﻠﻢ، ﻓﺎﻛﺘﺸﻔﺖ، ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻴﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻝ
ﻻ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﺼﻴﻮﻧﻲ ﻭﻻ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﺍﻟﻤﻨﻘﺒﺔ، ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺑﻜﻤﻴﺎﺕ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﺗﻘﺪﺭ ﺑﻨﺤﻮ238ﻣﻠﻴﺎﺭ ﻣﺘﺮ ﻣﻜﻌﺐ، ﺛﻢ ﺗﻮﺳﻌﺖ ﻓﻲ ﻣﺸﺎﺭﻳﻌﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻘﻴﺒﻴﺔ ، ﻓﺎﻛﺘﺸﻔﺖ ﻋﺎﻡ 2010 ﺃﻧﻬﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺣﻮﺽ ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﺍﻟﺠﻮﺩﺓ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ
ﻛﻤﻴﺎﺕ ﺧﺮﺍﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﺯ، ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺠﻌﻞ”ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ”ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺛﺮﺍﺀ.
ﺑﺪﺃﺕ”ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ”ﺑﺎﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻛﺘﺸﺎﻑ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ، ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ
ﻟﻴﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻝ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻔﻜﺮﻳﻬﺎ ﺍﻧﺘﻬﺎﺯﻳﺔ، ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺎﻑ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﻭﺍﻟﻤﺼﺪﺭﺓ ﻟﻠﻐﺎﺯ، ﻭﺗﺴﺎﺀﻟﺖ ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺣﺼﺪ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻬﺎﺋﻠﺔ، ﻭﻃﺮﻕ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻋﻮﺍﺋﺪﻫﺎ ﺍﻟﻨﻔﻄﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻐﺎﺯﻳﺔ، ﻭﺗﺴﺎﺀﻟﺖ ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺿﻤﺎﻥ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻘﻞ ﺍﻟﻐﻨﻲ ﻛﻠﻪ، ﻣﻦ ﺷﻤﺎﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﻮﺑﻪ، ﻭﻣﻦ ﺷﺮﻗﻪ ﺇﻟﻰ ﻏﺮﺑﻪ، ﻣﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﺗﺤﺮﻡ ﻛﻼً ﻣﻦ ﺳﻮﺭﻳﺔ ﻭﻟﺒﻨﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺣﺼﺘﻪ
ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻘﻞ، ﻭﺗﻤﻨﻌﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺗﻬﻤﺎ ﺍﻟﻐﺎﺯﻳﺔ
ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺘﻴﻦ، ﻓﺮﺃﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺂﻣﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻭﺍﻟﺴﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺯﻋﺎﻣﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﺷﺪ ﻭﻻﺀ ﻟﻬﺎ ﺑﺪﻝ ﺍﻟﺰﻋﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ، ﻫﻮ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﺴﺒﻞ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﻟﻠﺴﻴﻄﺮﺓ
ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻛﺘﺸﻔﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻭ.
ﻟﻘﺪ ﺃﻛﺪ ﺍﻟﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺮﺳﻤﻲ ﺑﺎﺳﻢ ﻣﻌﻬﺪ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺠﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ،”ﺃﻥ ﻣﻨﺎﺑﻊ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺽ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﻟﻠﺒﺤﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ، ﺗﻮﺍﺯﻱ ﻛﺒﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺑﻊ ﺍﻟﻐﺎﺯﻳﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮﺓ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﺃﻥ ﻣﻨﺎﺑﻊ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﻓﻲ ﺣﻘﻞ
“ﻟﻴﻔﻴﺎﺛﺎﻥ”، ﺃﺿﺨﻢ ﻭﺃﻭﺳﻊ ﻭﺃﻋﻤﻖ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﻨﺎﺑﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻛﺘﺸﻔﺘﻬﺎ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ”، ﻭﺗﻘﻮﻝ ﺗﻘﺎﺭﻳﺮ ﺍﻟﻤﻌﻬﺪ” :ﺇﻥ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﻭﺍﻟﻐﺎﺯ ﺷﺮﻗﻲ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﺗﻘﺪﺭ ﺑﻨﺤﻮ ( 1.68 ) ﻣﻠﻴﺎﺭ ﺑﺮﻣﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻝ، ﻭﺑﻨﺤﻮ (3450) ﻣﻠﻴﺎﺭ ﻣﺘﺮ ﻣﻜﻌﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻋﺎﻟﻲ ﺍﻟﺠﻮﺩﺓ، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻨﺎﺑﻊ ﻏﻴﺮ ﻣﻜﺘﺸﻔﺔ ﻟﻤﻨﺎﺑﻊ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﻭﺍﻟﻐﺎﺯ ﻓﻲ ﺣﻮﺽ ﺍﻟﻨﻴﻞ
ﺑﻤﺼﺮ، ﺗﻘﺪﺭ ﺑﻨﺤﻮ (1.76 ) ﻣﻠﻴﺎﺭ ﺑﺮﻣﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﻂ، ﻭﻧﺤﻮ (6850) ﻣﻠﻴﺎﺭ ﻣﺘﺮ ﻣﻜﻌﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻋﺎﻟﻲ ﺍﻟﺠﻮﺩﺓ، ﻭﻗﺪﺭ ﺍﻟﻤﻌﻬﺪ ﺇﺟﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﺨﺰﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺰﺀ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﻣﻦ ﺣﻮﺽ ﺍﻟﺒﺤﺮ
ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﺑﻨﺤﻮ ( 3.4 ) ﻣﻠﻴﺎﺭ ﺑﺮﻣﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﺍﻟﺨﺎﻡ، ﻭﻧﺤﻮ (9700) ﻣﻠﻴﺎﺭ ﻣﺘﺮ ﻣﻜﻌﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ.
ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ، ﻓﺈﻥ ﺍﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﻨﻔﻄﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﺎﺯﻳﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﻓﺘﺤﺖ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮﺍﻋﻴﻪ، ﻓﻠﺒﻨﺎﻥ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﻠﻢ ﺑﺄﻥ ﺣﻘﻞ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﻳﻤﺘﺪ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﻴﺎﻫﻪ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ، ﺍﺳﺘﺒﺸﺮ ﺧﻴﺮﺍً ﻭﺃﻣﻞ ﺑﺘﺤﺴﻴﻦ ﺃﻭﺿﺎﻋﻪ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ، ﻭﻗﺪﻡ ﻃﻠﺒﺎً ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻣﻢ
ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻟﻀﻤﺎﻥ ﺣﻘﻮﻗﻪ ﺍﻟﻨﻔﻄﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﺎﺯﻳﺔ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺮﺩ ﺟﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺪﻭ
ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ ﻋﺒﺮ ﻭﺯﻳﺮ ﺧﺎﺭﺟﻴﺘﻪ”ﻟﻴﺒﺮﻣﺎﻥ” ﻗﺎﺋﻼً” :ﺇﻥ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻟﻦ ﺗﺘﺨﻠﻰ ﻟﻠﺒﻨﺎﻥ ﻭﻻ ﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻋﻦ ﻗﻄﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ .”
ﻟﻘﺪ ﺑﺎﺷﺮ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ ﺑﺘﻀﻴﻴﻖ ﺍﻟﺨﻨﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ،
ﺑﺎﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻲ ﺍﻟﻤﺘﺎﺡ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﺮﻏﺐ ﺑﺰﻋﺰﻋﺔ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻷﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻓﻬﻮ ﻳﻌﺪ ﻣﻦ ﺃﺳﻬﻞ ﻭﺃﺑﺴﻂ ﻭﺃﺳﺮﻉ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﻤﻀﻤﻮﻧﺔ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ.
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ، ﻓﻘﺪ ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﻭﺍﺳﺘﻨﻔﺮﺕ ﻟﺘﻌﺪﻳﻞ”ﺳﺎﻳﻜﺲ ﺑﻴﻜﻮ” ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺴﻤﺖ ﻭﺟﺰﺃﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ1916، ﻭﺣﺴﺐ ﺗﺨﻄﻴﻄﻬﻢ، ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻋﺎﻡ2016، ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻮﻋﺪ ﺍﻟﻤﻘﺮﺭ ﻹﻧﺘﺎﺝ ﻣﻌﺎﻫﺪﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻏﻴﺮ”ﺳﺎﻳﻜﺲ
ﺑﻴﻜﻮ”، ﻓﺒﻌﺪ ﻣﺮﻭﺭ ﻗﺮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻫﺪﺓ 1916، ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺎﺗﺖ ﻋﺘﻴﻘﺔ ﺣﺴﺐ ﺭﺃﻳﻬﻢ، ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺳﻤﺖ ﺍﻟﺨﻄﻮﻁ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩﻳﺔ ﺍﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﻗﻌﺎﺕ ﺍﻟﺘﺨﻤﻴﻨﻴﺔ ﻟﻠﻨﻔﻂ، ﺛﻢ ﺟﺎﺀ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻌﺒﺚ ﺑﻤﺼﻴﺮ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﺎﻓﺔ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻒ
ﺍﻵﻥ ﺧﻠﻒ ﺣﻠﻒ”ﺍﻟﻨﺎﺗﻮ”، ﻭﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻜﺮﺕ ﻟﺪﻳﻨﻬﺎ ﻭﻋﺮﻭﺑﺘﻬﺎ ﻭﺍﺭﺗﻀﺖ ﺑﺎﻟﺬﻝ ﻭﺍﻟﻬﻮﺍﻥ، ﻭﺭﺿﺨﺖ ﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻤﺨﻄﻂ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮ ـ ﺃﻣﻴﺮﻛﻲ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻤﺘﺄﺳﻠﻤﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﺍﻧﻔﻜﺖ ﺗﻐﺬﻱ ﺍﻟﺸﺮﺍﻳﻴﻦ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﻟﻠﺘﻨﺎﺣﺮ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻲ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺪ ﻣﻦ ﺃﻣﻀﻰ ﻭﺃﻗﻮﻯ ﻭﺃﺭﺧﺺ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻌﺎﻥ ﺑﻬﺎ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺯﻋﺰﻋﺔ ﺃﻣﻨﻬﻢ ﻭﺗﻔﺮﻳﻘﻬﻢ
ﻭﺗﺠﺰﺋﺘﻬﻢ ..

مميزة

السياسة الدولية قبل الحرب الباردة


قبل الحديث عن التغيرات في السياسة الدولية بعد انتهاء الحرب الباردة، فإنه من المناسب تذكر تطورها أثناء الحرب الباردة وقبلها.

لقد حددت معاهدة وستفاليا للسلام عام 1648 (بعد ثلاثين عاما من الحروب ) التغيرات الأساسية فى العلاقات الدولية الحديثة: وتشكل قاعدتها الدول ذات السيادة الكاملة والتى واصلت تفاعلاتها على المسرح الدولى على أساس مبادئ المصالح القومية .ومنذ ذلك الحين أصبحت الدول،ولمدة طويلة ، الفاعل الوحيد على مسرح العلاقات الدولية0 وبعد معاهدة التراخت للسلام (1713 -1714 ) ومعاهدة نيشتاد (1721) كان الفاعل الرئيسي للشئون الدولية فى أوروبا ولحوالى مائتى عام، خمس قوى عظمى فقط وهى إنجلترا،فرنسا،بروسيا(ألمانيا بعد ذلك)، مملكة هابسبورج (النمسا) وأخيرا روسيا0 وقد أسس كونجرس فيينا(1815 ) الحلف المقدس اوالمحفل الأوروبىالمكون من بريطانيا العظمى، فرنسا، النمسا وبروسيا وروسيا. وقد أخذوا على عاتقهم مسئولية وحق التدخل فى الشئون الداخلية للدول الصغرى.وقد ميز سير هارولد نيكلسون خمسة مبادئ أساسية للدبلوماسية القديمة:

أولا: كانت أوروبا تعتبر أهم قارة. وكانت أفريقيا وآسيا مجالا للتوسع الاستعمارى والتجارى والدينى .
ثانيا: كانت القوى العظمى أكثر أهميه من القوى الصغرى لأن نطاق مصالحهم كان أكبر،ومسئولياتهم أعظم ،وأولا وقبل كل شئ لأن لديهم مالا وأسلحة أكثر.
ثالثا: تضطلع القوى العظمى بمسئولية جماعية عن سلوك القوى الصغرى وعن توطيد السلام بينهم . وكان مبدأ التدخل، سواء كان ذلك فى كريت أو الصين يمثل فكرة قبولة عموما .
رابعا: تأسيس إدارة دبلوماسية محترفة فى كل دولة أوروبية على غرار نموذج مماثل نوعا ما .
خامسا: مبدأ المفاوضات السرية والمتواصلة .
وباستخدام حق التدخل،أخمدت القوى الكبرى الثورات التحررية فى إيطاليا(1820)،أسبانيا(1823)،الانتفاضة فى ولاية فالاكيا الرومانية ضد السيطرة التركية(1821 )، كما أخمدوا أيضا ثورات ما بين عامى (1830-1848 ) فى العديد من الدول الأوروبية الصغرى. وعلى الرغم من ذلك ، وكما لاحظ المؤرخ الأسبانى كلاوديو سانشيز البورنوز فإن جهود الحلف المقدس لمنع انتصار النظام البرلمانى التحررى فى أوروبا أصبحت عديمة الجدوى أخيرا.

وبعد الحرب العالمية الأولى استمر وجود بعض الاتجاهات الأولية فى السياسة الدولية: مثل الاتجاه للتوسع الاستعمارى،المنافسة التجارية القوية والتطور السريع فى وسائل الاتصال.وقد أحدث الوجود النشط للولايات المتحدة الأمريكية تغيرات هامة: أبرز سيرهارولدنيكلسون إن الأمريكيين يمتلكون موارد أكثر مما امتلكته أية قوى عظمى أخرى .أنا أعلم ذلك وبالرغم من انهم يظهرون احتقارهم لدرس التاريخ،ولكنهم وياللعجب سريعو الاستيعاب لتجارب الآخرين.كما أعتقد أن مبادئ الدبلوماسية الجادة الثابتة بطبيعتها ستنتصر أخيرا وستحدث الهدوء بعد الاضطراب والفوضى التى سببها الانتقال من الدبلوماسية القديمة إلى الجديدة.

لقد لعبت عصبة الأمم دورا هاما فى التطورات الدولية.لقد أنشئت المنظمة فى يناير من عام 1920على أيدى الحلفاء بدعم قوى من الولايات المتحدة الأمريكية، وبالرغم من فشل الكونجرس الأمريكى فى التصديق على معاهدة فرساى المتضمنة ميثاق العصبة.وكان أحد أهم أهداف العصبة هو منع العدوان والحفاظ على الوضع القائم الذى أوجدته معاهدات السلام.وقد تطور نشاط دبلوماسى متعدد الأطراف من داخل العصبة والذى ساعد على استقرار بعض النزاعات الدولية الصغيرة.وقد كان لغياب الولايات المتحدة تأثير مضعف للعصبة.وكما لاحظ وزير خارجية رومانيا نيكولاى تيتوليسكو،الذى ترأس العصبة لمدة عامين متتاليين، إن لعصبة الأمم العديد من نقاط الضعف.ومن ضمن هذه النقاط كما يبرزها الدبلوماسي الرومانى حقيقة أن أزمات عصبة الأمم لابد أن تربط بحقيقة أن العصبة فقدت السلطة الضروريةداخل حرمهالعقاب منتهكى القانون الدولى. بل أكثر من ذلك،ركز نيكولاى تيتوليسكو:على أن العصبة لابد أن تتخذ فعلا فوريا لكى لا تصبح مجرد أكاديمية أخلاقية، أو رابطة للخبراء ، لعلها تصبح قادرة على إنجاز مهمتها الأساسية كمؤسسة سياسية وهى منع الحروب. وكان الدبلوماسى الرومانى البارز يلمح الى الاعتداء الايطالى على أثيوبيا،الاعتداء اليابانى على منشوريا وإلى تنصل المانيا من معاهدة فرساى .
ان السلوك العدوانى للقوى العظمى الجماعية، خاصة ألمانيا والاتحاد السوفيتى والذى عبر عن نفسه فى اتفاقيه مولوتوف ـ ريبنتروب التى يقسم بروتوكولها السرى مناطق النفوذ فى وسط أوروبا والبلقان والذى أدى إلى العدوان ضد بولندا (سبتمبر1939)، واحتلال الأقاليم الرومانية ـ بيساربيا وشمال بوكوفينا-(28 يونيو1940 ). أيضا أمر فيينا بين ألمانيا وإيطاليا(30 أغسطس1940) والذى بمقتضاه احتلت المجر ترانسلفانيا.وبهذا لجأت القوى العظمى إلى الاعتداء الواضح والصريح على الدول الصغرى والذى أدى بدوره إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية.

مرحلة الحرب الباردة

سريعا بعد الحرب العالمية الثانية أقرت القوى العظمى تقسيم مناطق للنفوذ بينهم.وقد بدأت سلسلة المفاوضات على مناطق النفوذ والتى أطلق عليها تعبيرا أكثر رقة وهو المناطق الأوروبية الآمنة فعليا فى ديسمبر1941 بالاجتماع بين ستالين ووزير خارجية بريطانيا ايدن.وقبل أسبوع من قمة يالتا فى الحادى عشر من يناير1945 قدمت وزارة خارجية الاتحاد السوفيتى عرضا سريا مفصلا عن المستقبل والأساس المتوقع للتعاون السوفيتى البريطانى تجاه الدول الآتية :إن مناطق الأمنالسوفيتية لابد أن تتضمن فنلندا،النرويج،السويد،بولندا،المجر،تشيكوسلوفاكيا،ر ومانيا،يوغوسلافيا، بلغاريا و أخيرا تركيا.أما مناطقالأمنالبريطانية فتتضمن هولندا،بلجيكا،فرنسا،أسبانيا،البرتغال واليونان .وقد توقعت وزارة الخارجية السوفيتية مطالب بريطانية أكبر حيث ستكون الدول الأوروبية الست هدفا للمساومة والاتفاق.ولذلك،وكما حدث فى الماضى،كانت الدول الصغرى تبدو للدول الكبرى هدفا للمساومة والسيطرة.
وبعد تكوين حلف شمال الأطلنطى عام1949و حلف وارسو، حدد النظام العالمى، وهو نظام القوتين العظميين أو النظام العالمى ثنائى القطبية.وفعليا، وبجانب القطبين، فقد وجد قطب ثالث وهوحركة عدم الانحياز.ومع بدايات الخمسينيات، عكست الحكمة الرسمية فى كل من موسكو وواشنطن تطابقا ملحوظا فى مجموعة من المفاهيم السياسية الجغرافية.وافترض فى العاصمتين أن يكون ذلك واضحا من نتائج الحروب السابقة،والتطور التكنولوجى والصراع الأيديولوجى اللذان امتزجا ليكون للعالم قطبان متنافران- الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى-وتدور الأمم فى فلك أحد القطبين أو الآخر على أساس الموقع والأيديولوجيا، مع انحصار المنافسة بين القطبين على المناطق الجغرافية ما بين وسط أوروبا حواف الأراضى الأوروآسيوية الهامة الممتدة من الشرق الأوسط إلى جنوب شرق آسيا.

وفى مايو1972، اتفقت القوتان العظميان على الإصرار المشترك على أنه فى العصر النووى لا بديل عن إدارة علاقاتهما المتبادلة على أساس التعايش السلمى. وقد علقت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى أهمية كبرى على منع تطور المواقف التى تؤدى الى تفاقم خطير في علاقتيهما.وبناء عليه سيبذلان قصارى جهديهما لمنع نشوب حرب ذرية ومعترفين تبادليا بمناطق نفوذ كل منهما.وقد تعهد كل من الرئيس نيكسون والسكرتير العام بريجينيف فى قمتهم المنعقدة قى واشنطن عام 1973على عدم تهديد أو استخدام القوة ضد الطرف الآخر أو ضد حلفاء الطرف الآخر أو ضد بلدان أخرى فى الظروف التى قد تعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

إن تأكيد التعايش السلمي بين الكتلتين العسكريتين ـ السياسيتين جعل الظروف مواتيه للتعدى على نظام التكتلات، وقد أظهرت رومانيا هذا الاتجاه مع بداية الستينيات .ففى عام1964 ، تبنت قيادة الحزب الشيوعى قرارا يعلن حق رومانيا فى الاستقلال الوطنى وفى السيادة.وقد استطاعت رومانيا ضرب المبادئ الأساسية المنظمة للكتلة السوفيتية دون اللجوء إلى نظام قهرى.وقد وضح الانحراف الرومانى فىعدة ميادين سياسية مثل لجان التخطيط الحربى لحلف وارسو ، والعديد من المنتديات الأوروبية، ومفاوضات نزع السلاح فى منظمة الأمم المتحدة، وقد وضح الموقف المستقل جليا فى مراحل التحضير لمؤتمر الأمن والتعاون الأوروبى .وقد كانت رومانيا من أبرز المدافعين فى مؤتمر الشرق والغرب للأمن والتعاون فى أوروبا،وفى مفاوضات تبادل تخفيض القوات فى أوروبا.وقد دعت بإصرار فى تلك المنتديات إلى إجراءات من شأنها تقليص دور القوى العظمى وزيادة وزن القوى الصغرى. وقد لوحظ الوضع المستقل لرومانيا أثناء التحضير للمؤتمر بواسطة عضو فىالوفد الأسبانى، الذى قال:لقد غطت استراتيجيتها فى جنيف كلا من شكل ومضمون المؤتمر.وقد انعكس هذا الاتجاه على الكثير من صفحات القانون النهائى:فى إجراءات تقوية الأمن،فى فصل المتابعة،فى المبدأ التاسع للتعاون بين الدول،فى بعض مقاطع السلة الثالثة، لقد كانت مشاركة فعالة ومثمرة.ويميز سيرجيفرى سيمون عدة مجموعات انفصالية عن الخط الأيديولوجى السوفيتى:مثل جمهورية الصين الشعبية،البانيا (التى تحالفت مع جمهورية الصين الشعبية مع نهايه عام1961 )،يوغوسلافيا ورومانيا، والتى حددت مجريات الأحداث التى تتضمن ليس فقط انحرافا جوهريا عن التفكير السوفيتى الذى يقود مجلس التعاون الاقتصادى المتبادل،لكن أيضا ضد الإجراءات والمعايير الروسية.

وبالرغم من أن النظام العالمى أثناء الحرب الباردة كان ثنائى القطبية، إلا أنه كان يوجد قطب آخر لا يقل أهمية عن القوتين العسكريتين السياسيتين،ألا وهو حركة عدم الانحياز.وقد عرفت حركة عدم الانحياز منذ إنشائها فى سبتمبر1961، ومنذ أول مؤتمر تطورا سريعا. فمن خمس وعشرين دولة مشاركة فى مؤتمر بلجراد وصل عدد الدول المشاركة إلى أكثر من مائة دولة فى الثمانينيات.وقد حضرت عدة دول أخرى المؤتمرات كمراقبين أو كضيوف.والسمة الرئيسية لحركة دول عدم الانحياز هى معارضتها لتقسيم العالم الى قوتين عسكريتين – سياسيتين ومقاومتها للضغوط لانضمام أعضائها إلى واحدة من تلك القوتين.وقد
لعبت حركة دول عدم الانحياز دورا إيجابيا وفعالا فى الأمم المتحدة وأسهمت فى تخفيف حدة التوتر فى العالم.كما أسهمت فى نجاح مؤتمر الأمن والتعاون فى أوروبا.لقد تصدت لتقسيم العالم إلى مناطق نفوذ وسيطرة كما أسهمت إسهاما جوهريا فى تعريف القانون والمعايير الدولية علاوة على تطبيقاتها الموجهة إلى جعل العلاقات الدولية علاقات ديمقراطية.وبذلك مالت حركة دول عدم الانحياز إلى التطلع إلى تأسيس نظام عالمى جديد يرتكز على الاحترام والثقة المتبادلة بين الدول. وعلى الرغم من ذلك، كانت توجد نزاعات وحتى صراعات بين بعض بلدان الحركة، وكان يوجد نظام ديكتاتورى فى بعض هذه الدول لكن هذه المشاكل لم يكن لها تأثير خطير على جوهر الحركة ودورها الرئيسى فى العلاقات الدولية.

ختاما،

يمكن القول أنه خلال الحرب الباردة، كان المعلم الرئيسى للموقف الدولى والمصدر الأساسى لخطر المواجهة العالمية هو مناطق النفوذ والصراع على تدعيم أو إعادة توزيع تلك المناطق. وكانت سيادة الدول الصغرى تحدد تبعا لقرار من الزعماء الأقوياء لمناطق النفوذ والسيطرة ، ويعتبر مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبى نقطة إيجابية.أما الوثيقة التى أقرت عام1975، فقد عملت كأداة للتفاوض والتغلب على نظام القطبين،وكأداة للبحث عن سبل لعالم أفضل مبنى على الاحترام الكامل لاستقلال وسيادة كل الدول وعلى إقامة حقوق الإنسان والحريات الأساسية وأيضا على نبذ القوة أو أي نوع من أنواع القسر و إقامة علاقات ديمقراطية بين الدول الأوروبية .وقد سعت حركة دول عدم الانحياز إلى نفس الهدف، ولكن على نطاق أوسع.
ما بعد الحرب الباردة
حدثت تغيرات هائلة بعد انتهاء الحرب الباردة، أولا: تفكك الولايات الفيدرالية الاشتراكية السابقة: الاتحاد السوفيتى ،تشيكوسلوفاكيا وجمهورية يوغوسلافيا. وقد نفذ انفصال الجمهوريات المتحدة السابقة للاتحاد السوفيتى وتشيكوسلوفاكيا سلميا نوعا ما بالرغم من اندلاع بعض الصراعات العرقية المتداخلة وأنواع أخرى من الصراعات فى بعض الجمهوريات السوفيتية السابقة. وقد حدثت أخطر عمليات التفكك فى يوغوسلافيا السابقة، وذلك نتيجة لكل من التناقضات الداخلية بين الجمهوريات والمقاطعات المتمتعة بالحكم الذاتى (فى صربيا)، علاوة على تدخل عوامل خارجية ممثلة للمجتمع الدولى ولكن بدون تفويض من مجلس الأمن الممثل الحقيقى للمجتمع الدولى .ولتبرير التدخل العسكرى ضد جمهورية يوغوسلافيا الفيدرالية، فإن ما يطلق عليه المجتمع الدولى، أى الناتو، قد أطلق حملة دعائية كاملة من جانب واحد ضد الإجراءات التى اتخذتها السلطات اليوغوسلافية للدفاع عن وحدة البلد الإقليمية ضد الأفعال العنيفة للانفصاليين الألبان والجماعات المسلحة غير الشرعية فىكوسوفو. وهكذا، اتهمت بلجراد باعتماد سياسة تطهير عرقى بعيدة المدى دون الأخذ فى الاعتبار التطهير العرقى الذى قام به الانفصاليون الألبان و الذى أجبر ربعمائة ألف صربى على ترك الإقليم فى الفترة ما بين 1945- 1995، وهذا وفقا لما أعلنته الحكومة اليوغوسلافية فى 20 مارس1995. وقد كتب الدبلوماسى الأمريكى ميهارى كارب – عضو فى قسم الشئون السياسية لهيئة أركان الناتو الدولية – يقوللقد حدث تغيير فى طريقة التفكير فى الأمن أخيرا، ان معادلة التكامل الإقليمى الذى يساوى الأمن قد تكون سارية المفعول أثناء الحرب الباردة ، لكن من الواضح انه لا يمكن تطبيقها اليوم. وتتعارض مثل هذه المقولة مع قرار مجلس الأمن رقم 1244 لعام 1999،لكنها بالتأكيد تعكس النية الحقيقية لتدخل حلف شمال الأطلنطى العسكرى ضد يوغوسلافيا.وقد كتب أيضا :انه فى كوسوفو قد تلاقت قيمنا مع مصالحنا، لكن ماهو نوع المصالح الأمنية للولايات المتحدة الأمريكية والناتو فى كوسوفو؟

و من أجل تبرير الاعتداء على جمهورية يوغوسلافيا الفيدرالية فقد أضطر حلف شمال الأطلنطى لتطبيق استراتيجية رسمية جديدة فى قمة واشنطن فى أبريل من عام1999.حتى أنه فى الجزء الأول من البند السادس قيل:إن الهدف الأساسى والدائم لحلف شمال الأطلنطى ،و الذى أعلن فى معاهدة واشنطن،هو حماية حرية و أمن جميع الأعضاء بالوسائل السياسية والعسكرية.وفى الاستراتيجية التى أحكم صنعها فىعام1991،البند السادس عشر،فقد تلا تلك الفقرة الكلمات الآتية:وفقاً لمبادئ ميثاق مجلس الأمن.وهذا الحذف لتلك الفقرة فى الإستراتيجية الجديدة يعكس الاتجاه لتحاشى مجلس الأمن. وبالرغم من أن ميثاق الأمم المتحدة قد ذكر فى فقرات أخرى من الاستراتيجية الجديدة (البندان العاشر والحادىعشر)، لكن البند 29يكفل تفعيل القدرات العسكرية تحت قيد الظروف المتوقعة والتى تعتبر أيضا الأساس لقدرة الحلفاء على الإسهام فى منع الصراع و إدارة الأزمات خلال عمليات الاستجابة للأزمات. ويعرف البند الخامس لمعاهدة واشنطن الصفة الدفاعية للحلف، ويضع خطا تحتالحق الفردى و الجماعىللدفاع عن النفس و التى أقرها البند51 فى ميثاق الأمم المتحدة. وبذلك، فان استراتيجية الناتو الجديدة تحتوى على غموض بخصوص الالتزام والاعتراف بمبادئ ونصوص ميثاق الأمم المتحدة ممهدة السبيل للتعدى على هذه النماذج المعترف بها عموما وعلى مبادئ السلوك فى العلاقات الدولية .
أن سيادة جمهورية يوغوسلافيا الفيدرالية تم التعدى عليها بوحشية.وقد حافظ موظفو حلف شمال الأطلنطى على اتصالات رسمية مع الجماعات الألبانية المسلحة غير الشرعية فى كوسوفو.وفيما يختص بهذه الاتصالات فقد ربط عدد الصنداى تايمز فى12مارس حقيقة اعتراف عملاء المخابرات الأمريكية بأنهم ساعدوا فىإعداد جيش تحرير كوسوفو قبل ضرب الناتو ليوغوسلافيا.وقد استغل موظفو المخابرات الأمريكية وقف إطلاق النار فى كوسوفو1998_1999فى تطوير الصلات مع جيش تحرير كوسوفو و إعطائه كتيبات تدريب عسكرية أمريكية، بالإضافة إلى إسداء النصيحة فى كيفية قتال الجيش اليوغوسلافى والبوليس الصربى. وهكذا، فإن النظام العالمى الجديد بعد الحرب الباردة لا يختلف جوهريا عن سابقة .فما زالت القوة تلعب دورها القيادى فى العلاقات الدولية بالإضافة إلى الصراع على مناطق النفوذ.وكما كتب ريتشارد ماينز:سيصبح العالم أكثر استرخاء على أساس نظام عالمى يرتكز على مناطق النفوذ التقليدية لو كانت بعض القوى العظمى ديمقراطية أو تتجه نحو الديمقراطية،بشرط أن توافق القوى المسيطرة فى كل منطقه على أن تمارس سلطاتها تبعا لبعض الأعراف الدولية.

وتبعا لتلك النظرية، فإن مناطق النفوذ تلك ستمتلك أسلوبا رحيما. وتبنى المحللون السياسيون الروس مثل هذا الاتجاه.ففى دراسة أصدرها مركز الدراسات السياسية فى معهد الدراسات الدولية والسياسية فى الأكاديمية الروسية للعلوم ، يبرز أ.م.ميجرانيان أن المساحات السياسية الطبيعية للاتحاد السوفيتى السابق هى مجال مصالح حيوى لروسيا.
ولم يعرف العالم أبدا مجالات نفوذا أو مصالح رحيمة .فإن تقسيم العالم أو إعادة توزيع مناطق النفوذ ظل دائما نتيجة لمساومات القوى العظمى على حساب القوى الصغرى والمتوسطة،أو حتى نتيجة للقوة العسكرية كما يظهر فى حالة يوغوسلافيا السابقة .وسيصبح الاستقرار والسلام والأمن الدائمان حقيقة فعلية عندما تبدأ القوى الكبرى الديمقراطية وتلك التى تتجه أو تسير فى الطريق إلى بداية ديمقراطية فى سلوك مسلك ديمقراطى فى العلاقات الدوليه، وفى احترام حقوق كل دولة سواء كانت صغيرة،متوسطة الحجم أو كبيرة فى الاستقلال ، السيادة وفى اختيار الطريق لتأكيد أو لتوطيد أمنها. ففى مثل هذه الظروف فقط ، يمكن تطبيق الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وحقوق الأقليات القومية أو الأقليات الأخرى. لكن تحت التهديد والعقوبات والسيطرة الأجنبية لن توجد ديمقراطية أو حقوق للإنسان. لذلك،

مميزة

الوثيقة الصهيونية لتفتيت الأمة العربية


ـ في عام 1982 نشرت مجلة “كيفونيم” التي تصدرها المنظمة الصهيونية العالمية، وثيقة بعنوان “استراتيجية إسرائيلية للثمانينات”. وقد نُشرت هذه الوثيقة باللغة العبرية، وتم ترجمتها إلى اللغة العربية، وقدمها الدكتور / عصمت سيف الدولة كأحد مستندات دفاعه عن المتهمين في قضية تنظيم ثورة مصر عام 1988.
2 ـ ولقد رأيت أهمية إعادة نشر هذه الوثيقة الآن للأسباب الآتية:
إن تقسيم العراق كأحد أهداف الحرب الحالية على العراق ( آذار/مارس 2003 ) هو أحد الأفكار الرئيسية الواردة في الوثيقة المذكورة.
إن الخطط الحالية الساعية لفصل جنوب السودان وتقسيمه، هي أيضاً ضمن الأفكار الواردة في الوثيقة.
إن الاعتراف الرسمي (بالأمازيغية) كلغة ثانية، بجوار اللغة العربية في الجزائر هي خطوة لا تبتعد عن التصور الصهيوني عن المغرب العربي.
إن مخطط تقسيم لبنان إلى عدد من الدويلات الطائفية، الذي حاول الكيان الصهيوني تنفيذه في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وفشل في تحقيقه، لهو تطبيق عملي لما جاء بهذه الوثيقة بخصوص لبنان.
إن الحديث الدائر الآن في الأوساط الصهيونية حول تهجير الفلسطينيين إلى الأردن، والتخوفات العربية من استغلال أجواء العدوان على العراق لتنفيذ ذلك، هو من أساسيات الأفكار المطروحة في الوثيقة.
وأخيراً وليس آخراً، إن الأخطار التي تتعرض لها مصر، واردة بالتفصيل في الوثيقة الصهيونية.
3 ـ والحديث عن وثيقة من هذا النوع، ليس حديثاً ثانوياً يمكن تجاهله، فهم ينصون فيها صراحة على رغبتهم في مزيد من التفتيت لأمتنا العربية. كما أن تاريخنا الحديث هو نتاج لمشروعات استعمارية مماثلة. بدأت أفكاراً، وتحولت إلى اتفاقات ووثائق، تلزمنا وتحكمنا حتى الآن:
ـ فمعاهدة لندن 1840 سلخت مصر منذئذٍ وحتى تاريخه عن الأمة العربية. فسمحت لمحمد علي وأسرته بحكم مصر فقط، وحرَّمت عليه أي نشاط خارجها. ولذلك نسمي هذه الاتفاقية “اتفاقية (كامب ديفيد) الأولى.”
ـ واتفاقية (سايكس بيكو) 1916 قسَّمت الوطن العربي، هذا التقسيم البائس الذي نعيش فيه حتى الآن، والذي جعلنا مجموعة من العاجزين، المحبوسين داخل حدوداً مصطنعة، محرومين من الدفاع عن باقي شعبنا وباقي أرضنا في فلسطين أو في العراق أو في السودان.
ـ ووعد بلفور 1917 كان المقدمة التي أدت إلى اغتصاب فلسطين فيما بعد. تم تلاه وقام على أساسه، صك الانتداب البريطاني على فلسطين، في 29 أيلول/سبتمبر 1922 ، الذي اعترف في مادته الرابعة “بالوكالة اليهودية” من أجل “إنشاء وطن قومي لليهود”. فأعطوا بذلك الضوء الأخضر للهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين.
فلما قوي شأن العصابات الصهيونية في فلسطين، أصدرت لهم الأمم المتحدة ، قراراً بتقسيم فلسطين في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947، وهو القرار الذي أعطى “مشروعية” للاغتصاب الصهيوني. وأُنشأ بموجبه الكيان الصهيوني. وهو القرار الذي رفضته الدول العربية في البداية. وظلت ترفضه عشرون عاماً لتعود وتعترف به بموجب القرار رقم 242 الصادر من الأمم المتحدة في 1967 ، الذي ينص على “حق” الكيان الصهيوني في الوجود، و “حقه” أن يعيش بأمان على أرض فلسطين المغتصبة.
وعلى أساس هذا القرار أُبرمت معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة في 26/03/1979 والتي خرجت بموجبها مصر من الصراع العربي ضد المشروع الصهيوني، لينفرد الكيان الصهيوني بالأقطار العربية الأخرى.
كل ذلك وغيره الكثير، بدأ أفكاراً، وأهدافاً استعمارية، وتحول فيما بعد إلى حقائق.
وبالتالي ليس من المستبعد أبداً أن تتحول الأفكار، التي وردت في الوثيقة الصهيونية المذكورة، إلى أمر واقع ولو بعد حين. خاصة الآن بعد العدوان الأمريكي على العراق، ومخاطر التقسيم التي تخدم ذات التصور الصهيوني عن المنطقة.
4 ـ والوثيقة الصهيونية منشورة في الصفحات التالية بنص كلماتها وفقراتها، مع فرق واحد، هو أنني أخذت ما جاء متفرقاً بالوثيقة بخصوص كل قطر، وقمت بتجميعه في فقرة واحدة، وحاولت ترقيمه وتبنيده، لتسهل متابعته.
5 ـ وأخيراً فإن الهدف الذي رجوته من نشر هذه الوثيقة، هو أن ننظر إلى العدوان علينا في مساره التاريخي. وأن نراه على حقيقته كمخطط، موحد، منتظم، متسلسل، ممتد. وأن نحرر أنفسنا من منطق التناول المجزأ لتاريخنا، الذي يُقسمه إلى حوادث منفصلة عن بعضها البعض.
آملاً في النهاية ألا تقتصر حياتنا على مجموعة من الانفعالات وردود الفعل اللحظية المؤقتة، التي تعلو وقت الشدة، وتخبو في الأوقات الأخرى. فتاريخنا كله ومنذ زمن بعيد، ولزمن طويل آتٍ، هو وقت شدة.
نص الوثيقة الصهيونية
أولاً: نظرة عامة على العالم العربي والإسلامي
1 ـ إن العالم العربي والإسلامي هو بمثابة برج من الورق أقامه الأجانب ( فرنسا وبريطانيا في العشرينيات) ، دون أن توضع في الحسبان رغبات وتطلعات سكان هذا العالم.
2 ـ لقد قُسِّم هذا العالم إلى 19 دولة كلها تتكون من خليط من الأقليات والطوائف المختلفة، والتي تُعادي كل منهما الأخرى، وعليه فان كل دولة عربية إسلامية معرضة اليوم لخطر التفتت العرقي والاجتماعي في الداخل إلى حد الحرب الداخلية كما هو الحال في بعض هذه الدول.
3 ـ وإذا ما أضفنا إلى ذلك الوضع الاقتصادي يتبين لنا كيف أن المنطقة كلها، في الواقع، بناء مصطنع كبرج الورق، لا يمكنه التصدي للمشكلات الخطيرة التي تواجهه.
4 ـ في هذا العالم الضخم والمشتت، توجد جماعات قليلة من واسعي الثراء وجماهير غفيرة من الفقراء. إن معظم العرب متوسط دخلهم السنوي حوالي 300 دولار في العام.
5 ـ إن هذه الصورة قائمة وعاصفة جداً للوضع من حول دولة (إسرائيل)، وتشكل بالنسبة لها تحديات ومشكلات وأخطار، ولكنها تشكل أيضاً فرصاً عظيمة.
ثانياً ـ مصر
1 ـ في مصر توجد أغلبية سنية مسلمة مقابل أقلية كبيرة من المسيحيين الذين يشكلون الأغلبية في مصر العليا، حوالي 8 مليون نسمة. وكان الرئيس محمد أنور السادات قد أعرب في خطابه في أيار/مايو من عام 1980 عن خشيته من أن تطالب هذه الأقلية بقيام دولتها الخاصة، أي دولة “لبنانية” مسيحية جديدة في مصر…
2 ـ والملايين من السكان على حافة الجوع نصفهم يعانون من البطالة وقلة السكن في ظروف تعد أعلى نسبة تكدس سكاني في العالم.
3 ـ وبخلاف الجيش فليس هناك أي قطاع يتمتع بقدر من الانضباط والفعالية.
4 ـ والدولة في حالة دائمة من الإفلاس بدون المساعدات الخارجية الأمريكية التي خُصصت لها بعد اتفاقية السلام.
5 ـ إن استعادة شبه جزيرة سيناء بما تحتويه من موارد طبيعية ومن احتياطي يجب إذن أن يكون هدفاً أساسيا من الدرجة الأولى اليوم…. إن المصريين لن يلتزموا باتفاقية السلام بعد إعادة سيناء، وسوف يفعلون كل ما في وسعهم لكي يعودوا إلى أحضان العالم العربي، وسوف نضطر إلى العمل لإعادة الأوضاع في سيناء إلى ما كانت عليه….
6 ـ إن مصر لا تشكل خطراً عسكرياً استراتيجياً على المدى البعيد بسبب تفككها الداخلي، ومن الممكن إعادتها إلى الوضع الذي كانت عليه بعد حرب حزيران/يونيو 1967 بطرق عديدة.
7 ـ إن أسطورة مصر القوية والزعيمة للدول العربية قد تبددت في عام 1956 وتأكد زوالها في عام 1967.
8 ـ إن مصر بطبيعتها وبتركيبتها السياسية الداخلية الحالية هي بمثابة جثة هامدة فعلاً بعد سقوطها، وذلك بسبب التفرقة بين المسلمين والمسيحيين والتي سوف تزداد حدتها في المستقبل. إن تفتيت مصر إلى أقاليم جغرافية منفصلة هو هدف (إسرائيل) السياسي في الثمانينات على جبهتها الغربية.
9 ـ إن مصر المفككة والمقسمة إلى عناصر سيادية متعددة، على عكس ما هي عليه الآن، لن تشكل أي تهديد لدولة (إسرائيل) بل ستكون ضماناً للزمن و”السلام” لفترة طويلة، وهذا الأمر هو اليوم في متناول أيدينا.
10 ـ إن دول مثل ليبيا والسودان والدول الأبعد منها لن يكون لها وجود بصورتها الحالية، بل ستنضم إلى حالة التفكك والسقوط التي ستتعرض لها مصر. فإذا ما تفككت مصر فستتفكك سائر الدول الأخرى، وإن فكرة إنشاء دولة قبطية مسيحية في مصر العليا إلى جانب عدد من الدويلات الضعيفة التي تتمتع بالسيادة الإقليمية في مصر ـ بعكس السلطة والسيادة المركزية الموجودة اليوم ـ هي وسيلتنا لإحداث هذا التطور التاريخي.
كما إن تفتيت لبنان إلى خمس مقاطعات إقليمية يجب أن يكون سابقة لكل العالم العربي بما في ذلك مصر وسوريا والعراق وشبه الجزيرة العربية.
ثالثاً ـ ليبيا
إن الرئيس معمر القذافي يشن حروبه المدمرة ضد العرب أنفسهم انطلاقاً من دولة تكاد تخلو من وجود سكان يمكن أن يشكلوا قومية قوية وذات نفوذ. ومن هنا جاءت محاولاته لعقد اتفاقيات باتحاد مع دولة حقيقية كما حدث في الماضي مع مصر ويحدث اليوم مع سوريا.
رابعاً ـ السودان:
وأما السودان ـ أكثر دول العالم العربي الإسلامي تفككاً ـ فإنها تتكون من أربع مجموعات سكانية كل منها غريبة عن الأخرى، فمن أقلية عربية مسلمة سنية تسيطر على أغلبية غير عربية أفريقية إلى وثنيين إلى مسيحيين.
خامساً ـ سوريا
1 ـ إن سوريا لا تختلف اختلافاً جوهرياً عن لبنان الطائفية باستثناء النظام العسكري القوي الذي يحكمها. ولكن الحرب الداخلية الحقيقية اليوم بين الأغلبية السنية والأقلية الحاكمة من الشيعة العلويين الذين يشكلون 12% فقط من عدد السكان، تدل على مدى خطورة المشكلة الداخلية.
2 ـ إن تفكك سوريا والعراق في وقت لاحق إلى أقاليم ذات طابع قومي وديني مستقل، كما هو الحال في لبنان، هو هدف دولة (إسرائيل) الأسمى في الجبهة الشرقية على المدى القصير، وسوف تتفتت سوريا تبعاً لتركيبها العرقي والطائفي إلى دويلات عدة كما هو الحال الآن في لبنان.
3 ـ وعليه فسوف تظهر على الشاطئ دولة علوية.
4 ـ وفي منطقة حلب دويلة سنية.
5 ـ وفي منطقة دمشق دويلة سنية أخرى معادية لتلك التي في الشمال.
6 ـ وأما الدروز فسوف يشكلون دويلة في الجولان التي نسيطر عليها.
7 ـ وكذلك في حوران وشمال الأردن وسوف يكون ذلك ضماناً للأمن والسلام في المنطقة بكاملها على المدى القريب. وهذا الأمر هو اليوم في متناول أيدينا.
سادساً ـ العراق
1 ـ إن العراق لا تختلف كثيراً عن جارتها ولكن الأغلبية فيها من الشيعة والأقلية من السنة، إن 65% من السكان ليس لهم أي تأثير على الدولة التي تشكل الفئة الحاكمة فيها 20% إلى جانب الأقلية الكردية الكبيرة في الشمال.
2 ـ ولولا القوة العسكرية للنظام الحاكم وأموال البترول، لما كان بالإمكان أن يختلف مستقبل العراق عن ماضي لبنان وحاضر سوريا.
3 ـ إن “بشائر” الفرقة والحرب الأهلية تلوح فيها اليوم، خاصة بعد تولي الإمام الخمينى الحكم، والذي يُعتبر في نظر الشيعة العراقيين زعيمهم الحقيقي وليس الرئيس صدام حسين.
4 ـ إن العراق الغنية بالبترول والتي تكثر فيها الفرقة والعداء الداخلي هي المرشح التالي لتحقيق أهداف (إسرائيل).
5 ـ إن تفتيت العراق هو أهم بكثير من تفتيت سوريا وذلك لأن العراق أقوى من سوريا.
6 ـ إن في قوة العراق خطورة على دولة (إسرائيل) في المدى القريب أكبر من الخطورة النابعة من قوة أية دولة أخرى.
7 ـ وسوف يصبح بالإمكان تقسيم العراق إلى مقاطعات إقليمية طائفية كما حدث في سوريا في العهد العثماني.
8 ـ وبذلك يمكن إقامة ثلاث دويلات (أو أكثر) حول المدن العراقية.
9 ـ دولة في البصرة، ودولة في بغداد، ودولة في الموصل، بينما تنفصل المناطق الشيعية في الجنوب عن الشمال السني الكردي في معظمه.
سابعاً ـ لبنان:
أما لبنان فإنها مقسمة ومنهارة اقتصاديا لكونها ليس بها سلطة موحدة، بل خمس سلطات سيادية (مسيحية في الشمال تؤيدها سوريا وتتزعمها أسرة فرنجية، وفي الشرق منطقة احتلال سوري مباشر، وفي الوسط دولة مسيحية تسيطر عليها الكتائب، وإلى الجنوب منها وحتى نهر الليطاني دولة لمنظمة التحرير الفلسطينية هي في معظمها من الفلسطينيين، ثم دولة الرائد سعد حداد من المسيحيين وحوالي نصف مليون من الشيعة.
(ملحوظة من المحرر: كان هذا هو الوضع اللبناني زمن كتابة الوثيقة، ولكن القوى الوطنية اللبنانية نجحت في إعادة الوحدة الوطنية.)
ثامناً ـ السعودية والخليج
1 ـ إن جميع إمارات الخليج وكذلك السعودية قائمة على بناء هش ليس فيه سوى البترول.
2 ـ وفى البحرين يشكل الشيعة أقلية السكان ولكن لا نفوذ لهم.
3 ـ وفي دولة الإمارات العربية المتحدة يُشكل الشيعة أغلبية السكان.
4 ـ وكذلك الحال في عُمان.
5 ـ وفي اليمن الشمالية وكذلك في جنوب اليمن… توجد أقلية شيعية كبيرة.
6 ـ وفي السعودية نصف السكان من الأجانب المصريين واليمنيين وغيرهم، بينما القوى الحاكمة هي أقلية من السعوديين.
7 ـ وأما في الكويت فإن الكويتيين الأصليين يُشكلون ربع السكان فقط.
8 ـ إن دول الخليج والسعودية وليبيا تُعد أكبر مستودع للبترول والمال في العالم، ولكن المستفيد من كل هذه الثروة هي أقليات محدودة لا تستند إلى قاعدة عريضة وأمن داخلي، وحتى الجيش ليس باستطاعته أن يضمن لها البقاء.
9 ـ وإن الجيش السعودي، بكل ما لديه من عتادٍ، لا يستطيع تأمين الحكم ضد الأخطار الفعلية من الداخل والخارج. وما حدث في مكة عام 1980 ليس سوى مثال لما قد يحدث.
10 ـ إن شبه الجزيرة العربية بكاملها يمكن أن تكون خير مثال للانهيار والتفكك كنتيجة لضغوط من الداخل ومن الخارج، وهذا الأمر في مجمله ليس بمستحيل على الأخص بالنسبة للسعودية سواء دام الرخاء الاقتصادي المترتب على البترول أو قل في المدى القريب. إن الفوضى والانهيار الداخلي هي أمور حتمية وطبيعية على ضوء تكوين الدول القائمة على غير أساس.
تاسعاً ـ المغرب العربي:
1 ـ ففي الجزائر هناك حرب أهلية في المناطق الجبلية بين الشعبين الذين يُكونان سكان هذا البلد.
2 ـ كما أن المغرب والجزائر بينهما حرب بسبب المستعمرة الصحراوية الإسبانية بالإضافة إلى الصراعات الداخلية التي تعانى منها كل منهما.
3 ـ كما أن التطرف الإسلامي يهدد وحدة تونس.
عاشراً ـ إيران وتركيا وباكستان وأفغانستان:
1 ـ فإيران تتكون من النصف المتحدث بالفارسية والنصف الآخر تركي من الناحية العرقية واللغوية، وفي طباعه أيضاً.
2 ـ وأما تركيا فمنقسمة إلى النصف من المسلمين السنية أتراك الأصل واللغة، والنصف الثاني أقليات كبيرة من 12 مليون شيعي علوي و 6 مليون كردي سني.
3 ـ وفي أفغانستان خمسة ملايين من الشيعة يُشكلون حوالي ثلث عدد السكان.
4 ـ وفي باكستان السنية حوالي 15 مليون شيعي يُهددون كيان هذه الدولة.
الأردن وفلسطين:
1 ـ والأردن هي في الواقع فلسطينية، حيث الأقلية البدوية من الأردنيين هي المسيطرة، ولكن غالبية الجيش من الفلسطينيين وكذلك الجهاز الإداري. وفي الواقع تُعد عمان فلسطينية مثلها مثل نابلس.
2 ـ وهي هدف استراتيجي وعاجل للمدى القريب وليس للمدى البعيد وذلك لأنها لن تشكل أي تهديد حقيقي على المدى البعيد بعد تفتيتها.
3 ـ ومن غير الممكن أن يبقى الأردن على حالته وتركيبته الحالية لفترة طويلة. إن سياسة دولة (إسرائيل) ـ إما بالحرب أو بالسلم ـ يجب أن تؤدي إلى تصفية الحكم الأردني الحالي ونقل السلطة إلى الأغلبية الفلسطينية.
4 ـ إن تغيير السلطة شرقي نهر الأردن سوف يؤدي أيضاً إلى حل مشكلة المناطق المكتظة بالسكان العرب غربي النهر سواء بالحرب أو في ظروف السلم.
5 ـ إن زيادة معدلات الهجرة من المناطق وتجميد النمو الاقتصادي والسكاني فيها هو الضمان لإحداث التغير المنتظر على ضفتي نهر الأردن.
6 ـ ويجب أيضاً عدم الموافقة على مشروع الحكم الذاتي أو أي تسوية أو تقسيم للمناطق…
7 ـ وأنه لم يعد بالإمكان العيش في هذه البلاد في الظروف الراهنة دون الفصل بين الشعبين بحيث يكون العرب في الأردن واليهود في المناطق الواقعة غربي النهر.
8 ـ إن التعايش والسلام الحقيقي سوف يسودان البلاد فقط إذا فهم العرب بأنه لن يكون لهم وجود ولا أمن دون التسليم بوجود سيطرة يهودية على المناطق الممتدة من النهر إلى البحر، وأن أمنهم وكيانهم سوف يكونان في الأردن فقط.
9 ـ إن التميز في دولة (إسرائيل) بين حدود عام 1967 وحدود عام 1948 لم يكن له أي مغزى.
10 ـ وفي أي وضع سياسي أو عسكري مستقبلي يجب أن يكون واضحاً بأن حل مشكلة عرب فلسطين 48 سوف يأتي فقط عن طريق قبولهم لوجود (إسرائيل) ضمن حدود آمنة حتى نهر الأردن وما بعده.
11 ـ تبعاً لمتطلبات وجودنا في هذا العصر الصعب ( العصر الذري الذي ينتظرنا قريباً).
12 ـ فليس بالإمكان الاستمرار بوجود ثلاثة أرباع السكان اليهود على الشريط الساحلي الضيق والمكتظ بالسكان في هذا العصر الذري.
13 ـ إن إعادة توزيع السكان هو إذن هدف استراتيجي داخلي من الدرجة الأولى، وبدون ذلك لن نستطيع البقاء في المستقبل في إطار أي نوع من الحدود. إن مناطق (يهودا والسامرة) والجليل هي الضمان الوحيد لبقاء الدولة.
14 ـ وإذا لم نشكل أغلبية في المنطقة الجبلية فإننا لن نستطيع السيطرة على البلاد. وسوف نصبح مثل الصليبيين الذين فقدوا هذه البلاد التي لم تكن ملكاً لهم بالأصل وعاشوا غرباء فيها منذ البداية.
15 ـ إن إعادة التوازن السكاني الاستراتيجي والاقتصادي لسكان البلاد هو الهدف الرئيسي والأسمى لدولة (إسرائيل) اليوم.
16 ـ إن السيطرة على المصادر المائية من بئر السبع وحتى الجليل الأعلى، هي بمثابة الهدف القومي المنبثق من الهدف الاستراتيجي الأساسي، والذي يقضى باستيطان المناطق الجبلية التي تخلو من اليهود اليوم.
انتهت الوثيقة

مميزة

“مباراة الأمراء”:مأزق “الخلافة السياسية” في دول الخليج–محمد عز العرب


الإثنين 30 يوليو 2012
على الرغم من أن قضية الخلافة السياسية يفترض أن تكون محسومة في النظم الملكية بحكم وضوح آليات انتقال السلطة، وتوفير الإعداد المسبق للمرشحين للوصول إلى سدة الحكم، بل وتقنينها في الدساتير الوطنية، حيث تتسم أنظمة الحكم الخليجية بأنها أنظمة ملكية تعتمد على انتقال السلطة في البلاد بين أفراد الأسرة الحاكمة (عائلية السلطة)، ويسير هذا التناقل والتوارث للسلطة في خط الأبوة، وينحصر في الذكور دون الإناث، فإن هناك بعض الحالات التي لا تحترم فيها هذه القواعد.
فقد كان الملمح السلمي هو نمط الخلافة السياسية المتبعة في عدد من الدول الخليجية، غير أنه تم استخدام العنف في خلافة عروش هذه النظم، فيما يعرف بـ “انقلاب الأمراء”، أو “انقلابات القصر”، أو “ثورة القصر”، أو “انقلاب أبيض من الداخل”، أو حتى “صراعات دموية”. ويلاحظ أن هذه الظاهرة لها سوابقها في الممارسات السياسية الملكية، بما يجعلها واحدا من أهم الملفات البالغة الأهمية التي تواجه دول الخليج في حدود الأمد المنظور، لاسيما مع انشغال الأنظمة بتكريس سلطتها، وتثبيت إقدامها، وتخشى حدوث تغييرات لا تصب في مصالحها بعد تداعيات ثورات الربيع العربي، التي تهب رياحها من كل اتجاه.
ومن هنا، يتوقع أن تشهد عدد من دول الخليج تنافسا بين أبناء الأسرة الحاكمة لشغل المراكز المؤهلة لكرسي السلطة، والتي قد تأخذ أشكالا مختلفة، بحيث تأخذ شكل مباراة كرة قدم من نوع خاص، يركز فيها اللاعبون (الشيوخ) على تقوية مراكزهم عبر الاستناد إلى قاعدة عائلية وانتماءات قبلية، باعتبارها خط الدفاع، والإمساك ببعض ملفات الحكم باعتبارها خط الوسط الانتقالي بين الوضع الحالي والوضع المستقبلي، والحيازة لأوراق ضغط، يقتضي ظهورها فقط في اللحظة الحاسمة لخط الهجوم.
إن الطرف الأقوى هو الذي يحدد معظم أو أهم قواعد المباراة التي تدار على أرضية “مجلس العائلة الحاكمة”، أو “هيئة البيعة” أو غيرها. وقد يؤدي الأسلوب الذي يستخدمه اللاعبون (الشيوخ) في المباراة إلى تبلور عملية انتقال السلطة، سواء بشكل خشن أو ناعم. فقد نشهد في بعض الحالات الخليجية نمطا “صفريا”، بمعنى أن أي شىء يكسبه لاعب لابد أن يخسره اللاعب الآخر، وهو ما يؤدي إلى الصراعات الحادة داخل العائلات الحاكمة. على العكس من النمط السابق، هناك مباريات “غير صفرية”، فليس ما يكسبه لاعب يكون بالضرورة على حساب الآخر. وبالتالي، توجد مساحة للتنسيق والتعاون بين الأمراء، والتوصل إلى حلول، وسط للخروج من مأزق الخلافة، حيث إن البديلين مطروحان: المكسب معا، أو الخسارة معا.
أشكال الخلافة
إن عملية انتقال السلطة لا تسير وفق نهج واحد في دول الخليج، وإنما تتخذ أشكالا مغايرة وحالات مختلفة، سواء الوراثة بالأبوة أو الأخوة، أو العمومة. يحدث انتقال السلطة في السعودية على أساس خط الوراثة من الأخ لأخيه في أبناء الملك عبد العزيز آل سعود. ويتمثل انتقال السلطة في سلطنة عمان من الأب إلى الأبن في أسرة بوسعيد، مع وجود بعض الأبناء الذين اغتصبوا عروش آبائهم. في حين مر انتقال السلطة في قطر من أبناء أسرة آل ثان دون انتظام من الأب إلى الأبن في أكثر من حالة، وإلى أبناء العم أو غيره من أعضاء الأسرة في أكثر من حالة أيضا.
أما انتقال السلطة في البحرين، فيتم من الأب للابن من أسرة آل خليفة، في حين يتسم انتقال السلطة في الكويت بأنه دائري تناوبي بين أبناء أسرة آل الصباح بفرعيها “آل الأحمد، وآل سالم”. وتختص الحالة الأخيرة بالإمارات، إذ تم ترسيخ عرف دستوري بوراثة السلطة في أبناء الشيخ زايد، حيث يكون رأس الدولة هو حاكم إمارة أبو ظبي، باعتبارها أكبر الإمارات في المساحة، وعدد السكان، ومركز السلطة السياسية، والثروة النفطية.
ورغم أن الخلافة وراثية في الإمارات السبع، فإنها صارت انتخابية (بشكل غير مباشر)، حيث يقوم المجلس الأعلى المكون من الأمراء السبعة لهذه الإمارات بانتخاب رئيس الدولة من بينهم.
أزمات الخلافة في الخليج
تواجه دول الخليج أزمات مختلفة، فيما يتعلق بانتقال السلطة من السلف إلى الخلف، سواء تعلقت بعدم وجود خليفة واضح للحاكم الحالي، أو صراعات مكتومة بين أبناء الأسر والعائلات الحاكمة، أو ضعف الحراك الجيلي في قمة هرم السلطة، أو تدخلات الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية لصالح جناح في مواجهة جناح آخر، أو تصاعد أدوار أبناء العائلات والقبائل التي كانت يوما في السلطة وطامحة في اقتسام الكعكة، وغيرها من الأزمات التي تطرأ بدون مقدمات، وتطرح سيناريوهات مفاجئة.
1- الخلافة السعودية
إن المشكلة الأساسية التي تواجه مسألة الخلافة في المملكة السعودية الآن هي التقدم في السن بين أبناء الملك عبد العزيز، فضلا عن اعتلال الصحة، الأمر الذي يعرض المملكة لانتقالات متوالية في رأس السلطة في مدى زمني متقارب، مما قد يؤثر سلباً فى الاستقرار والتماسك الداخلي بسبب التنافس الذي قد يصاحب كل انتقال جديد للسلطة. دفع ذلك البعض إلى الاقتراح بضرورة انتقال السلطة إلى جيل الأحفاد (الجيل الثالث)، وهم أمراء في الخمسينيات والستينيات من عمرهم، ويتمتعون بالخبرة والقدرة معا، لاسيما وأن التحديات، سواء الداخلية أو الإقليمية أو الدولية، أصبحت تحتاج إلى دماء جديدة وقيادة شابة تستطيع حمل هذا العبء على كاهلها، بدلا من انتظار ظهور أزمة متكاملة الأركان.
وقد حاول النظام الحاكم في السعودية تجنب الأزمات المرتبطة بنقل الخلافة، وانتقال السلطة قبل وقوعها، من خلال استحداث سلسلة من الإجراءات النظامية، والتي تمنع وقوع أزمات بين أبناء الأسرة السعودية الحاكمة مستقبلاً. ففي أكتوبر 2006، أصدر الملك عبد الله بن عبد العزيز أمراً ملكياً يقضى بإنشاء “هيئة البيعة” (تتألف من 35 عضوا، 16 منهم من أبناء المؤسس، والـ 19 الباقون من الأحفاد) في محاولة لإشراك فروع الأسرة بقرار الخلافة. وبموجب الأمر، فإن هذا النظام الجديد لا يسرى على الملك وولى العهد الحاليين. لذا، فإن هيئة البيعة لم تسنح لها الفرصة لتلتئم لتسمية الملك الجديد، وسيكون غياب الملك عبد الله أول اختبار لها.
كما تطرق النظام الجديد إلى الأزمات المرتبطة بالقدرات الصحية للملك، بحيث تنقل السلطة إلى ولى العهد، بالإضافة إلى بعض الأزمات المفاجئة، ومنها حالة وفاة الملك، وولى العهد في الوقت نفسه، حيث نصت المادة الثالثة عشرة على أنه “في حالة وفاة الملك وولى العهد في وقت واحد، تقوم الهيئة خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام باختيار الأصلح للحكم من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، وأبناء الأبناء، والدعوة إلى مبايعته ملكاً على البلاد، وفقاً لهذا النظام والنظام الأساسي للحكم. ويتولى المجلس المؤقت للحكم إدارة شئون الدولة لحين مبايعة الملك”.
غير أن واحدة من الطرق العملية المستقبلية المطروحة هى موافقة العائلة على ولي عهد منتظر من الجيل الثالث لتدريبه، استعدادا لليوم (قريبا على الأرجح) الذي يصبح فيه سلمان هو الملك. وستكون الطريقة الأخرى هي هيكلة الحكومة، بحيث يتولى الملك وولي العهد أدوارا أكثر رمزية، بما يتناسب مع قابلياتهما البدنية المحدودة، وقدراتهما العقلية المتراجعة. فثمة ضرورة بأن يتخلى الملك عن منصب رئيس الوزراء، ويترك شئون صنع القرارات في أيدي أشخاص أصغر سنا.
فالإشكالية هنا تتعلق برحيل آخر الأبناء الأحياء للملك عبد العزيز، ويتعين أن يتولى الحكم أحد الأحفاد. ومن أبرز رموز الجيل الجديد في المملكة خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، وحاكم المحافظة الشرقية الأمير محمد بن فهد، ورئيس الحرس الوطني متعب بن عبد الله، ونائب وزير الداخلية محمد بن نايف الذي يقوم بدور وزير الداخلية الفعلي، والمسئول عن ملف مكافحة الإرهاب. إن السباق المحتمل بين الأمراء من جيل الأحفاد قد يطرح تساؤلا حول تماسك عائلة آل سعود، ومن ثم استقرار البلاد، لأن مسألة رأس الهرم السياسي غير واضحة.
2- الخلافة العُمانية
لكن عملية الخلافة السياسية تمثل إشكالية رئيسية في الحالة العُمانية، إذ إن المذهب العُماني الرسمي الإباضي لا يشرع أن يعين الحاكم السلطان قابوس وليا للعهد، وإلا انتفت معه أهم دعائم هذا المذهب، والذي يرفض مبدأ الوراثة. إذ يرى أن الحاكم يصل إلى السلطة عن طريق الاختيار لا التعيين، وهو ما يجعل هذا المذهب الإسلامي الأقرب للديمقراطية، مقارنة بغيره من المذاهب الإسلامية. ومن ثم، يجد السلطان نفسه مقيدا بهذا المبدأ الحاكم، حيث لم يعين وليا للعهد، الأمر الذي يتطلب اختيار السلطان الجديد بطريقة تشاورية، ويحظى بمباركة أسرة بوسعيد، ويوافق عليه شيوخ الإباضية، أو أن يلتزم مختلف الأطراف بوصية السلطان الراحل.
والتطور الوحيد الذي حدث في هذا الإطار هو صدور القانون الأساسي في عام 1996، الذي اكتفى بالإشارة فقط إلى أن تكون الوراثة من ذرية “تركي بن سعيد بن سلطان” (أسرة البوسعيد البالغ عددهم بين 50 إلى 60) من الذكور، بما يفتح المجال أمام إمكانية تولى أي منهم للسلطة، دون اشتراط الأخوة للحاكم.
وقد تعددت الترشيحات لخلافة قابوس، مع كل وعكة صحية يتعرض لها، أو غياب عن الأنظار.ووفقا لما تنص عليه المادة السادسة من النظام الأساسي للدولة، “يقوم مجلس العائلة الحاكمة، خلال ثلاثة أيام من شغور منصب السلطان، بتحديد من تنتقل إليه ولاية الحكم. فإذا لم يتفق مجلس العائلة الحاكمة على اختيار سلطان البلاد، قام مجلس الدفاع (يضم مسئولين عسكريين وأمنيين، ورؤساء المحكمة العليا، ورئيسي المجلسين الاستشاريين) بتثبيت من أشار به السلطان في رسالته إلى مجلس العائلة”.
ويعني ذلك أن العائلة الحاكمة سوف تضطلع بمهمة اختيار السلطان القادم. وإن لم تنجح، فيقع على عاتق المؤسسة العسكرية ترجمة وصية السلطان قابوس التي يرشح فيها الشخص الذي يخلفه، وهو ما فعله، وأرسل منها ثلاث نسخ، منها اثنتان في يد شخصين يعيشان في مسقط (تشير بعض المعلومات غير الرسمية إلى أنهما وزير المكتب السلطاني سلطان بن محمد النعماني، والمفتي العام للمذهب الإباضي)، وثالثة الرسائل توجد في لندن ومودعة في إحدى الخزانات المصرفية. إلا أن استقرار وتثبيت دعائم السلطان الجديد مرهون بمدى ولاء قيادات الجيش له، وتعاون زعماء القبائل معه، وتمتعه بقبول مجتمعي في ولاية ظفار بجنوب البلاد.
ووفقا لتحليلات غربية، تبرز المشكلة الأساسية في ظل غياب مرشح، يحدث توافق عليه من جانب الأسرة الحاكمة، أو بروز ملامح خليفة قادم من خارج الأسرة الحاكمة، مثل ترجيح بعض التحليلات كفة فهد بن محمود آل سعيد، نائب رئيس الوزراء، والمستشار القانوني للسلطان قابوس. وإن كان الخيار الأقرب للخلافة في سلطنة عمان سيظل منحصرا في الأبناء الثلاثة للمرحوم طارق بن تيمور عم السلطان، والذي شغل منصب رئيس الوزراء الوحيد للبلاد في أوائل السبعينيات من القرن الفائت، وهم شهاب بن طارق، الذي خدم كضابط في القوات البحرية الملكية في التسعينيات، ويتسم بالجدية والحزم، وهيثم بن طارق الذي يعمل في وزارة الخارجية منذ عام 1986، ثم تولى منصب وزير التراث والثقافة فيما بعد، لكن أقوى المرشحين لخلافة قابوس هو أسعد بن طارق، ممثل السلطان الخاص، وكان القائد الأعلى لفوج المدرعات، ويتمتع بدعم الجيش.
غير أن مصالحهم التجارية المتنوعة، بدءا بالعقارات، وانتهاء بالسياحة، يمكن أن تشكل عائقا في طريقهم للوصول إلى كرسي السلطة، وهو ما يتم التعبير عنه في الشارع العماني بالقول “حين تكون لك مصالح تجارية، يكون لك أعداء”. ومن هنا، فإن هناك اتجاها في الأدبيات يشير إلى احتمال تنافس حاد داخل الأسرة الحاكمة في سلطنة عمان في مرحلة ما بعد قابوس، بحيث يمكن أن يدعم الجيش مجموعة أو جناحا، وأجهزة الأمن ترجح مجموعة أو جناحا آخر. لذا، يبرز التحدي الأكبر لخليفة قابوس.
3- الخلافة القطرية
كما أن قطر تقدم نموذجا مختلفا لمأزق الخلافة السياسية في دول الخليج، عبر انقلاب أبيض من الداخل، حيث تولى حمد بن خليفة آل ثان السلطة في 27 يونيو 1995 عقب انقلاب قصر ضد والده. ويعد هذا الانقلاب أول انقلاب ناجح في دول الخليج، منذ انقلاب خليفة ذاته (حاكم قطر السابق) قبل ما يقرب من ثلاثة عقود. وخلال السنوات الماضية، أحدث الأمير حمد تغييرات عدة في هيكل السلطة في البلاد، حيث قام بتغيير ولى العهد مرتين. ففي المرة الأولى، قام بخلع نجله مشعل من منصبه كولي للعهد، وأسند المنصب لنجله الثاني جاسم. وفى المرة الثانية، أسند ولاية العهد لابنه تميم، بما يجعل كرسي الخلافة في قطر “حائرا”، لاسيما وأن التجربة التاريخية تشير إلى وقوع انقلابات وانقلابات مضادة، وإن كانت سلمية.
وفي هذا السياق، يمكن القول إن هناك ثلاثة سيناريوهات حاكمة لمستقبل عملية الخلافة السياسية في قطر. السيناريو الأول هو الأكثر احتمالا، ويرجح استمرار خلافة الشيخ تميم للأمير حمد بن خليفة، إذ يستند عدم تفريط حكم آل ثان للتهديد والخطر، في ظل تداعيات الربيع العربي على منطقة الخليج. ومن أبرز مؤشرات هذا السيناريو إسناد الأمير حمد لخلفه تميم بعض الملفات، وتحمل المسئوليات، وهو ما دعا ولي العهد لتأسيس الحرس الأميري كقوة مستقلة عن الجيش، فيما يحمل تشابها مع الحالة السعودية في وجود الحرس الوطني، فضلا عن توثيق التحالفات داخل المؤسسة العسكرية بما يضمن الولاء له في مرحلة خلافته لوالده، ويعتمد على دعم أخيه جوعان، الضابط في القوات المسلحة.
غير أن هذا السيناريو يواجه تحدي عدم وجود ضمانات بالولاء من جانب المؤسسة العسكرية للشيخ تميم. فقد نشرت قناة العربية على موقعها الإلكتروني في 20 أبريل 2012، خبرا يتناول مسألة وقوع محاولة انقلابية فاشلة، نفذها اللواء حمد بن علي العطية، ثم سرعان ما اختفى الخبر، ولم تظهر تعليقات رسمية قطرية تثبت أو تنفي هذا الخبر. ولم يكن هذا الخبر هو الأول من نوعه، بل انتشرت خلال عام 2011 روايات مختلفة عن انقلاب داخل المؤسسة العسكرية التي يسودها الغضب من سياسات الأمير حمد الموالية للولايات المتحدة وإسرائيل.
أما السيناريو الثاني، فيتوقع حدوث صراعات داخل الأسرة الحاكمة بين ولي العهد الحالي الشيخ تميم، وأبناء الأمير حمد غير الأشقاء، فيما يطلق عليه سيناريو “عودة الأبناء الكبار”، وهم مشعل، المعروف بعشقه للخيول، والشيخ فهد الملتزم بالعمل الدعوي، وهو ما يكسبه رضاء الإسلاميين في قطر، ثم الشيخ جاسم الذي قضي سنوات في ولاية العهد، ويتمتع بشعبية كبيرة، وأن تخليه عن موقع الرجل الثاني في الدولة يعود إلى عدم ترحيبه بظهور اجتماعي لوالدته، وممارستها دورا سياسيا، ويتمتع بعلاقات قوية مع أخويه مشعل وفهد، وبقبول داخل العائلة، مما يجعله خيارا راجحا، في حال حدوث صراع على السلطة، لاسيما في حالة توافق الآراء مع بقية الإخوة، وهم خالد، وخليفة، وثاني، والقعقاع.
يعزز احتمال حدوث هذا السيناريو هو الزلازل المستمرة التي تتعرض لها أسرة آل ثان من تمرد الابن على الأب، وصراع الأشقاء وأبناء العم في سبيل الوصول إلى كرسي السلطة.
لكن هناك إعاقات لتحقق هذا السيناريو، منها عملية التحصين التي ينسجها الشيخ تميم لتفادي الطعنات من الخلف، فضلا عن تمتعه بدعم والده ووالدته، ونجاحه فيما أخفق فيه أخوه جاسم في بناء علاقات سياسية، وتوازنات داخل المؤسسة العسكرية.
في حين يشير السيناريو الثالث إلى أن من يخلف الأمير الحالي هو رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم، في حال احتمال حدوث صراع على السلطة بين الشيخ تميم وإخوته، لاسيما أنه يحظى بدعم أمريكي وغربي. كما أنه يمكن أن ينجح في الحصول على دعم من الفرع المنتمي إلى شيخ قطر السابق، أحمد بن علي الذي أزيح من قبل أب الأمير الحالي. غير أن هذا السيناريو ضعيف، ولا يمكن المراهنة عليه، لأن قوى أفرع عائلة آل ثان لا تمكن حمد بن جاسم من تولي الحكم.
4- الخلافة الكويتية
أما بالنسبة للكويت، فلم تشهد منذ حصولها على الاستقلال أزمة سياسية حادة خاصة بأزمة “ترتيب بيت الحكم”، باستثناء الأزمة التي شهدتها البلاد في يناير 2006، حينما توفى جابر الأحمد الصباح، وعين سعد العبد الله الصباح ولى العهد أميرا للبلاد. وفى ظل التدهور الشديد للحالة الصحية للأمير الجديد، فقد أثيرت عدة تساؤلات اتصلت بمدى قدرته على القيام بمهام منصبه الجديد، خاصة في ظل عدم قدرته على أداء اليمين الدستورية.
وتشير المادة الثالثة لقانون التوارث في البلاد إلى أنه “يشترط لممارسة الأمير صلاحياته الدستورية ألا يفقد شرطا من الشروط الواجب توافرها في ولى العهد. فإن فقد أحد هذه الشروط، أو فقد القدرة الصحية على ممارسة صلاحياته، فعلى مجلس الوزراء بعد التثبت من ذلك أن يعرض الأمر على مجلس الأمة في الحال لنظره في جلسة سرية خاصة. فإذا ثبت للمجلس بصورة قاطعة فقدان الشرط أو القوة المنوه عنهما، قرر بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم انتقال ممارسة صلاحية الأمير إلى ولى العهد بصفة مؤقتة، أو انتقال رئاسة الدولة إليه نهائيا”.
كما تنص المادة الرابعة من القانون ذاته على أنه “إذا خلا منصب الأمير قبل تعيين ولى العهد، مارس مجلس الوزراء جميع اختصاصات رئيس الدولة لحين اختيار الأمير بذات الإجراءات التي يبايع بها ولى العهد في مجلس الأمة”.
وقد نجح مجلس الأمة الكويتي في حسم هذه الإشكالية، من خلال اللجوء إلى قانون توارث الإمارة ، حيث تم بالإجماع إعفاء سعد العبد الله السالم الصباح من منصبه كأمير للبلاد، وتنازل لصالح صباح الأحمد الصباح، وهو ما يؤكد مدى قوة وتماسك الأسرة الحاكمة الكويتية، وقدرتها على احتواء الأزمات، ومدى احترامها لنصوص الدستور. علاوة على ذلك، حدث تكريس لمبدأ فصل ولاية العهد عن رئاسة الحكومة، حيث أشارت بعض التحليلات إلى أن القرار الصادر في عام 2003-الخاص بفصل منصبي رئاسة الوزراء عن ولاية العهد، حيث تم إسناد منصب رئاسة الوزراء لصباح الأحمد الصباح، نظراً لتدهور الأوضاع الصحية لسعد العبد الله- هو قرار مؤقت.
لكن ثمة مخاوف من أن تشهد الساحة السياسية الكويتية في الفترة المقبلة صراعاً بين جناحي أسرة آل الصباح الحاكمة، وهما جناح الأحمد وجناح السالم، لتصعيد بعض الشيوخ لمناصب حكومية بارزة لاقتناص منصب ولي العهد في مرحلة ما بعد “حكم الشيخ نواف الأحمد”، الذي يفترض أن يحكم البلاد بعد الأمير الحالي صباح الأحمد. وقد بدأ عدد من الصحف الكويتية، مثل القبس، المعروفة بعلاقاتها مع الشيوخ في الأسرة الحاكمة، في تسليط الضوء على الخلافات بين الشيخ أحمد الفهد والشيخ فهد سالم العلي من جانب، والشيخ ناصر المحمد، رئيس الوزراء السابق، وبين كل هؤلاء الشيوخ ورئيس الحكومة الحالي، الشيخ جابر المبارك.

5- الخلافة الإماراتية
أما بالنسبة لمسألة الخلافة في الحالة الإماراتية، فقد حسمها مؤسس الدولة زايد بن سلطان آل نهيان قبل وفاته، من خلال التراضي بين أبنائه. لكن مسألة الخلافة تتخذ مستويين، الأول يشمل البلاد ككل، حيث اختار زايد نجله الشيخ محمد نائباً لولى العهد، الشيخ خليفة، رئيس الدولة الحالي، وذلك حسماً لمسألة الخلافة، في حالة رئاسة ابنه خليفة للدولة والإمارة. أما المستوى الثاني، فخاص بالإمارات ذاتها، حيث إن كل إمارة لها حاكم خاص. فعلى سبيل المثال، بعد وفاة “مكتوم بن راشد”، حاكم دبي في يناير 2006، انتقل الحكم إلى ولى العهد محمد بن راشد (وزير الدفاع). وهكذا، ينطبق انتقال السلطة على بقية الإمارات الأخرى، مثل الشارقة، وعجمان، والفجيرة، وأم القيوين.
لكن هذه السلاسة في انتقال السلطة لم تسر على رأس الخيمة، حيث حدثت أزمة في في يونيو 2003 ، حين وقع انقلاب من قبل “سلطان بن صقر القاسمي”، الابن الأصغر لحاكم رأس الخيمة ضد أخيه. وقد حظي هذا الانقلاب بدعم وتأييد الحكومة الاتحادية في أبو ظبي، حيث اضطر الجيش للتدخل ليفرض قرار صقر بالقوة، ودعم التغيير، والحفاظ على استقرار الأوضاع في الإمارة، والتي اقترحت على الأسرة الحاكمة في الإمارة اعتبار ما حدث عملية خلافة مقبولة. وبوجه عام، فإن العنصر الحاسم في مسألة الخلافة في دولة الإمارات هو الاتفاق، أو التضامن بين حكام الإمارات السبع، رغبة في نجاح واستقرار التجربة الاتحادية.
6- الخلافة البحرينية
أما مسألة الخلافة السياسية في الحالة البحرينية، فلا تمثل قلقا للنظام الحاكم، رغم أن البحرين تمثل نموذجا للأقليات الحاكمة في المنطقة العربية، على أساس أن الأسرة الحاكمة سنية والأغلبية المحكومة شيعية. لكن العامل التاريخي يشير إلى أن انتقال السلطة يبدو وجها من السلمية والسلاسة، مقارنة بغيرها من دول الخليج، ولا يتوقع حدوث صراعات سلطة، سواء بين ولي العهد الأمير سلمان، وعم والده الشيخ خليفة بن سلمان، رئيس الحكومة من جانب، أو بين ولي العهد وأخيه غير الشقيق، الشيخ ناصر، نظرا لأن خلاف الحكم قد يؤدي إلى تهديد وضع الدولة، وليس فقط استقرار النظام الحاكم.
خلاصة القول إن مباراة الخلافة السياسية في دول الخليج يلعب كل طرف فيها ليفوز، أو ليخرج بمكاسب، وسيظل هناك دائما مجال واسع للافتراضات أو التساؤلات حول أجواء المباراة في كل حالة خليجية على حدة، بما فيها احتمال تغير المشهد في اللحظة الأخيرة (الوقت بدل الضائع) عبر صعود “القادمين من الخلف”. ويعني أنه في أثناء انشغال الأمراء الأكثر بروزا وتأهيلا في فعاليات المباراة فيما بينهم، ينطلق أحد الامراء من الخطوط الخلفية، مستغلا المساحات الخلفية، وانشغال المدافعين بالمهاجمين، ويسجل هدفا، أي شغل كرسي الحكم.
غير أن مسألة الخلافة تتطلب ترتيب البيت الخليجي من الداخل، عبر الحفاظ على الروابط العائلية، ووضع معظم أفراد الأسرة الحاكمة الذين لا يشملهم خط الوراثة في مراكز عليا في النظام السياسي، أي قدرة النظام على استيعاب القوى السياسية والتعبير عنها، سواء في شكل أو تنظيمات شبابية، أو مؤسسات تجارية، أو أجهزة إعلامية، أو أبنية أهلية، بما يضمن الاستقرار العائلي، تمهيدا لتحقيق الاستقرار السياسي، الذي يتطلب رسم خريطة طريق جديدة، في علاقة شيوخ الأسر الحاكمة بأبناء المجتمع.

مميزة

الأخوان المسلمون نتاج الوهابية — حقائق للنشر


الأخوان المسلمون نتاج الوهابية

يعتقد البعض أنه لا توجد علاقة بين حزب (الأخوان المسلمون) والوهابية. وهذا في رأيي خطأ، إذ هناك دراسات موثقة تثبت أنه لولا الوهابية لما ظهر هذا الحزب والتنظيمات الأخرى من الإسلام السياسي في البلاد الإسلامية، كذلك أثبت الواقع وجود علاقة أيديولوجية ومالية وتنظيمية وثيقة بين هذه الأطراف. كما وأجزم أنه لولا الحركة الوهابية لما كان الإرهاب الإسلامي والذي من الأنسب أن يسمى بـ(الإرهاب الوهابي) الذي يهدد الحضارة الإنسانية.

إن سبب اعتقاد البعض في عدم العلاقة بين الوهابية وأحزاب (الأخوان المسلمون) هو عدم إطلاعهم الكافي بتاريخ الوهابية ونشوء الإسلام السياسي، واعتقادهم بأن الوهابية حركة عقائدية دينية مذهبية بحتة، لا علاقة لها بالسياسية كما هو في الظاهر. ومن هنا نرى أن من الضروري توضيح الصورة. صحيح أن في السعودية ممنوع على الشعب ممارسة أي نشاط سياسي، فالسياسة هي من شأن الأسرة الحاكمة فقط، وتحديداً الملك الذي يتمتع بالحكم المطلق، ومن يحيط به من الوزراء ومن الحلقات المقربة، ولكن في الحقيقة، أن العائلة الملكية الحاكمة تتحكم برقاب الشعب السعودي عن طريق مؤسسة الوهابية المنتشرة في كل مرفق من مرافق المجتمع، فهي التي تسيطر على التعليم والتثقيف وتوجيه الرأي العام من خلال المساجد والمدارس والمعاهد، والإعلام، وتضبط حركات الناس وتعد أنفاسهم من خلال منظمات القمع، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (المطاوعة) أي الشرطة الدينية.

فبواسطة هذه المؤسسات “الدينية” التي يهيمن عليها شيوخ الوهابية، استطاعت الأسرة الحاكمة فرض حكمها المطلق على الشعب السعودي والتسلط على الرقاب بالقبضة الحديدية، والويل والثبور لمن يعترض عليه، أو يبدي مجرد رأي بسيط لا يرتضيه النظام الحاكم، فسيف التكفير والزندقة مسلط على الرقاب. وحسب تفسير الوهابية للإسلام، على الرعية طاعة وليّ الأمر، أي الحاكم حسب قول نسبوه إلى النبي محمد: (أطع أميرك وان جلد ظهرك وان اخذ مالك)، وهناك أحاديث كثيرة أخرى بهذا المعنى يرددها هؤلاء ليل نهار. وهذه الثقافة هي أحد أسباب تكريس عبادة الفرد وحكم الاستبداد في العالم الإسلامي. ومن هنا نعرف أنه رغم المظهر الخارجي غير السياسي للوهابية، إلا إن في حقيقة الأمر، تقوم المؤسسة الدينية الوهابية في السعودية بجميع الأعمال والنشاطات التي تقوم بها الأحزاب السياسية الشمولية الحاكمة في البلدان التي تحكمها ديكتاتورية الحزب الواحد والأيديولوجيات الشمولية، إضافة إلى كونها تمتلك صكوك الغفران والتخويل بالحكم الإلهي.

وهناك مصادر كثيرة موثقة تثبت العلاقة الوثيقة بين أضلاع المثلث: (الأخوان المسلمون) خارج المملكة السعودية، والسلطة السعودية، والمؤسسة الدينية الوهابية. ونذكر من هذه المصادر على سبيل المثال لا الحصر، كتاب الراحل الدكتور علي الوردي (قصة الأشراف وابن سعود)، وكتاب (جذور الإرهاب في العقيدة الوهابية) للباحث الإسلامي ومؤسس جماعة أهل القرآن، الشيخ الأزهري الدكتور أحمد صبحي منصور، وكتاب الدكتور أحمد الكاتب (جذور الاستبداد في الفكر الوهابي). وقد اعتمدنا في هذا البحث على هذه المصادر وغيرها من الدراسات التحليلية.

نبذة تاريخية
مرت الدولة السعودية بثلاث مراحل:
الدولة السعودية الأولى (1745-1818) تأسست على يد الأمير محمد بن سعود، وتزامنت مع تأسيس العقيدة الوهابية على يد الشيخ محمد ابن عبدالوهاب (1703-1791) وعاصمتها الدرعية في نجد.
وعقد المؤسسان تحالفاً استراتيجياً بين العائلتين، آل سعود وآل الشيخ محمد ابن عبدالوهاب، أن يكون الحكم والولاية السياسية للأمير محمد بن سعود وأعقابه من بعده، والولاية الدينية للشيخ محمد بن عبدالوهاب وأعقابه من بعده. وبقي هذا التحالف بين الأسرتين فاعلاً إلى الآن. وانتشرت العقيدة الوهابية بين أبناء قبائل البدو من أعراب نجد الأميين الجهلة، بالترهيب بحد السيف، والترغيب بوعدهم بالجنة، بعد تعريضهم إلى دورات تدريبية صعبة من عزل في قرى سميت بالهجر، وعمليات غسل دماغ، وتحويلهم إلى روبوتات بشرية منفذة لتعاليم وأوامر هؤلاء الشيوخ والأمراء بشكل أعمى.

وكما قال الدكتور منصور: [أعطى محمد ابن عبد الوهاب مبرراً لمحمد بن سعود لغزو البلاد المجاورة “وقتل أهلها بعد اتهامهم بالكفر وإكراههم على قبول الوهابية على أنها الإسلام يجعل من الآخرين ومنهم الشيعة كفارا”. وينقل عن عثمان بن بشر النجدي مؤلف كتاب “عنوان المجد في تاريخ نجد” أن ابن سعود ارتكب مذبحة في كربلاء عام 1801 وسجل النجدي بفخر تلك المذبحة قائلا ” أخذنا كربلاء وذبحنا أهلها وأخذنا أهلها فالحمد لله رب العالمين ولا نعتذر عن ذلك ونقول: وللكافرين أمثالها”. ] والجدير بالذكر أن قتل الوهابيون من أهل كربلاء في تلك الغزوة نحو 4000 ، ونهبوا المدينة وخزائن ضريحي الحسين والعباس التي لا تقدر بثمن. وقد أسقط هذه الدولة محمد علي باشا، الوالي العثماني على مصر، عام 1818.

الدولة السعودية الثانية (1821-1889). سقطت بسبب الصراعات الدموية داخل الأسرة الحاكمة.
الدولة السعودية الثالثة وهي الراهنة، بدأت مرحلة التأسيس بين عامي: 1902 إلى 1925 على يد الملك عبدالعزيز آل سعود، وبجهود الأخوان الوهابيين النجديين أيضاً.

أسباب تصدير الوهابية

على الرغم من أن المملكة السعودية قد تأسست بجهود الأخوان الوهابيين، اعتماداً على شراستهم ووحشيتهم في القتل والنهب، طمعاً في الغنائم والجنة، لكن كانت هناك فترات شابتها خلافات وتوترات بين بعض فصائل الوهابية الأكثر تطرفاً من جهة، والملك عبدالعزيز من جهة أخرى. فعلى سبيل المثال، تمردت إحدى فصائل الوهابية بقياده فيصل الدويش، ولكن استطاع عبدالعزيز بدهائه القضاء على تلك الجماعة وسجن الدويش إلى أن هلك في السجن. كما وتعاظمت وحشية هجمات غزو “الأخوان” الوهابيين على العراق والأردن، وتصاعدت اعتراضات الدول ومنها بريطانيا التي كانت تحكم البلدين الأخيرين، فطالبت الملك عبدالعزيز بإيقاف هؤلاء عن ارتكاب الجرائم، فأضطر الأخير إلى وضع حد لنشاطات الوهابيين خوفاً على ملكه من تطرفهم.

ومن الإجراءات التي اتخذها الملك عبدالعزيز لدرء خطر الوهابية عليه، أن عمل بدهائه المعروف على تصريف الطاقة التدميرية الكامنة في هذه العقيدة بتصديرها إلى الخارج. وأول بلد عمل على نشر الوهابية فيه هو مصر وذلك لما تتمتع به من إمكانيات ثقافية، فكان يعلم أنه إذا نجح في كسب تلك الامكانيات فيمكنه توظيفها لأغراضه. وهكذا كان.

وكما يذكر لنا الدكتور صبحي منصور في بحثه المشار إليه أعلاه، أن بدأ الملك عبدالعزيز بكسب ولاء شيخين أزهريين من أصول شامية وهما: رشيد رضا ومحيي الدين الخطيب، عن طريق مستشاره حافظ وهبة. والمفارقة أن هذين الشيخين كانا تلميذين للمصلح الإسلامي الكبير الشيخ محمد عبده، إلا إنهما انقلبا على تعاليم أستاذهما بعد وفاته عام 1905 وارتبطا بالسلطة السعودية لقاء دعمها لهما بالمال. وعن طريقهما تم إدخال العقيدة الوهابية إلى الأزهر بذريعة تنقية الدين من الشوائب والخرافات والتعاليم الصوفية، وإعادة الدين إلى أصوله النقية. وقدم رشيد رضا بدوره المدرس الشاب حسن البنّا إلى حافظ وهبة وإلى السعودية. واعترف البنّا في مذكراته (الدعوة والداعية) بصلته بحافظ وهبة والدوائر السعودية. وهناك مؤلفات أخرى مثل مذكرات محمد حسين هيكل، أشار فيها إلى معرفته بالشيخ حسن البنا، وأنه كان وثيق الصلة بالسعودية ويتلقى منها المعونة، وكان يمسك بيد من حديد بميزانية الجماعة…الخ. والشيخ البنّا هذا كان يتمتع بإمكانيات تنظيمية كبيرة، فبعد أن هيأ شيوخه الأزهريون له القاعدة الأيديولوجية، قام هو بتأسيس حزب الأخوان المسلمين عام 1928 على شكل تنظيمات شبه عسكرية بواجهة جمعيات خيرية، ولكنها تقوم بتدريب الأعضاء الشباب على السلاح وتحضيرهم للأعمال المسلحة ضد المعارضين، وبدعم مالي من السعودية مستغلين فقر حال الشباب في مصر.
والملاحظ أن هناك علاقة بين الأخوان المسلمين والوهابية حتى في التسمية. إذ كان يطلق اسم (الأخوان) على الوهابيين في السعودية. فأطلق على تنظيم حزب الإسلاميين في مصر اسم (الأخوان المسلمون)، وهذه التسمية ليست مصادفة، بل لها علاقة بالجماعات الوهابية (الأخوان) وتؤكد أن حزب الأخوان المسلمين في مصر وغيرها هو امتداد للوهابية وتعمل نفس التعاليم المذهبية.

العنف السياسي في مصر

قامت جماعات الأخوان المسلمين بقيادة الشيخ حسن البنّا باغتيالات بعض المعارضين، كان من بينهم، رئيس الوزراء أحمد ماهر عام 1945. وعلى أثر هذه الأعمال، قامت جهات يعتقد أنها حكومية، باغتيال حسن البنّا عام 1948. كما وقام الحزب فيما بعد بمحاولة فاشلة لاغتيال الرئيس المصري جمال عبدالناصر عام 1965، اتهم فيها سيد قطب، أحد منظري الحزب، وألقي القبض عليه وحُكِمَ بالإعدام ونفذ فيه الحكم في نفس العام. كذلك قام الحزب باغتيال السادات عام 1981، ومحاولة فاشلة لاغتيال الرئيس حسني مبارك في أديس أبابا في التسعينات من القرن الماضي.

كما ويعتقد أن معظم اغتيالات المثقفين المصريين والتفجيرات ضد السياح الأجانب تمت على أيدي عصابات تابعة للأخوان المسلمين، ناهيك عن الاضطرابات والأعمال الإرهابية ضد الأقباط المسيحيين خلال الأربعة عقود الماضية، من قتل واختطاف وحرق ممتلكات راح ضحيتها المئات من الأبرياء، وسلسلة الجرائم مستمرة لحد الآن.

إلا إن الأخوان المسلمين يستطيعون أن يتلونوا وفق الظروف باستخدام مبدأ التقية. فعندما تفشل عملية إرهابية وهي من تدبيرهم وينكشف أمرهم، يسارع قادة الحزب إلى إعلان البراءة منها، وإدانتها، والادعاء بعدم علاقتهم بها. كما ويدعي قادة الحزب أمام الإعلام الغربي في هذه الأيام أن حزبهم يؤمن بالديمقراطية ودولة المواطنة وحقوق الإنسان، ولكن في نفس الوقت لن يتورع مرشد الحزب، محمد مهدي عاكف، في الداخل من التصريح بأنه يفضل مسلم ماليزي على قبطي مسيحي مصري لحكم مصر!!

الثروة السعودية وتوسع الإسلام السياسي والإرهاب الوهابي

الملاحظ أن توسع الإسلام السياسي وانتشار الوهابية، وتصاعد موجة الإرهاب في العالم تزامن مع التضخم الهائل غير المسبوق للثورة النفطية للمملكة العربية السعودية. ففي دراسة تحليلية بعنوان “السعودية والوهابية وانتشار الفاشية الدينية السنية”، للسفير الأميريكي السابق لدى كوستريكا ( كورتين وينزر)، والمبعوث الخاص للشرق الأوسط في بداية عهد الرئيس الأمريكي رونالد ريجان، يورد الباحث على لسان اليكسي اليكسيف أثناء جلسة الاستماع أمام لجنة العدل التابعة لمجلس الشيوخ في 26 يونيو 2003م بأن [“السعودية أنفقت 87 بليون دولار خلال العقدين الماضيين لنشر الوهابية في العالم”، وأنه يعتقد أن مستوى التمويل قد ارتفع في العامين الماضيين نظرا لارتفاع أسعار النفط . ويجري وينزر مقارنة بين هذا المستوى من الإنفاق بما أنفقه الحزب الشيوعي السوفيتي لنشر أيديولوجيته في العالم بين 1921 و1991م حيث لم يتجاوز الـ 7 بليون دولار. ويلاحظ وينزر جهود نشر الوهابية في عدد من بلدان جنوب شرق آسيا، وأفريقيا والدول الغربية من خلال بناء المساجد والمدارس الدينية والمشروعات الخيرية واستقطاب الشباب العاطل والمهاجرين في هذه البلدان.]

ومن هنا نعرف أن الثروة النفطية، سواءً في السعودية السنية، أو إيران الشيعية، لعبت دوراً كبيراً في تصدير العنف الإسلام السياسي، بشقيه السني والشيعي. كما ونعتقد أن الخطر السعودي في دعم الإرهاب أكبر بكثير من الخطر الإيراني، ذلك لأن إيران معروفة بعدائها الصريح لأمريكا، بينما السعودية تطرح نفسها كدولة صديقة وحليفة لأمريكا، وأنها تريد المساعدة في الحرب على الإرهاب واستقرار الوضع في الشرق الأوسط، ولكنها تعمل في الخفاء وبكل خبث عكس ما تدعيه. فقد أثبتت الأرقام وفق دراسة قدمها الجيش الأمريكي أن 50% من الإرهابيين الأجانب في العراق، ومعظم الانتحاريين فيه هم من السعودية. كذلك كان 15 من 19 انتحارياً الذين ارتكبوا جريمة 11 سبتمبر 2001 في أمريكا كانوا مواطنين سعوديين. وهذه الأرقام لم تأت مصادفة، بل هي نتيجة تربية مدرسية وثقافة دينية، ودعم المملكة السعودية لتغذية العنف والكراهية ضد غير المسلمين وضد أتباع المذاهب الأخرى من المسلمين. كما وهناك تقارير تؤكد أن مناهج التعليم في السعودية مازالت مليئة بمواد تحرِّض على كراهية غير المسلمين وحتى المسلمين من غير الوهابيين.

الاستنتاج
ومن كل ما تقدم، نستنتج ما يلي:

1 – بكلمات الدكتور أحمد صبحي منصور، إن الأخوان المسلمين في مصر “هم الطبعة المصرية من الوهابية النجدية الأعرابية”. ومن ذلك نعرف أن الانتماء إلى حزب الأخوان المسلمين هو عملية تغيير المسلمين من أهل السنة، من مذاهبهم المسالمة المتسامحة عبر قرون، إلى الوهابية التي تكفر ليس غير المسلمين من أصحاب الديانات الأخرى فحسب، بل وتكفر كل من لا ينتمي إليها حتى من المسلمين من المذاهب الأخرى، وبالأخص الشيعة والصوفية بمختلف فرقهما وتفتي بقتلهم.
2- هناك مثلت خطير، أضلاعها: المملكة السعودية والوهابية والأخوان المسلمين. ومن هذا المثلث خرجت جميع المنظمات الإرهابية “الجهادية” في العالم.
3- إن التبشير بالعقيدة الوهابية معناه تغيير طريقة حياة المسلمين ومعتقداتهم الدينية إلى العقيدة الوهابيين الأعراب. والأعراب هنا هم الذين قال عنهم القرآن أنهم (أشد كفراً ونفاقاً) ووصفهم ابن خلدون بأنهم ضد العمران، فأينما حلوا يدمرون المدن والحضارة. وهذا ما يقوم به الإسلام السياسي الوهابي.
4- وبناءً على الاستنتاج الثالث، نعرف أحد أهم أسباب تخلف العرب والمسلمين وتراجعهم القهقرى في عصرنا الحاضر، ألا وهو مناهضة (الإسلام السياسي- الوهابي) للتقدم الحضاري والتعايش السلمي مع العالم المتحضر.
5- لهذه الأسباب مجتمعة، وإذا ما أراد المسلمون، الحريصون على سمعة الإسلام، والتعايش مع العالم بسلام، يجب عليهم أن يدينوا الوهابية، ويشنوا حملة فكرية وإعلامية متواصلة لفضح هذه الجماعة السلفية المنحرفة، وإقناع الأمم المتحدة بتجريمها، وبالتالي اقتلاعها من جذورها لتخليص الإسلام والعالم من شرورها. وإذا امتنع عقلاء القوم باتخاذ هذه الإجراءات المقترحة، فإن مزيداً من الكوارث في انتظارهم.
9/2/2012 حقائق للنشر

مميزة

السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط


السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط تفتقد لأي بعد أخلاقي قادر على التغطية على أهدافها الحقيقية والمباشرة ، والتي (( تقوم على أساس تأمين مصالح الولايات المتحدة التي ترسمها وتحددها احتكاراتها النفطية وكارتيلاتها العسكرية والتي تمثل عصب الاقتصاد الأمريكي )) ، وفي هذه المقالة لسنا بحاجة لطرح الأسئلة التقليدية التي دأب الكثير من الكتاب والباحثين على طرحها حول ماذا تريد الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط بناء على سياستها التي تبدو للبعض أحياناً أنها تمر في حالة من التخبط أو الاضطراب والتي تكشف عنها التصريحات المتتابعة للإدارة الأمريكية عن تغيير في السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط ، لقد أصبحت الإجابة على تلك التساؤلات بديهية ومعروفة للقاصي والداني ، ولا تحتاج إلى جهد كبير لتحديد ما تهدف إليه من جراء سياساتها التي تبدو مضطربة حينا ومتغيرة حينا آخر ، والحقيقة هي سياسة ثابتة ولا يعدو التغير الذي يعتريها أو ما يبدو للبعض أنه اضطراب إلا إجراءات تكتيكية لا تمس جوهر السياسة الخارجية الأمريكية سواء منها في فلسطين أو لبنان أو العراق أو أفغانستان أو تجاه إيران وموضوع سلاحها النووي وعموم منطقة الشرق الأوسط .

لقد سقط البعد الأخلاقي الذي تدعيه السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط سواء في فلسطين أو لبنان أو العراق أو أفغانستان أو السودان والصومال .. الخ من نواحي الشرق الأوسط الكبير ، ففرية شرق أوسط جديد ينعم بالأمن والاستقرار والسلام والتنمية والحرية والديمقراطية تسعى إليه السياسة الخارجية الأمريكية ما هو إلا شعار زائف يغطي على الأهداف الحقيقية التي ترمي وتسعى إليها السياسة الخارجية الأمريكية .

إن الولايات المتحدة لا تؤمن بالصداقات إنما تؤمن بالمصالح ، ولا تحترم الأخلاق أو القانون الدولي ، وإنما تؤمن بالقوة وتقدسها ، إن السياسة الخارجية الأمريكية تهدف إلى تأمين سيطرة الولايات المتحدة على منطقة الشرق الأوسط لذاتها ولما تمثله تجاه العالم أجمع ، لذاتها لما تحويه من خزان للطاقة ولما لموقعها من أهمية استراتيجية ، فإن إحكام قبضة الولايات المتحدة على مصادر الطاقة فيه سوف يمكنها من التحكم في إمدادات الطاقة اللازمة لجميع اقتصاديات الدول المنافسة لها وخصوصاً الصين واليابان وأوروبا كقوى اقتصادية منافسة لها على المستوى العالمي ، ذلك ما سيمكن الولايات المتحدة أن تجنب نفسها مستقبلاً الدخول في مواجهات اقتصادية وسياسية وربما عسكرية مباشرة مع تلك القوى الدولية التي تتحدى أحاديتها القطبية فذلك يؤّمن لها إبقائها تحت رحمة تحكمها في خزان الطاقة العالمي في الشرق الأوسط ، وإبقاء تلك القوى في مستوى متدني عن تهديد سيطرتها الأحادية على الكون أجمع .

لذلك تسعى الولايات المتحدة من خلال سياستها التي تبدو مضطربة في الشرق الأوسط إلى إدامة قضاياه ومشاكله وأزماته ذلك ما يوفر لها الظرف المناسب لإحكام سيطرتها عليه والإبقاء على تدخلها السافر في شؤونه العامة الداخلية والخارجية ، إن السياسة الأمريكية تدرك جيداً أن مفتاح الأمن والاستقرار والسلام الدائم لدول وشعوب الشرق الأوسط يتمثل في :
1- وضع نهاية عادلة ودائمة للصراع العربي الإسرائيلي على أساس الشرعية الدولية وتفعيل قراراتها كاملة غير منقوصة على طرفي الصراع .
2- إنهاء احتلالاتها العسكرية وسحب جيوشها وأساطيلها وقواعدها العسكرية التي تحاصر المنطقة وتتحكم فيها .
3- وقف تدخلاتها في الشؤون الداخلية لدول الشرق الأوسط والتي تؤدي إلى تفاقم ظاهرة عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي عبر إثارة الفتن العرقية والطائفية وغيرها في العديد من أقطاره .

إن دول وشعوب الشرق الأوسط أدرى بأولوياتها وحاجاتها من الولايات المتحدة وأقدر منها على إجتراح السياسات الملائمة لها والتي من شأنها أن تؤدي بها إلى الاستقرار والأمن والسلام ، والتوجه نحو التنمية الاقتصادية والبشرية والثقافية والسياسية ، لكن السياسة الاستعمارية التي تمارسها الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل هي المسؤولة المباشرة عن إدامة أزمات الشرق الأوسط وإثارتها وتنوعها ، وبالتالي فإن تصنيف الولايات المتحدة للدول العربية إلى دول متطرفة وأخرى معتدلة ، ما هو إلا تصنيف كاذب ومخادع يستهدف الوقيعة بين الدول العربية وإتخاذه مبرراً وغطاءً لسياساتها المخادعة والمراوغة والتي تتهرب بواسطتها من الاستحقاقات التي تلزمها بوضع حد لسياساتها وسياسات حليفتها إسرائيل القائمتين على العدوان والتسلط وإهدار الحقوق العربية منفردة ومجتمعة ، فالدول العربية حددت أولوياتها الوطنية والقومية وهي ليست بقاصرة فمبادرة السلام العربية التي اقترحها المرحوم الملك فهد عام 1982 م في مؤتمر قمة فاس بالمغرب والتي لقيت إجماعاً عربياً ولكن بماذا قوبلت إسرائيلياً وأمريكياً ؟!!

وكذلك مبادرة الملك عبد الله عام 2002 م والتي حظيت أيضاً بإجماع عربي من خلال القمم العربية المتتابعة والتي تهدف إلى إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي على أساس الشرعية الدولية والتي قوبلت بمثل سابقتها إسرائيلياً وأمريكياً ؟!!
فالرشد السياسي العربي قائم إزاء جميع القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي ، ولكن هذا الرشد السياسي العربي تعتبره الولايات المتحدة وإسرائيل متصادماً مع مصالحهما في المنطقة العربية ، فجميع الدول العربية المعتدلة والمتطرفة حسب التصنيف الأمريكي تعترض على الإنحياز الأمريكي الأعمى لصالح إسرائيل وسياساتها العدوانية والعنصرية والإحتلالية ولكن لا حياة لمن تنادي !!!

لقد سعت الولايات المتحدة إلى إدامة الصراع العربي الإسرائيلي والحفاظ على مستويات معينة فيه من التوتر تمنحه الديمومة والاستمرار وإبقاءه تحت السيطرة في آن واحد وتجلى ذلك في إفراغ أسس عملية السلام التي انطلقت في مدريد أكتوبر / 1991 م من محتواها وتهميشها لدور الأمم المتحدة والشرعية الدولية فيها ، في حين نجد الولايات المتحدة تتستر بالشرعية الدولية وأطرها الأممية لتبرر تدخلها في العديد من الدول وخصوصاً منها الدول العربية مثل الحالة اللبنانية أو السودانية .. الخ كما تلوح بأطر الشرعية الدولية وتوظيفها للتدخل في الحالة الإيرانية وتداعياتها المفتوحة على كل الإحتمالات الديبلوماسية والسياسية والاقتصادية والعسكرية ، كل ذلك يأتي في سياق سياستها القائمة على تمزيق المنطقة الشرق أوسطية من خلال سعيها الحثيث لتفجير مزيد من الصراعات فيه بحيث يبدو بينها الصراع العربي الإسرائيلي وكأنه صراع ثانوي من صراعات المنطقة إن هذه الحالة من دوامة العنف الدائم وعدم الاستقرار لدول الشرق الأوسط تمثل الحالة الأمثل للسياسة الأمريكية للإبقاء على تواجدها وتدخلها وإحكام سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط برمتها وإبقاء حليفتها إسرائيل قوية ومطلقة اليد في ممارسة عدوانها على الشعب الفلسطيني وعلى أي دولة اقتضت مصالحها أو مصالح الولايات المتحدة ذلك كما حصل في الصيف الماضي مع لبنان أو ما تلوح به إسرائيل تجاه إيران على غرار ما فعلته في المفاعل النووي العراقي في تموز 1981م ومشاركتها الفعلية للقوات الأمريكية في احتلال وتدمير العراق عام 2003م .

في سياق هذه السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط وتجاه الصراع العربي الإسرائيلي يأتي مشروع الدولة الفلسطينية المؤقتة والذي جاءت وزيرة الخارجية الأمريكية للترويج له لدى الفلسطينيين والعرب ما هو إلا وصفة أمريكية قديمة جديدة لاستمرار دوامة العنف والعنف المضاد بين الفلسطينيين والإسرائيليين نتيجة تجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ومنح الغطاء السياسي للسياسة العدوانية والتسلطية والتوسعية التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين وضد حقوقهم المشروعة في الحرية والعودة والاستقلال ، ولذا فإن رفض مشروع الدولة المؤقتة من جانب الرئيس الفلسطيني ومن جانب م.ت.ف يعتبر موقف صائب ويحتاج أن تلتف حوله كافة فئات الشعب الفلسطيني وفصائله وقواه الحية على اختلاف برامجها وتوجهاتها السياسية والعقائدية ، وأن يحظى هذا الموقف بالدعم والمساندة العربية والدولية ، لثني الولايات المتحدة وإسرائيل عن هذا المشروع والتوجه الخطير لما يحمله من مخاطر قد تؤدي إلى تفجير الأوضاع بشكل أكثر حدة مما سبق ، والعمل على إرغامها وإسرائيل على التسليم بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وفق الشرعية الدولية التي تقرر إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراضي الفلسطينية والعربية وضمان تنفيذ حق العودة وممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة الدائمة وعاصمتها القدس ، إن التزام مثل هذه الرؤيا لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي هو وحده الذي يمثل مفتاحاً حقيقياً لحل كافة أزمات منطقة الشرق الأوسط ويأخذ بيده نحو الاستقرار والسلام لجميع شعوبه ، فهل تدرك السياسة الأمريكية أن الحلول التجزيئية والمنفردة لن تقود إلى السلام أو الى التسوية الدائمة والعادلة وبالتالي إلى السلام الذي تنشده دول وشعوب المنطقة والعالم ؟!!

على الإدارة الأمريكية أن تدرك أن استخفاف سياستها بدول وشعوب المنطقة العربية لن يقود إلا إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار ، وقد تجلى هذا الاستخفاف مؤخرا في سياستها القديمة الجديدة تجاه العراق والتي لخصها وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس (( بتأهيل العراق ليصبح سداً منيعاً أمام الأطماع الإيرانية في المنطقة العربية )) تأتي هذه السياسة الأمريكية بعد أن دمرت العراق الدولة والشعب والمؤسسات تدميراً كاملاً وبعد أن وضعته تحت السيطرة الفعلية للجماعات والمليشيات الموالية لإيران !!! هل يمكن لعاقل أن يصدق مثل هذه السياسة التي بشر بها روبرت جيتس ؟! إنها السياسة الأمريكية المستخفة والمستغفلة لشعوب وحكومات المنطقة العربية الشرق أوسطية !!

هذه السياسة الأمريكية تجاه العرب في شتى أقطارهم سواء في العراق أو في فلسطين أو السودان أو في لبنان أو تجاه أفغانستان وإيران والتي يعتقد البعض من المحللين والمراقبين أنها تتصف بالتخبط والاضطراب ، الحقيقة أنها لا تتخبط وإنما تسير باتجاه واحد محدد وهو إدامة هذه الأزمات وجعلها تفقس أو تلد أزمات جديدة لتصبح أزمات المنطقة مركبة ومتداخلة وعصية على الفهم والتفكيك ، فالأزمة تلد أزمة وتلد معها سبباً جديداً لاستمرار الهيمنة الأمريكية المباشرة على المنطقة الشرق أوسطية ، وبمثل هذه السياسة تتحقق مصالح الولايات المتحدة وحليفتها الوحيدة في المنطقة إسرائيل ، فمتى يدرك العرب شعوباً وحكومات حقيقة مخاطر السياسة الأمريكية في إدارة أزمات المنطقة ؟!!

إنها سياسة تفتقد لأي بعد أخلاقي ولا تقيم وزناً لأي مصلحة عربية ، إنها تحقق المصلحة الأمريكية الإسرائيلية فقط وإنها لا تستند إلا إلى شرعية القوة والهيمنة والنفوذ ، إنها سياسة ذات بعد وإتجاه واحد ، وإنها ليست متخبطة كما يعتقد البعض منا ، وإن أظهر الساسة الأمريكيون بعض الرعونة والتخبط في أداء مهامهم السياسية .

مميزة

بقلم: المهدي داريوس ناظم روايا/ المهدي داريوش ناظم رعایا (Mahdi Darius Nazemroaya)—–الحلف الأطلسي و إسرائيل أدوات أمريكا للحرب في الشرق الأوسط


ترجمة: أ. رشيد أبو ثور
مجلة الرائد ، العدد ٢٦١، ربيع الأول ١٤٢٩، أذار – مارس ٢٠٠٨
آخن، ألمانيا
المصدر: Mondialisation.ca, Le 1 février 2008
تقديم المترجم
“إن الحصار الخانق والتقتيل الإجرامي الذي يتعرض له أطفال غزة ونساءها وشيوخها ومقاوموها؛ والتحقيق الصحفي المطول الذي ستشره مجلة “فانيتي فير” في عددها لشهر أبريل/ نيسان ٢٠٠٨ حول تخطيط إدارة جورج بوش وتجنيد عملاء فلسطينيين ومشاركة حلفاء واشنطن في المنطقة للإطاحة بحكومة حركة حماس بعد ما فاجأهم نجاحها في الانتخابات التشريعية التي أصر بوش على إجرائها؛ و استقالة قائد العمليات العسكرية في الشرق الأوسط الأميرال وليامس فالون بسبب خلافه مع الرئيس بوش حول الملف الإيراني، لتثبت ما ذهب إليه المتخصص في قضايا الشرق الأوسط : المهدي داريوس ناظم روايا من تحليل بخصوص مستقبل الشرق الأوسط في هذا البحث الذي عنونه بـ “الحلف الأطلسي و إسرائيل أدوات أمريكا للحرب في الشرق الأوسط”.
والمهدي داريوس ناظم روايا (Mahdi Darius Nazemroaya) كاتب مستقل مقيم في أوطاوا بكندا وباحث مشارك في مركز البحوث حول العولمة.

الحلف الأطلسي و إسرائيل أدوات أمريكا للحرب في الشرق الأوسط
المهدي داريوش ناظم رعایا / المهدي داريوس نازيمروايا
دور الحلف الأطلسي في حروب الشرق الأوسط الشرق

أضحى الحلف الأطلسي أداة لدعم الأهداف البريطانية الأمريكية والفرنسية الألمانية. ورغم خلافات داخلية بين أعضائه، فإن مصالح الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل ـ التي أضحت تعامل منذ ٢٠٠٥ كعضو فعلي في الحلف ـ ترتبط بشكل وثيق داخله.

عسكرة الخليج العربي والمشرق طرف القوات الأجنبية

تمت عسكرة الشرق الأوسط منذ نهاية السبعينيات على مرحلتين متباينتين؛ فكانت الأولى بريطانية- أمريكية، انطلقت مع الحرب بين العراق وإيران، وتمثلت الثانية في جهد موحد للحلف الأطلسي، ولفرنسا وألمانيا فيها دور مركزي.
ورغم أن عسكرة المشرق قد بدأت بعد الحرب العالمية الثانية بإنشاء إسرائيل، فإن الحلف الأطلسي لم يكن له دور واضح في هذا المسلسل إلا منذ إطلاق ” الحرب العالمية على الإرهاب” سنة ٢٠٠١.

“باريس وبرلين تكشفا دورهما في “الحرب العالمية على الإرهاب”

منذ انطلاق “الحرب العالمية على الإرهاب،” ساند الاتحاد الأوروبي بشكل فعلي، تابعا في ذلك فرنسا وألمانيا، السياسة الخارجية البريطانية ـ الأمريكية. وأسفر ذلك عن انتشار واسع النطاق لوحدات الحلف الأطلسي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. ويرتقب أن يضطلع كل من الحلف الأطلسي وإسرائيل بمسؤوليات أكبر في حال اندلاع مواجهات إقليمية مستقبلية مع إيران وسوريا. وهذا واضح عندما نراقب تمركز جيوش الحلف الأطلسي والبوارج الحربية في الشرق الأوسط وأفغانستان وعلى كل من الحدود الإيرانية والسورية.

مبادرة السلام العربية : اتفاقية مكة و الفصل بـين غزة والضفة الغربية

لا يمكن فهم الوجهة التي يقود إليها الخط المرسوم في أنابوليس، الفلسطينيين والمشرق، دون فهم ما حدث في فلسطين منذ ٢٠٠١. للوصول إلى أنابوليس يجب أن نقر بما حصل بين حركتي حماس وفتح وبالخديعة المحكمة المتمثلة في دور السعودية في اتفاقية مكة وبالأهداف البعيدة المدى لأمريكا وحلفائها في الشرق الأوسط وعلى ساحل البحر الأبيض المتوسط.

لقد أدركت أمريكا والاتحاد الأوروبي أن حركة فتح لا تمثل الإرادة الشعبية للفلسطينيين وأن أحزاب أخرى يمكن أن تنزع السلطة من بين يدي حركة فتح. وهذا ما لا يروق إسرائيل والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لأنهم بحاجة لقادة فتح الفاسدين لكي يطبقوا مخططاتهم البعيدة المدى في الأراضي الفلسطينية المحتلة وشرق البحر الأبيض المتوسط و الشرق الأوسط.
في سنة ٢٠٠٥ بدأت وزارة الخارجية للولايات المتحدة وإسرائيل تتهيآن لمواجهة فوز حركة حماس في الانتخابات الفلسطينية؛ ووقتها وضعت استراتيجية لتصفية ليس حركة حماس فحسب، بل كل أشكال المقاومة الفلسطينية الشرعية للمخططات الأجنبية التي ارتهنت الفلسطينيين منذ “النكبة.”
كانت إسرائيل وأمريكا وحلفائهما، ومن ضمنهم الاتحاد الأوروبي، يدركون أن حركة حماس لن تقبل أبدا بما تخططه واشنطن للفلسطينيين و للشرق الأوسط؛ بمعنى أن حماس تعارض بكل بساطة مشروع “الشرق الأوسط الجديد” والاتحاد المتوسطي الذي سيتمخض عنه في المشرق. وخلال هذا المسار كانت مبادرة السلام العربية لسنة ٢٠٠٢ هي البوابة التي ستسمح بإقامة كل من الشرق الأوسط الجديد والاتحاد المتوسطي.
فمع قيام السعوديين بدورهم ضمن المبادرة الأمريكية المتعلقة بـ “الشرق الأوسط الجديد”، تم الإيقاع بحركة فتح ودفعها لمحاربة حركة حماس حتى يتوجب إيجاد اتفاقية بين الطرفين. وهكذا قبلت حركة حماس بالتوصل إلى اتفاقية لحرصها، بصفتها الحزب الفلسطيني الحاكم، على صيانة الوحدة الفلسطينية. وهنا دخلت السعودية مجددا على الخط، من خلال دورها في ترتيب اتفاقية مكة، ولم تكن السعودية قد اعترفت بعد دبلوماسيا بحركة حماس. غير أن هذه الاتفاقية لم تكن سوى فخ للإيقاع بحركة حماس، حيث لم يكن واردا منذ البداية أن تبرم هدنة بين الحركتين لتدوم، ولا أن تشكل حكومة وحدة وطنية لتستمر. فاتفاقية مكة قد حددت مسبقا لإضفاء الشرعية على الذي سيحدث فيما بعد، والمتمثل في إشعال حرب أهلية فلسطينية مصغرة في غزة.
وبعد توقيع اتفاقية مكة تلقى عناصر من حركة فتح بقيادة محمد دحلان (الخاضع لتوجيهات الأمريكي كيت دايتون) أمرا من أمريكا وإسرائيل بالإطاحة بالحكومة الفلسطينية التي تقودها حركة حماس. ولا يستبعد وجود مخططين احتياطيين، حيث كان سيعتمد أولهما في حالة انتصار حركة فتح، ويعتمد الثاني (وهو الأرجح) في حالة فشلها. وكان هذا المخطط الثاني يرمي إلى تشكيل حكومتين، أولاهما في غزة بقيادة إسماعيل هنية و حركة حماس، والثانية في الضفة الغربية بزعامة محمود عباس و حركة فتح. ولقد طالب محمود عباس وشركاؤه بتشكيل مجلس نيابي موازي في الضفة، وهو مجلس ليس له من النيابة إلا الإسم. [١] ولقد سمحت فعلا اتفاقية الطائف لحركة فتح بإدارة الضفة الغربية على مرحلتين. وبما أن الحكومة قد شكلت بعد اتفاقية مكة استغلت حركة فتح انسحابها من هذه الحكومة لوصم حكومة إسماعيل هنية بعدم الشرعية. وحدث هذا في الوقت الذي كان فيه تصاعد الصراعات في غزة يحول دون إجراء انتخابات فلسطينية جديدة. ووضع محمود عباس كذلك في موقع يسمح له بتأكيد حقه الشرعي في تشكيل حكومته في الضفة؛ وهي الحكومة التي كانت ستعتبر دوليا غير شرعية لولا اتفاقية مكة. ولم يكن كذلك من الصدف أن الشخص الذي اختير لرآسة حكومة عباس هو سالم فياض الذي كان مستخدما في البنك الدولي. وبتنحية حركة حماس وفصلها عن السلطة بالضفة الغربية كانت الأجواء مهيأة لأمرين : تقديم اقتراحات باستقدام قوات عسكرية دولية للأراضي الفلسطينية وعقد مؤتمر أنابوليس. [٢]

قمة السلام في أنابوليس : إخبار بأحداث قادمة

أوردت قناة الجزيرة أن الاتفاقات الموقعة بين محمود عباس وإسرائيل قبل مؤتمر أنابوليس، والتي سميت “إعلان مبادئ” تضمن ألا يكون للفلسطينيين قوات مسلحة عندما يمنح للضفة الغربية نوع من تقرير المصير. وتطالب الاتفاقيات كذلك باندماج اقتصاديات العالم العربي مع إسرائيل ونشر قوات دولية، على غرار ما هو حاصل في البوسنة وكوسوفو، للإشراف على تطبيق هذه الاتفاقات في الأراضي الفلسطينية. وهذا هو السر في السعي إلى تصفية حركة حماس وإضفاء الشرعية على محمود عباس.
وفي هذه النقطة بالذات يتجلى من جديد دور فرنسا وإنشاء الاتحاد المتوسطي. فلقد سبق لفرنسا، خلال سنوات عدة، وقبل “الحرب العالمية على الإرهاب” بكثير، أن طالبت بنشر قوات عسكرية تابعة للاتحاد الأوروبي أو للحلف الأطلسي في لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة. فيجب على شعوب الشرق الأوسط أن تتفطن لما يحاك لأوطانها.
ولقد سبق لدومينيك دو فلبان أن صرح في ١٩ فبراير ٢٠٠٤ أنه يمكن إرسال قوات أجنبية إلى غزة بمجرد ما تنسحب منها إسرائيل، ويمكن لمؤتمر دولي أن يضفي الشرعية على وجود هذه القوات باعتباره المرحلة الثانية في ورقة الطريق الإسرائيلية الفلسطينية، واعتباره جزءا في المبادرة من أجل “الشرق الأوسط الكبير” أو “الجديد.” [٣‎] ولقد تم الإدلاء بهذا التصريح قبل وصول حركة حماس إلى الحكم وقبل الاتفاق المبدئي لمحمود عباس. غير أن هذا أتي عقب المبادرة العربية المقترحة من طرف السعوديين.
وإذا نظرنا إلى هذه الأمور من هذه الزاوية يتضح أن ما يجري من أحداث في الشرق الأوسط يندرج ضمن ورقة طريق عسكرية سابقة عن “الحرب العالمية على الإرهاب”. وهذا يجرنا إلى اقتراح نيكولا ساركوزي المتعلق بالاتحاد المتوسطي. فاندماج اقتصاديات إسرائيل بالاقتصاديات العربية من شانها أن تطور شبكة من العلاقات الدولية التي سينسجها بشكل وثيق الفاعلون الدوليون لإجماع واشنطن. [*] وهكذا تعتبر مبادرة السلام العربية المقترحة من طرف السعوديين واتفاق المبادئ وأنابوليس مراحل على طريق إنشاء اندماج اقتصادي بين العالم العربي وإسرائيل، من خلال مشروع “الشرق الأوسط الجديد” ودمج دول حوض البحر الأبيض المتوسط في الاتحاد الأوروبي عبر الاتحاد المتوسطي. ووجود قوات عسكرية للحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي في لبنان يندرج في هذا السياق.

هل هو تدويل لقطاع غزة من طرف الحلف الأطلسي كما حدث سابقا في لبنان ؟

يوجد ما يكفي من الأدلة على أن الحرب الإسرائيلية ضد لبنان سنة ٢٠٠٦ قد خطط لها من طرف إسرائيل والولايات المتحدة و الحلف الأطلسي. [٤] وبعد انتشار قوات الحلف الأطلسي داخل لبنان تحت راية “اليونيفيل” كان من المخطط له أن تدخل هذه القوات قطاع غزة في المستقبل القريب. وكان من المقرر أن تنفذ إسرائيل، بموازاة الحرب على لبنان سنة ٢٠٠٦، حملة عسكرية كبيرة ضد قطاع غزة. وقال المسؤولون الإسرائيليون بأنه بعد الحرب بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين سيدخل الحلف الأطلسي قطاع غزة، حيث أن أفكدور ليبرمان وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية السابق (وزعيم الحزب اليميني المتطرف “إسرائيل بيتنا”) ونائب الوزير الأول وقتها، كان يرى في القطاع الوجهة الجديدة لـ “عمليات حفظ السلام” التي يتولها الحلف الأطلسي. ولقد ألح أفدكور ليبرمان أمام كوندوليزا رايس والمسؤولين الأمريكيين على “حتمية” تنفيذ عملية عسكرية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة وعلى ” وجوب أن تؤدي هذه العملية إلى انتشار ٠٠٠ ٣‎٠ جندي من قوات الحلف الأطلسي في القطاع” لمنع مزيد من التجمع الفلسطيني المسلح. [٥] وفي شهر مارس ٢٠٠٧ صرح كذلك عمير بيريتز عندما كان وزيرا للدفاع لإسرائيل بأن للجيش الإسرائيلي الإذن بالقيام بعمليات عسكرية في قطاع غزة. [٦]
ولقد تم القتال في القطاع المتوقع من طرف المسؤولين الإسرائيليين والقادة العسكريين، ولكن في البداية بين الفلسطينيين، ولم يبدأ الإسرائيليون عملياتهم إلا بعد ذلك. والذي قام بالعمل القذر بالوكالة عن الإسرائيليين هم عملاء فلسطينيون من قطاع غزة أمثال محمد دحلان. وحتى الإسرائيليون طالبوا بتدويل الحالة في قطاع غزة على غرار الحالة اللبنانية. أما محمود عباس قائد حركة فتح فقد تورط بتطبيق السيناريو الأمريكي الإسرائيلي حرفيا.

إسرائيل ذراع مسلح فعلي للحلف الأطلسي

قال أفكدور ليبرمان وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية : “يجب أن يكون الهدف الدبلوماسي والأمني لإسرائيل واضحا، ألا وهو الالتحاق بالحلف الأطلسي والدخول في الاتحاد الأوروبي.”٠
وهكذا أبرمت إسرائيل اتفاقية للتعاون العسكري رفيع المستوى مع الحلف الأطلسي وصرح أفكدور ليبرمان بأن على إسرائيل أن تكون قاعدة متقدمة للاتحاد الأوروبي وعضو فعلي في الحلف الأطلسي. [٧] وكان ليبرمان هو الذي قاد الاتصالات الإسرائيلية الرفيعة المستوى مع الحلف الأطلسي وحول ملف الحرب على إيران؛ كما شارك مع الولايات المتحدة و الحلف الأطلسي في تنسيق التحضيرات ضد سوريا وإيران.
ينظر لإسرائيل منذ إنشائها على أنها قاعدة متقدمة لما يسمى بـ”الغرب”، ولمصالحه في الشرق الأوسط والعالم العربي. وإسرائيل عضو فاعل في “عملية الجهد الفاعل في شرق البحر الأبيض المتوسط ” التي يتولاها الحلف الأطلسي. ورغم أن إسرائيل ليست عضوا في الحلف الأطلسي فهي تشكل مع تركيا العمود الفقري للقوات الأطلسية في الشرق الأوسط؛ والدولتان مهيأتان للقيام في المستقبل بدور عسكري حاسم في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
في نهاية سنة ٢٠٠٧، بدأت إسرائيل تؤكد أنها تلقت من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومن الحلف الأطلسي “الضوء الأخضر” للمبادرة بشن هجوم على إيران. وكان هذا سيؤدي إلى إشعال الشرق الأوسط. ولقد تابع الجيش الإسرائيلي تدريباته دون انقطاع وطلب الضباط من جنودهم الاستعداد لـ “حرب شاملة”.

إنشاء حواجز في الأراضي الفلسطينية : هل هي تحضيرات للمستقبل ؟

لقد تم تشبيه قطاع غزة من طرف الكثيرين في فلسطين وإسرائيل بسجن كبير. فالحركة فيه مقيدة والحق في التحرك منتهك وكل المنطقة محاطة بالحواجز والأسلاك الشائكة ولا زالت بعض المناطق محتلة من طرف الجيش الإسرائيلي الذي يستعملها كمساحات فاصلة.
تمثل الضفة الغربية منطقة شاسعة بالمقارنة مع قطاع غزة؛ فالقطاع يمتد على مساحة تغطي تقريبا ٣‎٦٠ كلم٢، وتفصلها عن إسرائيل حدود بطول 51 كلم؛ أما مساحة الضفة الغربية فتقدر بـ ٥٩٤٩ كلم٢ . وبالتالي فإنه من الأسهل على الجيش الإسرائيلي، اعتبارا لما يتطلبه ذلك من قوات عسكرية وموارد بشرية، أن يحاصر ويغلق بإحكام القطاع و يشدد مراقبته عليه من أن يفعل ذلك بالضفة. والذي سيتولى محاصرة المقاتلين الفلسطينيين في الضفة الغربية، إذا ما اندلعت حرب واسعة في الشرق الأوسط ، هي حركة فتح بمساعدة قوات أجنبية. ويمكن أن يندرج مشروع تدويل الوضع في قطاع غزة والضفة الغربية من خلال وجود قوات أجنية تابعة للحلف الأطلسي والدول العربية، في سياق الجهد المبذول لإقامة حاجز عسكري لحماية إسرائيل.
تم تعيين الجنرال الإسرائيلي غبي أشكينازي (Gabi Ashkenazi) ذي الأصل المزدوج سوري وبلغاري والذي له تجربة ميدانية بلبنان حيث أشرف على جيش الجنوب هناك، على رأس الجيش الإسرائيلي خلفا لدانييل حالوتز(Daniel Halutz). وكلف أشكينازي ببناء الحاجز الذي يسمى عادة “جدار الميز العنصري” بين الصفة الغربية وإسرائيل. ورغم عدم اكتماله فإن هذا الجدار قد وضع لمنع المقاتلين الفلسطينيين من الانتقال من الصفة الغربية إلى إسرائيل لمقاتلة الجيش الإسرائيلي، إذا ما نشبت حرب إقليمية.

إقامة حواجز إضافية بين لبنان وإسرائيل

إن قوات اليونيفيل التي انتشرت في جنوب لبنان بعد ٢٠٠٦ عقب قصف لبنان ليست كقوات اليونيفيل قبل ٢٠٠٦. فالتي انتشرت بعد ٢٠٠٦ كيان أقوى وأكثر استعدادا للحرب؛ وبالتالي يمكن أن تستعمل كذلك لحماية إسرائيل من المقاتلين اللبنانيين.
وهناك أمر آخر هام كذلك، متمثلا في إلقاء الجيش الإسرائيلي بـ 3 ملايين (أو أكثر) من القنابل العنقودية التي تسلمها من الولايات المتحدة، على الجنوب اللبناني خلال حرب تموز ٢٠٠٦. والأفظع هو أن إسرائيل سارعت إلى إغراق الجنوب اللبناني بهذه القنابل في الوقت الذي أوشكت فيه الهجمات الإسرائيلية على النهاية. ولا تفسير في بعض الأوجه لهذا الفعل إلا من خلال جغرافية المنطقة حيث يقع جنوب لبنان محاذيا لحدود إسرائيل الشمالية.
لقد كان زرع القنابل العنقودية بهذه الكثافة في جنوب لبنان عملا متعمدا لإنشاء حاجز إسرائيلي آخر لمواجهة مقاتلين محتملين في حرب مستقبلية في الشرق الأوسط. ولقد تحولت هذه القنابل العنقودية في واقع الأمر إلى ألغام أرضية قد تمنع أمواج المقاتلين اللبنانيين من الدخول إلى إسرائيل عند اندلاع حرب ضد إيران وسوريا والفلسطينيين ولبنان.

سيناريو لحرب إقليمية : تحضيرات إسرائيلية لعاصفة صواريخ انتقامية

سيكلف مشروع ” الشرق الأوسط الجديد” غاليا، وسيكون الثمن هو تفجير حرب. تتضمن عسكرة قطاع غزة عدة نقاط كما أنها مرتبطة بالتحضيرات لنزاع أوسع في الشرق الأوسط. فالهدف من نشر قوات أجنبية في القطاع والضفة، كما في لبنان، وتسوير الضفة الغربية هو منع الفلسطينيين من الانخراط في الحرب في حالة اندلاعها في الشرق الأوسط بين إسرائيل وأمريكا و الحلف الأطلسي من جهة، وسوريا وإيران وحلفائهما من جهة ثانية. ويقوم هذا التحليل على كون الحرب ضد إيران وسوريا ستضعف الجيش الإسرائيلي : فالقوات الإسرائيلية ستتعرض للصواريخ الإيرانية، وهو الأمر الذي تدركه جيدا مختلف المجموعات الفلسطينية المقاومة. فإذا ما اندلعت حرب إقليمية بين إسرائيل وإيران وسوريا، فسيجد الفلسطينيون أنفسهم على المستوى القتالي في الأراضي الفلسطينية المحتلة على قدم المساواة مع الإسرائيليين. وبالتالي ستتغير بشكل مباشر طبيعة الحرب بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني.أما الانقسامات داخل صفوف الفلسطينيين واللبنانيين فستقوض فعالية أي جهد عسكري منسق ضد إسرائيل عند اندلاع حرب أكثر اتساعا. وهذا ما تعرفه الساحة العراقية؛ فكلما انقسم العراقيون كلما كان جهدهم الحربي ضد الولايات المتحدة وحلفائها المحتلين للعراق أضعف. فلقد تم تكرار النكبة خارج فلسطين، أي في العراق. فلا يجب أن يساورنا شك بهذا الخصوص؛ فاحتلال العراق وفلسطين من طبيعة واحدة ومن صنع نفس المهندسين. إن مصدر ما تكابده بلاد الشام والعراق من آلام واحد.

هل هناك علاقة بين المحادثات حول دولة فلسطينية والحرب ؟

“إن الحرب التي نخوضها (نحن إسرائيل ) في الشرق الأوسط ليست حرب دولة إسرائيل فحسب…ونحن (إسرائيل ) في الخطوط الأولى.” هذا ما قاله أفيدكور ليبرمان وزير الشؤون الاستراتيجية السابق.

بعد اغتيال رفيق الحريري، أضحت ألمانيا وفرنسا أكثر انخراطا في التحرك الدبلوماسي بالشرق الأوسط. لقد تم تحريك الموارد الفرنسية والألمانية بشكل كامل ووضعها على الجبهة الدبلوماسية في خط المصالح البريطانية الأمريكية. فقبل قيامها بزيارة دولة لمصر، صرحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأن بلادها والاتحاد الأوروبي يطلقان من جديد مسلسل السلام العربي الإسرائيلي. [٨] وفي هذا الصدد نسق دبلوماسيون من فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي جهودهم مع السعودية لتهدئة الفلسطينيين. [٩]
يمكن أن نجد عدة أوجه للتشابه بين التوجه نحو حرب ٢٠٠٢ و ٢٠٠٣‎ المستهدفة للعراق والتوجه الحالي نحو حرب ضد سوريا وإيران. وأحد هذه الأوجه كان مبادرة الولايات المتحدة لإحياء ما سمي بـ “مسلسل السلام العربي الإسرائيلي “، والمساعدة على إقامة دولة فلسطينية مستقلة، قبل الاجتياح الأمريكي والبريطاني للعراق. فهناك علاقة وثيقة بين الحروب الأمريكية في الشرق الأوسط والانفتاح على العرب من أجل إقامة دولة فلسطينية. وكانت اتفاقيات أوسلو كذلك مرتبطة بهزيمة العراق سنة ١٩٩١ إبان حرب الخليج. فهل كان هذا هو ما جعل جورج بوش، خلال جولته الرئاسية في الشرق الأوسط وزيارته لإسرائيل، يتحدث عن التهديد الإيراني أكثر من حديثه عن السلام ؟
لعل تصريحات الولايات المتحدة المتعلقة بدولة للفلسطينيين، تهدف إلى حماية الحكومات الموالية لأمريكا في العالم العربي من أن تعصف بها ثورة شعبية عربية. تعتبر القضية الفلسطينية ومساندة الشعب الفلسطيني من القضايا التي من شأنها أن تؤدي إلى ربح أو فقدان القلوب والعقول في العالم العربي ولدى الكثير من الشعوب الإسلامية. ويستند هذا الرأي إلى أنه ما دام هناك هدوء على الجبهة الفلسطينية، فيمكن فتح جبهات أخرى دون أن تثور الجماهير في الشرق الأدنى وغيره.

مشاورات حول الحرب بين إسرائيل و الحلف الأطلسي ببروكسيل

“تتشكل شبكة متماسكة تضم الحلف الأطلسي وشرق البحر الأبيض المتوسط “و الحرب العالمية على الإرهاب.” في نهاية شهر يونيو ٢٠٠٧ أجرى أفدكور ليبرمان ومسؤولون إسرائيليون لقاءات رفيعة المستوى مع مسؤولين في الحلف الأطلسي بمقرات الحلف ببروكسيل. [١٠] ولقد تحدث نائب الكاتب العام للحلف الأطلسي الإيطالي أليساندرو مينوطو ريزو(Alessandro Minuto Rizzo) مع البعثة الإسرائيلية التي يقودها ليبرمان حول تقديم تاريخ نشر وحدات من قوات الحلف الأطلسي في قطاع غزة [١١]؛ كما تحدث الطرفان عن نشر قوات دولية في غزة لضبط النظام ومنع الفلسطينيين من التسلح. [١٢] وتناولت المحادثات إيران وقضية الحماية الجوية لإسرائيل وتعميق التعاون بين مصالح المخابرات لكل من الطرفين. [١٣‎] وبعد عودته إلى إسرائيل من هذه اللقاءات، أكد أفيدكور ليبرمان لإذاعة الجيش الإسرائيلي أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي قد منحوا إسرائيل “الضوء الأخضر لبدء حرب في الشرق الأوسط بشن هجوم على إيران في تاريخ لم يعلن. [١٤] وسبق للحلف الأطلسي أن أعطى في سنة ٢٠٠٤ لإسرائيل الضوء الأخضر لشن حرب على إيران في تاريخ لم يتم إعلانه، كما يستشف ذلك من هذا التصريح لخافيير سولانا (Javier Solana) المسؤول عن السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي والكاتب العام للحلف الأطلسي : ” إن إيران دولة معقدة، ولا يبدو أن إسرائيل تملك القدرة على تحديه.” (Der Tagesspiegel)

بعد عودته في بداية سنة ٢٠٠٧ من سفره إلى أوروبا الغربية والمحادثات التي أجراها في مقر القيادة العامة للحلف الأطلسي، قال أفدكور ليبرمان بأنه تلقى أمرا ضمنيا من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة و الحلف الأطلسي ببدء هجوك عسكري على إيران، وقال لإذاعة الجيش الإسرائيلي في رسالة موجهة للجنود بعد لقاءاته مع مسؤولين من الاتحاد الأوروبي، و الإسباني خوسيه ماريا أثنار (José Maria Aznar) ونائب الكاتب العام للحلف الأطلسي : “إذا بدأنا عمليات عسكرية بمفردنا ضد إيران، فإن أوروبا والولايات المتحدة سيساندوننا”. وأكد ليبرمان كذلك أنه كان من المستحيل على الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفائهما شن حرب على إيران بسبب حربيهم في العراق وأفغانستان، غير أن الجميع لا يمانع في السماح لإسرائيل بمهاجمة إيران ؛ وأكد كلك أن الولايات المتحدة والحلف الأطلسي سيتدخلان إلى جانب إسرائيل بمجرد ما تبدأ الحرب ضد إيران وحلفائها. والرسالة التي أبلغها الحلف الأطلسي ومسؤولو الاتحاد الأوروبي لليبرمان تقول بأن على إسرائيل أن ” تمنع بنفسها التهديد” ، مما يعني أن على إسرائيل أن تشن حربا على إيران وحلفائها الإقليميين. [١٥]

سيتولى الحلف الأطلسي حماية إسرائيل إذا ما شنت حرب على إيران وسوريا

في ٢١ فبراير ٢٠٠٦، أدلى رونالد د. أسموس (Asmus) المديير التنفيذي لـ (German Marshall Fund’s Transatlantic Center) ببروكسيل، بهذا التصريح : “إن أحسن طريقة لمنح إسرائيل هذا الجانب الإضافي من الأمن هي تحديث علاقتها مع الذراع الجماعي المسلح للغرب المتمثل في منظمة حلف شمال الأطلسي. وكون تحديث هذه العلاقة سيرقى إلى منح إسرائيل العضوية في الحلف الأطلسي، أو سيقتصر فقط على منحها ضمانة بعلاقة استراتيجية ودفاعية وثيقة، فهذا أمر قابل للنقاش. غير أن ضمانة أمنية كلاسيكية تتطلب حدودا معترف بها لكي تتم حمايتها؛ وهذا ما لا تتوفر عليه إسرائيل اليوم. وهكذا سيتطلب ترتيب تحديث علاقة إسرائيل مع الحلف الأطلسي دبلوماسية حذرة وتخطيطا محكما.”

لا تستطيع إسرائيل تحدي إيران عسكريا. إن القدرة العسكرية لطهران تتجاوز قدرات إسرائيل رغم وهم القوة الإسرائيلية. فلن تشن إسرائيل حربا ضد إيران إذا لم تشاركها الولايات المتحدة و الحلف الأطلسي في العملية العسكرية. فإذا ما حدث هذا السيناريو فإن الولايات المتحدة وبريطانيا والحلف الأطلسي سينضمون مباشرة إلى إسرائيل كما صرح بذلك أفيدكور ليبرمان. فهذا الأمر مرتب مسبقا، وسيقول مسؤولو الحلف الأطلسي لمواطنيهم بأن إسرائيل كانت مضطرة للهجوم على إيران بسبب الخوف و”حقها في الوجود”، ثم سيتكتلون حول إسرائيل. غير أن الذي يجب قوله كذلك أنه إذا فرض” الحق في الوجود ” لكائن حي على حساب الحق في الوجود لكل ما يحيط به، فوقتها سيتحول ذلك إلى تهديد شبيه بالسرطان.
في مارس ٢٠٠٦ ورد في بريطانيا أن مسؤولين في الحلف الأطلسي لمحوا أنه سيكون لهم دور في هجوم أمريكي إسرائيلي على إيران. وأورد ساره باكستير(Sarah Baxter) و أوزي ماهنايمي (Uzi Mahnaimi ) بأن أكسيل توتيلمان (Axel Tüttelmann)، قائد القوات الجوية للإنذار المبكر والمراقبة التابعة للحلف الأطلسي، قد أكد للمسؤولين الإسرائيليين بأن المنظمة الأطلسية ستنخرط في حملة مستقبلية ضد الإيرانيين. [١٦] و”كشفت الشروح التي قدمها القائد العام توتيلمان أن الحلف الأطلسي يمكن أن يقوم بدور المساندة إذا شنت أمريكا (وإسرائيل ) هجمات جوية.” كما كشف التقرير أنه قد سبق لتوتيلمان أن قدم للإسرائيليين عرضا توضيحيا حول طائرة المراقبة والإنذار المبكر التابعة للقوات الجوية للإنذار المبكر والمراقبة. [١٧] والتوضيحات حول طائرات المراقبة التابعة للحلف الأطلسي توحي بوجود تحضيرات للحرب مشتركة بين إسرائيل المنظمة الأطلسية.

قال باتريك كرونين المحلل الاستراتيجي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية لصحيفة الغارديان (The Guardian) البريطانية في سنة ٢٠٠٧ : إذا ألحت إسرائيل على ضرب إيران، فإن الولايات المتحدة ستجد نفسها مضطرة للقيام بـ “عملية حاسمة”، ملمحا بذلك إلى أن أمريكا ستدخل الحرب إلى جانب إسرائيل التي بدأت الحرب. [١٨]

تعمل إسرائيل على خلق جو وظروف استراتيجية، لكن بالنسبة لمن ؟

قال نابوليون بونابارت ذات مرة : “لا يجب أن نترك الحوادث الدولية العارضة تصنع السياسة الخارجية، بل يجب أن تكون السياسة الخارجية هي التي تصنع الحوادث العارضة.”
ومهما قيل في نابوليون، فمما لا مراء فيه أنه كان عبقريا عسكريا ورجل دولة كبير. فلقد كان رجلا ذكيا ومدركا لعمق العلاقات الدولية ولسياسة الأحداث العرضية. ولو كان حيا اليوم، فلم يكن ليفاجأ بالأحداث التي تهز استقرار العالم، وخاصة في الشرق الأوسط. فلا زالت السياسة الخارجية إلى اليوم هي التي تصنع الأحداث العالمية. وكانت إسرائيل كيانا مقاتلا ومصارعا لنحت وصياغة محيطه الاستراتيجي.
إذا قررت الولايات المتحدة وبريطانيا أن تبادر بالدخول في حرب، فإن زعماءهما سيواجهون معارضة عنيفة من الرأي العام لديهم، قد تهدد موقعهم السياسي، وتهدد حتى الاستقرار الوطني. أما إذا كنت إسرائيل هي التي تشن الحرب، فالأمر سيختلف. فإذا شنت إسرائيل الحرب بذريعة حماية نفسها من تهديد إيراني متزايد، فإن الولايات المتحدة وبريطانيا ستتدخلان لـ “حماية إسرائيل ” من الرد الإيراني دون أن تعطيا الانطباع بأنهما بادرا إلى حرب دولية غير مشروعة، والعتب سيقع على الإسرائيليين عوضا أن يتجه للإدارة الأمريكية وحليفها البريطاني الدائم، وسيحتج القادة السياسيون الغربيون بأن من واجبهم الوطني حماية إسرائيل مهما تمادت هذه الأخيرة في انتهاك القانون الدولي.

هارماجدون نووي في الشرق الأوسط : هل تستهدف إسرائيل العالم العربي وإيران بسلاحها النووي ؟

كتبه نورمان بودهوريتز(Norman Podhoretz)، احد أشباه المثقفين الذين يصنعون السياسة الخارجية لإدارة بوش الصغير، في عدد فبراير ٢٠٠٨ لمجلة (Commentary Magazine) : “إن الخيار الوحيد الذي يبدو أقرب إلى المعقول هو أن يعمد (جورج بوش) إلى توكيل الإسرائيليين بالقيام بهذا العمل (أي بدأ الحرب ضد إيران).”
ولم يكتف بودهوريتز بالطلب بأن تهاجم إسرائيل إيران لفائدة الولايات المتحدة، بل أكد كذلك أن حربا نووية بين الإسرائيليين والإيرانيين حتمية، إلا إذا تمت قنبلة إيران، وهذا رغم شهادة الوكالة الدولية للطاقة النووية بالطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني. وبناء على دراسة لأنطوني كورديسمان (Anthony Cordesman)، تقدم بودهوريتز بفكرة تقول أن على إسرائيل تصفية جيرانها العرب مثل مصر وسوريا (رغم أن مصر قد وقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل ). وحسب ما قاله بودهوريتز حرفيا : “في حالة حصول هذا السيناريو الرهيب الذي وصفه كورديسمان، فإنه سيقتل عشرات الملايين، لكن إسرائيل ستظل على قيد الحياة ولو كمجتمع في أبسط أشكاله، رغم ما سيتعرض له مدنيوها من إبادة ومدنها من دمار؛ غير أن الأمر لن يكون كذلك بالنسبة لإيران، و لجيرانها العرب الأكثر أهمية، وخاصة مصر وسوريا، لأن كوردسمان يعتقد أن على إسرائيل أن تستهدفهما “لتكون متيقنة من عدم استفادة أية قوة أخرى مما سيصيبها بسبب الهجوم على إيران.” ولا يستبعد أن يدفع اليأس إسرائيل إلى ضرب أبار النفط ومنشآت التكرير والموانئ في الخليج العربي.”

التحضير لهجوم إسرائيلي على إيران ؟

تجدر الإشارة إلى أن برويز مشرف قد بدأ جولة في أوروبا بموازاة مع زيارات الرئيسين الأمريكي والفرنسي للشرق الأوسط واستقالة أفيدكور ليبرمان من الحكومة الإسرائيلية. [١٩] ويهدف مشرف من تحركه الأوروبي إلى تنسيق المواقف مع الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي ببروكسيل، وإلى زيارة فرنسا وبريطانيا وسويسرا. [٢٠] وتأتي زيارة مشرف في الوقت الذي تمر فيه باكستان بأزمة انقسام سياسي والمطالبة الإسرائيلية بضرب إيران.
وزار الكاتب العام للحلف الأطلسي جاكوب دي هوب شيفير(Jakob [Jaap] de Hoop Sheffer) بدوره الإمارات العربية المتحدة بعيد تحركات جورج بوش ونيكولا ساركوزي؛ وقال هوب شيفر لمضيفيه في أبي ضبي بأن الحلف الأطلسي يعمل في الخليج العربي لمحاصرة إيران [٢١]؛ كما قال بأن إيران تشكل تهددا بالنسبة لكل من مجلس التعاون الخليجي وأعضاء الحلف الأطلسي. وتندرج أسفار هوب شيفر وتصريحاته ضمن المخطط الأمريكي/البريطاني والفرنسي/الألماني الهادف إلى مواجهة إيران في الشرق الأوسط. وعند وجوده في الإمارات العربية المتحدة أفهم الكاتب العام للحلف الأطلسي محادثيه بأن الحلف سيتدخل في حرب بين إسرائيل والعرب، والتي هي كما ذكرنا، قيد الإعداد منذ عدة سنوات. [٢٢]
وراجت تصريحات مقلقة تفيد أن تل أبيب كانت تحاول مهاجمة إيران منذ سنة ٢٠٠٤؛ ولم تتوقف بعد ذلك تلك المحاولات، بل صارت أقوى. وشجع جون بولتون (John Bolton) تل أبيب خلال مؤتمر هرتزيليا سنة ٢٠٠٨ ـ وهو مؤتمر إسرائيلي ينعقد سنويا حول الأمن القومي ـ على قنبلة إيران عند حديثه عن هجوم الطيران الإسرائيلي على سوريا في سبتمبر ٢٠٠٧، والذي وصفه بأنه مقدمة لهجوم آخر. [٢٣‎] وفي نهاية يناير ٢٠٠٨ بدأ إيهودا براك يؤكد بأن إيران في المراحل الأخيرة لصناعة رؤوس نووية، في حين أعلنت الحكومة الإسرائيلية نجاح صواريخها الحاملة لرؤوس نووية. [٢٤] وأومأت باريس كذلك إلى أن إسرائيل ستبدأ حربا ضد إيران، حيث صرح نيكولا ساركوزي في حوار مع مجلة النوفيل أوبسيرفاتور الفرنسية بأن احتمال أن تبدأ إسرائيل حربا ضد إيران أقوى من هجوم أمريكي على إيران. [25] وبدوره أكد الكاتب الوطني في الأمن ميكايل شيرطوف(Michael Chertoff) في حوار مع رييا نوفوسطي(RIA Novosti)، أن الولايات المتحدة لن تقوم بأي هجوم على إيران. [٢٦]
صرحت إيران وسويا بأنهما على استعداد للدفاع عن نفسهما وأنهما سيردان على أي عدوان إسرائيلي. [٢٧] فعلى امتداد الشرق الأوسط توجد كل القوى المقاومة للهيمنة الخارجية في حالة تأهب لمواجهة أي شكل من العدوان الإسرائيلي. وفي هذا الصدد حذر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، تل أبيب مستبقا أي عدوان جديد في الشرق الأوسط، خلال تظاهرة عامة في بيروت، قائلا : ” إذا أقدمت إسرائيل على حرب جديدة ضد لبنان، فإننا نعدهم بحرب ستغير وجه المنطقة بكاملها.” [٢٨]

إسرائيل : أداة للسياسة الولايات المتحدة الخارجية في الشرق الأوسط

لقد منحت تل أبيب الحجج لمعارضيها الذين يؤكدون بأنها أداة لتنفيذ مشاريع استعمارية في الشرق الأوسط؛ فأغلبية الإسرائيليين يتم تضليلهم من خلال منظومة مركبة تشمل التضليل الإعلامي وإثارة المخاوف وترويض نفساني محكم. ويستعمل الدم الإسرائيلي لممارسة القمع والقتل والمصادرة وتغذية آلات الإمبراطوريات الاقتصادية. فالجشع لازال حيا لكن شكله تغير.
تستعمل إسرائيل من خلال مسؤوليها وقادتها الحكوميين للإبقاء على التوتر حيا في الشرق الأوسط، وهي أداة لتبرير التدخل البريطاني/الأمريكي والفرنسي/الألماني ؛ و إلا لماذا ستغضب الولايات المتحدة من إسرائيل لكون تل أبيب لم تعرض مصالحها للخطر بهجومها على سوريا خلال حربها على لبنان سنة ٢٠٠٣‎، مما كان سيضعها في مواجهة حرب إقليمية موسعة ضد إيران وسوريا؟ [٢٩]
رغم إرادة ورأي أغلبية الإسرائيليين، لا زال إيهود أولميرت في منصبه كوزير أول، وهو المعروف بفساده عندما كان محافظا للقدس الغربية. فكما تم تجاهل الإرادة الدموقراطية للشعب الأمريكي بخصوص العراق، تم كذلك تجاهل الإرادة الدموقراطية للإسرائيليين الراغبين في التخلص من إيهود أولميرت. وكما هو الحال في العديد من المواقع، لا تعير المراتب العليا للسلطة أية أهمية لمصالح الشعب الإسرائيلي؛ فالقادة الإسرائيليون لا يخدمون مصالح شعبهم بقدر ما يخدمون مصالح “إجماع واشنطن.”
يمكن لتحالف إيهود أولميرت أن يستمر ما يكفي من الوقت لشن حرب إقليمية. إن الحياة السياسية للوزير الأول إيهود أولميرت توشك على الانتهاء، وبالتالي لن يخسر شيئا إذا أقدم على حرب أخرى. غادر أفيدكور ليبرمان الذي قاد المشاورات الرفيعة المستوى باسم تل أبيب مع الحلف الأطلسي، الحكومة الإسرائيلية عند زيارة جورج بوش لإسرائيل ، وصرح ليبرمان أن انسحابه من الحكومة كان بسبب “محادثات السلام مع الفلسطينيين”، غير أن قراره جاء في الحقيقة بسبب لجنة فينوغراد، وكتكتيك لإبقاء حزب العمال في الحكومة الائتلافية لإيهود أولميرت؛ وهو تكتيك يهدف إلى إعطاء حكومة هذا الأخير ما يكفي من الوقت والحياة لشن حرب إقليمية بمحاولة الهجوم على إيران.
حتى أعداء إسرائيل يوافقون على أن تل أبيب وكيلة المصالح الخارجية البريطانية الأمريكية. ولقد حذر وزير الدفاع الإيراني السابق علي شمخاني، الحكومة الأمريكية بأن الرد العسكري الإيراني على أي هجوم إسرائيلي، سيستهدف كلا من إسرائيل والولايات المتحدة. وهذا ما يعني أن إسرائيل لن تقدم على أي عدوان دون إذن من الولايات المتحدة. [٣‎٠] ولقد شارك البيت الأبيض بشكل كامل في كل التجارب التي أجريت على الصواريخ الإسرائيلية؛ كما أن التحضيرات الحربية الإسرائيلية قد تمت بتنسيق أمريكي، عبر مؤسسات مثل [٣‎١؛ الإنجليزية: Israeli-US Joint Political Military Group / فرنسي: Groupe conjoint politico militaire israélo-États-Unis]. بعد حرب تموز ٢٠٠٦ على لبنان، صرح الشيخ ناعم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله في حوار مع قناة المنار، قائلا : “من بدأ الحرب ؟ إسرائيل. وهكذا لم يكن عدوان إسرائيل ردا على ما أصابها، بل لتنفيذ قرارات أمريكية معدة مسبقا. فالعدوان خطط له مسبقا.” [٣‎٢] وأضاف متهما إسرائيل بـ “العمل كذراع مسلح للولايات المتحدة ” ثم قال : ” كان الجميع يقولون دائما بأن إسرائيل هي التي تتحكم في أمريكا، غير أننا نجد اليوم أن أمريكا هي التي تقود إسرائيل. لقد تحولت إسرائيل إلى ذراع مسلح لأمريكا.” [٣‎٣‎]

مهدي داريوش ناظم رعایا، عالم اجتماع وباحث في مركز بحث العولمة في مونتريال مدينة بكندا. متخصص في شؤون الشرق الاوسط ووسط اسيا.

ملاحظة: نشرت المقالة باللغة الانجيليزية هنا.
الهوامش

[١] Khaled Abu Toameh, “PLO to form separate W. Bank parliament, The Jerusalem Post, January 14, 2008
[٢] Emine Kart, Ankara cool towards Palestine troops, Today’s Zaman, July 3, 2007
[٣] Dominique René de Villepin, Déclarations de Dominique de Villepin à propos du Grand Moyen-Orient, interview with Pierre Rousselin, Le Figaro, February 19, 2004
[٤] Mahdi Darius Nazemroaya, The Premeditated Nature of the War on Lebanon: A Stage of the Broader Middle East Military Roadmap, Global Research, September 10, 2007
[٥] Israeli action in Gaza ‘inevitable,’ Al Jazeera, January 14, 2007
[٦] Tom Spender, Israel ‘planning Gaza invasion,’ Al Jazeera, April 4, 2007
[٧] Avigdor Lieberman: Israel should press to join NATO, EU, Haaretz, January 1, 2007
[٨] Germany to help renew Mideast peace efforts: Chancellor, Xinhua News Agency, December 10, 2006
[٩] Angela Merkel sets off to Middle East, Associated Press, March 31, 2007
[١٠] Ronny Sofer, Lieberman wants NATO troops in Gaza, Yedioth Ahronoth, June 28, 2007
[١١] نفس المرجع.
[١٢] نفس المرجع.
[١٣‎] نفس المرجع.
[١٤] NATO: The US and Europe can not suspend Iran’s nuclear program, Azeri Press Agency (APA), July 11, 2007
[١٥] نفس المرجع.
[١٦] Sarah Baxter and Uzi Mahnaimi, NATO may help US strikes on Iran, The Times (UK), March 5, 2006
[١٧] نفس المرجع.
[١٨] Julian Borger and Ewen MacAskill, Cheney pushes Bush to act on Iran, The Guardian (UK), July 16, 2007
[١٩] Pakistan President arrives in Belgium for Europe tour, The Times of India, January 2008
[٢٠] نفس المرجع.
[٢١] Indel Ersan, NATO chief urges cooperation with Gulf over Iran, ed. Andrew Roche, Reuters, January 24, 2008
[٢٢] Jamal Al-Majaida, NATO chief discusses alliance’s role in Gulf, Khaleej Times, January 27, 2008
[٢٣] Yuval Azoulay and Barak Ravid, Bolton: ‘Near zero chace’ Pres. Bush will strike Iran, Haaretz, January 24, 2008
Israeli Transportation Minister, Shaul Mofaz, also indicated at the Herzilya Conference that the years 2008 and 2009 will also see the last diplomatic efforts against Tehran before an implied military option (attack) against the Iranians. The Israeli Transportation Minister also made similar threats before saying that sanctions had till the end of 2007 to work against Iran until the military option would be prepaired
This prior threat was made as he led the Israeli delegation of the Israeli-US Joint Political Military Group, which focuses on Iran, Syria, Palestine, and Lebanon
Shaul Mofaz was also the former commander of the Israeli military, a former Israeli defence minister, and hereto is one of the individuals in charge of the Iran file in Tel Aviv
[٢٤] Iran may be working on nuclear warheads: Israeli Defence Minister, Times of India, Jan. 26, 2008; Israel suspects Iranians already working on nuclear warhead, AFP, Jan. 16, 2008; L. Weymouth, A Conversation With Ehud Barak, Washington Post, Jan. 26, 2008, p.A17
[٢٥] Sarkozy: France worried by Iran-Israel tension, Associated Press, December 12, 2007
[٢٦] US will not attack Iran, RIA Novosti, January 25, 2008
[٢٧] Bush trying to foment discord in Mideast, Tehran Times, January 28, 2008, p.A1 +; Mahdi Darius Nazemroaya, America’s “Divide and Rule” Strategies in the Middle East, Global Research, January 17, 2008; Nir Magal, Syrian VP: We’ll retaliate for Israeli aggression, Yedioth Ahronoth, September 8, 2007
[٢٨] Hezbollah chief scoffs at Israel at rare public appearance, Agence France-Presse (AFP), January 19, 2008
[٢٩] Yitzhak Benhorin, Neocons: We expected Israel to attack Syria, Yedioth Aharonot, December 16, 2006
[٣‎٠] Anthon La Guardia, Iran wars Israel on pre-emptive strike, The Telegraph (UK), August 19, 2004
[٣‎١] Mahdi Darius Nazemroaya, Israel’s Nuclear Missile Threat against Iran, Global Research, January 19, 2008; Hilary Leila Krieger, Mofaz warns sanction on Iran must bite by year’s end, The Jerusalem Post, June 7, 2007
[٣‎٢] Hanan Awarekeh, Kassem: If Israel attacks, we’ll show them surprise, Al-Manar, July 12, 2007
[٣‎٣‎] نفس المرجع.

[*] المترجم : في سنة 1990 تم توضيح المذهبية المؤسسة للمرحلة الليبرالية الجديدة في مسار العولمة، من طرف الاقتصادي جون ويليامسون (John Williamson) تحت مسمى “إجماع واشنطن” الذي يقوم على 7 ركائز:
١- الانضباط الضريبي القائم على توازن الميزانية وخفض الضرائب.
٢- التحرير المالي (حيث يترك للسوق تحديد سعر العملة).
٣‎- تحرير التجارة بحذف الحماية الجمركية.
٤- الانفتاح الشامل للاقتصاد أمام الاستثمارالمباشر.
٥- تفويت كلية المؤسسات العامة للخواص.
٦- إلغاء القوانين الموجهة أو المنظمة، أي إلغاء كل الحواجز التي تعرقل التنافس الحر.
٧- الحماية التامة لحقوق الملكية الفكرية للشركات العبرة للقارات.

مميزة

المخطط الشيطاني لتقسيم الوطن العربي


لذين لم يقرءوا التاريخ يظنون ما صنعته أمريكا بالعراق من احتلال وتقسيم أمرًا مفاجئًا جاء وليد الأحداث التي أنتجته، وما يحدث الآن في جنوب السودان له دوافع وأسباب، ولكن الحقيقة الكبرى أنهم نسوا أن ما يحدث الآن هو تحقيق وتنفيذ للمخطط الصهيونى الاستعماري للعالم الموضوع عام خططته وصاغته وأعلنته الصهيونية بمساعدة أمريكا والغرب لتفتيت العالم العربى ، وتجزئته وتحويله إلى عام 1948 يقسم فيه للكيان الصهيوني (السيد المطاع)، وذلك منذ إنشاء هذا الكيان الصهيوني على أرض فلسطين
وعندما ننشر هذه الوثيقة
فإننا نهدف إلى تعريف المسلمين والمسيحين بالمخطط الخطير خاصة للشباب الذين هم عماد الامة
والذين يتعرضوا بصفة مستمرة لأكبر عملية يقوم بها فريق يعمل بدأب على عقولهم ؛ لخدمة عملية ( غسيل المخ )
المشروع الصهيوني الأمريكي لوصم تلك المخططات بأنها مجرد “نظرية مؤامرة” رغم ما نراه رأي العين ماثلاً أمامنا من حقائق في فلسطين والعراق والسودان وأفغانستان، والبقية آتية لا ريب إذا غفلنا.

وحتى لا ننسى ما حدث لنا وما يحدث الآن وما سوف يحدث في المستقبل، فيكون دافعًا لنا على العمل والحركة؛ لوقف الطوفان القادم.

برنارد لويس صورة

برنارد لويس
“برنارد لويس” من هو؟
* العراب الصهيوني.
* أعدى أعداء الإسلام على وجه الأرض.
* حيي بن أخطب العصر الحديث، والذي قاد الحملة ضد الإسلام ونبي الإسلام، وخرج بوفد يهود المدينة؛ ليحرض الجزيرة العربية كلها على قتال المسلمين والتخلص من رسولهم.

* صاحب أخطر مشروع في هذا القرن لتفتيت العالم العربي والإسلامي من باكستان إلى المغرب، والذي نشرته مجلة وزارة الدفاع الأمريكية.

ولد “برنارد لويس” في لندن عام 1916م، وهو مستشرق بريطاني الأصل، يهودي الديانة، صهيوني الانتماء، أمريكي الجنسية.

تخرَّج في جامعة لندن 1936م، وعمل فيها مدرس في قسم التاريخ للدراسات الشرقية الإفريقية،

كتب “لويس” كثيرًا، وتداخل في تاريخ الإسلام والمسلمين؛ حيث اعتبر مرجعًا فيه، فكتب عن كلِّ ما يسيء للتاريخ الإسلامي متعمدًا، فكتب عن الحشاشين، وأصول الإسماعيلية، والناطقة، والقرامطة، وكتب في التاريخ الحديث نازعًا النزعة الصهيونية التي يصرح بها ويؤكدها.

نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” مقالاً قالت فيه:
إن برنارد لويس “90 عامًا” المؤرخ البارز للشرق الأوسط وقد وَفَّرَ الكثير من الذخيرة الإيدلوجية لإدارة بوش في قضايا الشرق الأوسط والحرب على الإرهاب؛ حتى إنه يُعتبر بحقٍّ منظرًا لسياسة التدخل والهيمنة الأمريكية في المنطقة.

العالم نفس الصحيفة إن لويس قدَّم تأيدًا واضحًا للحملات الصليبية الفاشلة، أن الحملات الصليبية بالرغم عن بشاعتها كانت رغم ذلك ردًّا مفهومًا على الهجوم الإسلامي خلال القرون السابقة، وأوضح قائلا وأنه من السخف الاعتذار عنها.

رغم أن أن مصطلح “صدام الحضارات” يرتبط بالمفكر المحافظ “صموئيل هنتينجتون” فإن “لويس” هو مَن قدَّم التعبير أولاً إلى الخطاب العام، ففي كتاب “هنتينجتون” الصادر في 1996م يشير المؤلف إلى فقرة رئيسية في مقال كتبها “لويس” عام 1990م بعنوان جذور الغضب الإسلامي، قال فيها: “هذا ليس أقل من صراع بين الحضارات، ربما تكون غير منطقية، لكنها بالتأكيد رد فعل تاريخي منافس قديم لتراثنا اليهودي والمسيحي، وحاضرنا العلماني، والتوسع العالمي لكليهما”.

طوَّر “لويس” روابطه الوثيقة بالمعسكر السياسي للمحافظين الجدد في الولايات المتحدة منذ سبعينيات القرن العشرين؛ حيث يشير “جريشت” من معهد العمل الأمريكي إلى أن لويس ظلَّ طوال سنوات “رجل الشئون العامة”، كما كان مستشارًا لإدارتي بوش الأب والابن.

في 1 /5 /2006م ألقى “ديك تشيني” نائب الرئيس “بوش الابن” خطابًا يكرِّم فيه “لويس” في مجلس الشئون العالمية في فيلادلفيا؛ حيث ذكر “تشيني” أن لويس قد جاء إلى واشنطن ليكون مستشارًا لوزير الدفاع لشئون الشرق الأوسط.

لويس الأستاذ المتقاعد بجامعة “برنستون” ألَّف 20 كتابًا عن الشرق الأوسط من بينها “العرب في التاريخ” و “الصدام بين الإسلام والحداثة في الشرق الأوسط الحديث” و”أزمة الإسلام” و”حرب مندسة وإرهاب غير مقدس”.

لم يقف دور برنارد لويس عند استنفار القيادة في القارتين الأمريكية والأوروبية، وإنما تعدَّاه إلى القيام بدور العراب الصهيوني الذي صاغ للمحافظين الجدد في إدارة الرئيس بوش الابن إستراتيجيتهم في العداء الشديد للإسلام والمسلمين، وقد شارك لويس في وضع إستراتيجية الغزو الأمريكي للعراق؛ حيث ذكرت الصحيفة الأمريكية أن “لويس” كان مع الرئيس بوش الابن ونائبه تشيني، خلال اختفاء الاثنين على إثر حادثة ارتطام الطائرة بالمركز الاقتصادي العالمي، وخلال هذه الاجتماعات ابتدع لويس للغزو مبرراته وأهدافه التي ضمَّنها في مقولات “صراع الحضارات” و”الإرهاب الإسلامي”.

مقابلة أجرتها وكالة الإعلام مع “لويس” في 20/5/2005م قال الآتي بالنص إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضرهم، وإذا تُرِكوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمِّر الحضارات، وتقوِّض المجتمعات، ولذلك فإن الحلَّ السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أمريكا بهذا الدور فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة؛ لتجنُّب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان، إنه العربية والإسلامية من الضروري إعادة تقسيم الأقطار إلى وحدات عشائرية وطائفية ولا داعي لمراعاة خواطرهم فى ذلك

التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم أو تدمير حضارتنا ويجب أن يكون شعار أمريكا في إما أن نضعهم تحت سيادتنا، أو ندعهم ليدمروا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تقدم أمريكا بالضغط على قيادتهم الإسلامية- دون مجاملة ولا لين ولا هوادة- ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة، ولذلك يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية فيها، قبل أن تغزو أمريكا وأوروبا لتدمر الحضارة فيها”.

انتقد “لويس” محاولات الحل السلمي، وانتقد الانسحاب الصهيوني من جنوب لبنان، واصفًا هذا الانسحاب بأنه عمل متسرِّع ولا مبرر له، فالكيان الصهيوني يمثل الخطوط الأمامية للحضارة الغربية، وهي تقف أمام الحقد الإسلامي الزائف نحو الغرب الأوروبي والأمريكي، ولذلك فإن على الأمم الغربية أن تقف في وجه هذا الخطر البربري دون تلكُّؤ أو قصور، ولا داعي لاعتبارات الرأي العام العالمي، وعندما دعت أمريكا عام 2007م إلى مؤتمر “أنابوليس” للسلام كتب لويس في صحيفة “وول ستريت” يقول:

“يجب ألا ننظر إلى هذا المؤتمر ونتائجه إلا باعتباره مجرد تكتيك موقوت، غايته تعزيز التحالف ضد الخطر الإيراني، وتسهيل تفكيك الدول العربية والإسلامية، ودفع الأتراك والأكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين ليقاتل بعضهم بعضًا، كما فعلت أمريكا مع الهنود الحمر من قبل”.

“بريجنسكي” مستشار الأمن القومي الأمريكي

بريجسكي
مشروع برنارد لويس لتقسيم الدول العربية والإسلامية، والذي اعتمدته الولايات المتحدة لسياستها المستقبلية:

1- في عام 1980م والحرب العراقية الإيرانية مستعرة صرح مستشار الأمن القومي الأمريكي “بريجنسكي” بقوله: “إن المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة من الآن (1980م) هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الخليجية الأولى التي حدثت بين العراق وإيران تستطيع أمريكا من خلالها تصحيح حدود “سايكس- بيكو”.

2- عقب إطلاق هذا التصريح وبتكليف من وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” بدأ المؤرخ الصهيوني المتأمرك “برنارد لويس” بوضع مشروعه الشهير الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية جميعًا كلا على حدة، ومنها العراق وسوريا ولبنان ومصر والسودان وإيران وتركيا وأفغانستان وباكستان والسعودية ودول الخليج ودول الشمال الإفريقي.. إلخ، وتفتيت كل منها إلى مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية، وقد أرفق بمشروعه المفصل مجموعة من الخرائط المرسومة تحت إشرافه تشمل جميع الدول العربية والإسلامية المرشحة للتفتيت بوحي من مضمون تصريح “بريجنسكي” مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس “جيمي”.

جيمي كارتر- الرئيس الأسبق لأمريكا

جيمي كارتر

“كارتر” الخاص بتسعير حرب خليجية ثانية تستطيع الولايات المتحدة من خلالها تصحيح حدود سايكس بيكو بحيث يكون هذا التصحيح متسقا مع الصالح الصهيو أمريكي.

3- في عام 1983م وافق الكونجرس الأمريكي بالإجماع في جلسة سرية على مشروع الدكتور “برنارد لويس”، وبذلك تمَّ تقنين هذا المشروع واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأمريكية الإستراتيجية لسنوات مقبلة.

تفاصيل المشروع الصهيوأمريكي لتفتيت العالم الإسلامي “لبرنارد لويس”

خريطة مصر والسودان
مصر والسودان
1- مصر
4 دويلات
1- سيناء وشرق الدلتا:
“تحت النفوذ اليهودي” (ليتحقق حلم اليهود من النيل إلى الفرات).
2- الدولة النصرانية:
* عاصمتها الإسكندرية.
* ممتدة من جنوب بني سويف حتى جنوب أسيوط واتسعت غربًا لتضم الفيوم وتمتد في خط صحراوي عبر وادي النطرون ليربط هذه المنطقة بالإسكندرية.

* وقد اتسعت لتضم أيضًا جزءًا من المنطقة الساحلية الممتدة حتى مرسى مطروح.

3- دولة النوبة:
* المتكاملة مع الأراضي الشمالية السودانية.
* عاصمتها أسوان.
* تربط الجزء الجنوبي الممتد من صعيد مصر حتى شمال السودان باسم بلاد النوبة بمنطقة الصحراء الكبرى لتلتحم مع دولة البربر التي سوف تمتد من جنوب المغرب حتى البحر الأحمر.

4- مصر الإسلامية:
* عاصمتها القاهرة.
* الجزء المتبقي من مصر.
* يراد لها أن تكون أيضًا تحت النفوذ الإسرائيلي (حيث تدخل في نطاق إسرائيل الكبرى التي يطمع اليهود في إنشائها).

2- السودان
انظر الخريطة السابقة (خريطة تقسيم مصر والسودان).
4 دويلات
1- دويلة النوبة: المتكاملة مع دويلة النوبة في الأراضي المصرية التي عاصمتها أسوان.

2- دويلة الشمال السوداني الإسلامي:

3- دويلة الجنوب السوداني المسيحي: وهي التي سوف تعلن انفصالها في الاستفتاء المزمع عمله ليكون أول فصل رسمي طبقًا للمخطط.

4- دارفور: والمؤامرات مستمرة لفصلها عن السودان بعد الجنوب مباشرة حيث إنها غنية باليورانيوم والذهب والبترول.

3- دول الشمال الإفريقي

حريطة شمال أفريقيا
تفكيك ليبيا والجزائر والمغرب بهدف إقامة:

1- دولة البربر: على امتداد دويلة النوبة بمصر والسودان.

2- دويلة البوليساريو.

3- الباقي دويلات المغرب والجزائر وتونس وليبيا.

4- شبه الجزيرة العربية (والخليج)

خريطة شبه الجزيرة العربية والخليج
– إلغاء الكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان واليمن والإمارات العربية من الخارطة ومحو وجودها الدستوري بحيث تتضمن شبه الجزيرة والخليج ثلاث دويلات فقط.

1- دويلة الإحساء الشيعية: (وتضم الكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين).

2- دويلة نجد السنية.
3- دويلة الحجاز السنية.

5- العراق
تفكيك العراق على أسس عرقية ودينية ومذهبية على النحو الذي حدث في سوريا في عهد العثمانيين.

3 دويلات
1- دويلة شيعية في الجنوب حول البصرة.
2- دويلة سنية في وسط العراق حول بغداد.
3- دويلة كردية في الشمال والشمال الشرقي حول الموصل (كردستان) تقوم على أجزاء من الأراضي العراقية والإيرانية والسورية والتركية والسوفيتية (سابقًا).

خريطة سوريا العراق
ملاحظة:(صوّت مجلس الشيوخ الأمريكي كشرط انسحاب القوات الأمريكية من العراق في 29/9/2007 على تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات المذكور أعلاه وطالب مسعود برزاني بعمل استفتاء لتقرير مصير إقليم كردستان العراق واعتبار عاصمته محافظة (كركوك) الغنية بالنفط محافظة كردية ونال مباركة عراقية وأمريكية في أكتوبر 2010 والمعروف أن دستور “بريمر” وحلفائه من العراقيين قد أقر الفيدرالية التي تشمل الدويلات الثلاث على أسس طائفية: شيعية في (الجنوب)/ سنية في (الوسط)/ كردية في (الشمال)، عقب احتلال العر